أدب الرعب والعام

أعيديني إلى المنزل

بقلم : عبد الرحمن – سوريا

أعيديني إلى المنزل
تستطيع شم رائحة الموت من على بعد كيلومترات من مدخل “بيتها” ..

ربما عيناها هما ما جذبني, أو شعرها الطويل الأشقر, أو جسمها الرشيق عكس معظم من أعرفهن, لكن مهما كان السبب الذي جعلني أتصرف بحماقة وأتبعها, لا شك أنه كان أسوأ قرار أتخذته في حياتي القصيرة آنذاك!

جاءتني وأنا ألعب في الشارع قائلةً : “تعال حبيبي معي أخذك معي ونلعب سوياً”, ويا ليتني لم ألعب.

مشينا ومشينا ومشينا إلى أن أبتعدنا عن منزلي وعن أي مكان آخر قد يبدوا مألوفاً لي , ما الذي تريده هذه الجميلة مني؟ ما هي اللعبة التي تريد أن تلعبها معي في آخر الدنيا؟ كنت أقول لنفسي لا تخف إنها مجرد فتاة ولن تؤذيك, كيف يمكن لشيء بهذا الجمال أن يكون مؤذياً؟ .

لربما أعتقدت أني كطفل سأكون فريسة سهلة للخطف, إنها بالتأكيد تعمل في عصابة, لكنها لا تبدو مجرمة, قطع صوتها حبل أفكاري وهي تقول: “لقد وصلنا إلى منزلي تعال معي إلى الداخل”.

ما هذا ؟ هذا ليس مثل أي شيء قد رأيته في حياتي, قصر كبير جداً ويبدو أنه ليس من هذه المنطقة من الأرض, ولكن ما أدراني أنا فأنا مجرد طفل, دخلنا إلى القصر الكبير المخيف, تستطيع شم رائحة الموت من على بعد كيلومترات من مدخل “بيتها”, ولكن دعني أتبعها فإنها جميلة أليس كذلك؟ .

دخلنا وهي طلبت مني الأنتظار فأنتظرت, فذهبت ولم تعد, مر الوقت بضع دقائق حتى سمعت صوت أحدهم قادماً وبدلاً منها عاد مخلوق بشع لا يقارن شيء بجمالها الآخاذ, رأسه يشبه الفأر, وأقدامه مثل الخروف, يداه مثل الجرذ, وعيناه .. لم تكن لديه عينان! . ومن ثم حاول هذا الشيء عضي! تباً له! فهربت محاولاً فتح الباب فلم يفتح معي, ضربته بيدي الصغيرتين ولم ينكسر يا للمفاجأة! فقفز هذا الشيء وكأنه أرنب ضخم, فهربت إلى الجهة الأخرى, آملاً بأن يملك هذا القصر باب خلفي, ركضت وانا مازلت أسمع لهاثه ورائي, ورائحة أنفاسه المقرفة .. ما هذا ألم يسمع هذا الكائن بمعجون الأسنان؟ ..

ركضت ووصلت إلى ما يبدو على أنه الباب الخلفي, فحاولت فتحه, فهنا كانت المفاجأة الكبرى لم يفتح! عندها كنت قد أستسلمت, لم يبق لي أي أمل بالنجاة, فصعدت إلى الطابق العلوي من القصر وذهبت إلى غرفة يبدو أنها غرفة النوم وأختبأت تحت السرير, أستراتيجية رائعة بالتخفي أليس كذلك؟ .. طبعاَ ما زال صراخ هذا الكائن وصوت أقدامه الضخمة يصدح في المنزل أحس أنه في كل خطوة له يتسبب بهزة أرضية, ظهرت بعد قليل أمامي أقدام ولا لم تكن أقدام ذلك الكائن, كانت تلك الفتاة الجميلة المخادعة التي أقتادتني إلى هنا, فخرجت من تحت السرير وأحتضنتها خائفاً وبدأت بالبكاء, وقلت لها: “أرجوك أرجوك أعيديني إلى المنزل لم أعد أريد اللعب” . فنظرت إلي وأبتسمت أبتسامة جميلة, تباً لها إني أبكي هنا وأمر بموقف عاطفي وهي تبتسم! .. فقالت لي: “حسناً سأعيدك إلى المنزل بشرط”

قلت لها: “موافق”

قالت: “عليك أن تعترف أن تقول انك تحبني وتريد البقاء معي للأبد”.

أهذا كل شيء؟! هل تتكلمين بجد؟ تباً لو إنني لم أكن خائفاً لصرخت عليها بشدة ولكن لا وقت للغضب الآن, فقلت لها: “حسناً أنا أحبك وأريد البقاء معك للأبد ولكن أرجوك أعيديني إلى المنزل”, فأبتسمت وأخذتني إلى المنزل من نفس الطريق, وخلال الطريق أردت سؤالها لماذا فعلتي هذا بي؟ هل تستمتعين بإخافتي أي نوع من الجميلات أنت؟, ولكن الموقف هو الحاكم النهائي, وانا تعهدت على نفسي ألا أتكلم مع الغرباء أو الجميلات في ما بعد.

عدت إلى المنزل, كان المنزل غريباً ومختلفاً بعض الشيء , نمت وأنا خائف تلك الليلة, ولكني أستيقظت في النهار التالي وأنا بخير .. ولكن ما زال هناك شيء وحيد يجول في خاطري في ذلك الوقت, أين عائلتي؟ ..

تاريخ النشر : 2015-05-30

guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى