تجارب ومواقف غريبة

لماذا ؟!

 
بقلم : Black Shadow – اليمن

 

تلك الجثة كانت لرضيع ..
حسناً لن ادعوا هذه التجربة التي حصلت لي بالغريبة مثلما قد أدعوها بالتجربة الحزينة والمروعه في نفس الوقت ..

 

حصل لي هذه الموقف عندما كنت تقريباً في الثالث والعشرون من العمر ولكن تفاصيل وأجواء هذه التجربة مازالت مسيطرة علي بالكامل.. في تلك الاوقات كنت معتاداً على الذهاب وقضاء أكثر الاوقات في بيت جدي لأني كنت أشعر بالراحة التامه هناك…وحيث كان هو مريض وفي أخر أيامه في هذه الدنيا وكان يحتاج الى الرعايه…

 

في يوم من الايام بعد صلاة العصر خرجت من البيت لأستنشق هواءاً عليلاً وياليتني لم أخرج حيث وكانت هناك بقعة أرض بجانب بيت جدي قد تعود الناس بترك المهملات(القمامة) هناك الى أن تأتي البلدية وتأخذها. مع العلم بأنه لم يكن هناك برميل أو صندوق خاص بالمهملات فكان الناس يرمونها على الأرض.. ففي ذلك اليوم وبيمنا كنت أمر بجانب تلك الأرضية لاحظت تجمع كبير من الناس حول تلك البقعه وأيضاً لاحظت تواجد سيارات الشرطه والمباحث وقد حوطوا تلك ألارضية بشريط يمنع الناس من التواجد في الداخل مما زاد فضولي لمعرفة ما الامر..

 

تكلمت مع أحد المارة الذين كانوا متجمعين هناك عن السبب فأخبرني بأنه توجد جثه مرميه هناك ولكنه لا يعرف التفاصيل… طبعاً زاد فضولي أكثر لمعرفة التفاصيل عن هذه الجثه التي لم استطع رؤيتها بالرغم من أن تلك الأرضيه لم تكن كبيرة جداً حتى تخفي ملامح تلك الجثه وفعلاً فقد حاولت من مكاني لمشاهدة أي جزء من هذه الجثه ولكن الكم الكبير من المهملات منع من ذلك… وهنا اننوه بأنه من الرغم من التواجد الكيبر لأفراد الشرطه في الموقع ولكنني فعلاً إستطعت تجاوزهم عندما رأيت الفرصه السانحه لذلك وطبعاً مع قلة الإهتمام والخبرة الموجودة لدى أفراد شرطتنا الكرام تمكنت من المرور ووصلت بالفعل الى مكان الجثه.

 

جلت بنظري هنا و هناك محاولاً ايجاد تلك الجثه ولكن الغريب بأنني لم استطع ان اراها!! غريب كيف لجثه أن لاتكون ظاهرة للعيان؟ اين هي الجثه؟!! وعندها شد إنتباهي قطعة صغيرة من القماش وكأنها كانت تغطي شيئاً ما فدنوت منه وهناك…… تجمدت الدماء في عروقي.. توقف بي الزمن.. كنت شارد الذهن… أحسست بصفعة كبيرة….صعقت!!! لوهله لم أشعر بمن حولي بسبب المنظر المحزن جداً الذي رأيته… تلك الجثة كانت لرضيع تبين بأنه ولد في ذلك اليوم….حتى أنني رأيت ذلك الغشاء الذي يخرج مع المولود عن الولادة.. ولكن ما صعقني هو طريقة موت هذا المولود البريء… لقد كان منحور العنق من الأذن الى الأذن… نعم لقد سمعتموني جيداً… لقد تم ذبحه… يا حسرتاه…

 

لهذه اللحظه مازلت أتذكر تفاصيل ذلك المنظر الحزين.. لقد كان جسده بالكامل ابيض اللون بسبب خروج الدماء منه وأما وجهه كان شديد الإحمرار أما بقعة الذبح فقد كانت سوداء جداً بسبب تجلط الدماء في تلك المنطقة… عندما رأيت ذلك المنظر لم أعرف ما هي المشاعر التي من المفترض أن تنتابني..هل كان من المفروض أن أحزن في لحظتها؟ هل كان من المفروض أن ابكي؟ هل كان من المفروض أن أجزع؟ هل كان من المفروض أن أغضب؟ لا أدري!!! ومرة أخرى أقول فعلاً قد حصلت مع هذه التجربة المروعه.. أعتقد بأني قد وقفت هناك أشاهد هذا المنظر لمدة أربعون ثانية الى دقيقة كامله قبل أني يراني أحد أفراد الشرطة ويجرني للخارج ولكنني أحسست بان تلك اللحظه كانت ستزال الى الأبد…

 

كان فعلاً وقتاً قصيراً ولكنني رسمت ونحت ذلك المنظر في ذهني للأبد!!! بعد أن تم دفعي للخارج من قبل الشرطة عدت الى منزل جدي وكنت وقتها مثل الأبله حتى أن جدتي قد لاحظت تغير كبير في تعابير وجهي حيث كما قالت بأن وجهي كان محتقناً جداً عندما عدت وقد قلقت علي جداً وكانت تسألني إذا كنت بخير أو لا… أذكر أن كل الذي قلته لها ( أنا بخير سأذهب لأنام) وتوجهت الى غرفتي مباشرة و أغلقت الباب خلفي.. كنت أتذكر ذلك الموقف وذلك المشهد وكنت أراجع في ذهني ما كنت أسمعه من الاشخاص الموجودين بأن ذلك المولود البريء كان نتيجة علاقة محرمة(أبن زنا) وقد قرر المجرمان بالتخلص منه حتى يتداروا الفضيحه. وفعلاً ذبحوه!!!!!

 

طبعاً في ذلك اليوم كنت في أسواء حالاتي وكنت شارد الذهن الى منتصف الليل.. لم أستطع النوم.. صورة ذلك المولود ضلت في ذهني بشكل عميق. لم أستطع التخلص منها.. وفي الأخير أطلقت لنفسي العنان… بكيت…. غضبت غضبأً شديداً لدرجة أن جدتي سمعت صوتي وهرعت الي خائفة وضلت تطرق الباب أصدقكم القول بأني كنت محتاج لصدر حنون أبكي عليه ففتحت لها الباب حيث وكانت جدتي (الله يرحمها) في غاية الفزع في وقتها وكانت تسألني عما حدث لي فأخبرتها بالقصه وعيوني تفيض دموعاً حارة مليئه بالحزن والإحتقان والغضب والكره..طبعاً كما تعلمون كيف هيا حالة النساء الكبيرات في العمر وكما كانت متوقع فقد بكت هي أيضاً.. وكيف لها أن لا تبكي؟؟ أي انسان له مشاعر من المؤكد بأنه سوف يتأثر من هول ذلك الموقف!!

 

كنت اصرخ يومها وأقول لجدتي لماذا قتلوا هذا الرضيع؟ لماذا لم يتركوه على أي باب؟؟ هناك الكثير من الناس الذين سوف يقبلوا به!!! كيف تمكنوا من تمرير السكين على هذه الرقبه البريئة.. لحد هذه اللحظه وانا اكتب هذه الكلمات ما زلت أتذكر تلك اللحظات الشنيعة.. حسبي الله ونعم الوكيل فيهم…

 

والله بأن هذه التجربة قد أثرت في كياني بشكل كبير وقد حفظتها لنفسي طوال هذه السنوات والأن بما انكم تعتبرون أخواني وأخواتي واهلي في كابوس فقد أحببت بأن اشاركها معك حتى أزيل البعض من تلك الأحاسيس معكم..

 

تاريخ النشر : 2015-08-18

guest
56 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى