تجارب من واقع الحياة

عندما يتذوق القلب طعم الهوى

 
بقلم : عل عام مشغول – الجزائر

 

الحب ينبوع الحياة , تفجرت من راحتيه سعادة الأكوان

الحب لازمان له ولا مكان له , فالحب روح الكون , لولاه لما عاشت الأحياء بضع ثوان , الحب ينبوع الحياة , تفجرت من راحتيه سعادة الأكوان , فقصتي تبدأ يوم كنت في غرفتي أرتاح وكان الظلام قد غطى المدينة بأكملها ولم يكن بالمنزل غيري وإذا بأنين تلتقطه أذني مصدره من الشرفة , فاتجهت صوبها أتحسس مصدر الصوت فلم أجد شيئا , وعندما نظرت تحت شرفتي أرى فتاة لم أميز ملامحها لكن عرفتها من صوت بكائها , فنزلت إليها وعن وصولي استدارت إلي وياليتها لم تفعل , وكأن البدر نزل أمامي , عيناها نجمتان برقا في كبد السماء المظلم تعتريهما خضرة وكأنها مروج امتدت إلى الأفق وشعرها صحراء انعكس فيها بريق الشمس , فوقفت أمام جمالها مبكما ولم أتحرك بينما هي تسألني ماذا أريد منها وأنا مشلول من جمالها .

وبعد أن أفقت من تخدير طلعتها البهية سألتها ما سبب الدمع في عينيها ؟ .. وما سبب بقاءها وحدها في هذا الوقت ؟ .

فأجابت بأنها ليس لها مكان تذهب إليه , فسألتها بأدب بأن تصعد إلى بيتي لترتاح وتحدثني بقصتها , وكنت أخبرتها بأني وحدي في المنزل , فرفضت , وألححت عليها فصعدت معي بتردد , وعند وصولنا أريتها المنزل ونصحتها بالاستحمام وقلت لها سأخرج وعند انتهاءها من الاستحمام تناديني من الشرفة , فنزلت من المنزل وجلست أنتظر طلوع البدر وكأن الوقت توقف وقلبي توقف , وفجأة سمعت صوت بلبل عذب يناديني , فرفعت راسي فإذا بها تناديني لأصعد , فصعدت مهرولا ودخلت المنزل وجلسنا نتبادل أطراف الحديث .

فسألتها عن حكايتها , فقالت إن حكايتها بدأت بفقر أهلها وقلة دخلهم , وكانت تسكن إحدى القرى وفي يوم دق احدهم بابهم يطلب يدها فأعطيت له من دون علمها , فرضيت بما كتب الله لها وقالت الحمد لله , ولكن بعد الزواج اكتشفت بأنه كان من أهل المجون , فكأس الخمر لا تفارق يده , وكان زيرا للنساء , وهي احضرها لخدمته والفراش فقط . وأخبرتني بأنه لا يعرف إتجاه القبلة , واستحملت الأمر لمدة ستة أشهر إلى يوم دخل مع أصدقائه ورائحة الخمر تعتريهم وأراد مشاركتها معهم , فقاومت حتى وجدت طريق الفرار فاتجهت صوبها واستمرت في الهرولة حتى قادتها السبل إلى شرفتي .

وبينما هي تحدثني بقصتها والدمع كاللؤلؤ يتساقط من عينيها وعندما أكملت قصتها أجهشت بالبكاء , فمسحت دمعها وتبادلت أطراف الحديث معها في أشياء أخرى , وفجات ابتسمت , فذبح بريق ثغرها المتبسم قلبي المدلل فتذكرت قول عنترة :

ولقد ذكرت والرماح نواهل مني *** وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسم

فآه يا قلب على حالك , وتحدثنا قليلا ثم أحسست أنها تعبت فقلت لها أن تنام في المنزل وأنا سأنام في الخارج , فرفضت وقالت بأنها تثق في , فأجبتها بان الشيطان أصعب مني ومنك , فخرجت ومعي فراشي وأمرتها أن تغلق باب المنزل من الداخل وتخلد إلى النوم , فخرجت أمام المنزل أراقب النجوم واعلم بان النوم لن يلامس جفون عيوني , فسهرت الليل كله وصورتها بين عيوني حتى بزغ الفجر , فأفقت وذهبت لصلاة الفجر وعند عودتي وجدتها تبحث عني أمام المنزل , فدخلنا مع بعض ووجدتها قد أعدت فطور الصباح وكأنني اليوم فقط أتذوق طعم الفطور , وبعدها طلعت شمس الصباح وإذا بأهلي راجعون من منزل أختي لكنني كنت قد أخبرتهم عنها في الليلة الماضية فأتوا واستقبلوها أحسن استقبال وكانت الفرحة تتطاير من عيونها ومضت الأيام كالسهم وعلاقتي بها تتزايد بمرور الأيام , وبدأ هواها يأخذ قلبي إلى جنان العشاق , وكانت عيونها أسهم تقتل قلبي وصوتها العذب يعيد له الحياة , وأحس عند غيابها عن ناظري بأنني في عالم الظلمات وان شمس حياتي اختبأت خلف السحاب فلا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها .

وتمر الأيام الحلوة مر الكرام وكأنها ثواني وعندما جاء يوم الفصل يوم أردت مفاتحتها بحبي لها وأنني أتمناها أما لأبنائي وبلسم حياتي , فاتجهت صوبها وقلبي كاد يخرج من مكانه من شدة نبضه , وتوقف سيران الدم في عروقي واصفر وجهي , وعندما رأتني أسرعت إلي وسألتني هل بك داء أو شيء ؟ .. فأجبتها بنعم .. قالت ما بك يا عيوني ؟ .. فأعادت إلي كلمت عيوني الروح وقد احمرت خجلا وبرقت من شدة الجمال وكأنها عروس تسطع في بريق ثوبها الأبيض .

فقلت لها وما سبب دائي سوى رماح عيونك القاتلة فيوم رأيتك سلمتك قلبي وعشت على عبق روائحك فأنت مناي ومطلبي وهواي ومأملي فأحني علي واعشقيني وسترين الدنيا معي يا نور عيوني .

فأشتد خجلها من كلامي , وقلت لها احبك , وأريد الزواج منك , ولكن هذه المرة أريد رأيك , فاعتلتها حمرة الخجل وأخذتني بين ذراعيها ووديان الدمع تنهمر من عينيها وأعطتني مفاتيح قلبي بقولها نعم .

وطرت من الفرح واتجهت صوب أمي وأخبرتها باني أريد الزواج وتفاجأت ولم اتركها تستوعب الأمر لأخبرها أن العروس ضيفتنا , فغضبت مني وقالت أتدري ما تقول هي في عهدتنا , فأخبرتها بأنني أريد أن استرها وأنها بنفسها تقبل زواجي منها , وهنا تغير منظور أمي وفرحت وكان الشوق يعتريني انتظر يوم زفافي فعجلنا فلا استطيع نسيان يوم خطوبتي يوم خرجت من الغرفة وهي غاية في الروعة , حسبت نفسي لوهلة إنني في حلم , فسبحان خالقك يا حب حياتي .

وتمر الأيام وجاء يوم زواجي يوم دخولها باللباس الأبيض فما هذا يا هذا أين أنا من هذا الملك حتى انعقد لساني وتوقفت كلماتي ولم تستطع التواصل لوصفها ومرت أيام الزفاف ورزقنا بأطفال وازدادت البهجة في عشنا الصغير و واصلت معها حياتي وكانت خير سند لي.

 

تاريخ النشر : 2015-09-01

guest
128 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى