أدب الرعب والعام

من يتحدث بلسان صالح -1-

بقلم : محمد مكي – السعودية
للتواصل : [email protected]
من يتحدث بلسان صالح -1-
فاطلنا البقاء ولعب البلوت وكان صالح زميلي في اللعبه

هذه القصة واقعية ولكني عمدت لتغيير اسماء الشخصيات وبعض الاحداث والتفاصيل اختصاراً للقصة ولاصل الى ما اقصده من تنبيه وعضة لاخوتي اعضاء الموقع وسأرويها  لكم على اربعة اجزاء كي لا يمل القارئ من قراءتها …

الجزء الأول

تبدءا قصتنا بمباراة كرة قدم على نهائي دوره كرة قدم رمضانية في احد احياء جده القديمة ، عنفوان الشباب يشعل اجواء اللقاء ورغبة الفوز من الفريقين اضافت للقاء حماساً مما احدث شد وجزر بين لاعبي الفريقين كما يحدث عادة في مباريات كرة القدم فتدخل العقلاء وانهوا مشادة نشبت بين اللاعبين وانتهت المباراة بفوز الفريق الاخضر وكما يحدث عاده في نهائي دورة كرة قدم تعد المنصة للتويج البطل ويأتي المنظمون وتبدأ مراسم التتويج وتسليم كاس البطولة ..

بطل قصتنا صالح كابتن الفريق والمتوج باللقب وقد كان احد طرفي المشادة ، فبعد ان انتهت المباراة ذهب الى رصيف الملعب وبداء في خلع حذائه اجلكم الله ثم الجوارب فوضعها جانباً لحين الانتهاء من مراسم التتويج وبدأ توزيع الميدليات وكأس البطولة ( كما يحدث في اي بطولة تشاهدها على القنوات الرياضية ) ولكل بإمكانيات اقل ..

في المساء ذهب صالح برفقة اخويه ابراهيم واحمد الى احد المقاهي لقضاء سهرة الخميس ولعلب البلوت .. فحضروا الى مجسلنا وهو عبارة عن غرفة مؤجرة داخل مقهى لا يدخلها سوى الاعضاء المشاركين برسوم شهرية او بدعوة من احد الاعضاء فقد وجه لهم الدعوة وليد وهو احد المشاركين في المجلس وزميلهم في فريق كره القدم واحتفالاً بفوزهم بالبطولة ، فاستأذن مني بصفتي رئيس الجلسة وزعيمها و احد الركائز الاساسية المكونة لمجموعة الاعضاء  ..

كانت المره الاولى التي التقي فيها صالح واخوته ، فمن عادتي ان لا اتقرب بشكل مباشر من المدعوين الجدد حتى اعرفهم بشكل تام واطمئن انهم ليسو من المتردية و النطيحة او من مناصري الراية الملونة ، فبدأت اراقب هؤلاء الشباب خلسه دون ان يلاحظني احد وبشكل لا يثير ريبتهم حيث اني اشعر ان جميع الاعضاء اخوتي و مسئولين مني ، الحقيقة ومن الجلسة الاولي لمست فيهم خلقاً جماً وصفات قل ان تجدها في شبابنا المعاصر ، ولكني عللت انها المرة الاولى التي يحضروا فيها الى مجلس غريب ومن الطبيعي ان لا يظهروا كل خصالهم فحدثت نفسي وقلت انتظر يا محمد حتى تتأكد ولا تستعجل الحكم .. مرت ثلاثة اسابيع وكل نهاية اسبوع يحضر صالح واخوته الى مجلسنا وفي كل مره ارى منهم ما يسرني ويزيد قلبي اطمئنان لما لمست فيهم من احترام لبعضهم البعض وعدم التلفظ بالالفاظ النابية والتي كثرت مع الاسف في مجتمعنا بالأخص بين الشباب الذكور واذا تحدث الجمع في امر يندى له الجبين تجدهم يشغلوا انفسهم بالحديث مع بعضهم ولا يتداخلوا او يعلقوا ابداً  .

في الجلسة الرابعة تحديداً وقعت القرعة ان العب في فريق واحد انا و صالح وكان قليل الخبره في لعبة البلوت ويخطى كثيراً وكان كلما احدث خطأ يبادر بالاعتذار فارد عليه بابتسامة  قائلاً : لا عليك ما هي الا لعبه للتسلية ، حتى بداء هو يتقرب منى اكثر فاكثر ويشعر بالاطمئنان تجاهي ، ولاول مره تحدثت اليه منفرداً وسألته من انتم وما نسبكم ، فأخبرني و بكل تواضع فعلمت انه ينحدر من اسرة كريمة ولكنهم ليسو من اهالي الحجاز بل هم من منطقة القصيم ، تعجبت وبادرته قائلاً من اين لك بهذه اللكنه الحجازية البحته تبسم وقال ( من أمي حفظها الله ) قلت له : أمك حجازية قال نعم وهي من العائلة الفلانية ، فذهب التعجب عني فانا اعرف عائلة امة بل وتربطنا صلة قرابة بعيدة الى حد ما ، قلت له اهلاً وسهلاً بكم في مجلسنا ..

توالت الجلسات في المقهى وكان صالح واخوته اول الحاضرين واول المغادرين فلم يصدف ان تأخروا في المغادرة لما بعد الساعة 12 منتصف الليل تجدهم دون تردد يستأذنوا للخروج حتى اني اصبحت احضر مبكراً لاجلس معهم اطول وقت ممكن مع تحفظي على التقرب الى اخوته الصغار فقد كانوا اصغر منا بفارق 5 او 6 سنوات ولا يوجد امور مشتركة تجمعني بهم وهم  من جهتهم كانوا لا يتداخلوا بالحاضرين كثيراً ويكتفوا بالعب على جهاز الآيباد ، في احدى سهراتنا تبدأ قصتنا التي اعتبرها اهم واخطر تجربة مررت بها وهي تجربه تعلمت منها الكثير وودت ان يتعلم منها اخواني واخواتي الشباب فنحن والله في خطر !!

في احدى الليالي حضر الجميع مبكراً ، فاطلنا البقاء ولعب البلوت وكان صالح زميلي في اللعبه وكنا في قمة الحضور نفوز باللعب ونهزم الفرق فريق تلو الاخر ونعلق على كل فريق نغلبه ونضحك مستفزين الخاسر ونحن في غاية الاستمتاع و الانبساط واستمرينا على ذلك الحال حتى تجاوزت الساعة 11 بقليل فلاحظت ان صالح بدأ يخطأ ، في المرة الاولى نبهته ( فاعتذر ) المرة الثانية والحماس في قمته نبهته قائلاً يبدو انك تعبت وبداء مخك يسخن !! هل ترغب في المغادرة يا صالح قال لا بل نكمل اللعب .. بعد قليل وضع يده على رأسه كأنه يفكر او كمن داهمه صداع  واطال المكوث على تلك الوضعيه حتى لاحظنا جميعاً ان الفتى ليس على ما يرام ، نظرت الى اخويه فإذا بهما يقفزان خلفه ويتخذان وضعيه الاستعداد واحد عن يمينه والاخر على الشمال !! فعاد الى اللعب وهو متبسم ابتسامة من به عله اخفاها .. وزع الموزع ورق اللعبه وكانت جوله حاسمة اذا فزنا بها انهينا اللعبه واذا خسرنا خرجنا فكنت في قمة الحماس فأخطأ صالح خطئاً فادحاً كاد ان يتسبب في خسارة اللعبة ولكني كنت مسيطراً على الوضع وما زال في الأمل بقيه ، فنظرت له أشتاط غضباً وقلت يا صالح ما بك !! فنظر الي نظرة افزعتني!! .. وقد تغير وجهه وبداء في الاحمرار فاتحاً عيناه كأنه ينظر الى طفل بصرامة وقاطباً جبينه ومقبضاً على شفتيه اللتان تحولتا الى اللون الاحمر الداكن !!

وقف على ركبتيه ووضع يديه مفرودتان الى الخلف كوضيعة الاستعداد للقتال وتحدث وفمه مطبق : ماذا تريد ؟؟؟ فإذا بالاخوان يقبضانه ممسكان بذراعيه وأخذا ويجذبانه الى الخلف كأنهم كانوا متنبئين بما سيحدث ، وانا وباقي الشباب ننظر الى الموقف في قمة الذهول وكيف تحول ذاك الشاب الوديع الى وحش مرعب ، تمكن الاخوان من طرحه ارضاً  فبدأ في الانتفاض و الاهتزاز حتى اصبح يركل الارض بيديه وقدميه فنسمع صوت طرق العظام على البلاط .. كأنه اصيب بنوبة صرع ، فقفز احدهم على صدره وقفز الآخر على قدميه يحاولان تثبيته كي لا يؤذي نفسه او يكسر عظامه .. كل هذا وانا ممسك بورق اللعبه انظر اليه مفكراً ( والله كنت سأفوز ) نظرت الى باقي زملائي في الغرفة فوجدتهم تجمعوا في احد اركان الغرفة كالفئران ينظرون الى ما يحدث فاغرين افواههم ، فهمست لهم واشرت بان لا يغادر منكم احداً ابقوا في اماكنكم ، وذهبت فأحضرت قنينة مياه معدنية واعطيتها لإبراهيم وهو الأخ الأوسط وقلت له خذ اغسل له وجهه بالماء البارد لعله يستفيق واسقه قليلاً من الماء ، فقال : لا لا أخاف لا استطيع !! قلت له : مما تخاف هذا ماء !! قال : أخاف من الجن !! ..

جن !!  نظرت خلفي استنجد بزملائي فلم اجد منهم احداً فروا جميعاً ولم يعقبوا قلت في نفسي حتى المصائب أصبحت اثنان في واحد ( ورطة ونذالة أصحاب ) ..

يتبع

تاريخ النشر : 2015-11-25

محمد مكي

السعودية
guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى