للظلم عواقب مؤلمة
عوقبت الخادمة على فعلتها |
في احد ايام الزمن القديم .. قرّرت روحٌ حزينة الرحيل , دون ان تدري الى اين ستذهب ! لكن هذا لم يوقفها عن الهرب من ذلك القصر الظالم .. فخرجت منه , دون ان تأخذ حقيبتها او ايّ طعامٍ او ماء .. لأنها ارادت الهرب من كل شيء .. و هدفها كان : ان تسير في الدروب , الى ان تسنفذ طاقتها و تموت و ترتاح من هذه الحياة القاسية !
فمشت .. ثم مشت .. و ظلّت تمشي هنا و هناك , بين المنازل و المزارع .. قاطعةً كل الشوارع التي تعرفها ..الى ان وصلت الى مكانٍ نائي خارج تلك القرية , المزدحمة بالذكريات السيئة و الحزن و الألم و النفاق و الخيانة !
قرّرت تلك الروح ان تُكمل سيرها في ذلك الدرب الطويل , رغم تعبها ..
و كانت دماء الشمس قد ملأت ارجاء السماء , لتعلن وقت الغروب .. بينما الرياح تعصف امواجاً هوائية تحرّك الأعشاب , مصدرةً انغاماً حزينة , فوق سفوح هضابها العشبية
كان الشعور باليأس و الحزن يتفاقم في قلب تلك الروح الهائمة في الطرقات .. لكن رغبتها بالهروب فاقت مخاوفها و قلقها من ذلك المجهول , الذي كان يرافقها في هذه الرحلة المجنونة
و حلّ الليل سريعاً .. و ازدادت قوّة الرياح العاصفة .. لكن روح استمرت في السير تعاند رياح القدر الغاضبة .. امّا النجوم فقد اختفت خلف الغيوم السوداء ..
و فجأة !! اضاءت السماء بالبرق .. ثم صدحت الدنيا بصوت رعدٍ قوي , يصمّ الآذان .. و ماهي الا لحظات حتى هطل المطر .. الذي سقط على الأرض بعد ان اختلط بدموعها , لتدهسها اقدام روح الحافية
و بنما هي تسير على غير هدى .. سقطت صاعقة امامها , لتقصم شجرة الى نصفين كانت تتوسط الطريق !
ثم عادت السماء لتصرخ صرخة رعدٍ قوية , اثارت الرعب بنفس روح الخائفة .. لكن يبدو ان المطر يصرّ على زيادة متاعبها و حظّها العاثر ..
و هنا !! وجدت روح الحلّ الأنسب لإنهاء عذابها ..
فسارت بخطواتٍ بطيئة نحو الموت , بعد ان قررت الإنتحار .. و اقتربت من نفس الشجرة المحروقة بتلك الصاعقة .. و كأن تلك الشجرة المنحوسة تنتظر الموت مثلها .. و جلست بعد ان اسندت ظهرها بالشجرة .. تنتظر صاعقة اخرى تضربها , لتقتلهما معاً .. و تخلّصها اخيراً من تلك الحياة البائسة , و من هذا المجهول , و من انتظار المستقبل المشرق الذي لن يحلّ ابداً !
و بعد مدّة طويلة من الإنتظار , حصل ما ارادته تلك الروح ..
و نزلت تلك الصاعقة بقوة على خدّها !
لتستيقظ الخادمة من حلم اليقظة على صفعة صاحبة القصر , و رعد صوتها يصدح بالإهانات و التوبيخ ..بينما تأمرها : بجمع شظايا البلّور الزهري , الذي تساقط من يد الخادمة , بعد ان اصطدم بها حفيد السيدة الذي كان يركض قربها ..
ثم اخبرتها بلؤم : ان ثمن المزهرية سيخصم من راتبها , لعدم انتباهها لها عند تنظفها ..
لكنها فجأة و بدون تفكير .. انحنت الخادمة التعيسة لتمسك بإحدى شظايا البلور , و تمرّرها بسرعة على رقبة السيدة , التي سرعان ما انهار جسدها على الأرض , و هي تمسك برقبتها التي نفرت منها الدماء بغزارة !
____
تلك الخادمة فقدت حياتها في عمر السابعة عشر , بعد تنفيذ حكم الإعدام بها , في وسط ساحة القرية امام عيون الجموع الغفيرة ..
عقوبة لها على جريمة قتلها لسكان ذلك القصر , و من ثم حرقه !
تاريخ النشر : 2016-01-20