زائر منتصف الليل
من هو وماذا حدث لي |
هكذا سألتني صديقتي رانيا عندما اخبرتني قصتها الغريبة , و بالفعل قصتها غربية ..لذلك قرّرت أن اشارككم اياها و هي كالتالي :
كان يوماً تملأه الأمطار و كأنما السماء احبت مشاركة العائلة البكاء , و دويّ البرق كأنما يواسينا على عزيزاً افتقدناه .. كان ذلك يوم وفاة جدي العزيز ..و لأن مدافن العائلة بعيدة جداً , اضطر رجال العائلة ان يسافروا جميعاً الى هناك , لأتمام مراسم الدفن و غيره .
اما السيدات فاجتمعن عند جدتي يواسونها , و يهدئون من روعها ..و لأنني اكبر فتاة في العائلة , كان يجب ان اهتم بالأطفال ..فأخذت اولاد عمي الى منزلنا , حتى تنتهي الظروف التي تمرّ بها الأسرة .. جلست اهدأهم و افهمهم ان لا شيء سيء حدث اليوم .. و بالنهاية استسلموا للنوم , و عندما اصبحت وحدي صرت اتذكّر جدي , حين قطع افكاري صوت طرقٍ على باب المنزل , فنهضت و انا اسأل : من هناك ؟
لكن صوت الطرق كان مستمراً , ففتحت الباب لأجد شاباً في العشرينات من عمره يبتسم لي , ويقول :
-مرحبا أنا……..
لم يستطع انهاء جملته , فقد اغلقت الباب في وجهه بقوة .. فأنا لا اعرف من هو , كما انني لوحدي في المنزل و معي اطفال صغار ..
فعاد يطرق الباب , و ايقظ بذلك اولاد عمي الصغار .. و سألوني :
-ما الأمر ؟
فقلت لهم : لا تهتموا , رجلٌ غريب
-و ماذا يريد ؟
-لا اعرف , لكني لن افتح له ..
و قبل ان انتبه , كان احد الصغار فتح له الباب
و ما ان رأوه حتى صرخوا :
-ايمن ايمن !!
وعانقوه بقوة , لكنه ابعدهم عنه برفق ..و قال :
-ثيابي مبلّلة , ابتعدوا كي لا تبتلوا انتم ايضاً
و هنا حاولت ان اتذكر اسم ايمن , نعم هو قريبنا الدائم السفر , فقد كان يسافر كثيراً مع عائلته منذ ان كان صغيراً , ثم صار يسافر لأجل عمله في الخارج
و عدت و نظرت اليه و انا استغرب كيف لم اتذكره , و قد خجلت منه لإغلاقي الباب في وجهه
فقال لي معاتباً برفق :
-رانيا ! ابعد كل هذا الغياب , أهكذا يكون لقائنا الاول ?!
فقلت بصوتٍ مرتبك : لم اعلم انه انت
-انتي اصلاً لم تسمحي لي بأن اكمل جملتي
ثم ضحك , و قال بأنه يمكنكي التكفير عن ذنبي , باحضاري المنشفة له , لأنه يشعر بالبرد بسبب تبلّله من ماء المطر
فذهبت مسرعة لأحضار المنشفة ..و تجمع حوله اولاد عمي الصغار , و هم ينهالون عليه بالأسئلة
و كان ايمن يعتبر قدوة لشباب عائلتنا , و كانت الساعة 12 ليلاً ..
و عدت و سألته : متى عاد من السفر , فأجاب عندما سمع بخبر الوفاة , و بأنه حزن لموت جدي
فسألته عن سبب قدومه لمنزلنا , فقال :
-بصراحة رأيت انه من الخطر بقائك انتِ و الأولاد لوحدكم
فشكرته على شهامته , ثم طلب مني العودة الى النوم ..
و في الصباح .. لم اجد ايمن في المنزل , و حتى سيارته لم تكن متوقفة في الخارج .. ثم اتصلت امي و اخبرتني بأنها ستبقى يوم آخر عند جدتي و علي الأهتمام بالأولاد ليومٍ آخر
و في الساعة 12 في منتصف الليل , عاد المشهد من جديد ..صوت طرق على الباب ..و عندما فتحت , كان ايمن يبتسم لي و يقول :
-لا تغلقي الباب هذه المرة
فسألته اين اختفى في الصباح , فأخبرني بأنه كان ينهي بعض الأمور .. ثم خلد الأولاد للنوم , و بقيت اتحدث مع ايمن حتى الفجر .. و عندما ذهبت لأشرب الماء , عدت لأراه اختفى و كأنه تبخر .. من المستحيل ان يخرج بسرعة من المنزل دون ان اشعر بذلك !
بعد اسبوع عادت الأمور لطبيعتها , و لم ارى ايمن بعدها , و لم اسأل ابي عنه ..
و في يوم الأحد .. قالت امي : تعالي و انظري من اتى من السفر
فكان ايمن , و قد قال لي :
-رانيا ..كم يسعدني لقائك
-اعدت من السفر اليوم ! الم تأتي منذ اسبوع الى هنا ؟
– هيا توقفي عن المزاح ..
ثم اراني تذكرة سفره , و كان بالفعل ابي ذهب لأخذه من المطار اليوم ..
لكن المفاجأة الكبرى ..انني عندما سألت اولاد عمي الصغار عن ايمن , قالوا بأنهم لم يروه منذ سنة , و انهم اشتاقوا اليه !
فعدت لأستفسر بقلق من والده , فأكّد لي هو ايضاً : بأن ابنه ايمن كان في لندن الأسبوع الفائت
فمن كان ذلك الزائر ؟ و لما كان يزورني دائماً في 12 منتصف الليل ؟! و كيف لا احد يتذكر تلك الحادثة سوايّ ؟ و ماذا كان يريد مني بالضبط ؟!
هل عند احدكم الأجابة ؟!
تاريخ النشر : 2016-02-27