أدب الرعب والعام

التبني

بقلم : داستل – السعودية
للتواصل : Twitter.com/Dastel_

هذه الفتاة ستؤذي طفلنا حتماً !

مستوحاة من فيلم : Orphan

كان هناك زوجان يحبان بعضهما البعض جداً و يعيشان حياةً سعيدةً .. و الجميع من حولهم يحسدونهم على حياتهم الجميلة وحبهم الشديد لبعضهم البعض ، لكن كان هناك شيئاً يعكّرُ صفوَ حياة الزوجين وهو عدم إنجابهم للأطفال ، فهما متزوجان منذ خمسةَ سنواتٍ و لم يرزقا بطفلٍ طِوال هذه الفترة .. و قد أخبرهم الطبيب أنهم لا يعانون من أيةِ مشكلة , لكنها إرادة ﷲ .

في يوم من الأيام و بينما كان الزوج يقرأ جريدته وقت تناول الإفطار , جاءت زوجته وقالت له 
– جودي : ستيف عزيزي , ما رأيك بأن نتبنّى طفل ؟
– ستيف : تبنّي ! لمَ هذا القرار المفاجئ ؟

– جودي : ستيف نحن متزوجان منذ خمسةِ أعوامٍ , و إلى الآن لم ننجب اطفالاً..و أنا أرغب حقاً بأن أصبح أمّاً .
– ستيف : حسناً يا عزيزتي , سأفكّر بالأمر .. عليّ ان اذهب الى العمل الآن .. إلى اللقاء .

***

في صباح اليوم التالي , أخبرها ستيف برأيه في الموضوع
– ستيف : لقد فكرتُ في كلامكِ , و أعتقد أنه من الجيدِ أن نتبنّى طفل .
– جودي بسعادة : أحقاً ؟!

– ستيف : أجل من حقك أن تكوني امّ , و أنا أيضاً أعجبتني فكرة أن أكون أباً
عانقت جودي ستيف وهي سعيدة , ثم شكرته لأنه وافق على طلبها .

***

في اليوم التالي ..ذهب الزوجان إلى دار الأيتام و قابلا مدير الدار , فرحّب بهما ..وسألهما عدة أسئلة حتى يتأكّد من أنهما يصلحان لتبنّي طفل ، و بعد أن انتهى سألهم :

– المدير : أي طفلٍ تريدون ؟
– جودي: نريد فتاةً .
– المدير : للأسف ..فقد تم تبني جميع الفتيات في الدّار .

– ستيف : جودي , ما رأيك بتبني صبي ؟
– جودي : لا ، أنا أريد فتاةً .. سيدي المدير أعلمنا عندما تأتي فتاةٌ جديدةٌ إلى الدّار
– المدير : حسناً سأفعل ذلك .

و عندما خرجا من المكتب إلى الخارج , مرّا بحديقةِ الدّار و شاهدا الأولاد يلعبون ..

فرأت جودي فتاة ترتدي مثل الأولاد وتجلس لوحدها ، راودتها الشكوك أنها فتاة .. فذهبت إليها لتتحدث معها , فتجاهلتها الأخيرة .. فقالت لستيف : لنعد للمدير ..

وعندما قابلاه سألته جودي عن الفتاة ، فأجاب المدير بأن هذه الفتاة جاءت لوحدها إلى هنا , و لم يعرف اسمها و لا من أين أتت .. و هي فتاة انطوائية جداً و لا تتحدث مع أحد و لا تلعب مع بقية الأطفال ، و تم رفض تبنيها من عائلات كثيرة ، فقالت جودي :

-اذاً انا سأتبناها ..
فحاول زوجها أن يناقشها في الأمر , الا انها أصرّت عليها .. فقال المدير:
-حسناً إذاً , وقّعا هنا ..و من بعدها يمكنكما اخذ الفتاة معكما .

و قد كانت جودي سعيدةً جداً لأنها ستصبح اخيراً أمّ ..فطلبوا من الفتاة أن تحزم حقائبها لتذهب مع عائلتها الجديدة .. وعندما ركبوا السيارة للذهاب إلى منزلهم , بدأت جودي بالتحدث مع الصغيرة ..

– جودي : ما اسمك يا صغيرتي ؟
لكن الفتاة لم تعرها اهتماماً

– جودي : أعرف انك خجولةُ و خائفةٌ الآن , لكننا اصبحنا عائلتك و بإمكانك اخبارنا
– الفتاة : اسمي (سو)

– جودي : سو إذاً ، يا له من اسمٍ جميل .
فاكتفت سو بالإبتسامة , ثم أخفضت رأسها

وعندما وصلوا إلى المنزل , قال ستيف :
-هذا هو منزلنا , و سيكون منزلك من اليوم فصاعداً يا صغيرتي ..

ثمّ أمسكت الأم جودي بيدها وقالت :
-هيا تعالي لأريك غرفتك

وصعدتا إلى الطابق العلوي , وهناك قالت لها :
-هذه هي غرفتك .. اليست جميلة ؟
فأجابت سو : اجل ..جيدة

فقالت لها جودي : يسرّني أنها أعجبتك .. هيا اذهبي و استحمي و بدّلي ثيابك ، لأننا سنتناول العشاء بعد قليل .
فهزّت سو رأسها بالموافقة

***

عند العشاء ..
– ستيف : سو عزيزتي , أخبريني عن عائلتك السابقة ؟
– سو : لم أتأقلم معهم بشكلٍ جيد , لقد كانوا أشراراً .
– ستيف بقلق : لماذا ؟! ما الذي فعلوه ؟

– سو : عائلتي السابقة كان لديها أطفالٌ آخرين , وكانوا إخوتي يقومون بعمل المشاكل ويتهمونني بها ..و كان والدي السابق يضربني بشدة ويمنعني من الطعام ..وكانت أمي شريرةً أيضاً , لكنها كانت ألطف من أبي بكثير , لأنها كانت تمنعه من ضربي بتلك العصا المعدنية .

فنظر جودي و ستيف لبعضهما البعض , وعيناهم مليئة بالحزن والتعجب مما سمعوه ! ..ثم قال ستيف :

-لا تخافي يا سو , فأنت بمأمنٍ معنا .. و نحن سنكون والديك الحنونين .
ابتسمت سو و عانقتهم , قبل ان تذهب للنوم

و بعد ان ذهبت ..

– جودي : أنا لا أصدق هذا ! كيف يمكن لوالدين لديهم أطفال , أن يفعلوا شيئاً كهذا بطفلةٍ يتيمةٍ 
– ستيف : حتى أنا لا استطيع تصديق هذا .. لكن أهمّ شيءٍ الآن : هو أن نشعر سو بالأمان معنا .

***

ذهب ستيف و جودي للخلود إلى النوم ..
لكنهما تفاجئا بسو و هي تدخل غرفتهما في منتصف الليل , فاستيقظوا و سألوها :

-سو ! ما الذي تفعلينه هنا ؟
– سو تمسح دموعها : لقد رأيت كابوساً مخيفاً , أيمكنني النوم معكما ؟

– ستيف : سو عزيزتي , انت فتاةٌ كبيرة .. هيا انسي الكابوس و عودي الى غرفتك .
– سو: لكني حلمت بعائلتي القديمة و هي تضربني وتحبسني في القبو .

– جودي : ستيف لا بأس , دعها تنام هذه الليلة بجانبنا .
– ستيف : حسناً يمكنك النوم معنا ، و لكن هذه الليلة فقط .

ففرحت سو و نامت بجانبهما وقالت :
-أنا سعيدة لأنكما والدايّ ، و أريد أن اظلّ ابنتكما الوحيدة و للأبد , حتى تحباني ولا تضرباني ابداً.

و بعد قليل .. خلدوا جميعاً للنوم .

***

بعد مرور ثلاثة أشهر من تبنّي سو , اكتشفت جودي أنّها حامل و أخبرت ستيف و الفرح يغمر قلبها ، و شاركها ستيف نفس الشعور قائلاً :

– وأخيراً يا جودي !! أكاد لا اصدق ..لكنك متأكدة من الحمل , اليس كذلك ؟
– جودي بفرح : أجل !! حتى أنا لم اصدق ذلك ، يجب علينا أن نخبر سو بهذا الأمر .
– ستيف : مؤكّد أنها ستفرح كثيراً بذلك .

و كانت حينها سو تلعب في غرفتها , فدخل والداها عليها و قالا : بأن هناك أمراً يريدان أخبارها به ..
– سو : و ما هو ؟
– جودي بفرح : سو !! سيصبح لديك أخاً ..

– سو وقد تغيرت ملامح وجهها : ماذا ! أخ
– جودي : اجل ..سيصبح لديك أخٌ صغير لتلعبين معه

– سو بغضب : لكنني لا أريد أي إخوة !! الإخوة سيئون و يفتعلون دائماً المشاكل .. و أخشى أن يحدث لي مثلما حدث معي سابقاً .

– ستيف: عزيزتي سو لا تخافي .. فنحن نحبك , ولن نسمح لشيءٍ مثل هذا أن يحدث لك أبداً .. سنربيك أنتِ و أخوكِ على أن تحبا بعضكما البعض , فلا تقلقي .

لكن سو لم تُرِد أن يكون لها أي إخوة يشاركونها والديها , بل كانت تريد أن تكون ابنتهما الوحيدة لتحظى بكامل الإهتمام والحب ..لذلك صارت تخطط لجعل امها جودي تجهض الطفل ،

فقد قامت في احد الايام بوضع كرات زجاجية صغيرة على الدرج , كي تتسبب في سقوطها ..لكن جودي اكتشفت الأمر وسألت سو عن ذلك فأنكرت ، فصفعتها على وجهها .. وكان هذا في نفس الوقت الذي عاد فيه ستيف إلى المنزل ..

فركضت سو اليه وهي تبكي :
– سو : أبي !! لقد قامت أمي بصفعي , و أنا لم افعل أي شيء .
– ستيف وهو ينظر لجودي بغضب : لماذا فعلتي هذا ؟

– جودي: لم أقصد ، لكنها تحاول أن تجعلني أجهض الطفل بإيقاعي من على الدرج ، أنظر إلى كراتها الزجاجية التي تركتهم منثورين بقرب الدرج .
– ستيف : سو لماذا فعلت ذلك ؟

– سو: أنا لم أقصد يا أبي ، فقد كنت ألعب و حسب .
– ستيف: لا بأس عزيزتي لكن انتبهي مرةً أخرى , فقد كدتِ تضرين بوالدتك .
– سو: سأنتبه اكثر , اعدك ..أنا آسفة يا أمي , أرجوك سامحيني

ثم ذهبت الى غرفتها و هي تبكي , فلحقتها جودي :
– جودي: سو عزيزتي أنا آسفة لأني صفعتك ، صدّقيني أنا لم أكن اقصد ذلك , لكني لا أريد أن يتأذّى أخوك .
– سو: و هل تحبينَ أخي أكثر مني ؟
– جودي: لا ، فأنا أحبكما أنتما الاثنان ..لكنك كبيرة وهو مازال صغيراً في بطني , و يحتاج أن انتبه عليه حتى يولد بالسلامة .

تنهدت سو بضيق وحزن
– جودي: سو ..اخبريني عن عائلتك القديمة ، إن لم يزعجكِ الأمر ؟

– سو: حسناً .. لقد كان لأمي القديمة طفلاً رضيع بجانب أطفالها الآخرين وكانت تحبه جداً , ولكنها لم تكن تسمح لي بالاقتراب منه او اللعب معه .. كما كانت دائماً تضربني هي و أبي القديم بسبب إخوتي الآخرين , فلقد كانوا يكسرون الأثاث في المنزل ويبعثرون المكان ثم يتهمونني ، فكان أبي يضربني بشدة ..وكانت أمي تسكت عن أفعاله , ولم تكن توقفه عندما يضربي ..”ثم بدأت سو بالبكاء” .. لقد كانوا يحبسونني أيّاماً في القبو ويطعمونني بقايا طعامهم , ولكنني هربت منهم , ومشيت في الشوارع اياماً قبل ان اصل بالصدفة إلى دار الأيتام .. ومن ثم قمتِ أنتِ و أبي بأخذي من هناك

– جودي وقد بدت على وجهها علامات الحزن : لا تخافي يا سو , أنتِ بأمان معنا ..ولن يحدث شيء من الأشياء التي كان والديك السابقين يفعلونها بك ..هيا يا حبيبتي أخلدي إلى النوم ، تصبحين على خير
– سو : و انت بخير أمي .

***

في الصباح .. و بعد ان ذهب ستيف لإيصال سو الى المدرسة .. دخلت جودي لتنظيف غرفة الصغيرة ..وعندما انتهت من ترتيبها , انتبهت لأوراق مقلوبة كانت موضوعة على مكتبها

فألقت نظرة عليها وقالت :
-لم أكن أعلم أن سو رسامةٌ بارعة هكذا ، لقد قامت برسمنا ..

ثم بدأت برؤية الرسومات , ورأت رسمةً لهم مع الطفل .. اما الرسمة التالية فقد افزعتها حينما رأت الطفل و هو مرمي على الأرض و تسيل منه الدماء .. اما الرسمة التي بعدها فقد رسمت سو نفسها و هي تعانق والديها , و كتبت في اسفل الرسمة (نحن أفضل من دون الطفل)

فتسلّل الخوف إلى قلبها , وقالت في نفسها :
-لا هذا مستحيل ! لا يمكن لطفلة في العاشرة من عمرها أن تفكر بهذا الأمر ..

ثم اتصلت على ستيف و أخبرته بما رأت , لكنه لم يهتم كثيراً للأمر ..
لذا قررت جودي أن تتحقق بنفسها من عائلة سو السابقة ..و بعد ساعات طويلة على النت , و اجراء الكثير من الإتصالات , وصلت اخيراً الى عنوانهم ..

ثم ذهبت لزيارتهم ..وعندما قرعت الجرس , فتحت لها امرأة تبدو أنها في العقد الرابع من العمر
– السيدة : هل استطيع مساعدتك ؟
– جودي : اجل.. في الواقع هنالك أمراً مهم , أريد أن أستفسر عنه ! هل يمكنني الدخول ؟

ثم دخلت جودي إلى منزل السيدة , و دار بينهما الحوار التالي :
– جودي: هل قمت أنتِ و زوجك بتبني طفلةٍ اسمها سو , قبل عام تقريباً ؟
– السيدة متضايقة : نعم مع الأسف ..لكنها هربت قبل شهور , و لا نعرف اين هي الآن
– جودي : كانت في الميتم , و انا و زوجي قمنا بتبنيها ..و قد اخبرتنا بأنكما كنتما تضربانها بشدة , وتحرمانها من الطعام !

– السيدة : لا هذا مستحيل , من غير الممكن أن أفعل وزوجي هذا بطفلةٍ يتيمةٍ .. في الواقع كنا نحبها , لكنها كانت تكره إخوتها , وكانت تتسبّب بالمشاكل معهم ..وكانت دائماً تخبرني بأنها لا تريد إخوة , وتريدنا أن نكون لها هي فقط ..وبعد ذلك أنجبت طفلاً , فساءت حالتها اكثر و صارت تحاول اذيته .. حتى انني سمعتها مرة تقول امام سرير طفلي : لما جئت للحياة , نحن لا نريدك معنا.. هيا اذهب إلى الجحيم أنت وبقية إخوتك
و عندما واجهتها بهذا الكلام , انكرته تماماً ..و في ليلة من الليالي ..” و بدأت السيدة هنا بالبكاء ” .. استيقظت أنا وزوجي وأطفالي على صرخة مفزعة من طفلي الرضيع ..وعندما ذهبنا لغرفته , وجدناه مطعوناً في صدره .. و قد اختفت سو منذ ذلك الحين

– جودي وهي تمسك بيد السيدة وتحاول تهدئتها : أنا آسفة لما حلّ بطفلك ، مؤكّد انه في مكانٍ أفضل الآن .
– السيدة بعد أن مسحت دموعها : عزيزتي أنِت حامل أليس كذلك ؟ عليك توخي الحذر .. فربما هي لن تؤذيك , لكنها حتماً ستحاول اذية طفلك بعد ولادته .. لذا انصحك ان تتخلصي منها و بسرعة ..فهذه الفتاة شيطانٌ على هيئة طفلة

– جودي: أخشى أن تعرف أنني كشفت أمرها !
– السيدة : دعيها تعرف !! الأهم هو سلامة طفلك .. و برأيّ ان تبلّغي الشرطة عنها , فهي ليست طفلة بل قاتلة مكانها السجن .
– جودي: سأفعل ما بوسعي، شكراً على النصيحة.. إلى اللقاء .

***

وفي المساء ..أخبرت جودي ستيف بكل ما جرى
– ستيف : لا يمكننا أن نتخلص منها بهذه السهولة , فنحن عائلتها الآن , وليس لديها مكاناً آخر تذهب إليه ..بالأضافة إلى انك انت من أصرّيت على تبنيها !
– جودي: أجل ، لكني لم أكن أعلم أنها مريضةٌ نفسيةٌ !

– ستيف: اخفضي صوتك حتى لا تسمعك .. اسمعي عزيزتي , ما الذي يثبت أن ما قالته السيدة صحيح ؟
– جودي: اذاً تعال معي

ودخلا إلى غرفة سو ..و صارت الأم تبحث عن تلك الرسمات ..
فاستيقظت سو و قالت بنعاس :
– سو: ما الذي تبحثين عنه يا أمي ؟!

– جودي: أبحث عن رسوماتك التي كانت هنا.. آه هاهي !! انظر يا ستيف
– ستيف وهو يقلب الأوراق : إنها رسومات جميلة ، لا اعلم ما الخطأ فيها ؟

فانتبهت الأم بأنها رسومات مختلفة
– جودي: أين تلك الرسومات يا سو ؟
– سو: أي رسومات ؟ فجميع رسوماتي بيد أبي الآن .
– جودي : لا تكذبي !! أين رسوماتك تلك , التي كنت تقتلين فيها الطفل ؟

– سو وقد بدأت بالبكاء , نهضت من سريرها لتعانق والدها : أنا لا اعلم عن ماذا تتحدثين !!
– ستيف: جودي , هل يمكننا التحدث على انفراد ؟

فخرجا من غرفة سو , و ذهبا إلى غرفتهما
– ستيف : أجننتِ يا جودي !! الفتاة موهوبة بالرسم لا أكثر , كما رسوماتها بريئة وليس فيها ما يخيف !
– جودي: صدقني لقد رأيت الرسمة التي تقتل فيها طفلنا ..أنا لن اكذب عليك !!

– ستيف: أنا أحاول أن أصدقك لكنني لا استطيع ! اتركي سو في حالها , وحاولي ألا تفكري بمثل هذه الأمور ..اتفقنا ؟
– جودي: حسناً، لكن إن حدث شيء لي او للطفل , فسأحمّلك المسؤولية !!
– ستيف: لا تقلقي , لن يحدث شيء .

***

و مرت أشهر الحمل بسرعةٍ ..و استيقظت جودي في الرابعة فجراً وهي تتألم , فأيقظت ستيف
– ستيف: ما الذي يحدث ؟ هل حان موعد ولادتك ؟
– جودي : نعم أظنّ هذا ، خذني إلى المشفى سريعاً !!

و قام ستيف بأخذ جودي إلى المشفى ..ثم عاد إلى المنزل ليبقى مع سو .. و بينما هو مستلقٍ على الأريكة , سمع صوتاً خافتاً قادماً من غرفة سو .. فصعد إلى غرفتها ووجد بابها مفتوح , فنظر من خلاله ورأى سو ترسم , وسمعها تقول :

-هذا أبي ..هذه أمي ..هذه أنا …و هذا أخي الميت .. سأقتلك فور قدومك منزلي .. فنحن لا نريدك معنا.. هيا اذهب إلى الجحيم مع الأشرار .. فنحن هكذا عائلة سعيدة , و لن تفسد علينا حياتنا أبداً !!

فابتعد ستيف عن الباب بسرعة , حتى لا تلاحظ وجوده .. وقال في نفسه بقلق :
-لقد كانت جودي محقة ! هذه الفتاة مجنونة .. بل هي الشيطان بعينه !!

وذهب بسرعة إلى المشفى وسأل عن زوجته , فأخبروه بأنهم ادخلوها للتو لغرفة الولادة ..فطلب منهم أن يتصلوا به عندما تلد , وعاد إلى المنزل ..

فوجد سو نائمة , فدخل إلى غرفتها بهدوء وبحث في أوراقها ووجد الرسمة .. ووجد أيضاً رسومات أخرى مرسوم بها الشيء ذاته ..كما وجد دفتراً صغيراً , فأخذه وذهب إلى غرفته , وأغلق بابه وبدأ في قراءته :

اليوم الأول : مذكراتي العزيزة ..لقد انتقلت اليوم لمنزل عائلةٍ جديدةٍ , يبدو أنهم لطيفون ..فقد أعطوني غرفةً جميلة ومليئة بالألعاب ..وتناولت معهم الطعام , بدلاً من أن أتناوله وحدي في القبو الذي كان غرفتي سابقاً.

اليوم الثاني : مذكراتي العزيزة ..لقد كان أول يومٍ لي في المدرسة مع عائلتي الجديدة .. لقد أعدّت لي أمي الفطور وجهزت لي ملابس جديدة ونظيفة , وقبلتني عند ذهابي ..وقام أبي بإيصالي إلى المدرسة , ثم قام بتقبيل رأسي مودعاً ..أنا أحب والداي الجديدان , و أريدهما أن يكونا لي وحدي.

وكان ستيف يقلّب الصفحة تلو الأخرى من الدفتر , ولم يجد اي شيءٍ مريب ..لكنه توقف عند صفحة كتبتها سو , قبل تسعةِ أشهرٍ

اليوم الأول : مذكراتي العزيزة ..لقد أخبرتني أمي اليوم أنها حامل , و قد كانت هي وأبي سعيدان جداً بهذا الخبر , لكنه لم يسعدني أبداً !! فأنا لا أريد أن يكون لي أخ , فالأخوة سيئون ..و أنا أريد أن يكون والداي لي وحدي , ولا يشاركني بهما شخص آخر.

اليوم الثاني : لقد وضعت كرات زجاجية على الدرج حتى أتسبب بإسقاط أمي من فوقه , فربما بذلك يموت أخي ..لكنها اكتشفت أمر خطتي وصفعتني .. الحمد لله ان والدي لم يصدقها ..لقد نجوت بأعجوبة , لأنهما لو اكتشفا خطتي لكانا حتماً سيعيداني إلى دار الأيتام , و أنا لا أريد ذلك 

اليوم الثالث : لقد بحثت أمي عن رسوماتي التي رسمت بها أخي وهو ميت , لكنها لم تجدها.. من الجيد أنني أخفيتها في الخزانة , حتى لا يكتشف أبي امري .. و أبي صار يظن بأن امي فقدت صوابها , وهذا جيد .

فأغلق ستيف الدفتر وقال : جودي كانت محقة , فهذه الفتاة لن تتردد بقتل طفلنا .. يجب أن أضع حداً لهذا الأمر

ثم أعاد الدفتر لغرفة سو , ونظر إلى الساعةٍ فوجدها تشير إلى السابعة .. فأيقظ سو وحضّرها للمدرسة ..فسألته
– سو: أبي أين أمي ؟
– ستيف: لقد أخذتها إلى منزل والدتها , لأنها شعرت بالتعب قليلاً .

– سو: و هل هي بخير ؟
– ستيف : أجل لا تقلقي ، هيا سأوصلك إلى المدرسة حتى لا تتأخري .

لم يشأ ستيف أن يخبرها بأن جودي ذهبت لتلد , حتى يضمن سلامة طفله .. و بعدما أوصل سو إلى المدرسة , ذهب إلى المشفى وسأل الممرضة عن زوجته فقالت له :

-كنت سأتصل بك الآن.. لقد أنجبت زوجتك صبياً جميلاً .. يمكنك رؤيتهما إذا أردت ذلك
فشكر الممرضة ودخل إلى الغرفة .

– ستيف: جودي ..كيف حالك , هل أنت بخير عزيزتي ؟
– جودي: أنا بخير، ألقي التحية على أليكس .
– ستيف: مرحباً أليكس ، يا لك من طفل جميل .

– جودي: أين سو؟
– ستيف: لقد أوصلتها إلى المدرسة , وجئت إلى هنا مباشرةً .. جودي .. من الأفضل ألا تعودي إلى المنزل .. و سآخذك لاحقاً لمنزل والدتك .
– جودي بقلق : و لماذا ؟!

– ستيف: لقد كنت محقة .. فسو مجنونة فعلاً , و ستحاول قتل طفلنا !!
– جودي: لقد قلت لك ذلك منذ البداية .. و الآن ماذا سنفعل ؟
– ستيف : لا أعرف بعد , لكن يجب ألا تأتي إلى المنزل خلال هذه الفترة ..و أنا لن اخبرها بأنك ذهبت لتلدي ..اتفقنا ؟
– جودي : اتفقنا .

***

في المساء ..كان ستيف و سو يتناولان العشاء ..فسألته :
– سو: أبي ..لماذا أمي لم تعد من منزل جدتي بعد ؟!
– ستيف : أمك مازالت تشعر بالتعب , وستبقى في منزل جدتك لعدة أيام .. فلا تقلقي

– سو : و هل أستطيع زيارتها ؟
– ستيف: لا يا عزيزتي لا تستطيعين , فهي تحتاج إلى الراحة ..وحتى أنا لا تريد مني أن أزورها , لأنها متعبة وتريد أن ترتاح .

– سو: حسناً سأذهب إلى النوم الآن , تصبح على خير .
– ستيف : تصبحين على خير

و بعد ان تأكد من نوم سو , اخذ الهاتف واتصل على جودي ليطمئن عليها
– ستيف: جودي كيف حالك , و كيف حال أمك و طفلنا الصغير؟
– جودي: إنهما بخير ..كيف حالك أنت و سو ؟

– ستيف : إن سو لا تعلم شيئاً عن الأمر وهذا جيد ، يجب علي الآن أن أجد طريقة لإعادتها إلى دار الأيتام .
– جودي: افعل هذا بأسرع وقت , فأنا لا استطيع أن أعيش مع هذه البنت في نفس المنزل بعد اليوم .
– ستيف : اطمئني ..سأبذل ما بوسعي .

و بينما ستيف وجودي يتحدثان , كانت سو جالسة على الدرج تستمع لحديث والدها وهي غاضبة ..ثم عادت إلى غرفتها وتظاهرت بالنوم .. و بعد ان تأكدت أن والدها خلد إلى النوم ..ذهبت إلى المطبخ وأخذت سكينة كبيرة , ودخلت إلى غرفة والدها ووقفت بجانب رأسه ..

فأستيقظ ستيف وسألها بفزع بعد ان رأى السكين :
-سو ماذا تفعلين ؟!
فقالت : أنا أحبك يا أبي , لكنك كذبت أنت و أمي عليّ ..و أنا لا أحب الكاذبين ..

ثم رفعت السكين للأعلى وقامت بطعنه في صدره بقوةٍ , وهي تقول :
-أنا آسفة , أرجوك سامحني

ثم خرجت من الغرفة تاركة والدها يسبح بدمائه ، و خرجت من المنزل ..وتوجهت إلى منزل جدتها , الذي كان قريباً منهم ..وقرعت الجرس , ففتحت لها جدتها وقالت
– الجدة: آه سو ! ما الذي تفعلينه في هذا الوقت المتأخر ؟! أين والدك؟
– سو : لا اعلم ..فهو لم يعد إلى المنزل بعد ! و انا خائفة لوحدي

– الجدة متضايقة : مؤكد انه ذهب ليتسكّع مع أصدقائه .. هيا ادخلي , فأمك في غرفتها.
– سو: شكراً جدتي.

ثم ذهبت إلى غرفة والدتها فلم تجدها هناك , لكنها وجدت أليكس نائماً في مهده ..
فابتسمت و قالت : أخيراً وجدتك .. سأتخلص منك أيها الحقير

و اخرجت سكين صغير آخر كانت تخبئه بملابسها , و قامت بطعنه في صدره عدة طعنات , لم يتحملها جسده الصغير ..و هنا دخلت جودي إلى الغرفة ورأتها وهي تقوم بجريمتها  

فصرخت بفزع :
-سووووووو , ما الذي فعلته أيتها الشيطانة !!!

فقفزت سو باتجاهها وطعنتها في صدرها عدة طعنات , وهي تقول :
-أنا احبك أمي , أرجوك سامحيني .. ما كان عليكم ان تكذبوا بشأن ولادة الملعون الصغير !!

و هنا دخلت الجدة إلى الغرفة بعدما سمعت صراخ ابنتها جودي , فوجدتها ميتة و سو بجانبها تبكي وتقول :
-سامحيني أمي , أنا احبك فعلاً

فصرخت الجدة من الرعب و أصيبت بسكتة قلبية , و سقطت على الأرض ..
فقالت سو : سامحيني جدتي , لم أكن أريدك أن تموتي أنتِ أيضاً

و بعد قليل .. قامت بغسل الدماء من يديها ووجهها وبدّلت ثيابها , وقالت :
-سأبحث عن عائلة أخرى تكون لي وحدي , ولا يكونوا كاذبين مثلكم .

***

” بعد عدة أشهر “

– الزوجة : سيكون هذا منزلك الجديد عزيزتي سو.. لقد أصبحنا عائلة أخيراً , يا زوجي العزيز .
– الزوج : أجل وقريباً ستصبح عائلتنا من أربعة أفراد , أليس هذا رائعاً يا سو ؟

سو بعد ان تفاجأت بالخبر ! تضع يدها على بطن امها الجيدة , و تهزّ رأسها موافقة على كلام والدها .. بينما عقلها يفكّر بخطة شيطانية جديدة

اشراف :
حمزة عتيق

تاريخ النشر : 2016-02-28

داستل

السعودية
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى