تجارب ومواقف غريبة

روح لا تفارق مكانها

بقلم : أسماء منسي – مصر

وكانت كل زوايا البيت محروقة وسوداء ..

انا اعمل في وظيفة حكومية ، اخرج من منزلي من الساعة 7.30 وارجع الساعة 2 ، وليس لي علاقة بأحد أو بالجيران ، ليس عندي وقت ما بين ابنتي وبيتي وعملي ..

اقترح علي زوجي أن ننتقل إلى منزل جديد وجده بطريق الصدفة وإيجاره لا يذكر واكبر من منزلنا . استغربت لوهلة ولكن سرعان ما أعجبتني الفكرة وفرحت لأن مكان المنزل المقترح قريب لعملي وأوسع وهذا جيد بالنسبة لي.

ذهبنا إلى البيت الجديد وهو في الدور الثاني واستقرينا بالمكان ، وبعد أسبوع فقط على سكننا صحوت ليلا لكي أتفقد طفلتي الصغيرة وكانت الساعة الثانية والنصف وسمعت صوت خطوات ثقيلة على السلم وكأن امرأة عجوز تمشي بأتجاه شقتي ، لكن الصوت لم يتوقف ، فخفق قلبي بشدة وذهبت لكي أكمل نومي وأقنعت نفسي بأنه من الممكن أن تكون امرأة عجوز تسكن بالأعلى …

وما كدت أن أستقر في فراشي حتى سمعت صوتا رهيبا!! .. يا ويلي ما هذا ؟ .. وكأن حربا اشتعلت بالشقة التي فوقنا مباشرة بالدور الثالث ، فأيقظت زوجي وأنا خائفة ، فضحك وقال لا تخافي لابد وأنهم عرسان جدد.

أخذت منه الكلام ولكني غير مطمئنة..

والعجيب كل ليلة من بعد الساعة الثانية نسمع مثل هذه الأصوات ، وكنت اقوم مفزوعة من نومي وأجري الى المطبخ وانا اصرخ واقول حريق حريق الدخان يملأ المكان .. وبعد ان اهدأ أرى زوجي يقول لي اقرأي قرآن قبل النوم تجنبا للكوابيس! .. ولكنى ارى هذا بعيني ولا يوجد كابوس .

بعد ذلك تعبت نفسيتي كثيرا وكان يخيل لي أنى سأرى أبنتي واقعة من الشرفة لدرجة اني كنت اخاف عليها من نفسي ولا اسمح لها بدخول الشرفة وأقفلت جميع الشبابيك وكأني سأتعرض لأمر رهيب إن لم تقفل جميع النوافذ .

وذات يوم بعد المغرب كان باب شقتي الخشبي مفتوح والحديد مقفول وهو يبين السلم كامل ، وإذا بأمرأة تقع من على السلم ، انزلقت وهى تحمل طفل صغير ، فهرولت انا لفتح بابي لكي الحقها والطفل وأسندتها وأدخلتها شقتي واطمأننت عليها وهي التوى كاحلها قليلا ، وبعد ذلك شكرتني وقالت لي انها لم تعرف أن السلم به درجة مكسورة قليلا وإنها جديدة بالمكان وهذا ثاني يوم لها بالشقة التي فوقنا مباشرة.

فسألتها ومن كان يسكن قبلكم ، قالت لي لا أحد ، الشقة كانت خالية من مدة سنة .. هكذا قال لنا السمسار!!

– ماذا؟؟ قلت وأن أرتجف لدرجة تفوق سرعة النبض أثناء الجري وذهبت جارتي الجديدة.

بعد ذلك لم أعد أكلف نفسي عناء السؤال عما كان يحدث فوق ، أهم شيء انه الشقة سكنت والآن بها بشر.

ومرت الأيام وذهب زوجي بمأمورية خاصة بعمله لمدة يومان وجلست انا وابنتي وحدنا بالمنزل.

حين حل الليل وغفت عيني قليلا رأيت دخان يتصاعد ثانية وأنا لا أقدر أن اقوم من سريري وكأن شيء ما يقيدني ..

ما هذا !! .. وأنا بجانب ابنتي بغرفة الأطفال .. يا ويلي ألا احد ينقذني فبيتي يحترق ولا ارى سوى الدخان .. وإذا بي أرى أناس يقتربون مني ويلتفوا حول سريري ؟؟

من أنتم ؟ صرخت خائفة ..

في هذه اللحظة بدأت تتبين ملامحهم ، كانوا أناس محترقين ووجوههم مشوهة ومخيفة ، فحققت النظر إليهم جيدا ، فرأيت بينهم امرأة عجوز بالخمسينات من العمر وأخرى شابة بالعشرينات وأربعة أطفال ، ثلاث بنات وولد ، وكلهم متفحمين .. فصرخت فيهم مرعوبة : اتركوني ..

فرد على الأطفال : لا تخافي نحن لن نؤذيكي ولكن سنريكي كيف كنا وما حدث لنا ..

وهنا تحولت أشكالهم من المرعب لأجمل ملامح ، البنات بالضفائر والشرائط الملونة واللبس الجميل .. كلهم تغيرت ملامحهم  وقالوا لي هذه كانت طبيعتنا !! وهذه الشقة كل ألوانها زائفة وهى كانت بهذا المنظر ، وأشار الطفل نحو الجدران فأذا بالألوان والرسومات التي عليها تذوب مثل الملح بالماء .. كلها وقعت على الأرض وظهر الحائط بلون دخاني محروق .. وكانت كل زوايا البيت محروقة وسوداء ..

وهنا قمت من غفوتي على صوت بكاء أبنتي وكأنه إنذار ، وأمسكت بأبنتي وأجهشت بالبكاء .. أتدرون على ماذا بكيت ؟ .. على منظر الأطفال وما حدث لهم وكأنه حقيقي .

وما أن جاء الصباح حتى حضرت حقيبتي واخذت ابنتي وذهب الى امي وانا منهارة تماما، وقصصت عليها كل ما حدث ولزوجي ايضا ، فتركنا الشقة للأبد .

وبعد فترة جائني مشوار بنفس الشارع الذي تقبع به الشقة وذهبت للمرأة العجوز صاحبة البقالة التي كنت اشترى منها حين كنت اسكن الشقة ، فقالت لي أحسن أنك تركتي الشقة أنتي يا بنتي ربنا حابك ..

فسألتها لماذا تقولين هذا ؟ ..

قالت أن هذه الشقة بالماضي حصل بها حريق كبير وكانت بها اسرة كبيرة وكلهم ماتوا ومن يومها الشقة مسكونة وحتى العمارة كلها غدت مخيفة ولا أحد يسكن فيها ، فالشقق لا يدوم ساكنوها لأكثر من أربعة أشهر ثم  يتركونها بدون رجعة .

وهنا انتهت قصتي .. أتمنى أن تنول إعجابكم وهي قصه حقيقة حدثت معي حقا .

تاريخ النشر : 2016-03-06

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى