أدب الرعب والعام

إنهم هنا

بقلم : العراقي – العراق

حيث تصافت الأرواح أمام ذلك الشاب الملطخ بالدماء

بدأ الأمر كله في تلك الليلة.. الليلة التي غيرت حياتي كلها…

كنت جالسا في غرفتي أشاهد أفلام الرعب ، أشعر بالأدرينالين يتدفق في عروقي كلما ظهر ذلك الشبح ، أشعر بالشعور الذي تشعر به و أنت في مدينة الألعاب على ارتفاع عشرات الأمتار في الهواء وتدور بسرعة ، تعرف أنك لن تصاب بشيء لكن الخوف يتسلل إلى أعماقك و تتسلل معه المتعة ، كم أتمنى أن تحصل هذه الأمور في الحقيقة ؛ ستكون لدي قصة مرعبة لأرويها للناس ، وسأعرف المزيد عن عالم ما وراء الطبيعة ، عندها سيمكنني الجزم بأن الأشباح حقيقة دون حاجة للتفكير ، و سأكون المثال الذي سينشرون صوره في الكتب والمواقع ، الشخص الذي تكلم مع الأشباح ولكن الدرس الذي تعلمته متأخراً أن علينا أن نحذر مما نتمناه فقد تتحول هذه الأماني إلى حقيقة ..

انتهى الفلم أخيراً ، نظرت إلى الساعة و كانت تتجاوز الثانية ليلا ، حسناً عليّ النوم الآن ؛ وإلا سوف يوبخني أبي على الاستيقاظ متأخراً ، و الآن انه أصعب جزء ؛ عليّ القيام من مكاني للذهاب و إطفاء التلفاز ، الأمر ليس أنني كسول ولكن تخيل شعورك بعد مشاهدة فلم مليء بالأشباح و النعاس يملأ عينيك في الساعة الثانية ليلا ، إنه يبعث الرهبة في النفس ، قررت أخيراً أن أنهض لأطفئ التلفاز و لكنني لاحظت فجأة أن عقارب الساعة توقفت على الثانية وثلاثة عشر ، عليّ أن أبدل بطارياتها غدا ، ما هذا ؟ الأرض تهتز و انقطعت الكهرباء فجأة ثم سمعت ذلك الصوت ..

لقد كان صوت صرخة ، صرخة مرعبة جمّدت الدم في عرقي ، صرخة مرعبة دوت في المكان وكأنها كانت قادمة من كل مكان في أرجاء الغرفة ، من جميع الاتجاهات و في نفس الوقت انكسرت شاشة التلفاز وتصدعت النوافذ ، قمت وجلاً من السرير وأخذت المصباح اليدوي بسرعة ..

هدوء تام ، لقد انتهى الصوت و لم أعد أسمع شيئاً إلا صوت نبضات قلبي ، اقتربت من النافذة بهدوء و حاولت أن أرى منها شيئاً و لكنها قد تكسرت بطريقة تجعلك لا ترى شيئا خلفها سوى الظلام ، اقتربت من الباب لأرى ما يحصل و فتحته بهدوء والمصباح لا يزال بيدي ، نزلت السلالم ببطء وأنا أوجه المصباح إلى الأمام ، انقطعت الكهرباء تماما عن المنزل ، فاقتربت من غرفة والديّ و فتحتها ..

لم يكن هناك أحد في الداخل و كان المكان باردا جدا ، أعلم أننا في الشتاء و لكنني أقسم أنه قد كان أبرد بكثير من المعتاد ، أغلقت الباب و ذهبت إلى غرفة المعيشة فقد يكونان هناك ولكنني لم أجد أحدا ، هل هذه مزحة؟ لا أعتقد أن أهلي سيقررون المزاح معي هكذا في هذا الوقت ، هل تذكرون ما قلته عن متعة الرعب ، أنا أسحب كلامي ، الرعب ليس ممتعا إطلاقاً ..

ركضت إلى بقية الغرف لكنها كلها كانت فارغة ، حاولت الخروج من المنزل ولكن الأبواب كانت موصدة تماماً ، يا الهي أنا في طريقي إلى الجنون ..

ذهبت إلى المطبخ وفتحت الماء لأغسل وجهي ، هذا ليس حلماً ، أنا أشعر به تماماً ، صببت الماء على وجهي و لكن فجأة وجدت أن الماء قد تحول إلى دم !! ابتعدت مسرعاً عن الصنبور وقد تلطخ وجهي وملابسي بالدماء ، اصطدمت بشيء ما في الخلف ، كان ينظر لي بثبات و كان طويلا جدا يرتدي ملابس سوداء ووجهه ملطخ بالدماء .

ركضت تاركا المطبخ وأنا أصرخ بأعلى صوتي طالبا النجدة ، ركضت إلى غرفتي فهي أكثر الأماكن أمناً في البيت ، أغلقت الباب خلفي بقوة وأنا أتنفس بسرعة وبصعوبة ، نظرت إلى مكتبي فرأيت هاتفي ، نعم فكرة رائعة سأتصل بأحدهم و لكن لا فائدة  من الهاتف فلا توجد شبكة ، شيء متوقع ، لا يكتمل الرعب إلا بأهم عوامله وهي العزلة ، نظرت إلى الساعة و لكنها مازالت تشير إلى 02:13

سمعت صوتاً قادماً من جهة النافذة ، كان صوت شخص يهمس بكلمات غير مفهومة ، يبدو أنه يناديني ، اتجهت إلى النافذة و أنا احمل المصباح بيدي ، أبعدت الستارة ورأيته ، كان وجها غير واضح لشخص ما ، كان يبدو مجرد طيف و كان يناديني و يخبرني شيئا ما عن أنني سأبقى معهم إلى الأبد ثم اختفى ، لا يمكنني البقاء معهم ، أفضل الموت على ذلك إنه عذاب سأخرج من هنا مهما كلفني الأمر ..

فجأة سمعت صوت الصراخ من جديد ، لم أعد أحتمل فأخذت اضرب النافذة بكل قوتي لكنها لم تتحرك ، أخذت أضرب النافذة بالمصباح اليدوي ثم بالكرسي و لكنها لم تتحرك أبدا ، فجأة ظهر شخص ما من المرآة كان احد تلك الأطياف ، ثم بدأت تظهر من كل مكان و هي تطلق تلك الصرخات ، على الأقل عرفت من أين جاء صوت الصراخ قبل أن أموت ، انكسر الباب و دخل ذلك الشخص الطويل وهو يحمل سكيناً ضخمةً و اقترب مني بينما ازدادت أصوات الصراخ ، حمل سكينه باتجاهي وقال ” سوف تبقى معنا إلى الأبد ” و أنا أصرخ بصوتٍ عالٍ …

استيقظت من النوم وأنا أصرخ ، كان التلفاز لا يزال يعمل على ذلك الفلم المرعب حيث تصافت الأرواح أمام ذلك الشاب الملطخ بالدماء ، نظرت إلى نفسي ثم ضحكت ، ضحكت بصوت عالٍ ، لقد كان حلماً ، حلمٌ متقنٌ تماماً ، أطفأت التلفاز بجهاز التحكم متسائلاً لماذا لم أفعل ذلك سابقا ؟؟

قررت أنها آخر ليلة أقرأ فيها قصة رعب أو أشاهد فلم مرعبا في الثانية ليلاً ، على الأقل حصلت على قصة مرعبة لأرويها في جلسات السمر في ليالي الشتاء ، يجب أن أنام الآن الوقت متأخر ، لكن لحظة كم الوقت أصلاً ؟؟ نظرت إلى الساعة ، إنها الثانية وثلاثة عشر دقيقة .. أشعر بالأرض تهتز تحتي وانقطعت الكهرباء فجأة ثم …

تاريخ النشر : 2016-03-22

العراقي

العراق
guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى