تجارب ومواقف غريبة

من الذي مات ؟

 
بقلم : كارمن – مصر

 

يا الهي خلصني من هذا الرعب الذي أعيش فيه ..

 

بابا هل أحضرت لي الحلوى ؟ ..تسألت أختي الصغيرة بمنتهي البراءة فرد أبي بابتسامة كبيرة نعم يا حبيبتي أحضرت لكِ الحلوى المفضلة , ابتسمت اختي واخذ تقفز من السعادة فسعدت وابتسمت لفرحة اختي …

في البداية عندما اخبرتني امي انها حامل بفتاة كاد يجن جنوني , ستأتي طفلة لتأخذ مني كل الحب والاهتمام , وبعد شهور طويلة أنجبت أمي طفلة في غاية الجمال والبراءة , في البداية شعرت بغيرة قوية لدرجة انني فكرت في قتلها , لكن بعد فترة بدأت اعتاد على الوضع وأنسى غيرتي منها وبدأت أقع أسيرة براءتها فأحببتها بشدة وبدأت ارعاها واهتم بها واحملها واتعلم المزيد عن الاطفال والعناية بهم … وامي وابي سعيدان لهذا التطور الذي حصل في حياتي . اصبحت بمثابة الام لاختي الصغيرة حتى عندما تبكي بالليل انهض من سريري لأراها ..

ومرت السنوات وأختي تكبر وانا ازداد فرحة وسرور مع كل عام يضاف الى عمرها واتمنى ان تكبر حتى اعلمها كل ما اعرف , كنت انا وهي نفعل كل شيء معاً . وفي ذلك اليوم الذي اتمت فيه الخامسة من عمرها , ذلك اليوم الذي احضر ابي الحلوى , ذلك اليوم الذي لن انساه ابدا ما حييت , كان الجميع مجتمعين لعيد ميلادها واخذ الجميع يمرح ويلهو وبعد رحيل الجميع بدأت أساعد أمي في التنظيف واساعد اختي في فتح الهدايا , وكانت اختي تحب ان تلعب مع الجيران فطلبت من امي ذلك فوافقت بشرط ان اراقبها , وبالطبع ذهبت معها الى الحديقة وشاهدت الاطفال يلعبون ويمرحون وطلبت مني اختي ان احضر الكرة كي يعلبوا بها فذهبت واخبرتها ان لا تبتعد وسأتي سريعا . وبينما احضر الكرة سمعت تحطم طبق من الزجاج فذهبت الى أمي لأرى ما الأمر , فسألتها هل انتِ بخير يا امي ؟ , فأجابت اشعر أن شيئا سيئا حدث . تركتها وجريت لأختي في الخارج وشاهدت ما لن انساه في حياتي , سيارة مسرعة تتجه نحو حديقتنا وتصدم أختي والدماء تناثر على وجهي والناس يصرخون واحدهم يتصل بالإسعاف وأمي تصرخ ويغمي عليها وأبي يركض ناحية السيارة ولا أتذكر ما حدث بعدها سوى أن المطر انهمر بغزارة … وبعد أيام قليلة اكتشفت إنني فقدت اختي وفقدت ابتسامتها و مرت كل ذكرياتي معها كشريط امام عيناي , ومرت شهور من الحزن على العائلة بأكملها وامي بقيت في سريرها شهور , وكانت خالتي تأتي لتطبخ لنا .

وبعد فترة تعافت امي ونزلت تطبخ لنا الطعام , وفي وقت الغداء عندما جلست على المائدة طلبت أمي مني أن أنادي أختي لتأكل معنا ! , نظرت الى أبي فاخبرني أن الصدمة أثرت على امي.

صدمة موت اختي أثرت على امي بشدة , فمرة وجدتها تحدث نفسها عن اختي , ومرة تخرج لتشتري ثياب مقاس اختي , ومرة تتصل بأخواتها لتدعوهم لحفل عيد ميلاد اختي , ومرة قلت لها أختي ماتت وانتهى الأمر , فصرخت في وجهي وأخذت تبكي ..

استمر الأمر لشهور , وشعرت ان امي تتجاهل وجودي , لم تعد تدعوني على الطعام أو تهتم لوجودي , اكلمها فلا ترد , وتمسك صورة اختي وتحدثها , شعرت انني ميتة لا وجود لي , فبدأت اسأل نفسي من هو الميت فعلا؟ انا ام اختي ؟ .. صحيح انها ميتة لكن تصرفات من حولي توحي لي بأنني أنا الميتة .. أم ربما أختي مازالت حية ؟! ..

في ذكري وفاتها الأولى ذهبت إلى غرفتي وفتحت ألبوم الصور وأخذت أشاهد الصور ودموعي تنهمر وفجأة سمعت صوت في حمام غرفتي نهضت ودخلت الحمام وجدت فستان أختي مرمي وبقربه دمية أختي وبقربها مقص وصورة , كانت الصورة لي وأختي لكن كان هناك من قص وجهي من الصورة , خرجت من الحمام وقررت أن أنام مبكرا .

في الخامسة صباحا استيقظت على صوت بكاء طفل , ولكنه صوت مألوف , انه صوت أختي ! .. خفت كثيرا وبقيت في السرير , لكني سمعت صوت أقدام صغيرة تمشي وعرفت ذلك من وقع الأقدام فقد كان خفيفا , بعدها بلحظات اختفي الصوت فعدت إلى النوم , وفي الصباح وجدت بقربي مقص ..

استمرت الأحداث الغريبة معي .. ففي يوم عندما عدت من المدرسة رأيت أمي تتحدث مع احد وتضحك , اتجهت لأرى من تحدث فلم أجد أحدا , وكل يوم أجد غرضاً من أغراض أختي في غرفتي , وفي احدي الليالي استيقظت على صوت همس يقول لماذا لم تنقذيني لماذا ؟ كنت احبك كثيرا لماذا تركتني ؟ .. ومرة كنت في الحديقة ومعي أدوات الرسم فدخلت اشرب الماء وعدت إلى الخارج لم أجد أغرضي ووجدت ورقة مكتوبة بخط سيء لكنه مألوف , انه خط أختي أو على الأقل خط طفل صغير , مكتوب : إذا أردتي أدواتك العبي معي …

كانت أختي تفعل هذا أحيانا معي , ووجدت ورقة اخرى تحت الشجرة مكتوب اتبعي الورق , ظنت انه ابن الجيران فأخذت أتتبع الأوراق وفي النهاية وجدت أغراضي وسمعت صوت ضحك طفلة يقول أعجبتكِ اللعبة ؟ ..

ذهبت إلى بيت الجيران لأخبرهم أن مزاح ابنهم سخيف , لكن تذكرت لقد ذهبوا الى المصيف من شهر , لكن من خبأ أغراضي؟ .. دخلت البيت وجدت فوق سريري ورقة مكتوب بنفس الخط لنلعب معاً , رميت الورقة وجلست ادرس إلى ان جاء وقت الغداء وبعد انتهائه رجعت الى المذاكرة , دخلت غرفتي فوجدت كتبي ممزقة والورق مرمي في ارجاء الغرفة ومرسوم عليه بألوان ..

يا الهي خلصني من هذا الرعب الذي أعيش فيه ..

بدأت الأحداث الغريبة تستمر معي وتزداد ففي فترة الامتحانات لم استطيع ان أذاكر بشكل جيد بسبب الهمس وصوت أختي الذي لا يفارقوني واختفاء أغراضي بلا سبب , و في يوم امتحان اللغة العربية كنت في آخر لجنة الامتحان فوجدت أختي تقف إلى جانبي فصرخت كالمجنونة , فنظر الجميع نحوي , فقلت انها مجرد بعوضة.

واستمرار الامر أشهر عديدة وامي مازالت تشعرني إنني ميتة وان أختي على قيد الحياة .. من هو الميت إذن ؟ ..عدت لطرح هذا السؤال . وفي ذلك اليوم شاهدت كابوس وفيه أختي تخرج من قبرها وأمي وأبي يدفعونني مكانها واستيقظت مفزوعة وخطر في بالي ان ازور قبرها فأخبرت أبي فاندهش من طلبي ووافق في النهاية . اشتريت أزهار الزنبق المفضلة لها وكذلك حلواها المفضلة وذهبت لقبرها ووضعت الأزهار والحلوى وعدت للبيت .. ومنذ ذلك اليوم لم اعد أشاهد شبح أختي أو اسمع صوتها . ولكن كلما نظرت للحديقة مكان وفاتها أشاهدها وأشاهد ذكرياتي معها ولعبنا ولهونا و مهما مر الزمان سأظل أتذكر أختي العزيزة ..

وبالمناسبة اكتشفت فقط أمس أن أمي حامل , وهذه المرة أيضا حامل بفتاة.

 

تاريخ النشر : 2016-03-29

guest
33 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى