تجارب ومواقف غريبة

لو كنت احلم لما صدقت ما رأيت !!

بقلم : محمد مكي – السعودية / جدة
للتواصل : [email protected]

ألا تعلم أننا في وادي الجن !!

هذه قصة احد أصدقائي و قد قصّها علي و هو بنفسه لا يتوقع أن يصدقه أحد من شدة غرابتها – على حد قولة – و الموقف الذي حدث معه ، لدرجة أني كنت شعرت بدقات قلبه و أنا جالس بجواره تخفق كجناحي الطير ، ولكني سأقصها عليكم ولكم الحكم ..

يقول صاحبي : عندما كنت مسافراً إلى قريتي أو ما يطلق عليه ( الديرة ) والتي تقع في منطقة ” بدر ” المعروفة لجميع المسلمين ” الذي دارت فيها معركة بدر الشهيرة ” ، و تحديداً في وادي الصفراء ، و برفقتي والدتي و أبنائي الثلاثة ، مررنا على منطقة جبلية لا يوجد بها أي حياة تذكر ، حتى إرسال الهاتف المحمول ينقطع في تلك المنطقة ، و إذ برجل يقف على جانب الطريق يؤشر لنا للتوقف !!

تعجبت من ذلك الرجل و كيف له أن يقف في هذه الساعة المبكرة من الفجر وفي هذا البرد القارص ، ولكني هدأت من سرعة سيارتي لأتحقق من الرجل لا لأقف له ، وعندما اقتربت منه وجدته رجلاً عجوزاً وطاعناً بالسن و قدّرت عمره بمائة عام ولا أبالغ  ، فسألتني والدتي هل ستقف له ؟ قلت : لا ، قالت إذن أسرع بالخروج من هذه المنطقة ، فأكملت طريقي ، فأنا لم يكن في نيتي من الأساس أن أتوقف له ، مجرد فضول لا أكثر ..

 بعد وهلة من الزمن سألت أمي ” لماذا تريدني أن أسرع يا أمي ؟ ” قالت ” ألا تعلم أننا في وادي الجن !! ” قلت ” بلى ، ولكن هذه خرافات ليس لها أساس من الصحة وحكايات تروى لنا لنخاف منها ” قالت ” بل هي حقيقة يا ولدي ومعروفة لدى جميع سكان منطقة بدر ولهذا لا تجد في هذه المنطقة سكان من بني البشر ” و خلال الحديث نظرت أمامي و إذ بذلك الرجل ، كأنه نفس الرجل يقف على مرأى من نظري و بيننا مسافة اقل من كيلو متر و أنا أراه بوضوح ، خاصة أن الصبح قد بدأ ينشر ضوئه على المنطقة ..

تعجبت و قلت لأمي ” أليس هذا الرجل هو من تركناه في الخلف ؟ أم هذا رجل آخر يشبهه ؟ ” فقالت ” يا بني لا عليك منه امضي في سبيلك و لا تفكر أن تقف له أو لغيره حتى لو وقف أمام سيارتك ، ادهسه ولا تهتم لأمره !! “

قلت لها ” أهذا منهم ؟ ” قالت ” الله اعلم ولكن المنطقة مشهورة بجن يدعى أبو الهول !!”

و بالفعل مررنا بجانب الرجل و إذ به نفس الرجل المسن الذي رأيناه قبل ربع ساعة وعلى مسافة خلفنا لا تقل عن 20 كيلو متر ، فكيف وصل إلى هنا و بهذه السرعة !! فمضيت في طريقي ولم أهدئ سرعتي بل على العكس ، تجاوزته بسرعة !!

فقالت لي أمي ” ألم اقل لك أنها منطقة خطيرة ، هيا دعك من هذا الرجل و قم بتشغيل إذاعة القران الكريم ” شغلت المذياع فلم نسمع منه سوى صوت تشويش لأن المنطقة لا يوجد بها إرسال المذياع ، وبعد مسافة وجدنا مجموعة من الجمال تقطع الطريق ، فهنا اضطررت أن أهدئ من سرعتي حتى يخرج قطيع الإبل عن الطريق ، فقد كانت كثيرة وتمشى بطول الطريق وكأنها جمال سائبة ، فتوقفت تماماً فالتفت مجموعة منها حول سيارتي وغطت سيارتي فلم اعد أرى شيئا ، فبدأت أنبهها بصوت بوق السيارة و لا حياة لمن تنادي و هي تلتف حول سيارتي وتمسح أنوفها في زجاج السيارة ..

 حاولت أن أتحرك بسرعة خفيفة جداً عسى أن أتمكن من تجاوزها ، خاصة أن أحد أبنائي استيقظ و بدأ يبكي خوفاً من المنظر فهو لأول مرة يرى جملاً على الطبيعة ، فأخذت أمي تهدئة حتى لا يوقظ باقي إخوته ، ونحن في انشغال مع الصغير نحاول تهدئتة فتحت شباكي قليلاً و أخرجت قطعة من الخبز اطعم احد الجمال ، و أقول لابني ” لا تخف يا بابا انظر كيف تأكل من يدي فهي ليست حيوانات متوحشة ” و الجمل يقترب منا ولا يأكل من يدي ومكتفي فقط بالشم ، و نحن في ذلك الموقف و إذ بذلك العجوز يقفز فوق غطاء السيارة الأمامي ، لا اعلم من أين أتى وكيف قفز هذه القفزة وكيف وصل إلى هنا فقد تركناه خلفنا بأكثر من 30 كم ، فنظرت إلى وجهه الغريب وهو ينظر إلي و إلى أمي و يبتسم ويتفحص من داخل السيارة ويتمتم بشفتيه ، و أنا ما بين الذهول و الشلل التام حتى أني لم أتمكن من نطق كلمة أو أقرأ أي سورة ..

 أمي بجانبي أنظر إليها و كأنها اغشي عليها و ابني صامت تماماً لم يعد يبكي ، و أنا اشعر وكأني احلم ولست متيقظاً تماماً ، شعور غريب جداً بين اليقظة و النوم ، مكتوف الأيدي و الأرجل وكأن أحداً ربط يداي و قدماي ، فقط أنظر إلى الرجل و أحاول أن أبسمل و لا فائدة ، بقي الرجل جالساً على غطاء السيارة ما يقارب 5 دقائق ينظر إلي ويبتسم ولا يتحرك منه سواء رأسه فقط ، فيديره و يلصقه بزجاج السيارة و يلف وجهه بطريقة غريبة وبشكل مائل !! ، خلال هذه الفترة لم انتبه أن الجمال قد غادرت المكان و كأنها لم تكن موجودة أصلاً ، فنظرت خلفي و إذ بشاحنة تقترب منا وسائقها قد علق أبواقها المزعجة حتى ينبهني أني أقف في وسط الطريق ، فبدأت أحرك أناملي كمن يستفيق من حالة التخدير ، فمر سائق الشاحنة بجانبي بكامل سرعته ..

لم يتوقف أو يهدئ سرعته حتى أن سيارتي كادت أن تنقلب على جانبها من شدة تيار الهواء الناتج من سرعة الشاحنة ، فنظرت أمامي وقد اختفي الرجل من فوق غطاء السيارة ، وسمعت أمي تصرخ بي ” أسرع يا بني أسرع و أخرجنا من هنا ” و بدأت تقرأ آية الكرسي ، وبالفعل بدأت استجمع قواي ولكني لم أتمكن من نطق كلمة ، حتى البسملة لم أتمكن من ذكرها ، ولكن الحمد لله تمكنت من تحريك قدمي والضغط على وقود السيارة وبدأت السيارة تمشي رويداً رويداً حتى تمكنت منها تماماً وشعرت وكأني تحررت من قيدي ، فانطلقت بسرعة رهيبة لا اذكر كم وصلت سرعتي حتى أني لحقت الشاحنة وتجاوزتها وكأنها كانت واقفة ولا تسير ..

بعد نصف ساعة تقريباً وصلنا إلى مدخل قريتي فبدأت أهدئ السرعة بعد أن رأيت أول مبنى على مقربة منا فأكملت طريقي إلى أن وصلت إلى بيت جدي داخل القرية فتوقفت وترجلت من السيارة و ذهبت أعدو نحو بيت جدي فوجدته كعادته يتناول طعام الإفطار على أريكته خارج البيت ، وقد جمع عمي و أبناءة حوله ، فسلمت عليهم وكانت كلمة السلام عليكم تخرج من فمي كأني مذياع نفذت بطاريته (ثقيلة جداً ) فرحبوا بي و نظر إلى جدي وهو يقول ” ما بك يا بني وجهك متغير !! أنت لست على ما يرام ؟ ” ، فقلت له يا جدي ” انتظر حتى افرغ سيارتي من الركاب و المتاع و أعود واحكي لك ما حدث معي ” ..

 بعد ساعة تقريباً هدأت الأمور و بدأت استرد وعي تماماً ، جلست إلى جدي وقصصت عليه ما حدث معنا ، فقال ” الحمد لله الذي أوصلكم إلينا سالمين ، فعادة ما خرج مثل ما صادفتم لأحد إلا و تحدث كوارث و حوادث و العياذ بالله !!”

بعد عدة أيام سمعنا أن هناك حادث مروري حدث على مسافة قريبة من القرية و يوجد به حالات وفاة ، فذهب أحد أعمامي يستطلع الخبر ، فوجد سيارة قد ارتطمت بجمل فقطعته إلى أشلاء وتناثرت أطرافة على الطريق و جسده داخل السيارة قد وقع على سائقها وارداه قتيلاً !! ولا اعلم هل ذلك الرجل كان سبباً في الحادث ؟؟ أم أنها مصادفة حدثت في نفس المنطقة التي أوقفتنا فيها الجمال و الرجل العجوز !!؟

وعندما تحققت من الموضوع علمت أنها منطقة يحدث بها حوادث مرورية وانقلابات بشكل متواصل و أكثر من مرة خلال الأسبوع الواحد ..

تاريخ النشر : 2016-03-31

guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى