اساطير وخرافات

الميثولوجيا عِندَ الإغريق

بقلم : حمزة عتيق – فلسطين
للتواصل : [email protected]

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
أساطير !

في القديم الغابر الذي عفت عنه السنين و تناولته الكتب بين طيّاتها ، كانت الأساطير جزءٌ لا يتجزأ من حياتهم اليومية ، فتجد الناس لبساطتهم يتداولون هذه الأساطير كنوعٍ من التسلية و الترفيه أو كحكايةٍ يقصّونها على الأطفال قُبيل النوم ، وقد تجد منهم من كان يعدّ هذه الأساطير ركناً أساسياً في حياته و فكرةً راسخةً في معتقده الدينيّ و الدنيويّ .

الإغريقيون ( حضارة اليونان القديمة ) هم منبع معظم تلك الأساطير التي نسمع بها اليوم ، رغم أن حضارتهم لعبت دوراً كبيراً في تطور العلم بشتى أنواعه و قد خرج من صلبهم أشهر الفلاسفة الذين عرفهم التاريخ ، إلا أن حضارتهم لم تخلُ من بعض الأساطير التي كانت راسخةً في عقولهم ، الشيء الذي وضعني في حيرةٍ من أمري هو كيف يمكن لحضارةٍ مثل الإغريق أن تؤمن بمثل هذه الأساطير فهم يعدّون أهل المنطق و هم الذين صدّروا هذا العلم للعالم أجمع ، سأتناول في هذا المقال بعضاً من الأساطير التي عُرفت في حضارة الإغريق ..

أسطورة نركسوس

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
إيكو هي حورية فائقة الجمال ، عذبة اللسان

لنتعرف على أسطورة نركسوس يجب علينا أولاً أن نتعرف على إيكو ، إيكو هي حورية فائقة الجمال ، عذبة اللسان ، تلهو دائماً على ضفاف البحيرات و بين الغابات ، تجلس على أعلى الهضبة المطلة على البحيرة تراقب جميع المارة بهدوءٍ و سكينةٍ ، في يومٍ من الأيام وقع بصر إيكو على كبير الآلهة زيوس و هو بصحبة حوريةٍ من الحواري الحسناوات ، يتهامسون سويةً و السعادة تغمر وجوههم ، و بعد فترة من الوقت وقع بصرها على الإلهة هيرا ( زوجة زيوس ) و هي تبحث عن شيءٍ ما بسخطٍ قد بدا على تقاسيم وجهها ، استوقفت الحورية إيكو زوجة زيوس ( هيرا ) و سألتها عن سبب غضبها فردّت الأخيرة أنها تبحث عن زوجها الخائن زيوس فقد تسلل إلى سمعها أن زوجها قد عبر من هذا المكان برفقة حورية حسناء ، ثم سألتها إن كانت قد رأت زوجها فأجابتها الأخيرة بالنكران ، عزمت هيرا على مواصلة بحثها لكن إيكو دعتها إلى الجلوس معها و الحديث ، و بعد أخذٍ و عطاءٍ وافقت هيرا على الجلوس مع إيكو ، بدأ الحديث بينهما يأخذ مجراه و قد أعجبت هيرا بعذوبة لسان إيكو و حلاوة حديثها لدرجة أن الوقت قد مر سريعاً دون أن يشعرا بذلك و بدأت نيران الغضب تنطفئ بداخل هيرا ، نظرت هيرا إلى الأفق فوجدت الشمس تستأذن للمغيب ثم لمحت زوجها زيوس و هو يسرع هارباً إلى مملكة الآلهة في السماء فاستشاطت غضباً و قرّرت أن تنتقم من إيكو لأنها تسترت على زيوس و انتقام الآلهة ليس بالأمر الهين فعاقبتها بأن عقدت لسانها العذب فأصبحت إيكو لا تستطيع الكلام ، فقط تردد آخر كلمات من جملة المتكلم ، بقيت إيكو تلهو في البحيرات و الغابات و جمالها يزداد يوماً بعد يوم .

نركسوس هو شابٌ فائق الجمال و قد أعجب بجماله جميع من رأوه سواء من الآلهة أو البشر أو حتى الحوريات ، لكن في نفس الوقت كان متكبّراً مغروراً بجماله الخلّاب و لا يدع الحب يأخذ طريقاً إلى قلبه ، في صباح يومٍ من الأيام ذهب نركسوس برفقة أصدقائه متجهين نحو الغابة للصيد و كما جرت العادة كانت إيكو جالسةً في أعلى الهضبة تراقب المارة بهدوء إلى أن لمحت شاباً وسيماً جداً ( نركسوس ) ، أحبّته من النظرة الأولى و أرادت النزول إليه لكنها فضّلت أن تراقبه بصمت خشية أن يفضح أمرها لأنها لا تستطيع الكلام و كانت تعرف أن نركسوس لا يعنيه الحب أبداً، وقع نظر نركسوس و رفاقه على مجموعةِ فرائسٍ فأسرعوا لمطاردتها ، افترقت الفرائس عن بعضها و افترق الأصدقاء بدورهم كلٌ منهم يطارد فريسته ، انطلق نركسوس خلف فريسته يطاردها و يرشقها بسهامه القاتلة محاولاً أن يصيبها في أماكن حيويةٍ قاتلةٍ ، وبعد كرٍّ و فرٍّ استطاع نركسوس أن يصيب فريسته و أن يطرحها أرضاً لكنه ما لبث إلى أن لاحظ أنه قد ابتعد كثيراً عن أصدقائه ، أسرع نركسوس يبحث عن أصدقائه و هو لا يعلم أن هنالك عاشقةٌ هائمةٌ بحبه تسري خلفه أينما سار ، جلس نركسوس بجانب البحيرة يلتقط أنفاسه و قد فقد الأمل في إيجاد أصدقائه فأصبح ينادي عليهم و الحورية تردد آخر الكلمات التي يقولها ..
 

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
إيكو تراقب نركسوس و هو بجانب الغدير

لم تتمالك الحورية نفسها فأسرعت متجهةً إلى نركسوس و هي تمدّ ذراعيها لكي تحتضنه لكنّ الأخير ابتعد بدوره لتسقط إيكو على وجهها ، رمق نركسوس الحورية بنظرات باردة و كأنه يستهزئ بما حصل معها فقامت الأخيرة و هربت محتفظةً ببقايا كرامتها التي تبعثرت أمام نركسوس ، عاد نركسوس إلى أصدقائه فرحاً بنصره على إيكو و صار يحدثهم بغرور عما حصل معه .
مرت الأيام و إيكو لا تزال تهيم عشقاً بنركسوس و الأخير يزداد جمالاً يوماً بعد يوم و هي تذبل مع مرور الأيام بسبب الحزن المدفون داخلها ، إلى أن أتى اليوم الذي اختفت فيه إيكو و أصبحت عبارةً عن صدى يعكس صوت المتكلم ، إلهة الحب أفرودت لم يرقها ما حدث مع إيكو فقد كانت وظيفة أفرودت أن تنتقم للعاشقين المنبوذين فقررت أن تعاقب نركسوس على فعلته مع إيكو .
خرج نركسوس و أصدقاءه للصيد كعادتهم و افترقوا ساعيين خلف فرائسهم ، بدأ نركسوس يطارد فريسته إلى أن تملكه التعب فجلس يلتقط أنفاسه بجانب غدير ماء ، دنا نركسوس من الغدير ليشرب فرأى صورة بشري في الماء أجمل من القمر و هو يتدلى من السماء ، أعجب نركسوس بما رأته عيناه فابتسم لهذا الوجه الجميل ليبتسم الآخر بدوره ، بدأ يلوح بيده له فلوح الآخر بدوره ، عاد نركسوس إلى منزله و ضجيج أفكاره لم يرحمه البتة فهو معجب بالذي رآه و لم يستطع أن ينام ليلتها فعاد مسرعاً إلى غدير الماء و عندما وصل صار يمشي على رؤوس أصابعه خشية أن يوقظ حبيبه النائم في الغدير و كان القمر حينها يضيء المكان بأشعته الفضية ، دنا من الغدير ليجد حبيبه لا يزال مستيقظاً ففرح لأنه ظنّ أن حبيبه لا يزال ينتظره ، قال له ” أحبك ” فرأى حبيبه في الماء يحرك شفتيه بنفس الكلمة ، عاد إلى منزله و صورة البشري في الماء لا تفارق مخيلته و ازداد عشقه يوماً بعد يوم .

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
لم يكن الوجه الجميل الذي رآه نركسوس
في الغدير إلا انعكاس صورته

مرّت الأيام و بدأ الحزن ينسج شباكه في نفس نركسوس لأنه يظنّ أن حبيبه لا يريد أن يكلمه فذبل عوده و ذهب جماله أدراج الرياح ثم وافته المنية و هو يردد :. وداعاً يا من أحب وداعاً .
ليرد عليه صدى الصوت ” إيكو ” : يا من أحب وداعاً .
طبعاً لم يكن الوجه الجميل الذي رآه نركسوس في الغدير إلا انعكاس صورته على سطح الماء و كان هذا العقاب الذي أنزلته به الإلهة أفرودت ، بقي صوت إيكو يردد ما يقوله المسافرون وعابروا الطرق ، أما نركسوس قد عفت الآلهة عنه و أعادته للحياة و لكن ليس بشريّاً كما كان إنما زهوراً تنبت بجانب البحيرات تدعى ” زهور النرجس ” و من هنا أتت تسميتها .

أسطورة سميراميس ابنة الحَمَام

في يومٍ من الأيام كانت هناك بيضةٌ كبيرةٌ تعوم على نهر الفرات و كان هناك سمكتان كبيرتان تحاولان دفع هذه البيضة باتجاه الشاطئ ، ولكن هبطت حمامةٌ كبيرةٌ من السماء احتضنت البيضة و أخذتها معها إلى عشّها و بقيت راقدةً على البيضة حتى فقست و خرجت منها فتاة أزاحت القمر من مكانه لشدّة جمالها ، أصبحت الحمامة وصديقاتها يرفرفن بأجنحتهن على الفتاة حتى يقينها من حرّ الشمس و في الليل يحتضنّها ليقينها برده ، احترن الحمائم كيف سيطعمن الفتاة الصغيرة فقررن أن يبحثن عن مكانٍ يسكنه البشر لعلهن يجدن ضالتهن هناك ، و بالفعل وقع بصرهن على مزرعةٍ لراعي أغنامٍ فأصبحن يأخذن ما يصنع الراعي من الحليب و الجبن على قدر ما تتسع مناقيرهن من الطعام ، لاحظ الراعي ولوج الحمائم على مزرعته يومياً و لاحظ أن الحمائم تهبط في مكانٍ لا يبعد كثيراً عن المزرعة فقرر هو و أصدقاءه أن يتبع الحمائم ذات يوم و بالفعل اتبعوهن ليجدوا صبيةً جميلةً ترقد في عشّهن ، أخذوا هذه الصبية معهم إلى المزرعة و قرروا أن يبيعوها في سوق ” نينوى ” في يوم الزفاف تحديداً .

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
صورة تخيلية لسيراميس

أتى يوم الزفاف و أخذ الرعاة الصبية الجميلة إلى سوق نينوى بغية بيعها و كان يومها السوق مزدحماً بالشباب و الطاعنين في السن فالأول يريد أن يجد عروساً ليتزوجها و الأخير يريد أن يشتري صبية لابنه كي يتزوجها ، وقع نظر ” سيما ” ( حارس خيول الملك ) على هذه الصبية الجميلة و قد كان عقيماً لا ذرية له فقرر أن يشتريها و يتبناها و بالفعل حصل ذلك ، عاد سيما بالصبية إلى منزله و فرحت زوجته بذلك و بقيا يربّيانها حتى اشتد عودها و اكتملت أنوثتها و ازدادت فوق جمالها جمالاً .
ذات يوم كانت سميراميس بين جموعٍ من الناس محتشدةً بأمرٍ من الملك و وقع نظر ” اونس ” ( مستشار الملك ) على سميراميس فأعجب بشدة جمالها و قرر أن يتزوجها ، أخذها إلى سوق نينوى و تزوجها هناك ، عاشا سوياً بحبٍ و وئامٍ ومع مرور الوقت رزقا بطفلين توأمين ” هيفاتة ” و ” هيداسغة ” ، كانت سميراميس تقدم النصائح دوماً لزوجها و عُرفت بذكائها و فراستها الحادة ، أتى اليوم الذي كان فيه الملك ” نينوس “يجمع جيوشه ليغزو بلاد ” باكتريا ” و قد استطاع إلى ذلك سبيلا إلا العاصمة ” باكترا ” فقد استطاعت الصمود أمام جيش الملك ، صار الملك في حيرةٍ من أمره فقرر أن يرسل وراء مستشاره ” اونس ” ليساعده في شؤون الحرب ، اونس لم يكن يريد مفارقة زوجته الجميلة فعرض عليها أن تأتِ معه فأشارت الأخيرة بالقبول و ذهبا سوياً إلى الملك و جنوده .
وصل اونس و سميراميس إلى ساحة الحرب و بدأت سميراميس تدرس الحرب بالتفصيل و تضع الخطط للمعارك القادمة ، كانت المعركة وقتها واقعة في السّهل فطلبت سميراميس من الملك أن يرسل حشداً من الجنود المدربين على القتال في الجبال حتى يحاصروا العاصمة من جميع النواحي لأن الجبال كانت تحيط بها من جميع الجهات و بالفعل لقد تم حصار المدينة من جميع النواحي فأعلنت العاصمة خضوعها لإمرة الملك نينوس ، في ذلك الوقت أعجب الملك أشد الإعجاب بسميراميس و قرر أن يأخذها من مستشاره مقابل أن يعطي الأخير ابنته و لكن المستشار رفض هذه الصفقة فهدده الملك باقتلاع عينيه فوجد المستشار نفسه مجبراً على الخضوع لأوامر الملك و أعلن موافقته على الفور ، وبعد عدة أيام من زواج الملك من سميراميس انتحر المستشار لأنه لم يستطع أن يكمل حياته بعيداً عن حبيبته .
رزق الملك بطفل من سميراميس أسماه ” نيناس ” و بعد مدة من الزمن وافت المنية الملك و استلمت الحكم سميراميس إلى أن بلغ ابنها أشدّه و استلم الحكم عنها .
ملاحظة : الملكة سميراميس هي نفسها ملكة العراق ” سمورامات ” و قد حرف الإغريق اسم الملكة و حياتها ليحولونها إلى أسطورة من أساطيرهم .

أسطورة ميدوسا

كان هناك ثلاثة شقيقات معروفات بجمالهن الخلّاب ( سثينو و إوريال و ميدوسا ) كنّ يعشنّ على حواف العالم ، ميدوسا و هي ابنة إله البحر ” بورسيوس ” كانت معروفة بجمالها و عيونها الخلابة ، أتى يومٌ و قامت فيه ميدوسا بارتكاب الخطيئة مع ” بوسيدون ” ( إله البحر الآخر ) في معبد أثينا ( ابنة زيوس كبير الآلهة ) فغضبت أثينا أشدّ الغضب و ألقت لعنتها على ميدوسا لتحول شعرها الحريري إلى أفاعي سامة و كعقاب آخر أصبح كل من ينظر إلى عينيها يتحول إلى حجارةٍ بالية ، رغم العقاب الذي وقع على ميدوسا إلا أنها لم تلقِ بالاً له و مارست حياتها بشكلٍ طبيعي .

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
ثم بضربةٍ مباغتةٍ قام بقطع رأسها

تمادت ميدوسا في فعائلها فصار كل من ينظر لعينيها يتحول إلى حجارة ، لذلك لم يكن أحدٌ قادراً على قتلها ، قام بيرسيوس ( بطل إغريقي ) بالتجهيز لمحاربتها فكان يلزمه ( سيف حاد ليقطع رأسها ، حذاء هرمس ليطير ، حقيبةً يحمل بها رأسها لكي لا تؤذي أحد بأعينها التي تحول من ينظر إليها إلى حجارة ، درع منيرفا و خوذة هادس ليصبح مخفياً فلا تراه ميدوسا ) ، ذهب إلى ميدوسا و رآها من حيث لا تراه ثم بضربةٍ مباغتةٍ قام بقطع رأسها  ، بعد أن قام بيرسيوس بقتل ميدوسا علق رأسها على درع منيرفا و لا تزال عيني ميدوسا تحتفظ بقوتها إلى الآن فكل من ينظر إليها يتحول إلى حجارة ، كوفئ بيرسيوس بالخلود لانتصاره على ميدوسا .

أسطورة بروميثيوس

بروميثيوس هو مستشار كبير الآلهة زيوس و كان معروفاً بالقدرة على التنبؤ بالمستقبل ، في يومٍ من الأيام عهد زيوس إلى بروميثيوس و أخيه ابيمثيوس بتشكيل البشر و الحيوانات فشرع كلٍ منهما إلى عمله ، بروميثيوس هو المسؤول عن تشكيل البشر و أخاه هو المسؤول عن تشكيل الحيوانات ، انتهى ابيمثيوس من تشكيل الحيوانات بسرعة بينما أخاه بروميثيوس أراد أن يجعل البشر بأبهى صورةٍ و نتيجة لتأخره فقد استعمل ابيمثيوس معظم الموارد المتاحة ( السرعة ، القوة ، الأنياب ، المخالب ، حدّة البصر و السمع و فرواً يقيهم من البرد .. إلخ ) في تشكيل الحيوانات فلم يبقى إلى القليل ليستعمله بروميثيوس ، لجأ بروميثيوس إلى زيوس لعله يمنحه بعضاً من الصفات ليضعها في البشر و لكن زيوس كان ناقماً على البشر فلم يرد أن يمنحهم شيئاً مما اضطر بروميثيوس إلى أن يسرق بعض الهبات من آلهة الأوليمب ( هيفاستوس و أثينا و غيرهم ) فمنح البشر العقل و فنون العمارة و علم الفلك و الأرقام و الحروف و كيف يستعملون حيوانات ابيمثيوس للركوب .

مع كل الهبات التي وهبها بروميثيوس إلى البشر إلا أنه نسي أن يهبهم النار للتدفئة فقرر أن يذهب إلى مقر ” هيفاستوس ” ( حداد الآلهة ) سراً كي لا يعلم زيوس بأمره فيعاقبه و يسرق صاعقةً من صواعقه كي يعطيها للبشر ، ذهب بروميثيوس إلى مقر هيفاستوس و بخفة يد استطاع سرقة إحدى صواعق زيوس عن طريق حفظها بعصا مجوفة صنعها من النباتات و قام بإعطاء الصاعقة للبشر و علمهم كيف يوقدون النار منها .

علم زيوس بما فعل بروميثيوس فقرر معاقبته و لكن بروميثيوس المعروف بذكائه عرض على زيوس أن يتقاسم مع البشر لحومهم شريطة أن يدعهم محتفظين بالنار فوافق زيوس على ذلك ثم قام بروميثيوس بتقديم قربانين إلى زيوس أحدهما لحم طازج ولكنه موضوعٌ داخل أمعاء مقززة و الآخر عظامٌ قاسية مغطاةً بلحم شهي ، خُدع زيوس و اختار القربان الثاني فبقيت اللحوم للبشر بينما العظام كانت من نصيب كبير الآلهة زيوس .

استشاط زيوس غضباً من بروميثيوس فقرر أن يعاقبه و قام بربطه بسلاسلٍ من حديد على جبال القوقاز و كل صباح كان يأتي نسر زيوس و يلتهم كبد بروميثيوس و كعقابٍ إضافي جعل زيوس كبد بروميثيوس ينمو كلما التهمه النسر ، و كون بروميثيوس يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل فقد تنبأ بان أحد أبناء زيوس سيقوم بإنقاذه و أنه سيأتي من ذرية زيوس من سيقتله و ينهي حكمه الظالم .
طلب زيوس من بروميثيوس أن يخبره بالنبوءة التي تختص بموته لكن بروميثيوس رفض أن يخبر زيوس بذلك فغضب زيوس منه وقرر أن يرسل عقاباً على البشر ، فقرر إعطاء البشر هبة أخرى قد تغير مجرى حياتهم كلها و كانت ” المرأة ” ، فطلب من هيفاستوس أن يشكل امرأة جميلة من النيران و طلب من أثينا أن تعطيها قدرة التحمل و طلب من أفرودت أن تجعلها جذابة تخطف الأبصار و طلب من هيرميس أن يعطيها العقل و سطحية التفكير ، ثم سماها زيوس بـ ” باندورا ” ( التي مُنحت كل شيء ) ، ثم قام زيوس بإرسال باندورا إلى ابيمثيوس و أعطاها صندوقاً مغلق و قد كتب عليه ” لا تفتحه ” ، ابيمثيوس كان حكيماً كفايةً لكي لا يقبل هدية من زيوس خصّيصاً و لكن جمال باندورا أنساه حكمته فاضطر لقبول الهدية و تزوج باندورا بعد ذلك .

الميثولوجيا عِندَ الإغريق
فقرر أن يرسل طوفان ليغرق البشرية بأكملها

حتى بعد الزواج لم يجرؤ ابيمثيوس أن يفتح الصندوق و لكن باندورا تملّكها الفضول و استغلت خروج زوجها من المنزل و قامت بفتح الصندوق لتخرج منه كل صفة سيئة عرفها العالم ( حقد ، بغض ، فقر ، قتل .. إلخ ) فحاولت باندورا جاهدةً أن تغلق الصندوق لكن الأوان كان قد فات ، عاث الفساد في الأرض و بدأ البشر بقتل بعضهم البعض و اشتعلت الحروب في كل بقاع الأرض و حقق زيوس مطمحه الذي كان يسعى إليه .
مرت الأجيال جيلاً بعد جيل و أتى هرقل ابن زيوس و أنقذ بروميثيوس من عذابه فاستشاط زيوس غضباً لأن بروميثيوس يفلت من عقابٍ تلو الآخر فقرر أن يرسل طوفان ليغرق البشرية بأكملها ، تنبأ بروميثيوس بما سيفعله زيوس فذهب مسرعاً إلى البشر كي يحذرهم قبل فوات الأوان .
أرسل زيوس الطوفان على البشر و لم ينجو منهم إلى زوجان كانا قد صعدا على قمة جبل برناسوس و هما ( ديكاليون و زوجته فيريا ) ، و بعد فترة من الطوفان أنجبت فيريا طفلاً أسمته ” هيلين ” و الذي ينتسب إليه اليونانيون .
في النهاية قبل زيوس أن يعفو عن بروميثيوس شريطة أن يصنع خاتماً من السلاسل التي كانت تقيده و يلبسه في إصبعه و قد فعل الأخير ذلك ، و منذ ذلك اليوم و البشر يلبسون الخواتم تقديراً لبروميثيوس .

ختاماً

كل ما سلفَ من الأسطر هو عبارة عن أساطير إغريقية قد عفا عنها الزمن و ليست صحيحة على الإطلاق ، على الرغم من أن هذه الأساطير تخلو من الصحة إلا أننا لا نستطيع إنكار الحضارة اليونانية القديمة و دورها الأساسي في تطوير العلوم و الفلسفة بشتى أنواعهما .

المصادر :

نركسوس – ويكيبيديا
سميراميس – ويكيبيديا
ميدوسا – ويكيبيديا
بروميثيوس – ويكيبيديا

تاريخ النشر : 2016-04-09

حمزة عتيق

فلسطين
guest
46 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى