أدب الرعب والعام

بيدي لا بيد صديقي

بقلم : الليل المقدس

أتذكر يا أحمد حين كنا غلامين يافعين !!

عامر و أحمد صديقان منذ نعومه أظافرهما ، كبرا معاً و التحقا بالجيش وعملا معاً فيه ، شاء القدر أن يختبرهما فميز أحدهما عن الآخر ، صار عامر يترقي من مرتبه لأخرى وينبغ يوماُ بعد يوم ، حتى بدأ الحقد يتفشى في قلب أحمد ، فأعمت الماديات والرغبات بصيرته و طغت على قلبه ..

في أحد الأيام أعلن لنفسه نفاذ صبره وعدم تحمله أن يكون ظلاً لأحد و قرر أن يتخلص من كل من يتصدى طريقه ، بما فيهم عامر ،فقام برشوة رجلٍ كان يعمل لصالح عامر بمبلغ كبير من المال على أن يدس ورقه مضمونها أن عامر يعزم على الانتحار ، و دعمها بأسبابٍ عدة وختمها بغايته المنشودة ألا و هي توليه منصب عامر كما جاء في وصيه المنتحر ..

كل ما كان على الرجل فعله هو مراوغة عامر ليمضي على الورقة مع أوراق العمل الأخرى فلا يفطن لما فيها ، زعم الرجل الموافقة ، لكن لسوء حظ أحمد أن الرجل كان نزيهاً ، فأخبر الرجل عامر بكل ما يحيكه له صديقه ، اندهش عامر من وجه صديقه الآخر و مضى يومه يفكر فيما سيفعله ..

 حتى حل المساء فاتخذ قراره ، و قرر أن يتظاهر بأن الخدعة انطلت عليه ، أمر عامر الرجل النزيه أن يسلم الورقة ممضيه لصديقه أحمد ، فمضى الرجل في ذهول من رد فعل عامر وراح يحدث نفسه في أسى : هكذا هم الطيبون دائما في خطر ..

بمساء اليوم التالي جاءه أحمد عازماً على ما قد عقد نيته عليه ، فاستقبله عامر استقبالاً حاراً و بابتسامته المعهودة ، جلسا معاً على مائدة العشاء ، فتنهد أحمد و قال : قلت في نفسي لم نجتمع معاً منذ فتره طويلة على مائدة واحده فقررت مشاركتك عشاءك اليوم ..

 ابتسم عامر قائلاً : خيرٌ فعلت .. ثم مكث الهدوء بضع دقائق معهم على المائدة ، فقد كان عامر يفكر كيف و متى سيغدر به صديقه .. في حين كان يتمنى أحمد أن تتسنى له الفرصة المناسبة فيأخذه على حين غرة منه ..

و بعد انتهاء العشاء جلسا عند الشرفة يحتسيان الشاي في حين بات يفتش عامر بين دهاليز عقله عن ذكرى تخصهما معاً ..

” أتذكر يا أحمد حين كنا غلامين يافعين وصعدنا على متن مركبه صيد تسللاً  بدون علم أصحابها .. و عندما وقعت في ذالك اليوم من على القارب و ادعيت أنك تغرق لتمازحني ، لكني صدقتك وقفزت لأنقذك مع أني لا أجيد السباحة فغرقت أنا و أنقذتني ؟ “..

” أتذكر يوم رسبت في الاختبار الجامعي و أنت نجحت كيف كانت سعادتي عظيمه لأجلك حتى أني نسيت أمر رسوبي ؟ “

” أتذكر عندما توفيت والدتك و انقطعت عن كل من حولك عداي؟ “

” أتذكر عندما تقدمت لمخطوبتي تطلبها ، فوجدتني كنت قد سبقتك ؟ كيف تخليت وضحيت من أجلي ولم تعلمني إلا بعد زواجي حتى لا أتركها لأجلك ؟ ”

” أتذكر أيامنا أم نسيت يا صديقي ؟؟ أم أن الأيام تسرقنا ؟ .. إن كان كذالك فالزمن أعظم لص التقيت به في حياتي .. بعدما سرق مني الأحياء .. “

يلمس أحمد مسدسه في جيبه و قد أصابه بعض الندم والخجل و اجهش بالبكاء .. فاستدار عامر حاملاً مسدسه .. ففزع أحمد خوفاً و دهشة.. و راح يهمس في نفسه ” لا شك أنه عرف ما نويت له و لا شك أنها نهايتي ” .. فأدار عامر المسدس إلى رأسه و قال : (( بيدي لا بيد صديقي )) و أطلق على نفسه النار ..

تاريخ النشر : 2016-04-27

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى