أدب الرعب والعام

الوردة السوداء

بقلم : Sara khaled – السعودية
للتواصل : [email protected]

الوردة السوداء
كانت بارعة في رقصة السالسا الاسبانية و الفلامينغو 

مضى عام على إعدام الوردة السوداء

الصديقه الغامضة

اعرف أن الاسم يبدو غريبا بالنسبة إليكم ، ولكنه ليس بقدر غرابة صاحبة القصة التي انتهت حياتها بشكل محزن ومأساوي .

في البداية سوف اشبع فضولكم حول هذا الاسم الذي اختاره الناس لها في العالم الذي كانت تحضى بشعبيه كبيرة فيه .

الوردة اسم يليق لأنثى مثيره و فاتنة ، ولكن للأسف ليس هناك شيء كامل ومثالي في هذه الحياة ، جمالها لم يكن سوى قناع يخفي قبحاً داخلها لقبت بالسوداء لوجود جانب مظلم في حياتها وشخصيتها المزدوجة وخالية من إي شعور إنساني ، كانت خبيثة و ماكرة وقاسيه بشكل غريب ، بالرغم من نجاحها في حياتها العملية وقوة شخصيتها لم يساعدها ذلك في شفاء الاضطرابات النفسية التي كانت تعاني منها ، كان ذلك واضحاً من خلال تعاملها مع الآخرين خصوصاً مع الرجال كانت صارمة جداً وغريبة الأطوار وتستمتع بأهانة وإذلال الآخرين.

حسنا اعترف لكم إنها ليست صديقتي فعلاً بالواقع ، ولكني جعلتها صديقتي الافتراضية سراً في قلبي لأني أحببتها ، وكانت تثير اهتمامي لدرجة الهوس فأنا معجبة بها كنت دائماً أتجسس عليها وألقي النظر بعناية على كل تفاصيل حياتها كانت غالبا ما تكون لوحدها لا أراها برفقة حبيب أو خليل وهذا أمر غريب، تتردد كثيرا على الملاهي الليلية تحب النبيذ وتدخن بعض المرات وتعشق الرقص ، وكأن العالم خلق لأجلها ، الموسيقى و الحياة  كانوا اعز أصدقائها ، فهي بالواقع لم تكن تحب أن يكون هناك احد مِن البشر مقرباً لها

كانت بارعة في رقصة السالسا الاسبانية و الفلامينغو ، لديها قوام رائع .

اللون الأحمر والأسود كانا من الألوان المحبوبة لديها قوامها رائع ودائما ترتدي الفساتين الأنيقة والثمينة.

كنت استمتع بمشاهدتها وهي تتمايل برشاقة و بخفه تمسك بطرف فستانها القصير وترقص تحت الأضواء الحمراء تبدو كلوحة فنيه رسمها فنان عظيم ، كنت معجبة بطريقة مشيتها الأنثوية وارتدائها الكعب العالي واهتمامها الدائم بوضع مساحيق التجميل واحمر الشفاه الصارخ كلون التوت بشفتيها الممتلئة كانت مميزه حقا  ، ولا يمكن لأي رجل أن يقاوم عدم النظر إلى أنوثتها الصارخة ومع ذلك لا احد يتجرا أن يتحدث إليها،  دائما كنت أتسأل في نفسي عن سر هذه المرأة ، ما الذي جعلها تكره الرجال ؟ علي أن أخبركم أني كنت إحدى موظفاتها ، وكان يعمل معي قريبها وجدتها فرصه مثاليه في أن أتعرف عليه واسأله عنها ، وطبعا لم يكن الأمر بهذه السهولة احتجت وقتا طويلا حتى اجعله يثق بي ونصبح أصدقاء مقربين جداً ونخرج معاً اغلب الأوقات .

مع مرور الأيام أخيراً ، جاء اليوم الذي تجرأت فيها وسألته : لماذا قريبتك ليست برفقة رجل ؟ أعني هي جميله وثرية أليس لديها حبيب قال : سأقول لك ولكن هل تكتمين السر؟

– أجبت بقوة : نعم لا تخف .

– أجاب : دائماً كنت أفكر فيما تفكرين فيه ، وسألتها في احد الأيام لما لا تنظرين إلى الرجال ؟

– قالت : أنهم أحقر من انظر إليهم .

– قلت لها : ولكنك تنظرين إلى البعض منهم   .

– قالت مبتسمة بخبث : أنا انظر إلى فريستي فقط  .

جوابها أثار تعجبني كنت أظن في البداية أنها تسخر مني لكني أدركت لاحقا أنها تعني ما تقول ، الوردة السوداء  امرأة  بداخلها فقط شيئان نشوة الرقص ونشوة القتل ، أمراه عذبة و مشوهة من الداخل في ذات الوقت، لا يمكن لأمراه مثلها أن تحب لأنها بلا مشاعر حجر لا حياة فيه ، ليست سوى أفعى تعشق الإغواء ، نرجسية تقدس ذاتها ، تريد الانتقام من كل رجل بالنسبة إليها كل الرجال يشبهون والدها .

لا أحب استسلامها أرى أنها إنسانه ضعيفة وقعت ضحية لظروفها المأساوية

ليس على الإنسان أن يسمح لنفسه أن يكون فريسة أمام معاناته في هذه الحياة ، أنا أشفق عليها، فهي إنسانة مدمرة منذ الطفولة فوالدها قتل أمها أمام عينيها وكان سكيراً ويضربهم

فنشأت هذه الصورة بعقلها لا ترى الرجال سوى شياطين .

عندما ماتت أمها واعُدم أبيها لم يكن لديها احد سوى شقيق أبيها الفقير الذي يعيش وحيداً بعد أن هربت منه زوجته مع أولادها لفظاعة تعامله معها ، فهو لا يملك عملاً ليعيل عائلته ، خرجت هذه الطفلة من جحيم والدها إلى جحيم عمها ، استغلها أبشع استغلال جعلها خادمه في الإحياء الريفية ليأخذ كل المال الذي جنته ، وكان يعاقبها على أتفة الأسباب ويحرمها من الطعام ، لم يكن هناك شيء يواسيها في هذه الحياة سوى الرقص ، كانت ترقص التانغو كل ليلة وحيدة هاربة من البؤس لأنها تشعر بالحنين لوالدتها ، اكتسبت موهبة الرقص من والدتها عندما كانت على قيد الحياة  كانوا حديث كل حي ريفي بجمال رقصاتهم بحفلات الغجر كما روت لي أمي ، وما أن أصبحت شابة حتى انقلب السحر على الساحر ، أصبحت عدوانية متمرده بداخلها الغضب والألم العميق ، أصاب عمها مرض عضال بعد أن كبر بالسن .

كانت تتلذذ بإهانته وإذلاله بعد أن أصبح تحت رحمتها ، تجعله يتوسلها ويقبل قدميها وتركله بقوه وتعامله بوحشية خالية من إي شعور أنساني ،  إذاقته أصناف التعذيب والتجويع ، وكانت تقول دائما : أنت وأبي وجميع الرجال تستحقون أن أرقص على جثثكم

سوف ارحل و أتتركك للجحيم فأنا لم أعد أطيق رؤية وجهك . 

أثناء مراهقتها وقبل أن تصبح ثرية ،  بدأت حياتها كراقصة في الملاهي الليلية وفي منزل متواضع كانت الغجرية الوحيدة في تلك المدينة العصرية بالكاد توفر لقمة العيش ،

وبسبب موهبتها الفريدة انتقلت إلى الرقص في المسارح الفنية الراقية حول العالم حتى ذاع صيتها وأنفتن بها الرجال ، واستخدمت أنوثتها وقوامها الفاتن لاصطياد  وإغواء الرجال الأثرياء كانت تستنفذ أموالهم وتوهم كل واحد منهم بأكاذيب الحب ، و في وقت قصير استطاعت أن تكون ثروة طائلة وتعيش حياة الترف ، كانت تملك مسارحها الخاص بالرقص ومعارض فنية ، فهي تعشق اللوحات ومعرض للأزياء باسمها ، كانت دائما تحب أن تتباهى وتتفاخر بقوامها وأزيائها الفاخرة وبفتياتها العارضات أمام المدعوين ،

كل مظاهر البذخ والبهجة زيف كاذب تخفي خلفها الحقيقة ، فهي كانت تعاني من الكوابيس كل ليلة ، ومن الاكتئاب الحاد كابوس والدها ومشهد الدم ، لا زال شبح والدها يسيطر عليها بالرغم من كل تلك السنين ،  تستيقظ فزعه في وقت متأخر تضيء  شمعه صغيرة تنظر إلى نفسها في المرأة وتتساءل بغضب ومشاعر مختلطة بالخوف عندما كانت صغيره لماذا ؟ لم أكن استحق كل هذا لقد قتلت كل شي بداخلي ، ولو عادت تلك اللحظة كنت سأقتلك أيها القذر .

كل الأشياء الفاخرة التي تملكها الوردة السوداء لا معنى لها بداخلها ، ومن المستحيل أن تشبع رغباتها المدفونة في الانتقام من هذا العالم القذر بنظرها .

كتبت في مذاكرتها :

لم يعد هناك شي أعيش من اجله ، لقد حصلت على كل ما أريده  في هذه الحياة ، وهذا يكفي ، ولكن بقي شيء واحد وهو القتل لطالما حلمت وتمنيت هذه اللحظة ، كل إنسان سيموت و لن يدوم احد على هذه الأرض ، وأنا لا أريد نهاية عاديه ، أريد نهاية تخلد أسمي في صفحات التاريخ  ، ولذلك علي أن اختار نهايتي بنفسي ، أريد أن اصنع مشهداً عظيماً لهذا اليوم ، قمت بدعوة عشاقي جميعهم في يوم واحد ، كنت متا كده انه لا احد سيرفض دعوة أمراه فاتنة مثلي ، خدعتهم جميعا قمت بالكذب والادعاء على كل واحد منهم أن لدي تمارين أداء مسرحية وينقصني ممثل واحد ، وكل واحد منهم  كان يظن انه هو الممثل البديل ،  عندما اكتمل العدد قمت بصلبهم كما صلب المسيح ، وهنا بدأ العرض الموسيقي

وقمت بإظهار الحقيقة أخيراً ، وجهي الحقيقي.

– قلت لهم : أتعلمون يا عشاقي لماذا أتيت بكم هنا ؟

لكي أقتلكم ، ظنوا في البداية انه مجرد أداء مسرحي ،  ضحكت قليلاً

و قلت لهم : أنتم الرجال من سهل خداعكم وإغوائكم ، أنتم جميعاً عشاقي ولستم ممثلين

كل ما سيحدث الآن على هذا المسرح حقيقي ، وأنا أعني ما أقول .

لم يصدقني احد منهم حتى قطعت رأس أول  شخص وتدحرج رأسه على الأرض

استمتعت برؤيتهم مفزوعين وخائفين وغير مصدقين   لما يحدث ، لا أستطيع أن اصف اللذة التي شعرت بها ، صرخت بقوة و حررت كل شي مؤلم كان مكتوماً بصدري منذ سنوات ؛ اشعر أن هذا العالم قذر لوجودكم فيه ، أنتم الرجال سبب الدمار والألم والحروب

، أنتم مجرد شياطين مجرد شياطين ، فقدت صوابي وسط الفزع والذهول الذي كنت أراه في أعينهم انه كابوس لن يتوقعوا أن يشاهدوه في الحقيقة ، نحرتهم واحدا تلو الآخر ، امتلاء  المسرح بالدماء ، وقمت بأداء رقصتي الأخيرة فوق دمائهم ، أنا سعيدة لآخر لحظه في حياتي .

و قبل أن تعدم الوردة السوداء سألت هل تودين أن تقولي كلمة أخيره ،

 قالت : ليس مهما أن يخسر الإنسان كل شيء ، المهم  أن لا يخسر نفسه ، وأنا خسرت نفسي بإرادتي ، وداعاً أيها العالم القذر . 

تاريخ النشر : 2016-06-14

Sara khaled

السعودية
guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى