أدب الرعب والعام

إنتقام الاطفال

بقلم : اسيل نااج – السعودية

وجدت نفسي في مكان يشبهُ العدم ، مكانٌ بارد لا وجود لأي أحد فيه !

في إحدى ضواحِي بلدة " لاناسكّا " البعيدة ، هُناك حيث بعثوا لي برسالة قبولي في وظيفة لطالما كنت أحلم بها ! ،  لكن الكثير من الشائعات تدُور حولها ، إلا أن ما أثار حماسي أنها بلدة عدد سكانها قليل وهادئة وجميع من فيها بسيط عكس المكان الذي أسكنُ به الآن ، أخبرتُ أمي و أخي الصغير وهم جميع ما أملك ..

 
 كانت أمي أول المُحفزين لي لأجد وظيفة تعيلني و تُعيلها أيضاً ، وضبتُ أغراضي فور موافقة أمي وبحثت في الانترنت عن شقة مُناسبة وتواصلت مع مالكها ، وما إن أعطيّه المال سيُسلمني المُفتاح ، ذهبت إلى هناك عن طريق السيارة في اليوم الحادي عشرّ من سبتمبر ، ما إن وصلت حتى شعرتُ بهدوء تلك البلدة فعلاً ..

 كان أكثرها صحراوياً وكانت اغلب منازلها صغيرةً وبسيطة ، سألتُ أحد رجال المتاجر عن طريق الشقة الذي دلنيّ عليها مالكها ، أخبرني فوصلت إلى هناك قبل غروب الشمس ، لم تكُن شقة كبيرة ولكن لا بأس بها ، نزلت من السيارة حتى أقابل مالك الشقة فدار بيننا حوارٌ بسيط و أدخلني إلى الشقة لأشاهدها معه ، أعطيتهُ المال وتم انتهاء الحوارّ ..

ذهبت و أصبحت أدخل الأغراض حتى خرج أحدهم من الشقة المقابلة لشقتي وقد كان شاباً وسيماً والواضح بأنه كان ذاهباً لعمله ، ابتسمّ لي وسألني في طريقه إن كنت أحتاجُ المساعدة ! أخبرته بأن الأمور على ما يرام وابتسمت له ، دخلت بعد عناءٍ طويل ، وانتقلت للمرحلة التالية وهيَ ترتيب الأغراض داخل المنزل ، كنت أحب الانتهاء من عملي فوراً وأكره التأجيل ..

 تمددتُ قليلاً على السرير و أكملت بعدها العمل حتى انتهيت تماماً ، كانت أيامي الأولى طبيعية في تلك البلدة ، ذهبت إلى مكان عملي وتعرفت على الزُملاء هناك إلا واحداً منهم ، كان من أفضل المعلمين ولكنه كان ينظر إلي بنظرات مُريبة وكأنني فعلت شيئاً سيئاً في حقه !  وغير تلك الكوابيس الغريبة المُكررة كان كل شيءٍ آخر على ما يرام  ..

حتى استيقظت يوماً على صوت نحيبّ يكرر " أمي "  و كأنه يتعذب !  و كان الصوت يأتي من جِدار غرفتي ! مسحتُ عيناي مفزوعةً و أشعلت الضوء فاختفى الصوتُ فجأةً ! بدأت أقلق منذ ذلك الحين ولكن مازلت أشعر بأن تلك مُجرد أوهام !  أطفأت الإضاءة وعُدت لسريري حتى غلبنِي النوم ..

 استيقظت مبكراً وبدأت أجهزُ قهوتي و أنا أنظر للأطفال من النافذة و هم بحقائبهم يعبرون الرصيف حتى تذكرتُ ما حصل بالأمس .. و أنا في بحرِ أفكاري طُرق باب المنزل ، تعجبت ورتبتُ نفسي بسرعة وفتحت الباب بهدوء لأجد ذلك الجار  …

–  أوه أهلاً بك تفضل ، تفضل بالدخُول .
–  لقد أتيت إليك ببعض الجعة والكعك لنحتفل بمجيء إحدى الجميلات لحينّا  .
ضحكتُ بخجل واستلمت منه الطبق والجعة  .
الجارّ وهو يمدُ يده : مرحباً اسمي فرانك و أسكن أمامك تماماً و أعمل في مجال المحاسبة لإحدى المتاجر  .
– و أنا " كاثرين بلُوتر " يمكنك مُناداتي كاثّ  .
فرانك : حسناً يا كاثّ ، ما الذي أتى بجميلة إلى هذه البلدة العتيقة ؟.
–  بابتسامة : لقد تم قبُولي لوظيفة معلمة في إحدى المدارس هنا و أجد أن المكان رائع رُغم حرِّ الجو لديكم  ..
فرانك : رائع فهذه البلدة لديها نقصُ معلمين ، ولديها نقصٌ من كل شيء  ..
–  أجدُها جميلة وهادئة وهذا ما ابحثُ عنه حقيقةً  ..
فرانك بصوتٍ مُنخفض وهو ينظر بالأرجاء : حسناً لن يطُول هذا الشيء .
–  عفواً ماذا قُلت ؟.
فرانك : لا شيء عزيزتي أهلاً بك  ..
و أنا أنظر لساعتي : أوه لقد تأخرت يجب أن أذهب إلى العمل الآن
فرانك وهو يقاطعُ حديثي : نعم نعم بالطبع تفضلي  .
–  و هو يخرج قبلي : شكراً لزيارتك ، أتمنى لك يوماً موفقاً ، إلى اللقاء .
فرانك : إلى اللقاء .

ذهبت للعمل كالمعتاد و أنا في طريقي للعودة وجدت طفلاً يرتدي رداءً ممُزقاً و يمتلئ جسده بالكدمات ! وكان شكله مريباً .. لم أستطع تجاوزه فتوقفت جانباً ونزلتُ من السيارة وتبعته حتى أسقط شيئاً دائرياً ملوناً وله ساق ، ركضت لرؤيته فوجدتها مُجرد حلوى ! ابتسمت و ما إن رفعتُ رأسي لأردها له وجدته قد اختفى ! نهضت وبدأت أنظر لمن حولي بتعجُب وخوف حتى ارتطم بي أحدهم و أعادني إلى الوعي !

وضعت الحلوى في حقيبتي وذهبت للسيارة وعدت للمنزل فوراً .. رميتُ سترتي وحقيبتي وذهبت للاستلقاء ! و أغمضت عينايّ بقوة حتى لا أفكر فيما حصل ولكن بعد أن أغمضت شعرتُ بتلك النسمات الباردة جانب أذني ! و الهواء يجعل شعري يتطايرُ من شدته ، فتحت عيناي حتى وجدت نفسي في مكان يشبهُ العدم ، مكانٌ بارد لا وجود لأي أحد فيه !

 نظرتُ للأسفل فوجدتُ نفسي واقفةً فوق رأس أحد الأطفال و أنا اهرسُ عظام رأسه !!! أغمضت عيني فزعاً وصرخت صرخةً قوية فوجدتُ نفسي بالسرير و أنا أتنفس بسرعة كبيرة وبجانبي قُبعة لطفل ! تراجعت سريعاً فزعاً ولم أعلم كيف أتت هذه القبعة ولم أجد تفسيراً لما حصل ، أخذتها فوراً ورميتُها في القمامة و أنا مفزوعة ..

 شاهدت الساعة ورأيت أنه لم يمُر سوى ١٠ دقائق فقط ! نهضت و أخذت حماماً سريعاً وخرجت حتى وجدت الباب يُطرق ! ارتديت ملابسي سريعاً و أصبحت أنشف شعري وذهبت لفتح الباب ولكن لم يكن هناك أحد ! نظرتُ إلى جانبي الباب ولكن لم أجد أحداً ! غضبت و أقفلت الباب بقوة حتى مرت ٥ ثواني وطرق الباب من جديد !

ذهبت لفتحه بسرعة وكما حصل .. لم أرى أحداً ، أقفلتُ الباب بهدوء و أصبحت أعدُ حتى الثانية الخامسة ! ١ .. ٢ .. ٣ .. ٤ .. وذهبتُ لأفتح الباب بسرعة حتى وجدت فرانك ويدهُ معلقة لطرق الباب ونظرات الصدمة بادية على وجهه !
 
–  بغضب : فرانك أهذا أنت !
فرانك : ماذا ؟ ماذا فعلت ! لقد أتيت لزيارتك فحسب !
–  و الذي كان يطرق الباب ويهرب لتوه مَن ! أكان شبحاً مثلاً ؟
فرانك وهو يفتح الباب ويدخل : لا أعلم ربما .
– ضغطت على رأسي و أخرجتُ زفيراً وابتسمت  ..
–  أعتذر لك ، بالتأكيد لم يكن أنت .
فرانك : لا بأس ! و الآن أخبريني كيف هي الأمور ؟
في وقت حديثه رن هاتفي فأخذته ، وجدتها أمي فاعتذرت لفرانك وأجبت عليها و طمأنتها على الحال و على كل شيء وأقفلت ..
فرانك : أهذه أمك ؟.
–  نعم أمي ، إنها كل ما أملك هي و أخي الصغير .
فرانك بابتسامة : إذاً لم تجيبي على سؤالي ؟.
–  آه نعم أنا بخير والأمور بخير ! عدا بعض الأمور الغريبة و الأطفال المتطفلين  .
– فرانك : الأطفال !
–  نعم إنني أرى باستمرار كوابيساً  و أطفالاً غُرباء ! ومخيفين وكأنهم معذبين  ..
–  فرانك بضحكةٍ بسيطة : إنها مجرد أوهامٍ يا عزيزتي ،  تجاهليها وستذهبُ عن رأسك تلقاء نفسها .

كان وسيماً ومرحاً ، شاهدنا الكثير من الأفلام والمقاطع المُضحكة ، حقاً لقد كنت أستمتع بوقتي معه ، والغريب بأنه أصبح شبه قريبٍ لي بسرعةٍ كبيرة ، فأصبح يومي يمتلئ به وبعملي ودون أن أرى تلك الكوابيس والأطفال .. حتى أتى ذلك اليوم الذي علمتُ به الحقيقة ، حيث جلستُ قليلاً مع المعلمين وقد أخبرنا ذلك المعلم في يومها بأنهُ تم خطف طفلٍ ما قبل يومين كالمعتاد ، تعجبت من كلمة كالمعتاد !.

–  ماذا تقصد بهذه الكلمة ؟.

المعلم وهو يبتسم :  أنتِ جديدةٌ في هذا المكان أليس كذلك ؟ سأخبرك بشيءٍ مرعب يا صغيرتي ، في بلدتنا هنا خطف الأطفال خبرٌ جداً طبيعي فكل فترة يتم خطف أحد الأطفال ، و لبُئس الشرطة لدينا ، لنقصهم وعدم خبرتهم لم يتم إمساكُ القاتل أو جمع الأدلة المناسبة ، وهناك شائعة بأنه قديماً قد تم اختطاف جميع أطفال هذه البلدة و اغتصابهم وقتلهم ورميهُم في تلك القرية القريبة الخالية من الحياة "  قرية كلاندر "

المعلم 2 : لا عليكِ من حديثه استمتعي ولا تأخذي بحديثه ، مازالت بلدتنا تتمتع بالبساطة والفضيلة .

ضحك المُعلمين إلا أنه أصابني الرُعب وأخذت حقيبتي وبدون أي ردٍ مني ذهبتُ للمنزل ، أقفلت الباب جيداً واستلقيت على السرير و أصبحتُ أفكر بكل ما قالهُ المعلم ، و أصبحت أربطُ جميع ما يحصل معي ! ، هل الأطفال الذين أراهُم هم هؤلاء الأطفال الذين تم تعذيبهم ؟ والمكان الذي كنت به ذلك اليوم هل هي قرية كلاندر !!

 أصبحت الأفكار تحومُ في رأسي و لا أعلم كيف أشرح ذلك ! ، أصبحت أهدئ نفسي و أمسحُ جميع ما برأسي ، حسناً يا كاثرين يجب أن تأخذي قسطاً من الراحة قليلاً من المؤكد بأنه كان يوماً مرهقاً لك ، أصبحت أرددُ هذا الكلام حتى خطفنِي النوم فعلاً ، وفي الساعة الثامنة مساءً استيقظت ، استرجعتُ جميع ما حصل معي وقررتُ أن أتأكد مما قالهُ المعلم ..

 نهضتُ واتصلت بفرانك ليأتي ، و بعد نصفِ ساعة تقريباً أتى و أصبح يسألني عما بي ، أخبرتهُ بكل ما حصل ولكن هذه المرة تغيرت ملامح وجهه وكأن الدهشة أصابته ، ولكن ليسَت كأي دهشة ! ، ناديتهُ فأصبح يعتذر من أنه كان سارحاً في أمرٍ بسيط ، مع أنني لم أرى ذلك ! ، وللآسف أصبح يخبرني بكلماته المعتادة " لا بأس ، لا شيء حقيقي من ذلك هدئي من روعك " وعلمتُ بأن لا فائدة من إخباره ..

فرانك : كاث عزيزتي اهدئي ، غداً لدينا حفلة شواء في بيت أبي ولأفراد الحي ، سأصطحبُك لنستمتع قليلاً وتنسَي ما حدث ، حسناً !
حقاً أردتُ شيئاً جديداً وجميلاً ليُنسيني كل شيء ، وافقتُ ، وجلستُ مع فرانك لمشاهدة الأفلام والترويحّ عن نفسي مما حدث ..

أخذ فرانك يمسحُ على طرف خدي بنعومة ، و حين وجد أن النوم بدأ يقتحمني وضع سُترته علي وخرج من المنزل .

في صباح اليوم التالي ذهبتُ للعمل ، و بعد العمل نمتُ قليلاً و استيقظت لتجهيز نفسي ، ارتديت ذلك الفستان القصير الأسود و سدلتُ شعري الأشقر و وضعت بعض الزينة البسيط لتجمِيلي أكثر ,  طُرق الباب ففتحتهُ بهدوء ، آه حقاً فرانك كان وسيماً جداً ، اصطحبني بهدوء وبكل رومانسية ، وبعد حوالي ٣٠ دقيقة وصلنا وقد كان بيت أبيه كبيراً جداً و فخماً ..

نزل وأنزلنِي معه ، دخلنا للمنزل وعرّفني على أبيه ولم يكن أباه بذلك اللُطف معي ! ، ولكن كان شكلُه مريب ، فإحدى عيناه لا يرى بها و جسده مليءٌ بالتجاعيد والضربات ! ، سألتُ فرانك فأخبرني بأنه يعمل في إحدى مزارع الأبقار وقال " تعلمين أن الأبقار أحياناً عنيفة " ، بعد مرور اليوم وقد استمتعت كثيراً سألت فرانك عن مكان الحمام فدلني على طريقه دون الذهاب معي فكان مشغُولاً مع أبيه بالحديث ..

 دخلت للمنزل وما إن دخلت حتى رأيتُ ذلك الطفل يمر من أمامي !! ، فزعت و لكنني أكملت طريقي و أنا أردد في رأسي" أوهام ، أوهام " ، دخلت الحمام وما إن خرجت أصبحت أسمع صوت همساتّ في الغرفة التي بآخر الرواق ! ، حاولت التجاهل ولكنني كلما خطوت خطوة تزيد قوةُ الهمسات ..

 لم أحتمل فذهبت لتلك الغرفة وفتحت الباب بقوة والمُفاجأة بأنني رأيت ذلك الطفل الذي أسقط الحلوى واقفاً بزاوية الغرفة بشكل مخيف !! ، تقدمت إليه بهدُوء حتى اقتربتُ منه و ما إن لمسته قضمّ يدي بقوة وأبعدني بخوفٍ وفزع !! ، ابتعدتُ وصرت أصرخ بوجهه بجنون !! لا أعلم ماذا حصل لي حينها ، حتى وجدتُ فرانك يحملني و يهدئ من روعي وقد ذهب الفتى مع أباه ..

 أصبح الأب يقول لفرانك " أخبرتك أنها لم تُعجبني ، أخرج صديقتك المجنونة !! " ، أصبحت أتلعثمُ في الحديث و أخبره أن هذا هوَ الفتى الذي يأتي إلي دوماً هذا هوَ ! يجب أن يخبرني ما يريد ، فرانك أصبح يقول لي : الآن من المؤكد أنك تتوهمين فهذا أخي الصغير دانيِل وهو مصابٌ بالتوحد ولا يستطيع الكلام !! ..

 صرخت بوجه فرانك و قلت له أنني أريد العودة للمنزل حالاً .. ، هدأني و أخذني للمنزل ، وما إن دخلت أقفلتُ الباب بوجهه ولم أدع لهُ فرصة الدخول أو الكلام ، جلستُ أمام الحاسوب و أصبحتُ أتصفح و أبحث عن البلدة وقرية كلاندر ، و كانت  النتائج : .

–  قرية كلاندر احترقت بكاملها قبل 15 عشر عاماً ، واحترقّ معها جميع سكانها ومنازلها  .
–  قرية كلاندر لم يسكنّ أحد فيها بعد الحادثة الكبيرة التي حصلت بها  .
–  قرية كلاندر الوسيلة لدفن جرائم المجرمين .
–  بلدة لاناسكّا والجرائم المتعلقة بالأطفال .
–  يُرى أن المشتبه الكبير بالجرائم في بلدة لاناسكا هُم آل – ويست – ولكن لم يتمّ إثبات الكثير من الأدلة .
–  قصص الأشباح التي تُروى في بلدة لاناسكا .
–  الأطفال الذين تم تعذيبهم أرواحهم تريدُ الانتقام .
–  وصفت إحدى السيدات أشكال هؤلاء الأطفال الذين يزعجونها يومياً – صور –

دخلتُ على كل تقرير على حداً  و كانت الأخبار والشائعات قريبةً للحقيقة ! ووصف تلك المرأة للأطفال يطابق من أراهم تماماً ! لا الأمر أصبح جدي الآن ..  و في تلك الأفكار تذكرتُ شيئاً تمنيت أن لا يكون صحيحاً ! تذكرت بأنني حين دخلتُ لمنزل الأب لمحتُ صورةً للعائلة ! وكان مكتوبٌ على الإطار " آل ويست " !! ..

 في ذلك الوقت أفزعني صوت هاتفي وهو يرن ، أجبت فوجدتها أمي ! و كانت تطلب بأن تأتي وتقطن معي هي و أخي ، رفضتُ الفكرة خوفاً من هذا المكان المرعب وعلى أخي الصغير ! ولكن بعد إلحاح منها و حزنها على فقدي وافقت ، إنها امرأة كبيرة بالسن على أي حال ! يجب أن تكون معي و أرعاها ، فوافقتُ بكل خوف .

قالت لي بأنها ستأتي خلال اليومين القادمين ، كنت أريدُ تأكيد شكوكي حول لقب فرانك ! فاتصلتُ به لأجد هاتفه مغلقاً ، أخبرته بأن يعاود الاتصال ، حتى مضى يومان لم أسمع عنهُ شيئاً ولم يعاود الاتصال أبداً ! تعجبتُ وذهبت لمتجره الذي أخبرني عنه في إحدى الأيام وسألت البائع ..

–  مرحباً ، هل فرانك يعملُ هنا ؟.
–  البائع : فرانك ماذا ؟.
–  بتلعثُم : آه أعتقد فرانك و يست  !
–  البائع : أوه نعم فرانك لقد سافر ونسيتُ أسمه هههههه ، نعم إنه يعمل هنا ! هل تريدين شيئاً ؟.
–  بارتياب : لا إنني أسأل عنه فحسب ، شكراً لك .
–  البائع : أهلاً بك العفو  .

خرجتُ من ذلك المكان و أنا لا أعلم هل أصدق الناس أم اصدقُ براءته ، دخلت السيارة وعدت للمنزل وقبل أن أدخل وجدتُ تلك القبعة أمام باب المنزل من جديد !! أخذتها ورميتها في سلة قمامة الحي وعدت للمنزل بفزع  .. دخلتُ و أصبحت أخرج كل ذلك الطعام و أفتح التلفاز للمشاهدة .. وعلى ذلك فإن كل تلك الأفكار لم تغب عن ذهني أبداً !

تركت الطعام وتشجعتُ وخرجت من المنزل وذهبت لتلك القمامة و أخرجتُ منها القبعة ! ركضت للمنزل و أنا أتلفتُ للأرجاء .. دخلتُ و أصبحت أتفحص القبعة ! ولكني لم أجد شيئاً يمكن أن يساعدني في أي شيء ، وضعتها في إحدى الأدراج  و أصبحتُ أفعل أي شيء لأنسى كل ذلك .. و لكن لحظة !! تجمدتُ في مكاني للحظة !

أخذت هاتفي و أصبحت أبحث عن القضية من جديد ودخلتُ على مقال وصف المرأة وكبرت الشاشة على تلك الصور حتى تأكد ظني ، وجدت أحد الذين وصفتهُم يرتدي تلك القبعة !! رميتُ الهاتف على الأريكة و أنا مفزوعة .. ما هذا الجحيم ! ولكني فكرتُ للحظة .. ماذا لو كانوا يريدون مساعدتي ؟ ماذا لو كانوا يريدون توصيل شيءٍ ما إلي ! ماذا لو ..

طُرق الباب ..  بارتجاف ذهبتُ لأفتحه ! فتحته ببُطء و فجأة وجدتُ أمي و أخي و فرانك وراءهم وهم يصرخون " مفاجأة "  ، لم أستوعب ما حصل و لم أجد وقتاً حتى  ! احتضنني أخي الصغير بقوة ، و أصبحت أمي تقبل رأسي وتتفقدني بحنان ! أنستنِي كُل شيء و أصبحت أحتضنها و أرحب بها حتى أدخلتُها .. قضينا تلك الليلة معاً حتى نام أخي الصغير وتجرأت لسؤال أمي ..

–  كيف تعرفين فرانك ؟
–  فرانك وهو يضحك : لقد وجدتهُما على الطريق مع حقائبهم فساعدتهم حتى وجدتُ بأنها أمك و أخيك الذين قلتِ لي عنهم  !
–  أمي : نعم يا صغيرتي هذا كل الذي حصل ، " بخجل وابتسامة "  لم تقولي لي عن صديقك الجديد يا كاثي  ..
–  بابتسامة : أعتذر يا أمي لم أجد الوقت المناسب أو الحديث المناسب عنه ، إنه صديقي فحسب  ..
–  فرانك وهو ينظر للساعة : آه حسناً يجب أن أعود للمنزل الآن ، أرجو أن تحظوا بليلة هادِئة  ..
–  و أنا افتحُ الباب له : و لك أيضاً  ..
–  أمي : لماذا كنت خائفة حين سألتِ عنه ؟  أهناك خطبٌ ما ؟.
–  بضحكة كاذبة : لا يا أمي ليس هناك أيُ خطب ..

 اتجهت أنظاري حول أخي و أنا أراهُ يحتضنُ شيءً ما ..  ذهبتُ بسرعة و أخذتُ هذا الشيء فوجدت بأنها نفس الحلوى التي أسقطها ذلك الفتى .. حتى قطعت أمي نظرات الفزع ! و قالت  :
–  إنها من فرانك ، لقد كان لطيفاً جداً معه !

ابتسمتُ بصعوبة ووضعتها في مكانها وقضيتُ تلك الليلة بين ذراعيّ أمي  ! ..

استيقظت في نفس ذلك المكان المخيف !! و لا أجد حولي سِوى الظلمة والضباب ! و أنظر لما بين يداي لأجدهُ أخي وجسده ممتلئ بكدمات الضرب و رأسهُ و أنفه ينزفان دماً !! سقطت دموعي و صرخت  صرخةً قويةً ! حتى وجدتُ أمي توقظني وهي مفزوعة !!

–  أفيقي ،  أنتِ فقط ترين حُلماً سيئاً ، أرجوك توقفي عن الصراخ ..

 استيقظت و ابتعدتُ عنها فوراً  و أصبحت أبحث عن مايك حتى نظرت من النافذة فوجدته يلعبُ في الفناء ! تطمأن قلبي و أصبحت أذرفُ الدموع بلا أي تحكمٍ مني ..  أصبحت أمي تحتضنُني وتهدئ من روعي .. حتى طرق الباب فجأة !  و أصبحت أمسح دموعي حتى لا يرى مايك ذلك وذهبتُ بسرعة لأفتح الباب له ، وبمجرد أن فتحته حتى وجدتُ رجلاً أخر !

 – مرحباً ، أنا المحقق جُون من طاقم العمل الفدرالي من المدينة الأخرى ، و هذا الذي خلفي المأمور فيكتور من هذه البلدة ، نأسفُ على إزعاجك ولكن هل يمكننا الدخول قليلاً ؟.
–  بتلعثم : آه بالطبع تفضل  ..

المحقق وهو يضع يديه في جيبه : نريد فقط سؤالك عما إذا كنتِ تعلمين أي شيء عن جرائم الأطفال هُنا ! لقد ارتفعت الشكاوي على اختفاء الأطفال وتم جلب فريقنا المتخصص لحل لغز هذه الجرائم المُريبة ! فهل يمكنك المُساعدة ؟

–  بخوف : آه ، لا أعتقد بأنني أعلمُ شيئاً أكثر من علمكُم ! أعتقد بأن قرية كلاندر يمكن أن تكون الخافي لكل تلك الجرائم ..

–  إن تلك مجرد إشاعة لا صحة لها ، قرية كلاندر لا يمكن الدخول إليها إلا بتصريح رسمي ! بعد ما نشأت الكثير من المخاطِر الوخيمة التي ستجعل أي شخصٍ يموت حين يتقدم لها ، من حُفر كبيرة ومخلوقات خطيرة ، لا أعتقد بأن أي أحدٍ يملك الجرأة للذهاب هناك ..

–  المعذرة ! هل أنتِ معي ؟
–  آه سيدي نعم أنا معك ، هذا كُل ما أعرفه ..

صافحني المأمور فيكتور وكأنه كان يريد إنهاء هذا الحديث بسرعة ! و أصبح يهمس للمحقق قائلاً " هل تأكدت الآن ؟ لا أحد يعلم ! هيا لنذهب ودعك من هذه القضية " صافحني المحقق وشكرنِي وخرج و في طريقه سلم على أخي مايك .. حينها و لأول مرة شعرتُ بأن الحق سيظهر مع هذا الفريق ! لأول مرة أحسستُ بالطمأنينة .. حتى رُن هاتفي و كان فرانك ..

–  فرانك : مرحباً كاث ، أريد مقابلتك بعد ساعتين هل يمكنك ذلك ؟.
–  فرانك ! أعتقد بأنه يجب أن نتوقف عن مُقابلة بعضنا  ..
–  فرانك : ماذا ! ماذا تقصدين ؟ ماذا حصل ؟
–  لا شيء ولكن فقط أرجوك دعني وشأني وكُن بعيداً عني وعن عائلتي  !
–  فرانك : لكن ..

أقفلت وهو يتحدث ورميت الهاتف على الأريكة ، جاءت أمي من خلفي سألُتني عن كل ما يحدث لي ! لم أجد قوة لأخبرها بما يحصُل ! لقد تركتها فحسب و أردتُ الخروج قليلاً ، قبلتُ أمي وارتديت سترتي وخرجت وجعلت أخي يدخل للمنزل ، أصبحت أتمشى بين الطُرقات والمتاجر و أتمنى فقط تصفيةُ ذهني من كل شيء حتى لمحتُ ذلك الطفل ! نعم دانيل ..

رأيتهُ في إحدى متاجر الأطفال يتأمل الألعاب ! لم أستطع إمساك قدماي من الذهاب إلى هناك ! انحنيتُ إليه بلطف و قلت له ..
– لا تخف لا تخف يا صغيري ! أنا صديقةُ أخيك فرانك .. هل يمكننا التحدثُ قليلاً ؟
–  رجع للخلف و كأنه مفزوع من أمرٍ ما خلفي !

حاولت إقناعه بالحديث ولكن لم يكن له صوت ! لقد كنت أسمع صوت نفسِه .. حتى لاحظتُ شيئاً في لسانه !! ثبتُه بقوة وفتحت فمه ويا ليتني لم أفعل ! كان لسانه مقصوصاً ! والواضح أنه من مدة قصيرة !! حتى جاء شخصٌ من ورائي ودفعني للخلف و أخذ دانيل وهو يصرخ " ماذا تفعلين هنا ماذا تريدين منه !! هل تريدين خطفه !! سوف أستدعِي الشرطة وسترين أيتها الحقيرة "

كان أبو دانيل ، اتصل بالشرطة و أخبرهُم  و أنا كنت أتلعثُم بالحديث ،  لم أعلم ماذا أقول حقاً ! في كل هذه الصدمة والفوضى ..  لقد سقطت دموعي سهواً .. لأرى الشرطة أتت لتأخذني ! تم أخذي للقسم ورآني المُحقق وتعجب من وجودي و أصبح يسألني ! أصبحوا يشكُّون بي أنني كنت أريد خطفه ! أو أنني متعلقة بجرائم الأطفال ! أصبحتُ أبكي وأحكي للمُحقق كل ما حصل لي بكُل خوف !! ..

 تم تسجيل حديثي وتقريري ضد آل ويست وفي حين ذلك وجدتُ الطفل الذي كان يرتدي القبعة الزرقاء في الزاوية ينظرُ إلي بابتسامة ! أصبحت أنظر إليه و إلى صرامته و أتحدثُ عن كل شيء عن قصة الحلوى وقصة القرية وقصة الأب و دانيل و لسانه ..  تم رفع ذلك إلى المحكمة و أصبحت أشهر القضايا التي دفعت الإعلام من المدن الأخرى وشكوك المواطنين اتجاه آل ويست من جديد !

لم أكن أعلم بأن كل ذلك سيحصل .. لقد خِفت ! خِفت على مايك .. أصبحتُ أجعله ينام بين يداي في حين يأتي فرانك يومياً ويشتمنيّ ويهددني بأنني سأندم عند باب منزلي !! تم فتح القضية لآل ويست من جديد ورؤية الأدلة ! و تم إثبات أن الأب قد قطع لسان الابن بالفعل ! و أنه يعملُ في مزرعة أبقار و أن كل شيء يُشير إليه و لابنه فرانك !

لكن لم يجدوا دليلاً قوياً على جرائم القتل .. ومع محاولة إيجاد دليلٍ قوي أصبحت القضية تفقد إيمانها وتشير إلى أنني سأخسر أمامها ! حتى عُدت ذلك اليوم للمنزل لأرى أمي مغشيٌ عليها وتم طعنُ أخي في صدره !! أصبحتُ أصرخ و أخذت الهاتف واتصلتُ على الإسعاف فوراً !! احتضنت أخي و تلمسته " أرجوك ، أرجوك لا تمُت ، أيها الحقيير فرانك ، أرجوك يا مايك "

و دموعي تتساقط وتملأ جسده ! حتى وصل الإسعاف و أخذ أخي و أمي و ركبت السيارة ، لكن قبل أن أتحرك ! تذكرتُ القبعة !! نزلت من السيارةِ فوراً وذهبت لجلب القبعة وذهبت لمركز الشرطة وطلبت منهم تحليلها لإيجاد أي دليل !! خرجتُ مسرعةً من المركز وذهبت إلى أخي و أمي في المشفى .. فقد أخي الكثير من الدماء وكان على وشك الموت لو لم آتِ ! رن هاتفي وكان المحقق ! أجبت .. وكان هذا ردُه :

 

–  مرحباً كاثرين، الدليل الذي قدمته كان قوياً وهو الذي سيجعل هؤلاء السفلة يتعفنون في السجن ، تم إيجاد خصلات شعر لأبي دانيل ورذاذ دمٍ خفيف لفرانك وتم تأكيد القبعة على أنها لأحد الأطفال الذين تم خطفهم حسب كلام الأم ، لقد كنتِ السبب في انتهاء هذا الجحيم ، شكراً لك !! .

هذا الخبر أثلج صدري !! لقد ابتسمت أخيراً ! ابتسمت بعد كُل هذا الجحيم الذي واجهته ! ذهبتُ لأمي و أصبحت أبكي على قدميها .. و امتلكت القوةَ أخيراً لقول كلِ شيءٍ لها ، ذهبت لأخي وقبلته وقلت له بأن الأمور ستكون على ما يُرام .. و فعلاً لقد تم اخذ كُل الأدلة وتم إثبات بأنهم فعلو ذلك بأمي و أخِي .. وكانوا اعنف و أقسى المجرمين الذين كانوا يخطفون الأطفال بمساعدة المعلم الذي كان بمدرستِي !

حيث كان يزودهُم بمعلوماتٍ عن أطفال أيتام وليس لديهم أحدٌ ليسأل عنهم ! أو أطفال جميلين !! ولقد كان المأمور فيكتور يساعدهم في إخفاء الأدلة وإحراقها ويقوم بمساعدتهم في تلك الجرائم الحقيرة ! تم إيجاد مزرعة على حسب وصفي للمكان الذي كنت به مرتين !! ولم يكُن لقرية كلاندر أي شأن ، كانت مزرعة الأب ! وكان يدفنُ بها الأطفال وبعدها يجعل البقر تدهسُ فوق التراب لجعل الأرض مستوية !

لقد كان كُل شيء حسب ما يريدون وحسب تخطيطهم ! لقد تم إيجاد المئات من الجُثث في تلك المزرعة ! وكانت جميع البلدة حاقدة وتقيمُ الحملات بوجوب إعدامهم .. وتم نقل دانيل للعلاج النفسيّ ثُم عرضه للتبني .. آه الطفلُ المسكين .. لم أرى بشاعةً وقسوةً كتلك !!  لكن حمداً لله أنهُ تم القبض عليهم .. و لم أرى بعد ذلك أبداً أياً من تلك الكوابيس أو أي أطفالٍ مُتطفلين ومخيفين ..

لقد كانوا يريدون مساعدتي فحسب لانتقامهم من هؤلاء المجرمين ! و الآن أخي بطريقه للشفاء ،  و بعد ذلك سننتقل للعيش في المدينة مرةً أخرى ، آه كم اشتقتُ لذلك الإزعاج  .

 

تاريخ النشر : 2016-06-28

اسيل نااج

السعودية
guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى