أدب الرعب والعام

غموض في ارض الشياطين

بقلم : مصطفي جمال / قيصر الرعب

غموض في ارض الشياطين
لم يحترق الكتاب .. عظموا النائم في الظلام

في يوم من الأيام شديدة الحرارة وصل غريب إلى القرية و عرف عن نفسه أنه ( مصطفى ) و جاء ليرى المزرعة البعيدة عن القرية ، و لكن عندما ذكر المزرعة انفض الناس من حوله و حذره البعض لكنه لم يعرف مما يحذر ! ، كان هناك رجل متسول- يلبس جلباباً أبيض – يتابعه ، فلما انفرد به قال له أنه يعرف سر المزرعة و سيحكي له شريطة أن يعطيه بعض النقود فوافق (مصطفى) و بدأ العجوز يحكي ..

 حكى له عن الرجل الغريب الذي كان يملك المزرعة سابقا ، عن خادمه (عبد القادر)  ،  اكتشفوا أن زوجته ساحرة كانت تخرج في غياب زوجها لكي تتعامل مع الشياطين ، اكتشفها صبي و أخبر القرية فقتلوها ، حكى له عن مالك المزرعة الغريب الذي كان يخرج كل ليلة من المزرعة ليفتك بأحد السكان و يأكلهم و قال له بلهجة مخيفة :

” كنت فلاحا أعمل في مزرعته في ذلك الوقت و رأيته ذات ليلة ! ، رأيته يركض و يزأر كالوحوش ! ، عمره تجاوز السبعين و رأيته يركض على أربع ! و في عينيه نظرات رعب ، كان خائفا !”

حكى له عندما قبض عليه سكان القرية أخيرا عندما رأته فتاة و هو يأكل من جثة رجل كالذئب و صرخت ،  لكن حدث شيء غريب ، فعوض الهرب وقف و أطلق صرخة سمعتها القرية كلها و سقط ميتا ، هذا ما قالته الفتاة و منذ ذلك اليوم صار الناس يتطيرون من المزرعة ، يقال أن هناك أصوات صادرة من هناك .. واجه ( مصطفى ) هذه المعلومات بابتسامة و أعطى العجوز بعض النقود و عندما ابتعد قرر أن رأس الرجل مليئة بالخرافات .

عندما وصل إلى المزرعة رأى رجلا عجوزا يقصده و عرف أنه ( عبد القادر )  فأخذه إلى البيت قديم الطراز و كان من الداخل يوحي بالفخامة ،  جال به حول المزرعة و كانت نهاية الجولة في المكتبة ، ذهب الخادم العجوز إلى شأنه و راح ( مصطفى ) يتفحص الكتب فلاﺣﻆ ﻛﺘﺎباً ﻋﻨﻮﺍﻧﻪ ﻏﺮﻳﺐ ﻓﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻭ ﻓﺘﺤﻪ ، ﺭأﻯ ﺻﻔﺤﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺼﻔﺮﺓ ﻓﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻗﺪﻳﻢ ﻭ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻠﻌﺠﺐ أﻥ ﻛﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ الذي يليه ..

 ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻭ ﺟﺪ ﺻﻔﺤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺪﻗﺔ ﻟﺠﺪﻱ ﻳﻀﻊ ﻋﻤﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻪ ﻭ تنفذ ﻗﺮناه منها ﻭ ﻳﺘﺨﺬ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺟﻠﻮﺱ ﻏﺮﻳﺒﺔ ، ﻭ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻟﻜﻦ ﻓﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ  :

”  ﻣﻦ اﺳﺘﻌﺎﻥ ﺏ ( ﺧﺎﻟﻴﺎﻝ ) ﻓﻘﺪ ﺃﻛﺴﺐ ﻣﻀﻴﻔﻪ ﻃﺒﺎﻉ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ ﻭ ﺷﺮﺍﺳﺘﻬﺎ ﻭ ﻗﻮﺗﻬﺎ ، ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍلاﺳﺘﺤﻮﺍﺫ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺅﻳﺎ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻀﺎﺀ ﻭ ﻛﻮﺍﻛﺐ ﻭ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻭ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺠﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﺎﻡ ،  للاﺳﺘﺪﻋﺎﺀ  :
•  ﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻴﻦ
•  ﺷﻌﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻴﻦ
•  ﺳﻠﺢ ( حباري )
•  ﻟﺴﺎﻥ ( ﺧﻄﺎﻑ )
للاﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺭﺩﺩ ” ﻫﻴﻮﻫﺎﻳﻞ ﺳﻔﺎﻳﻞ ﺧﺎﻟﻴﺎﻝ “

ﻭ ﻣﻀﻰ ﻳﻘﻠﺐ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﻓﺮﺃﻯ ﺻﻮﺭﺍ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺗﻤﺜﻞ ﺷﺨﺺ أمام ﻣﺨﻠﻮﻕ ﻛﺄﻧﻪ ﺃﺧﻄﺒﻮﻁ ﺿﺨﻢ ﻭ ﺍﻷﺧﻄﺒﻮﻁ ﻳﺪﻭﺭ ﻛﺄﻧﻪ ﺇﻋﺼﺎﺭ ﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻜﺎﺋﻦ ﺿﻌﻴﻒ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻟﻪ ﺟﻨﺎﺣﺎﻥ ﻭ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﻼﻣﺢ ﻭﺟﻪ ﻭ يمشي ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺑﻊ ، ﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﺸﻜﻞ ﻣﻌﻘﺪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻓﻬﻤﻪ ﻭ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﻣﻌﻘﺪﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺓ ،  ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺑﺨﻂ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﻭﺭﺩ ﻓﻴﻬﺎ  :

”  ﻳﺎ ﺃﻫﻞ ( ﺭﻟﻴﻪ ) ﺃﺳﺄﻟﻜﻢ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺫو ﺍﻟﻤﺠﺴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺃﻥ ﺗﺤﻤﻮﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ! ، اﺣﻤﻮا ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ! ، اﺣﻤﻮا ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﺮ ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﻭ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻠﻬﺐ  “!

ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﺭﻛﻦ ﺍﻟﻐﻼﻑ ”  ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻴﻦ “

انتهى (ﻣﺼﻄﻔﻰ) ﻣﻦ قراءة ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ ﻭ أصابه اﻟﺬﻫﻮﻝ لأن هذا كما يبدو كتاب سحر ، ﻓﺠﺄﺓ ﺳﻤﻊ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻭ ﺑﺪا ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻭ كأنه ( ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ  ) ﻭ تأكد أنه صوته بالفعل و ﻟﻜﻦ كان أﻛﺜﺮ ﻏﺮﺍﺑﺔ ، انتاب (ﻣﺼﻄﻔﻰ) الفضول فذهب و وقف ﻭﺭﺍﺀ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭ سمع (ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ) ﻳﺒﻜﻲ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﺼﻮﺕ ﺧﺸﻦ :
” سوف أنتقم ! ، ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻘﻰ إﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻳﺎ ﻋﺰﻳﺰﺗﻲ “
بعدها ﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﺧﺸﻦ ﻭ ﻣﺮﻋﺐ يقول :
” أتتحداني أيها المتغطرس الفان ؟!”
ﺭﺩ عليه صوت ( ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ )
” ليس هناك متغطرس إلا أنت يا شيطان !”

ﺛﻢ ﺑﺪأ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻳﻬﺘﺰ فلم ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ (ﻣﺼﻄﻔﻰ ) ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﻴﺠﺪ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ خالية و لاحظ صورة فتاة موضوعة على منضدة ﻭ أتى صوت ( ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ) من خلفه :
” أﺗﺮﻳﺪ ﺷﻴﺌﺎ ما ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ؟”
التفت و نظر إليه مدة و قال :
” ﻻ ﺷﻜﺮﺍ ، فقط ﺧﻴﻞ ﻟﻲ أني سمعت أصواتاً هنا “
ﻗﺎل (عبد القادر) بابتسامة صغيرة: ” لا بد أنها مجرد أوهام  “
ﺛﻢ رحل و رجع (مصطفى) إلى المكتبة و جلس على الكرسي و عندما جلس شعر بأنه انتقل إلى عالم آخر .

***

لطالما فكرت في عبثية هذا الأمر و لكن مع الوقت بدأت أعرف أنها الحقيقة و أدركت إن كان هناك شيء واحد مؤكد هو أن جهل البشر نعمة ، و إلا لكانوا عاشوا المعاناة التي عشتها و التي جعلتني أسلم نفسي لتلك التخيلات المظلمة التي تتقاذفني ، كنت مثل أي شخص لكن كنت مختلفا بعض الشيء ، فقط رجل – غني منطوي على نفسه – في السبعينيات من عمره ، أعيش في بيت فخم من طابقين في مزرعة يعمل فيها فلاحون يتعامل معهم – خادمي المخلص -(عبد القادر) ..

 في هذه السن أصبحت هوايتي القراءة و لكن عندما تضيق الجدران علي و يهبط سقف البيت حتى أشعر بثقله على رأسي أقوم بالتجوال حول المزرعة و أشاهد بيوت الفلاحين على أطراف المزرعة و نظرا لموقع المزرعة البعيدة عن القرية كان المكان كالجنة بالنسبة لي و لا أنتظر إلا الموت فقد مضت الحياة بقبيحها و جميلها و أصبح المستقبل- بالنسبة لي-ماضٍ .

 

لكن ما أدراني أن الأحداث ستأخذ منحنى جنوني أكسر به حاجز المعقول و أقذف في هاوية الامعقول ، كان هذا أحد الأيام التي فيها الشمس حانية و السحب تراكمت بعضها فوق بعض و بدت كأنها أطواد معلقة في السماء الزرقاء و الأرض خضراء و نسائم تهب برقة ، كان يوما جميلا لكن ليتني لم أخرج لأقوم بجولتي النادرة ، و بعد أن أعد لي (عبد القادر) الشاي خرجت و نظرت إلى جبال الغمام من فوقي و الأرض الخضراء مد البصر و الريح تهب ، حينها شعرت بشيء ما ، شيء ما كان هناك و لم يعد ، و لكن تجاهلت كل هذا و مضيت ..

في ختام جولتي كان هناك شعور قوي بشيء ناقص و عندما نظرت إلى السماء خيل إلي أني أرى شئ مظلم- ذكرني بشيء رأيت صورته من قبل- يجول بحرية في السماء و توارى خلف سحابة، عندها لمت نفسي و قلت لها :
” عرفت ما الذي فقدته !، لا بد أنه عقلي  .. مرحبا بك في عالم الخرف أيها العجوز !”

 

في الأيام التالية لم أخرج و طفقت أقرأ كعادتي و لكن ما زال مشهد الشيء ( المتواري خلف السحب ) عالقا في ذهني و وضعت جوابا بسيطا أن الشئ- إذا افترضنا أني لم أصل مرحلة الخرف -طائر فقط لكن في الأيام التالية (المتواري خلف السحب) قد زارني في أحلام كابوسية و لحسن الحظ لا أذكر شيء إلا مقتطفات أشاهد فيها عيون شائهة تنظر لي من خلف زجاج أرى في انعكاسه أشياء مفزعة تتلوى ! ..

 لاحظ (عبد القادر) تحديقي في الظلام و الظلال كثيرا و التفاتي فجأة لأنظر إلى الفراغ و أتمتم و أعتقد فيّ الجنون ، في يوم و الريح تهب بعنف و قد غطت غيوم داكنة السماء قررت الخروج للهرب من هذه التخيلات الغريبة و عندما وصلت بيوت الفلاحين لا أعرف أي قوة مظلمة قد جعلتني أرى نفسي في مكان ذا رمال خضراء و سماء خضراء و أعمدة تتلوى حتى السماء و سمعت صوت حلقي منفر يردد :
” هيوهايل سفايل خوامايل “

 

من ثم سمعت بعض الأصوات مثل الغرغرة ، أعادت إلي هذه الأصوات و الكلمات بعض الذكريات عن شئ كريه غير محدد و رأيت نفسي في فضاء هائل و رأيت نجوم كثيرة و رأيت كوكب فيه مخلوقات من لهب و بعضها لها شكل شنيع لا يمكن وصفه أصابني بالرعب و حاولت الهرب و قد أحسست بخيوط الجنون تتربص بعقلي .

 

لكن استيقظت في اليوم التالي على فراشي و لاحظت بعض الخدوش على جسدي و بقايا طعم شئ كريه في فمي ،  قال لي (عبد القادر) أنهم وجدوني خارج المزرعة بعدة خطوات و أنا مغمىً علي و قد استدعوا طبيباً و قال أن صحتي جيدة و لكني مجهد و أحتاج للراحة ، كانت ملابسي ممزقة لسبب غير معروف و سألني (عبد القادر) عن هذا فصارحته باني لا اعرف ، قال لي أن تلك المنطقة التي أغمي علي فيها يشاع عنها أنها مسكونة ، هنا سهوت أفكر في شيء و هو عندما مررت بتلك الحالة الغريبة و زرت تلك الأماكن المخيفة كنت متأكد من كوني كنت بجانب بيوت الفلاحين و بالتالي كنت داخل المزرعة ! ، فكيف وصلت هناك ، هل هو أحد الفلاحين من فعل ذلك ؟ ذلك مستبعد بالإضافة إلى عدم شعوري بضربة أو شئ بل كأني انتقلت إلى ذلك العالم فجأة ، بدأت أشعر أن في هذه المزرعة شيء غريب و غامض .. و شرير !.

***

في هذا الوقت في القرية الصغيرة انتشر خبر مصرع (سيد) الرجل الضخم القوي الذي قتل بطريقة شنيعة ، فقد أكلت أجزاء من جسده ، و رقبته اقتلعت من مكانها و تم و ضع رأسه على بقايا جسده بدون أي أثر بجانبه و كما يبدو فإن (سيد) كان في طريقه لبيته – الذي كان يقبع بعيدا عن القرية و للوصول إليه يجب أن تجتاز أرض مقفرة خالية – و ربط سكان القرية موته بحادث كان قد حصل لأبيه ( حمزة)  فقد اكتشف ذات مرة ساحرة و تم قتلها و ظن الجميع أنها انتقمت من ابنه ..

 و بعد أيام هبط ظل الرعب على سكان القرية بسبب أشخاص قتلوا بنفس الطريقة وكانوا جميعا يسيرون وحدهم في الخلاء و أمسوا خائفين من التحدث عن ( الذي لا يترك أثرا ) و إذا ذكره أحد صاح الجميع  :
” بسم الله الرحمن الرحيم !”

***

قصة (حمزة) حدثت منذ قديم الزمان و هو صبي ، كان يقصد بيته البعيد- و هو نفس البيت الذي سيسكنه (سيد) ابنه – و في ذلك الزمان كانت هناك شائعات عن كيانات متشيطنة تجول عند حلول الليل لذا كان يمشى مسرعا مرددا بعض الأدعية و توقف عندما أبصر امرأة تمشي مسرعة ، ظن في بادئ الأمر أنها (سعلاة) و لكن عندما أمعن النظر وجد أنها (أمينة) التي تسكن هي و زوجها في مكان قريب من بيته ..

أرغمه فضوله على متابعتها في الظلام و بعد مسافة و جدها تقف أمام أطلال بيت قديم و اختفت خلفه و بحذر تبعها إلى خلف المنزل و استرق النظر .. و عندما نظر رأى هول لا يستوعبه عقله و لم يتوقف ليلتقط أنفاسه إلا في القرية و قد تجمعت الجموع حوله بعد أن صاح بكلمات مختلطة لا يفهم منها شيء و من ثم أفرغ ما بمعدته و فهموا من كلماته أن هناك شئ وراء بقايا بيت ( إبراهيم)  المتهدم و قرروا أن يكتشفوا ماذا يوجد هناك ، عند وصولهم وجدوا شئ مقززا بجانب امرأة عارية فاقدة الوعي عرفوا أنها ( أمينة ) و عندما حاولوا معرفة الشيء المقزز أصاب الكثير منهم الرعب لما عرفوا كنهه و البعض الآخر راح يقرأ القرآن و يردد الأدعية و أحرقوا الشيء و قتلوا المرأة و لم يتكلم أحد عن الشيء الذي أكلته النيران ، إلا أن زوج (أمينة) كان في تلك الأيام غائبا و كان هذا الزوج هو ( عبد القادر . )

***

عندما استيقظ و نهض من الكرسي فجأة و بدأ ينظر حوله و يتمتم :
” ما هذا الذي رأيته ؟ “
لكنه فجأة بدأ بربط الأشياء التي رآها بالأشياء التي سمعها و فجأة ارتعد بشدة و سأل نفسه هل من الممكن أن يفعل الخادم هذا ؟! مستحيل و ذهب إلى الرف الذي كان الكتاب الغريب فيه و أخرج ولاعته و أشعلها و عندما أراد حرقه سمع صوت تنفس ثقيل خلفه و عندما استدار رأى (عبد القادر) و هو ينظر إليه بحقد و ببطء و بصوت خشن مرعب قال له :

 “ارمي ما بيدك يا سيدي فإن النار لن تنفعك “و بدأ يتقدم و أردف” أعطني الكتاب”

لم يلتفت إليه (مصطفى) و عرض الكتاب للهب حصل شئ غريب لم يستوعبه و هو أن النار تمسكت بالكتاب لكنها انتشرت في أنحاء المكتبة كأن أحدا ما نفض الكتاب من النيران لتنتشر في كل مكان ليحترق المنزل بأكمله.

***

ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ اﺣﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤﺰﺭﻋﺔ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻓﻲ مرة جاء مجموعة من الصبية مهرولين من ناحية المزرعة و قالوا أنهم رأوا مجموعة من الكائنات و سمعوها تصرخ بكلام غير مفهوم ، بعضها يشبه اللهب و بعضها قصير غريب لذا سرت ﺷﺎﺋﻌﺎﺕ ﻋﻦ أﻥ ﺍﻟﻤﺘﺸﻴﻄﻨﻴﻦ اﺗﺨﺬوا المزرعة مسكناً ﻟﻬﻢ ، و لكن ما لم يعرفه سكان القرية أن المخلوقات رددت كلمات معينة و هي :
” فادوس زي خواك ، فادوس زي خواك .. ني لامين با !”
و لم يعرفوا أن معناها ( لم يحترق الكتاب ، لم يحترق الكتاب .. عظموا النائم في الظلام . )

 

تاريخ النشر : 2016-07-13

guest
44 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى