أدب الرعب والعام

و من الحب ما قتل

بقلم : Shadwoo shadwoo – مصر

و من الحب ما قتل
ان لم تكن لي فلن تكون لغيري..

– احمد لم انت مسرع هكذا ؟ انه اخر يوم بالدراسة.
– دعه ربما لديه ميعاد هههههه
– كفى يا رفاق , تعلمون اني وعدت جدي بقضاء العطلة معه بالمزرعة ,سأذهب حتى لا تفوتني الحافلة وداعا..

 
ودع احمد اصدقاءه مسرعاً الى المنزل ,اخذ اغراضه واسرع الى محطة الحافلات..

– آه لحسن حظي انه لم تفتني الحافلة.

(تمضي نصف ساعة ليسأل السائق )

– كم تبقى من الوقت حتى اصل لوجهتي ؟
– ساعتان ونصل.
– اااه يا الهي ! ساعتان مع هذا الجو الحار سأنام قليلا حتى لا انتبه للوقت.

ما ان اغمض عيناه حتى سمع صوت فتاة يناديه.. فتح عينيه و نظر بأرجاء الحافلة لكنها فارغة, ليس بها سواه هو و السائق ,و عجوزاً جالساً بآخر الحافلة متكئاً على عصاه..

اغمض عينيه مرة اخرى وهو يقول :اما اني بدأت اهلوس من حرارة الجو, او اني بدأت اشتاق للفتيات ههههه.
استغرق احمد بالنوم ليستيقظ على صوت السائق وهو ينادي :
– استيقظ يا فتى لقد وصلت الي وجهتك.
نزل من الحافلة حاملاً اغراضه وهو يراقبها تبتعد عنه ,ثم يدور بنظره من حوله.

– ماذا حدث للبلدة كأنها مهجورة و أين جدي ؟؟  سأسال ذاك العجوز ربما يعرف طريق بيته.- مرحبا ..اتعرف اين اجد بيت الحاج ياسين ؟
– لمَ تسأل عنه ؟ أتعرفه ؟
– إنه جدي لماذا ؟ اهناك خطب ما ؟!
– لا لا شيء,  فقط مجرد سؤال, تعال سأدلك على مكان بيته

سار احمد وراء العجوز وهو يتأمل شكل الغابة الغريبة ,و ينظر الى الغربان التي تحوم فوق مكان ما بالغابة.

– ما ذاك المكان ؟ سأل العجوز وهو يشير الي مكان الطيور ، ولمَ تحوم الطيور فوقه هكذا ؟
– ااه لا شيء ربما حيوان ميت ,لا تشغل بالك (قالها وهو متوتر) لقد وصلنا الي بيت جدك, سأغادر الآن, لكن تذكر شيئاً هاماً.. ثم امسك بكتف احمد واقترب من اذنه قائلاً : لا تستمع لصراخها ..

ثم تركه مبتعداً عنه و هو ينظر مرة للغابة ومرة للطريق ,و ترك احمد متعجباً من تصرفاته و هو يحدث نفسه :ما هذا الجنون ؟

– جدي لقد اشتقت اليك.
– انا ايضا يا بني , ادخل يبدو عليك التعب ، نم قليلا حتى اعد لك الغداء.
– لقد نمت بطريقي, سأستحم فقط فالجو حار جداً.

دخل احمد الغرفة ووضع اغراضه ودخل ليستحم ، اغمض عينيه قليلاً ليستمتع ببرودة المياه, فاخترق اذنه صوت فتاة ,وبدأ الصوت يقترب اكثر فاكثر حتى انتفض احمد من مكانه ,و اخذ يدور بنظره ارجاء المكان فلم يجد احداً !!

– اسرع يا بني سيبرد الطعام.
– سآتي في الحال.

جلس احمد و جده يتبادلان اطراف الحديث حتى انتهوا من الطعام ,ثم خرج قليلاً يتجول في البلدة يتجول التي لا يتعدى سكانها العشرات بعدما كانت محط الانظار..  أخذ وقته حتى دخل الليل, ثم عاد الى البيت وهو يتأمل بطريقه مكان الطيور ,و يستغرب من طيرانها فوق ذاك المكان ليلاً ونهاراً.

وصل الي المنزل والقى بجسده على السرير حتى استغرق بالنوم,  رأى فتاة تقف بالغابة و ضوء القمر يداعب عينها الغارقة بالدموع و هي تحدث شخصا ما.

– أتحبني ؟
-بالطبع…
قاطعته قائلة: لقد قلت انك لن تتركني.
-حبيبتي ماذا حدث لكي أأنتِ بخير ؟ معي هدية لك ستعجبك واخاف الا تقبليها مني.
– انا اعلم ما هي هديتك, انا ايضاً لدي هدية لك, لكن اولاً ضمني لآخر مرة.

اقترب منها الشاب وعلامات التعجب بادية على وجهه و ضمها,  فاذا به يشعر بألم بظهره وهي تهمس بصوت يملأه الدموع : ان لم تكن لي فلن تكون لغيري.

استيقظ احمد فزعاً على صوت صراخ, فهمَّ الى النافذة ,و علم انه قادم من ناحية الغابة, فاسرع الى الباب ليفتحه واذ بيد تمسكه.

– جدي يبدو ان احداً ما واقع بمشكلة , الا تسمع صوت الصراخ ؟
– اذهب الى غرفتك لا يوجد صراخ.
– لكنه… سكت احمد ليستمع ، لقد توقف الصراخ !!
– الآن عد لغرفتك ولا تستمع لشيء .

وكيف لأحمد ان ينام بعد ذاك الصراخ المروع ؟ و ذلك الحلم الغريب ؟ .. ظل مستيقظاً حتى شروق الشمس وبدأ يومه الجديد بمساعدة جده بالمزرعة.

– احضر لي بعض الحطب من اطراف الغابة لكن لا تدخل اليها .

اسرع احمد وجمع الحطب فأثار فضوله مكان الطيور, قال لنفسه : لا ضرر من نظرة سريعة.. سار بخطوات ثابتة نحو المكان وشعر كان احداً يراقبه, التفت حوله فلم يجد احد ,لكنه لاحظ وجود حجر مكتوب عليه (قتلني الحب مرتين )

و الغريب فيها كأنها قد حُفرت بأظافر شخص ما, و هناك الكثير من الخربشات حولها تخفي اسم شخص وتاريخ كأنه قبر أحد ما !!

شعر احمد بأنفاس باردة وراءه ,و قبل ان يلتفت سمع صوت جده يناديه من اطراف الغابة فاسرع اليه.

– لمَ ذهبت لذلك المكان الم احذرك ؟ ماذا رأيت ؟ هل رآك احد ؟
– لا يا جدي لم ارَ احداً او يراني احد.
– حسنا دعنا نعود للمنزل فالليل يوشك ان يحل.

 
عادوا الى المنزل.. و بينما كانوا يتناولون العشاء , كسر احمد حاجز الصمت بسؤاله :

– ما قصة ذلك القبر يا جدي ؟
– انها قصة طويلة..

منذ سنوات مضت كانت تسكن بمنزل الباشا شابة جميلة تدعى ياسمين..

كانت الابنة الوحيدة لأبيها.. بعدما ماتت امها وهي صغيرة ,حرص والدها على توفير كل ما تطلبه عدا شيء واحد..

تنهد ثم قال : في يوم من الايام رأت ياسمين شاباً يافعاً في السوق ..يدعى فارس .. كان يعمل في محل, و منذ وقتها وهي تتردد كثيراً على السوق لكي تراه .. وتصطحب معها صديقتها التي عرف عنها فيما بعد انها تحقد علي ياسمين وليست صديقتها كما تدعي

مرت الايام وعشقت ياسمين الشاب وهو ايضا بادلها العشق

 
لكن ما كان من صديقتها الا انها اكلتها الغيرة فقد كانت ترى ان ياسمين تأخذ كل ما تمنته هي يوماُ, فقطعت على نفسها عهداً الا تتركها بسلام يوماً واحد مع ذاك الشاب ,وحرصت على تفريقهما ..

و لهذا بعد ايام ..ذهبت الى ياسمين لتحدثها عن فارس .

– أتحبين فارس ؟
– بل اعشقه انه الهواء الذي أتنفسه.
– وهل هو يحبك ام فقط يفعل ذلك لأجل مال والدك والكل يعلم انه معدم فقير ؟.
– اياكِ ان تتحدثي عنه هكذا مرة اخرى.
– حسناً حسناً ،ما رأيك بالذهاب للسوق اريد شراء بعض الملابس.
– السوق ؟ قالتها ياسمين بفرح ،حسنا لنذهب.

 
وعندما وصلت ياسمين للسوق مع صديقتها وجدت فارس يضحك مع فتاة, فغضبت وهمت بالرحيل لكنه رآها و أوقفها.

– لمَ انتِ مسرعة هكذا الم تشتاقي الي ؟
– من هذه الفتاة التي تضحك معها .
– انها مجرد زبونة لا اكثر.

 
وبتلك الاوقات ابتعدت صديقتها لتستوقفها الفتاة.

– لقد فعلت ما طلبتِ مني.. الآن النقود.
– خذي لكن استمري كما قلت لك .

 
ظلّت نار الغيرة تشتعل بداخل ياسمين بسبب صديقتها ,حتى رأت فارس يشتري خاتم و تقف امامه فتاة لا يستطيع البعيد رؤية ملامحها بسبب الغطاء على وجهها لتمد يدها ويلبسها فارس الخاتم ,اسرعت ياسمين الى البيت وعيناها تغمرها الدموع لتسالها صديقتها عن حالها فقصّت لها ياسمين ما رأت.

استغلت صديقتها ذلك واصبحت تروي، قصصاً عن انه يحب غيرها و انه سيتزوجها وانها يجب ان تتركه قبل ان يتركها لأجل فتاة اخرى.

 
سكت الجد قليلاً ثم قال :

 ذهبَت اليه في اليوم التالي لتخبره انها لا تريد ان تراه مرة اخرى, ليسبقها هو بقوله: لقد اشتقت اليكِ ..كما اني احضرت لكِ هدية,  اليوم سيكتمل القمر وسيكون الجو شاعرياً وسأفصح لكِ عن مفاجأتي .

– حسناً .. قالتها بنبرة حزن.

عادت الى المنزل و اسرعت اليها صديقتها لتسألها عمّا فعلت , فأخبرتها ياسمين ..  فظلت صديقتها تدور وتدور وهي تفكر ,ثم نظرت الى ياسمين – التي ذبلت من الحزن ومن افعال صديقتها لها – وقالت لها :

– لابد انه سيقول لكِ عن خبر زواجه من تلك الفتاة وسيحضر لكِ الدعوة لهذه هدية ؟

أستتركينه لغيرك وانتِ التي تعشقينه.

– وماذا افعل ؟

سحبت صديقتها السكين من الطبق وقالت لها :
– اما يكون لكي او لا يكون لأحد ثم اعطتها السكين.
– اقتله ؟!!! هل جننتِ.. بالطبع لا..  انا احبه..  لا يمكنني.
– حسناً اذاً.. دعيه لغيرك..

تركتها والافكار تغزو عقلها.

ذهبت ياسمين الى الغابة وهي تنظر تارة الى القمر و تارة الى الامام مرة ,و اقدامها تجر بعضها ثم تقف امامه والقمر يداعب عينيها المليئة بالدموع .
– حبيبتي لمَ تبكين اهناك خطب ما ؟
– أتحبني ؟
-بالطبع….
قاطعته لتقول بصوت ملئ بالدموع: لقد قلت انك لن تتركني.
-حبيبتي ماذا حدث لكِ ؟ متى تركتك ؟؟
عندما تري هديتي ستعلمين كل شيء.

– انا اعلم ماهي هديتك انا ايضاً لدي هدية لك لكن ضمني لآخر مرة.

اقترب منها الشاب ليضمها وعلامات التعجب تملأ وجهه ,واذا به يصدر صوتاً كأنه يتألم ,و سمعتها تهمس له وتقول :

-ان لم تكن لي فلن تكون لغيري.

ثم دفعها بعيداً وارتمى علي الارض و قد اختفت انفاسه..

فاقتربت منه و أخذت السكين ,ولاحظت انه ممسكاً بشيء .. فتحت يده لتجد خاتماً مكتوب عليه من الداخل ياسمين و فارس ليصيبها الجنون.. فأسرعت الى البيت تحمل سكينها في يدها و الخاتم في يدها الاخرى ,وملابسها ملوثة بالدماء.. وجدت صديقتها تسأل عنها و الخادمة تقول لها انها لم تعد بعد..

اسرعت ياسمين اليها لتحكي لها ما حدث لكن استوقفها كلام صديقتها :  

– مسكين يا فارس .. كم كنتَ سعيداً وانت تختار خاتم الزفاف لتلك المغفلة .. و قد خدعْتُكَ بقولي انها تملك نفس مقاس اصبعي, فجعلْتُكَ تجربه على اصبعي و انا اعلم انها تراني .. ااااه وتلك المغفلة صدقت كل كلمة قلتها..  

أنهت كلماتها بضحكة .. لتصرخ ياسمين و تسرع نحوها بجنون.. و لم تستفق الا وقد مزقت جسد صديقتها بالسكين, و استمرت بالصراخ كالمجنونة..  هذا ما قاله الخدم عندما رأوها بتلك اللحظة, لكنهم لم يكونوا سريعين كفاية لينقذوا ياسمين قبل ان تقتل نفسها ,و كان موت الثلاثة كالصاعقة على اهل البلدة ..

وتم دفن فارس بمكان مقتله لأنه كان غريباً عن البلدة..

– يا الهي !! لكن يا جدي ماذا عن ذاك الصراخ بالغابة و الخربشات علي القبر ؟
– انها هي يا بني, فقد عشقته وما ادراك ماذا يفعل الحب بالعاشقين.
– صحيح لم اسالك عن البلدة لم هي فارغة هكذا هل هاجر اهلها ؟
– لقد تم الابلاغ عن اختفاء شباب كثر ..اعتقدنا في البداية انهم قد سافروا .. لكن الامر زاد عن حده ,و ربطوه بالصراخ وما يحدث بالغابة .. فهاجر اهل القرية خوفاً على ابنائهم..

والآن تأخر الوقت ..ادخل لتنام و لا تذهب الى هناك مرة اخرى.

 
و ما ان استغرق احمد بالنوم حتى سمع صوت الفتاة تناديه وتقول له تعال , تعال الي ..

فرأى نفسه سائراً الى الغابة حتى اختفي بين الاشجار ,ولا يعلم أهذا حلم ام ماذا ؟

 
– هيا استيقظ يا بني ..

دخل الجد الى الغرفة فوجدها فارغة !!  بحث عنه حول المنزل ..فجأة لمح شيئاً لامعاً في طرف الغابة, اقترب فوجدها ساعة احمد ..
امسكها وهو يردد لا لم تأخذه .. ظل ينادي عليه و يبحث في الغابة لكن لا يوجد له اثر ..

 
برأيكم من قتل احمد و باقي الشبان ؟ اهو الفضول ,ام الفتاة ,ام الحب ؟

احذروا ان تقعوا بالحب فكما يقال ومن الحب ما قتل ..

تاريخ النشر : 2016-07-22

guest
44 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى