أدب الرعب والعام

أمير الظلام ج4

بقلم : الامير الحزين – مصر
للتواصل : [email protected]

استجمع قواه وقام بفرد أجنحته ..

ومن هنا أخذ العهد من الملك على أن يسلم له ابن فيليوس ، و يمتلك قوى الكتاب التى لا توصف بالنسبة للشياطين ، والخطوة القادمة هى ستكون خيانة هيدوس لتينب وستكون هذه قرابة الوقت المحتوم ما الذي سيحدث ؟؟ هذا ما سيكون القادم …

*****

قبل ستة أشهر ..

فى ساحة قصر “تينب” أمير الظلام و فى تجمع كبير من أتباعة من البشر ، وفى هذا اليوم الذى كان عبارةً عن احتفال كبير لتمجيد سيدهم الاكبر ” لوسيفر” وكان هذا الحفل بالطبع به كل ماتشتهيه الأنفس و تلذ به الأعين ، من جميع الشهوات ..
و بحضور عدد كبير من أصحاب نفوذ وسلطة من القوم ، وبهذا التميز ، خرج عليهم و فى وسط حشد كبير و خدم من الأمام و الخلف و إذا به شاب وسيم الوجه ، طويل القامة ، مفتول العضلات ، يرتدى حلةً سوداء ، وعيناه كأنها تتغير إلى عدة ألوان ..

مشى نحو الحشود و إذا بالجميع يركع له للتحية و التعظيم من شأنه ، ثم يصعد إلى المسرح الموجود فى ساحة القصر ، ويقول بصوت عالى :
” اليوم هو أعظم الأيام .. اليوم هو تمجيد سيدكم الاكبر ، و أنا وفى هذه الساعة أخبركم أن هذه الدنيا ملك لنا نحن ، ونحن أسياد العالم ، وعما قريب ستكون لنا القوة لنحكمها “

و إذا بهم يهللون و يصرخون و يمجدون شيطانهم الأكبر ، ثم اأشار بعد ذلك ليحضروا الأضاحي ، و هي مجموعة من الأطفال الرضع الذين ولدوا بطريقة غير شرعية بالطبع ، ويضعوهم على المذابح ..
و في وسط صراخ وتهليل و تمجيد و أفعال مشينة بالنسبة للنفس البشرية ، أتى اليه –هيدوس- معلمه الأسبق و وقف على المسرح و قال بصوت عالٍ :
” جئت اليوم لتمجيد الشيطان الأكبر ، و أيضا لتمجيد تلميذي وسيدي أيضا الأمير “تينب ” ووريث عرش أبيه الملك “فيليوس” و أخرج من جعبتة صندوق صغير و فتحه ، و كان به سوار مغطى بالأحجار الكريمة السوداء ، قال له : أقدم لك يا سيدى هذه الهدية امتناناً مني و قبول اعتذاري عما بدر مني سابقاً ..

وفي لحظة فخر أخذها منه ، و قبل اعتذاره و انتهى الأمر هنا ، ليس لشيء معين ، و لكن لأنه يحتاج إليه ..
ومضت الحفلة وانتهى اليوم وذهب أمير الظلام إلى غرفته ، و نظر الى المرآة ليتفاخر فى نفسه عما قد وصل إليه من مجد و قوة و اتباع مخلصين لسيدهم ، ولكن فى هذه اللحظة رأى شيئاً في المرآة ، كأنه فب مكان شاسع يحيط به الظلام من كل النواحى و إذ فى هذه اللحظة تنشق الأرض و تخرج منها نيران كثيفة ، ويخرج من هذه الحفرة عملاقان في أيديهم المطارق ، و التفوا حوله و قاموا بضربه من كل جهة حتى سقط من شدة الضرب ، و وضعوا الأغلال في يده و قاموا بسحبه إلى تلك الحفرة ..

عند هذا الحد اختفت الرؤية من المرآة ، فظل صامت لعدة ثواني انتابته خلالهما الحيرة والقلق !!

ركب سيارته الفاخرة و ذهب إلى المقابر في الساعة الثانية صباحاً ، و وقف في المنتصف و ظل يقرأ تعويذة قوية جداً ، و بدأ الظلال يحيط بالمكان ، وظلت الأرض تهتز ، و تخرج أصوات صراخ من القبور ، و كأن الأموات يتعذبون بداخلها ، واشتدت الرياح …
و استمر هو بتلاوة التعويذة ، و أخذ صوت صراخ الأموات يزداد حتى كادوا يفتحون قبورهم و يخرجون منها ، و في هذه اللحظة توقف كل شيء كأن لم يكن ، و خرج صوت أجش من داخل القبور وبدأ بالتكلم :
– ماذا تريد يا ابن -“فيليوس ” ؟ لماذا استدعيتنا من عالم الظلام ؟
– أريد تفسيراً لأمر هام يا من تسكنون الأموات
– أى أمر؟
– عن رؤياي التى شاهدتها ..
– حقاً ؟! و ما هو المقابل الذى سوف نأخذه ؟
– ماذا تريدون ؟
– نريد أن نأخذ منك ما هو غالي
– و ما هو ، ماذا تريدون ؟
لكن الصوت توقف ، فظل يناديهم .. ماذا تريدون ، ماهو الشيء الغالى ، و لكن لم يسمع أي استجابة !
و لأول مرة يشعر “تينب ” بالخوف و القلق مما هو قادم ..

ركب سيارته وذهب إلى ” هيدرا ” كان قد حل الصباح ، طرق الباب و ما إن فتحت له هيدرا و رأته حتى طار قلبها من الفرح ، فقد مضى على غيابه عنها أكثر من ثلاثة أعوام .

دخل وجلس وظل صامتاً لبرهة ، جلست بجانبه وتحدثت معه :
– ما بك يا بني ؟ ما الذي يقلقك إلى هذه الدرجة ؟
– “هيدرا ” لقد اقتربت النهاية ، و في بعض الأحيان أعتقد بأني لن أنجح في استرداد العرش .
– اسمعنى جيدا يا “تينب” ليس بعد كل هذا تقول بأنك لن تنجح ، لقد اقتربنا من هدفنا ..
– “هيدرا” لقد وردتنى رؤية ..
– ما هى هذه الرؤية ؟
فقص عليها ما رأى و أخبرها عما حصل معه في المقابر ، هنا ابتسمت هيدرا و قالت :

– أنت الآن فى المرحلة التي ستجعلك الملك ، و ستصبح ملك من ملوك العالم السفلى ، لا تستسلم الآن ، اصبر لقد اقتربت من تحقيق هدفك ..
وبعد ذلك تركها وذهب إلى قصره الفاخر في الولاية ليكمل أعماله ..

*****

في الوقت الحالي
– لقد صدر الأمر
– أي أمر هذا الذي تتحدث عنه ؟
– أمر هذا الفتى ..
– ماذا عنه ؟
– لقد جاء الأمر بقتله
– ومتى سيكون الموعد ؟
– ربما غداً أو بعد غد ..
وجاء صوت آخر يخترق هذا الجدال و يأمرهم بالصمت ، فصمتوا .. وقال للأخر ان يفتح البوابة ، و إذا به ينفذ الطلب
فدخل عليه شخص قوى البنيان طويل القامة يرتدي درعاً أسود اللون منقوش عليه علامة الشيطان الأكبر ، نظر إليه وابتسم ابتسامةً بها خبث ، ثم بدأ يلتف من حوله ، و اقترب منه وقال فى أذنه بصوت هامس :
– لقد اتعبنا البحث عنك لأعوام
– من أنت ؟ وماذا تريد ؟
– ههههههه ، ستعرف قريباً من أنا
– انتظر ، قل لى من انت ؟ وماذا تريد ؟
ثم بعد ذلك تركه وخرج و أمر الحارسان أن يغلقا البوابة ، وظل “تينب” منهك إلى حد شديد و ظلت الأفكار تراوده إلى أن بدأ باستذكار ما حدث قبل ذلك من هذا الوقت ..

*****

قبل شهرين
قال “تيد” وقد كان أحد أتباعه :
– سيدى .. لقد جهزنا أقوى أنواع المواد الكميائية التى يمكنها أن تسيطر على العقول ، وسنقوم بتوزيعها على المراهقين .
– أحسنت .. ثم التفت لتابع آخر : و أنت .. هل انتهيتم من صناعة الأسلحة البيلوجية ؟ نريد أن نسرع فى بيعها ، لا نريد ان نتأخر
– نعم يا سيدى ، لقد انتهينا منها وسوف نقوم بشحنها إلى السفن .
– و أنت (ملتفتاً إلى غيره ) هل انتهيت من صناعة الأسلحة الثقيلة ؟ لقد أرسل لنا رسائل كثيرة بشأنها
– نعم يا سيدى لقد انتهيت منها ولا ينقصنا سوى التسليم ..
و في سعادة وسرور ابتسم وقال :
– أحسنتم جميعكم يا أتباعي المخلصين ، لم أكن أتوقع أن التعامل معكم انتم البشر ، مربح إلى هذا الحد

– سيدى .. سيدى (أحد أتباعه)
– ماذا تريد ؟
– لقد أحضرت لك ماطلبته
– حقاً ؟
– نعم ، و هو الآن موجود فى غرفتك ..
سعد كثيراً بهذا و أمر أحد خدمه أن يعطوا هذا التابع مكافأة ، ثم بعد ذلك ذهب الى غرفته ، فوجد فتاة عذراء في الثامنة عشر من عمرها ، جميلة و متوسطة الطول ، ترتدى فستاناً أزرق اللون ، فاقترب منها وجذبها إليه و همس في أذنها : أنت ملكي الآن ..ثم فعل بها مافعل ..
و بعد أن انتهى أمر الخدم أن يأخذوها إلى السرداب ، نظرت له وقالت : ما هو هذا السرداب ؟!!
فقام الخدم بتقييدها من يديها بسلاسال من حديد ، و أخذوها إلى ممر سرى فى الطابق الأسفل من القصر ، و فتحوا بوابة مخفية في الحائط ، يظهر منها مجموعة سلالم تؤدي إلى الأسفل ..
أخذوها إلى أسفل ، وعبروا بها نفق طويل به إضاءة خافتة ، في نهايته باب لا يفتح إلا ببصمة اليد ..
وضع أحد الحراس يده و قام بفتحه ، و ظهر بعدهؤ ممر على جانبيه غرف كثيرة جداً ، وكل غرفة مكتوب عليها اسم فتاة ، ومكتوب أيضاً ميعاد قدومها و الميعاد التي حملت فيه و ميعاد إنجابها و ميعاد أيضاً … قتلها .

ظلت تلك الفتاة تصرخ على الخدم وتطالبهم بأن يتركوها ، وترجوهم ، لكن كل هذا كان بلا جدوى ..
عبروا بها الممر وقادوها إلى غرفة تبدوا كغرف العمليات ، و رأت طبيب يقوم بفتح بطن فتاة حامل دون تخدير ، و الفتاة تصرخ من شدة الالم ، و بعد ذلك وقفوا بها أمام غرفة مكتوب عليها اسمها ، أدخلوها في الغرفة وهي ما زالت تصرخ و تتوسل ولكن دون جدوى ، إلى أن جاء لها شخص تحدث معها :
– اهدئى …
– من أنت ؟
– أنا طبيب
– ماذا تريدون مني
– لا شيء سوى ما تحملينه فى رحمك ..
– و ماذا ستفعلون بي بعد ذلك ؟!!
– سوف تموتين بالطبع ..
– أرجوك لا تفعل بي هذا .. اتركوني و لن أخبر أحداً بما رأيت ..
– أنا آسف.. هذا ليس بيدي
– بيد من إذاً ؟
– بيد السيد العظيم أمير الظلام ..
تركها بعد ذلك وذهب و لم يلتفت لصراخها و توسلاتها .. ذهب الطبيب إلى سيده “تينب” ليخبره أنه قد أجرى ثلاث عمليات إنجاب ناجحة فى هذا اليوم ، قام أمير الظلام بتهنئة هذا الطبيب ، و ابتسم وقال له :
نعم أريد أبناء من سلالتي ، أريد أن أمتلك هذا العالم أيضاً . خذوا الأولاد و انشروهم في الأرض ، قوموا بتربيتهم ، اجعلوهم فاسدين ، اجعلوهم شياطين بحق ، أريدهم أن يكبروا ويحتلوا هذا العالم .. خطتي أن أنشر الفساد و الدمار في الأرض و بين البشر ..
وتعالت ضحكاتة واشتدت سعادته …

*****

قبل شهر من التعويذة الأخيرة ..
ذهب أمير الظلام إلى المقابر ، و تلى التعويذة ، و أيضاً أخذت أصوات الصراخ تتعالى من القبور ثم هدأت فجأة ، وخرج منها صوت أخذ يقول :
– ماذا تريد يا ابن “فيليوس”
– قبل فترة أخبرتموني بأنكم تريدون ما هو أغلى حتى تفسروا لى رؤياي .. و الآن أطلب منكم مرةً ثانيةً أن تخبروني عن تفسيرها ..
– ما نريده لن تستطيع أن تتحمله
– اخبرونى ما هو ؟!
– ما نريده هو الآتى…

*****

– حسناً سيدة “ماتيلدا” هذا حساب الطعام
– تفضل باقي الحساب يا سيدى ، شكراً لك أرجو أن تعود غداً ، أتمنى أن ينتهى “تينب” بأسرع وقت حتى نعود إلى عالمنا و نترك هذا العالم المليء بهذه المخلوقات المثيرة للشفقة .
و بعد أن أنهت عملها فى المطعم قامت بإغلاقه و ذهبت إلى المنزل ، صعدت إلى غرفتها و ارتدت ثياب النوم و استلقت على السرير ، و إذ بها تسمع صوتاً في الأسفل ، فنزلت لترى ماذا يحدث ، و ما إن نزلت حتى وجدت باب المنزل مفتوحاً ، أخذ الشك يراودها و لكنها ذهبت ناحية الباب لتغلقه ، و ما إن التفتت حتى وجدت مجموعة من الشياطين تهاجمها ، و لكنها أسرعت بتغيير شكلها ، و بدأت تقاتلهم بكل قوتها ، لكنهم كانوا أكثر عدد منها ، و يمتلكون أسلحة من السيوف و المطارق و السلاسل ، و مع ذلك صمدت في قتالهم و لم يتمكنوا منها إلا بصعوبةٍ بالغة ، فقاموا بطرحها أرضاً إلى أن فقدت الوعى ، و قاموا بربطها وحملوها معهم و قام واحداً منهم بإشعال النيران في المنزل كله إلى أن أصبح رماداً ….

استيقظت “هيدرا” لتجد نفسها مقيدة بسلاسل مصنوعة من السحر الاسود ، و يحيط بها مجموعة من الشياطين طوال القامة ، أقوياء البنيان ، سود مثل الليل و أعينهم حمراء مثل الدماء ، نظرت إليهم بغضب وصرخت قائلةً :
– أنتم .. أنتم أيها الشياطين ، تريدون أن تعرفوا مكان “تينب” و لكن لن أخبركم به ، و لن يمسه أحد ، وسوف يصبح الملك ويعتلي العرش ..
– “هيدرا”
– من أنت ؟ هل أنت من اتباع “اركوس” ؟! أظهر نفسك ..

و خرج إليها .. فوجدت أمامها آخر شخص تتوقع أن يفعل بها هذا ، نظرت إليه بحسرة و نظر إليها بندم ، و لأول مرة تنزل دموع “هيدرا” من هذا الموقف الصعب و هو الاخر نظر إليها و دموعه على وشك السقوط و ظل الصمت سائداً بينهما لفترة … إلى أنت تحدثت هيدرا قائلةً :
– لماذا ؟ لماذا أنت ؟!
– “هيدرا” سامحيني ، و لكن يجب أن أفعل هذا
– لماذا ، أنت يا”تينب” .. لم أتوقع منك أن تفعل هذا !
– “هيدرا” يجب أن تقفي بجانبي هذه المرة أيضاً ، إن لم أفعل هذا لن أصل إلى العرش أبداً .
– تريد أن تصل إلى العرش عن طريق ماذا ؟!
– سامحيني في فعل هذا ، و لكن يجب أن أقوم به ..
– “تينب” كنت أحبك أكثر من أي شيء آخر ، و كنت أتمنى أن تصل إلى العرش ، أما الآن .. فأنا أكرهك بشدة ، و أتمنى أن تقتلك شياطين الاجينس قبل أن تصل إلى العرش ..

ثم أمر أحد أتباعه الشياطين أن يحضر له سيف ، أمسك بالسيف و ظل يقترب منها ببطئ و هي تنظر له باحتقارٍ و كره ، و هو يقترب منها بسيفه و يقول لها :
– سامحينى
– أتمنى ان تحترق فى الجحيم ..
ثم رفع يده و بضربة واحدةٍ طارت رأسها في الهواء ..
سقط السيف من يده و ارتكز على ركبتيه في الأرض عند رأسها ، و ظل يصرخ بصوت عالٍ حتى اهتز المكان من شدة صراخه ..

حمل رأسها و ذهب به إلى المقابر ، تلى التعويذة إلى أن حضرت قوى الظلام مرة أخرى و حدثته :
– هل فعلت ما طلبناه منك يا ابن “فيليوس” ؟
– نعم فعلت ، لقد جعلتموني أضحي بأغلى شيءٍ عندي
– أغلى شيءٍ عندك ؟! و هل تعتبر هذه الخادمة غالية إلى هذه الدرجة ؟!!
– هي من ربتني ، و اعتنت بي ، نعم إنها غالية ..
– أحمق ، هي فعلت ذلك لأنك أمير و ستصبح ملك ، لو كنت غير ذلك لرمتك إلى شياطين الاجينس ، و الآن ارمي الرأس على الارض .

و ما إن أسقط الرأس على الأرض حتى اشتعلت ، و ظلوا يصرخون في القبور و الأرض تهتز بشدة و الصراخ يعلو و الرياح تشتد ، و اشتعلت القبور و قالوا له :
– لقد اقتربت كثيراً ، سوف تصل إلى هدفك ، أنت الملك ..
احذر .. هناك من يخونك ، لا تثق به ..
ابتعد عنه ، اذهب إلى البئر ، اذهب إلى البئر ، ستعرف الحقيقة ، هناك ستكون النهاية ..

و انتهى الأمر ، و سكت الصوت و رجع كل شيء إلى طبيعته ، و لكن .. هل هذا هو الأمر و حسب ؟!
و قف أمير الظلام صامتاً لبرهة ، لكن صمته لم يدم طويلاً …

*****

يوم التعويذة الأخيرة ..

في ساحة القصر الشاسعة ، و بين أتباع أمير الظلام .. من بشرٍ يلتفون في دائرة ، و شياطين على هيئة الغربان يطيرون حول القصر في منتصف الليل ، وقف أمير الظلام في منتصف الساحة على نجمةٍ خماسيةٍ ، و وقف “هيدوس” في مكانٍ مرتفع ، يحمل فى يده كتاباً و يقول :
– يا أمير الظلام .. هل أنت مستعد للتعويذة الأخيرة ؟
– نعم أنا مستعد .. إبدأ ..

وبدأ ” هيدروس” بقراءة التعويذة ، فاهتزت الأرض من تحته ، و النجمة الخماسية اشتعلت من حوله و أصوات تخرج من الأرض و الظلال يحيط بالمكان كله ، و ظل هذا الأمر مستمراً لعدة ساعات إلى أن توقف كل شيء .

نظر أمير الظلام إلى “هيدوس” وقال له :
– أهذا كل شيء ؟
نظر له و ابتسم ، ثم بعد ذلك وجد الأرض من الأسفل تهتز و لكن هذه المرة تنشق لتخرج منها أعداداً كبيرة من الشياطين أقوياء البنيان ، لهم أربعة قرون ،ويرتدون حللاً سوداء منقوش عليها علامة الشيطان الأكبر ، و يحملون السيوف و السلاسل ، و غيلان عملاقة ذوات أنياب كبيرة تحمل المطارق ، و هجموا على الأتباع في قتالٍ شرسٍ ، إلى اكأن قطعوهم إلى أشلاء ..

حاول “تينب” أن يهجم عليهم ، و ما إن أسرع إلى تبديل هيئته حتى صعق في الأرض ، و ظل يرتجف من شدة هذه القوة التي تسيطر عليه ، قام بمناداة أتباعة من الشياطين إلى أن حضروا على صورهم ، قرأ “هيدوس” بضع ترانيم من الكتاب حتى توقفوا مكانهم ، ثم أمرهم أن يمسكوا بأمير الظلام و يقيدوه .

ظل “تينب” يصرخ عليهم و يأمرهم أن يتوقفوا ، لكنهم كانوا تحت تأثير الكتاب و ما هي إلا دقائق حتى فتحت بوابة دودية خرج منها شخصٌ في هيئةٍ بشريةٍ ، لكنه يختلف في شكله عن البشر ، فهو ضخم قليلاً ، و يرتدي درعاً أسوداً ، و وجه ذو احمرارٍ شديدٍ ، و عيناه سوداوان مثل الليل .
ما إن خرج حتى ابتسم ابتسامة الخبث وقال بلغة الشياطين أن يأخذوا أمير الظلام و قام أحد الشياطين بضربه على رأسه و فقد بعدها “تينب” الوعى …

*****

فى الوقت الحاضر ..

– افتح البوابة
– أمرك سيدى
– أحضروا هذا الشيطان الملعون ..
– هيا قف على قدميك ، ما بك هل ضعفت قواك و لا تقدر على الوقوف ؟!
و جاءه هذا الشاب مرةً أخرى ينظر إليه و يبتسم و يقول له في هدوء تام :
– مرحبا يا”تينب” هل تتذكرني ؟
وفى ضعف شديد أجاب تينب :
– من أنت
– أنا ؟ ..أنا مبعوث الملك “اركوس” يا تينب ، و أعتقد أنك تعلم ماذا سوف يحدث لك الآن ..
هيا أحضروه ..
أخذوا يجرون “تينب ” في الأرض ، و وقف مبعوث الملك و يرتل ترنيمة حتى يفتح بها بوابة ليجروه إليها .. و وجد نفسه في أرض سوداء قاحلة ، سماؤها تملؤها الغيوم ، لا يوجد بها سوى الصخور و الأشجار الميتة ، لا يعلم هو ما هذا المكان !! هل هو في العالم السفلى ؟! هل هذا شكله أم فى مكان ما على الأرض لم تخطوا عليه أقدام اكأحد من قبل ؟!!

قاموا بسحبه إلى قمة تلٍ تعلو عن الأرض بمسافة ليست كبيرة ، ليضعوا رأسه على صخرة ، ويربطوه بسلاسل حتى لا يتحرك ، و هنا يأتى كيان ضخم الجسد مرعب الشكل يحمل فى يده سيفاً ضخماً ، يبدو أنه الجلاد الذى سوف يقطع رأسه ، و ما إن رفع السيف حتى طارت رأس .. الجلاد ، و ما أن التفت الاخرين حتى هاجمهم شيء ما في ثوانى معدودة و أصبحوا قطعاً متناثرةً على الارض ..

وقف مبعوث الملك مندهشاً ، حاول أن يتحرك و لكن هذا الشيء هجم عليه بسرعةٍ شديدةٍ جعلت قدماه تطير و سقط على الأرض ..
ظل “تينب” مندهشاً مما يحصل أمامه ، لكن هذا الشيء قام بقطع السلاسل المقيد بها ، و ما إن وقف ” تينب” على قدميه ،حتى صاح :
– من أنت ؟! ماذا تريد .. لما فعلت ذلك ؟
لكنه لم يتلقَ أى إجابة ، فقد اختفى هذا الكيان ..
و فتحت البوابة مرة أخرى ، و سار “تينب ” ناحيتها ، و لكن مبعوث الملك قال له و هو ساقط على الارض :
– حتى هذا لن يجعلك تنجح ..
نظر له و قال :
– يبدو أنك على خطأ ، و ضربه بكل قوة على وجه حتى حطمه .

دخل إلى البوابة ليجد نفسه عند قصره المحطم .. لقد دمروه !!
أسرع إلى الداخل و لكن ما هذا ؟! لقد حل الدمار عليه ، كل شيء قد تدمر .. كل شيء بناه أصبح رماداً ..أعوانه قتلوا ، أبناؤه ذبحوا ، ضاع كل شيء ..
تلقى الخيانة من معلمه ، قتل أقرب شخص إليه فى سبيل العرش ..
تملك “تينب” الغضب الشديد ، و عاد إلى استجماع قوته ، تغير إلى شكلة الشيطاني ، و أسرع ناحية المقابر حتى عاد ليسأل كيانات الظلام ، و لكن هذه المرة أجابوه بالآتي :
– يا ابن “فيليوس” لقد صدر الامر الأخير
– من أصدره ؟
– إذهب إلى البئر ..
– أى بئر ؟ عن ماذا تتحدثون ؟!
– بئر الشيطان
– أين هو ؟ كيف أجده ؟
– لن تجده بمفردك ، و ما لبث حتى انفتحت إحدى المقابر ليخرج منها كيانٌ أسود ، يقترب إليه بسرعة ، و يمسك رأسه ، حتى انطبع في رأسه مكان بئر الشيطان ، الذي لا يعلمه أحد سوى هذه الكيانات المظلمة .

قام بفرد أجنحته و طار بأقصى سرعةٍ إلى هذا البئر ، و وصل إليه ..
لقد كان في مكان بعيد جداً على جزيرة ليست مسكونه بأحد ، ذهب إلى أحد كهوف هذه الجزيرة ، بداخل كهف عميق جداً يقبع هناك بأر مياهه سوداء كسواد الليل اقترب من البئر ونزل فيه حتى غطس إلى القاع ، كأن مياه البئر اخذته إلى الماضى ، حيث وجد نفسه فى معركة عظيمة ، تدور بين مجموعتين من الشياطين ، و وسط هذه المعركة كان هناك شخص عظيم الخلقة شديد القوة يحمل بكلتا يديه سيفان مشتعلان بالنار ووهو يقاتل بكل قوة و شراسة ..
قتل في هذه المعركة مئات من الشياطين و الغيلان والمردة ، لم يتمكن أحد من مواجهته كان جامحاً ، إلى أن جاء أحد من قواده وقف بجانبه و قال :
– أنا معك أيها الملك ًفيليوس”
و كانوا يحاربون بكل قوة و شراسة دون رحمة ، و فى وسط هذا ووعندما كان “فيليوس” منشغلٌ بالقتال ، و دون أن يدرى ، جاء هذا القائد من خلفه و طعنه فى صدره فسقط على الأرض و نظر اليه و قال :
– أنت يا “اركوس” ؟!!
– لكل بدايةٍ نهاية يا مولاي ..

سارع أعداؤه اكإلى قتله و هو جريح ، لكنه صمد أمامهم و قاتل ، و لأنه لم يكن بكامل قوته تكاثروا عليه و قاموا بقتله ، أسرع أحد الحراس إلى قصره ليخبر زوجته الملكة “مجدونيا” عن وفاة زوجها الملك ، و كانت فى هذه الاثناء على وشك الولادة ، طلبوا منها أن تهرب لكنها رفضت ، و بقيت حتى وضعت الطفل ..
في هذه الأثناء كان الانتصار من نصيب شياطين الاجينس ، هموا بعد ذلك إلى الهجوم على القصر و كان برفقتهم الخائن ًاركوس” الذي طالما أراد أن يحتل عرش هذه المملكة ..

اقتحموا القصر ، و كانت الملكة قد قرأت في هذه اللحظة تعويذة على باب الغرفة حتى لا يتمكن أحد من الدخول لفترة من الوقت .
في هذه الأثناء كانوا قد تمكنوا من هزيمة الغول الذي كان يحرس القصر ، حاولوا اقتحام الغرفة و لكن دون جدوى أمرت خادمتها “هيدرا” أن تهرب بالطفل إلى مكان بعيد عن هنا حتى لا يتمكن أحد من ملاحقتهم ، كسرت النافذة و طارت منها ..
في هذه اللحظة تمكن “اركوس” من كسر الباب و الدخول ليجدها مرهقة بشدة من الولادة ،و وجد النافذة مكسورة ، أمر أحد الجنود اطأن يلحقوا بالخادمة ..

كانت الملكة في غيبوبة كالأموات ، قرأ عليها “اركوس”بعضاً من الترانيم حتى أفاقت ، أى أنها لم تكن ميتة كما ظنت خادمتها ، نظر إليها و قال :
– أين ذهبت الخادمة بالطفل ؟ تحدثى و سأجعلك تعيشين ، نظرت إليه نظرة احتقار وبصقت فى وجهه و قالت له :
– أتمنى أن يكبر ابني و يقتلع رأسك من مكانه أيها الخائن . نظر إليها بغضب ، و رفع سيفه فى الهواء و قام بطعنها إلى أن فارقت الحياة ..

كان “تينب” يرى كل هذا و كأنه كان موجوداً حقاً معهم فى هذه الليلة المشؤومة ..
و هنا تبدلت الأماكن بسرعة ليجد نفسه واقفاً أمام عرش عظيم جداً ، ومن حوله يوجد حراس لا عدد لهم ، أقوياء البنيان يختلفون عن أى حراس من الشياطين ، يقفون حول هذا العرش ، و وجد أمامه كائن لا يوصف شكله من جميع النواحي ، ربما هو أعظم شيطان بين الجميع ، و في وسط هذا المكان الشاسع جداً نظر له هذا الكائن المهول و قال :
– حان وقتك يا بنى ..
نظر له “تينب” و هو في أشد حالات الرعب ليقول له :
– وقت ماذا ؟
– أن تسترجع عرش أبيك ، ما فعلته فى عالم البشر يجعلك تستحقه عن جدارة ، و قد قررت أن تكون أنت الملك
– هل يمكن أن أعرف من أنت أيها الملك العظيم ؟
– أنا أكون جدك الأكبر و والد جميع الشياطين و ملك هذا العالم .. أنا “لوسيفر”

في هذه الأثناء تلى عليه التعويذة الأخيرة ليصبح أمير الظلام على أقصى قوة و هي قوة أبيه التى ورثها بعد التعويذة الأخيرة ..
خرج “تينب” من مياه البئر ، ليجد أنه أصبح يمتلك قوة الملك الحقيقي لهذا العالم ، ظل يقوم بتغيير شكله إلى أن أصبح مثل أبيه في الهيئة و القوة ، قام بفرد أجنحته الأربعة ليقوم باختراق جدار الكهف ، و يطير بأقصى سرعة ناحية السماء حتى اقترب من الفضاء ، ثم هبط إلى اكأن وصل ناحية الأرض و عندها انفتحت البوابة الأخيرة.. بوابة العالم السفلى …

*****

في قصر الملك “فيليوس” جلس “اركوس”على عرشه و بجانبه “هيدوس” و الحراس ينتشرون في مخارج القصر و مداخله .. قال “هيدوس ” :
– هل اقتنعت الآن يا سيدى ؟ ألم أقل لك أننى سوف أوقعه في شر أعماله ؟
– هههههه .. أحسنت يا”هيدوس” أنا الآن أصبحت الملك بعدما قُتِل هذا الفتى ، لكن لماذا تأخروا بجلب رأسه لي ؟
ما هذه الضوضاء ؟ .. أيها الحراس ماذا يحدث ؟ و إذا بأمير الظلام يقتحم باب القصر و يحمل فى يده رؤس الحراس ، وقف “اركوس” و صاح على جميع الحراس أن يمسكوه ..
فصرخ فيه “تينب” قائلاً :
– اقتربت نهايتك يا أركوس ..
اجتمع حول “اركوس “عددٌ غفير من الشياطين و الغيلان ، أمرهم اركوس ان يقتلوا “تينب” فهجموا عليه و لكن هذه المرة كان “تينب” في أتم الاستعداد ، كان يحمل سيفين مشتعلين مثل والده ، هجم عليهم ليقتل منهم المئات ، لم يتمكن أحد من إيقافه إلى أن قام بتصفيتهم جميعاً ..

نظر إلى “اركوس” و قال له :
– حان دورك الآن ..
قام “اركوس” بفرد أجنحته و أسرع بالهروب إلى خارج القصر ثم تبعه “تينب-“ليتقاتلا في الخارج ، كان قتالهما من أشد أنواع القتال .. قتالٌ هز أركان العالم السفلي ، و شهده الألوف من سكان هذا العالم بأعينهم ، كان أمير الظلام هذه المرة يقاتل بأقصى ما لديه من قوة ، و حتى “اركوس” استبسل بالقتال لوقت طويل ، إلى أن أنهك كلا من الطرفين ..
وقفا على هذه الأرض المشتعلة بالحمم ، و نظر كل منهما إلى الآخر بشوق لقتله ..
– يا ابن “فيليوس” لقد انهكنا القتال دعنا نتوقف ، خذ المملكة لا أريدها ..
– المملكة ؟ حسناً .. و ماذا أيضاً ؟
– ماذا تريد ؟ أليست هذا ما كنت تسعى إليه طوال عمرك ؟
– و!ماذا عن أبى الذي قتلته غدراً ، و أمى التى قتلتها و هي على الفراش .. كيف ستعيده ؟؟

نظر إليه “اركوس” و هو في أقصى درجات الانهاك ، و قام الآخر و هو في ثورةٍ من الغضب العارم بمهاجمته بشراسة ، ظل يضربه بكل قوة و لكن “اركوس” كان قد انهك و لم يتمكن من قتال “تينب ” فسقط أرضاً ..
ظل “اركوس” يتوسل إليه أن يتركه و لكن عدم الرحمة التى كانت ما تزال موجودة فىطي عيني”تينب” السوداوين جعلته يرفع أحد سيوفه و بصرخة مدوية قام بقطع رأسه “اركوس”

*****

ذهب أمير الظلام إلى القصر و هو يحمل رأس “اركوس” في يده ، ظل ينادى على “هيدوس” و هو في أشد حالات الغضب ، لكن “هيدوس” كان قد استغل فرصة قتالهم و هرب إلى عالم البشر ، لكن ” تينب” توعد بأنه سوف يجده و لن يتركه حتى يجعله أشلاء هذا الخائن ، و فى اليوم التالي حضر عدد كبير من الشياطين و الغيلان و المردة و العفاريت ليشهدوا تتويج الملك الجديد ، وقف أحد كبار السحرة الشياطين و قام بوضع التاج على رأسه ، و قد جاءت فى هذه الاثناء فتاة شكلها ليس بشري كامل و ليس شيطاني كامل أيضاً ، أى أنها بين ذاك و ذاك تقاربه فى السن و قالت له :
– أنا مبعوثة من الملك “لوسيفر” .. أنا إحدى بناته ، و أنا أيضاً من أنقذك ساعة ما أرادوا قتلك ، و أيضاً سوف أصبح زوجتك المستقبلية ، هذه أوامر أبى فهل تقبل بها ؟
– أنا أحييك و أحيي الملك “لوسيفر” و أشكرك على إنقاذي في ذلك الوقت العصيب ، و أقبل بك زوجة يا ملكة العالم السفلي ..
و في هذا الاحتفال الكبير الذى يحدث في عالم تغيب عنه العين البشرية ، تولى أمير الظلام العرش و أصبح ملكاً ، و تزوج من ابنة الشيطان الاكبر “لوسيفر” و هي الآن حامل بوريث العرش القادم …

ختاماً عزيزى القارئ ..
ربما انتصر أمير الظلام واسترد عرش أبيه و نجح في كل شيء فعله طوال حياته من قتل و تخريب و نشرٍ للدمار ..
و أقول في ذهني أنها مجرد قصة من وحي الخيال ، لكن ربما لن يصدقني أحد عندما أقول ربما تكون أقرب للحقيقة منها للخيال ..
هل أمير الظلام موجود ؟ .. أحب أن أقول أنه موجود ، في كل مكان ، ليس أمير الظلام منحصر في واحد ، بالعكس بل هو منحصر في عدد كبير من أمراء الظلام ..
أمير الظلام هو كل شخص يصنع الدمار ، كل شخص ينشر الحروب بالعالم ، كل شخص يضع السم لأولادنا عن طريق المخدرات ، كل واحد يصنع أسلحة الدمار الشامل ، كل واحد يدنس الأراضى المقدسة ، كل واحد يهتك أعراضنا ، و يدنس مقدساتنا و يقتل الأبرياء المسالمين .. هو أمير الظلام ..
ربما انتصر هذه المرة و لكن وعداً هناك غداً و الشمس سوف تشرق ، وسينتهى عهد الظلام وسيحل السلام و كما يقال أن الخير دائماً ينتصر مهما طال الأمد …

مع تحياتى …
الأمير الحزين

تاريخ النشر : 2016-07-23

guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى