تجارب ومواقف غريبة

هل كانت كلها صدف أم أنها فعلا كانت ترى المستقبل؟

بقلم : فاطمة عبد الرحمن –  مصر
للتواصل : [email protected]

هل كانت كلها صدف أم أنها فعلا كانت ترى المستقبل؟
رحلت أمي وتركتني مع عشرات اﻷسئلة ..

القصة بدأت بحادثة غريبة ولكن كانت تلك الحادثة بداية النهاية,كنت طفلة مدللة على الرغم من تواضع مستوانا المادي وقتها ,ولكن لم أشعر يوما بالحرمان أو الحاجة ,حاول أبواي إسعادي بكل ما كانوا يقدرون عليه, ولكن بالرغم من معاملتهم وتدليلهم لي لم أكن طفلة عادية تمرح وتلهو فقط بل أحببت الطبيعة والإكتشاف ومساعدة الآخرين

إستمرت حياتنا هادئة وبعد خمس سنوات من مولدي ولد أخي ,ولم يكن هناك ما ينغص حياتنا ,ولكن في يوم من الأيام هذا اليوم لن أنساه وساظل اذكره بتفاصيله ما حييت ,كنت أشاهد التلفاز وكانت والدتي في المطبخ تعد الطعام لم يكن في المنزل سوانا,أتت أمي وجلست بجانبي وأنا أتفرج على التلفاز، كنت وقتها في السابعة من العمر نظرت إليها وإبتسمت فإبتسمت لي وبدون أي مقدمات سألتني وهي مبتسمة “ماذا ستفعلين لو مت؟”

 نظرت إليها بإستغراب وما كان مني إلا أن أجهشت بالبكاء الشديد ونظرات اللوم والعتاب موجهة إليها ،وأنا أصرخ لما تساليني هكذا ؟ لماذا؟,وظللت اصرخ وأنا اقول أنا لا أتخيل موتك انتي لن تموتي ,إحتضنتني ونفس الإبتسامة تعلو وجهها ثم تركتني وانا ابكي وتركت الغرفة .

لم أكن أعلم عندها انها ستموت بعد ست سنوات , إستمرت حياتنا عادية بعد تلك الحادثة ،ولكن دوما ما كنت أسمع أن من يقترب موتهم يشعرون بقرب النهاية قبلها بوقت قليل ,ولكن كيف يشعر الإنسان بدنو اجله قبلها بست سنوات أو ربما اكثر؟,

أمي كانت قليلة النوم وكانت دوما تعيش الحياة بطريقة غريبة ,كانت تعيش كأنها تعيش للمرة الاولى ,أقصد بكل جوارحها ,كانت لديها عبارة واحدة تكررها كثيرا حينما يسألها أحدهم ألا تشعرين بالنعاس؟ فكانت ترد بكل حماس”لماذا أنام ,غدا سننام حتى الشبع”

قبل موتها بعام اصيبت بنوبات ذعر، والسبب عجيب كانت تصاب بها كلما ركبت الطائرة ,كانت تنفعل ولا تستطيع التنفس وتصرخ ،ولكن كنت دوما أشعر حينما تصاب بتلك النوبات انها لا تكون معنا في نفس العالم، وكأنها تذهب لمكان آخر ثم تعود .

الغريب في الموضوع ليس الخوف من ركوب الطائرة فهذا أمر قد يحدث مع ايا كان، ولكن الغريب هو انني لم أصادف أحدا كان يسافر مثلها ويخاف من ركوب الطائرة, لن أبالغ إن قلت أنها ركبت الطائرة ما يقارب المئة مرة

 فلقد سافرت لمصر والسودان والسعودية ودبي وإيطاليا ويوغوسلافيا عشرات المرات، تنقلت امي بين تلك البلدان بالطائرة فلماذا الخوف والذعر منها؟, كلما كان يحدث بيننا خلاف كانت تقول لي بأن حياتي لن تكون سهلة ولن تكون خيرا ,ولا اخفيكم أن حياتي هي عبارة عن سلسلة لا تنتهي من خيبات الأمل والخسارات المستمرة ,لن اكذب فقد حوت حياتي على لحظات جميلة ولكنها كانت تزول سريعا جدا لا بل أسرع من البرق,

لدي أمل بالقادم الأفضل ولكن أخشى أن يكون أملي كاذبا ,أمي كانت شفافة كثيرا تساعد الناس وتشعر بآلامهم ،حتى حينما مرضت وكانت تتحرك بصعوبة لم تكن تتوقف عن مساعدة الغير، على الرغم من كمية الخذلان الرهيبة التي تعرضت لها في حياتها إلا أنها كانت دوما تردد “الله كريم ” حينما تضيق بها الدنيا,

حادثة أخيرة أود ذكرها وهي أنها كانت تصلي يوما وفي أثناء صلاتها خطر في بالها العقرب مرات عديدة متتالية,فأنهت صلاتها ورفعت سجادة الصلاة فما كان تحتها إلا عقرب مع العلم أننا كنا نعيش في مكان يستحيل وصول العقارب إليه ,

رحم الله أمي وعوضها خيرا ,رحلت أمي وتركتني مع عشرات الأسئلة التي لا إجابة لها، شيء واحد تركته لي من إرثها وهو التخاطر,فلدي قدرة عجيبة على التخاطر ولدي حوادث كثيرة حول هذا الشأن سأذكرها في موضوع منفرد ,شكرا لكم ولا تنسوا الإهتمام وملاحظة التفاصيل الصغيرة فربما كانت تقودكم لشيء أكبر.

تاريخ النشر : 2016-07-25

guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى