تجارب من واقع الحياة

بؤس لا ينتهي

بقلم : جيلينا – الأرض

بؤس لا ينتهي
أشعر بأنني عجوز في السبعين ..

مرحباً أصدقاء موقع كابوس .. و أشكر السيد إياد العطار على فكرة الموقع المميزة ..

في البداية كنت مترددة في كتابة قصتي لكني تجشعت و قررت الكتابة..
قبل عدة أيام احتفلت بنفسي ، فقد بلغت 26 عاما ، لكن سأسرد عليكم حكايتي :

أنا فتاة عربية أقيم في أحد دول الخليج ، عندما كنت في المدرسة كنت أسمع عن سوق الأسهم ، و أنه مربح ، و جميع الناس بمن فيهم والدي قاموا بشراء أسهم و المضاربة عليها للربح .

كان والدي يربح لكن ربح يسير ، و كانت هناك أرباح لا بأس بها ، لكن تغير الحال ، حيث حدثت هزة في سوق الأسهم مما تسبب في خسارة جميع المستثمرين ، فلكل لعبة قواعد .. و الأسهم أيضا لها قواعد .

أذكر ذلك اليوم المشؤوم ، رأيت والدي أصبح منعزلاً وعصبياً ، ما أقساه من شعور عندما تخسر ما تملك في ساعة !! و بعد الخسارة الفادحة اتبعنا نظام التقشف الذي غير شخصيتي للأبد ..
كل ذلك حدث و أنا في المدرسة ، تخرجت من الثانوية بمعدل عالي و كان طموحي أن اصبح طبيبة عيون ، لكن بسبب الوضع الذي كنا نعاني منه اضطررت إلى الانضام لجامعة تتبع نظام التعليم المفتوح ، حيث تكلف القليل .

قبلت .. فكنت أظن أنني سأدرس سنة و أحول لقسم أفضل .. لكن يوم بعد يوم أيقنت أن طموحي تبخر ، و قبلت بالأمر الواقع ، حيث لم يسطع والدي تحمل تكاليف دفع أقساط دراستي ، فاضطرت أمي للاستدانة من خالاتي لدفع قسط الجامعة لإكمال تعليمي أنا و أختي ، فسجلت في قسم لا أريده ، و لم أبذل جهداً كثيراً ، لكني تخرجت بمعدل لا بأس به ..

ممرنا بفترة عصيبة ، فكان هناك تقشف بالمصاريف ، كنت انتعل نقس الحذاء طول السنة ، و صديقاتي يمتلكن أحدث الأجهزة الذكية و أنا أحمل هاتف نوكيا قديم ، حتى مرت أيام و أقسم لكم كان طعامنا أرغفة خبز و ماء فقط ..

بعد الجامعة تقدمت لعدة وظائف ، و في كل مرة أفشل ، و لقد تخرجت منذ أربع سنوات ، أمي كانت تظن أنه بعملي سيتحسن وضعنا المادي ، لكن للأسف سببت خيبة أمل كبيرة لها ، و كم أكره نفسي لأني خيبت أملها ، لكن مازال أبي في سوق الأسهم رغم خسارة ما يمتلك ، و كان يأمل باسترداد و لو القليل مما خسره .

أختي الكبيرة تعرضت لصدمة نفسية منذ خمس سنوات ، و لم تتعالج ..
أما أخواني .. آااخ ماذا اقول ؟! .. أكبر إخوتي تخرج من الثانوية منذ أربع سنين و للآن لم يلتحق بالجامعة ، أخي الثاني أيضا تخرج منذ سنتين من الثانوية و لم يلتحق بالجامعة لأنه يعاني من ضعفٍ في السمع ، أما أخي الصغير ولد ومعه مرض وراثي نادر ، و مرض عندما كان بالصف الأول الثانوي وترك المدرسة ..

فقد مرض فجأة ، و ذهب أبي به لأحد المستشفيات ، وبعد الفحص تبين أنه بحاجة لعملية مستعجلة للرئة ، و كانت تكلف مبلغ مالي كبير ، و لكن الحمدلله استطعنا تدبير المبلغ ، بعد ذلك لم يستطع أخي الصغير إكمال تعليمه بسبب وضعه الصحي ، فترك الدراسة و سافر مع أبي لدولة أوروبية ، لعرض حالته الصحية فهي نادرة ، و تحتاج لعناية فائقة ، مما اضطرهم للبقاء هناك ، فقامت الجمعيات الخيرية بمساعدتهم ، و رفض القاضي منحهم حق الإقامة .. و هم الآن مصنفين لاجئين !

لم تنتهي المأساة عند هذا الحد ، فأنا أعيش في مجتمع يعتبر أن الفتاة التي تجاوزت ال24 سنة أصبحت “عانس” ، و فرصها في الزواج تقل ! هذا الكلام أحزن أمي .. لقد رأيت نظرات الانكسار في عينيها ، و نظراتها تلك تقتلني كل مرة .. فنحن منعزلون اجتماعياً ، مازلنا نعاني التقشف إلى هذا اليوم ، أشعر بأنني عجوز في السبعين ، ليس لدي رغبة في شيء سوى العيش بسلام و هدوء مع عائلتي..

أريد سعادة والداي و أن أرى الابتسامة على وجهيهما ، أما بالنسبة لي فاطأنا مفلسة ماديا و اجتماعيا ..
ماذا علي أن افعل؟ دائماً أبكي في الليل و أفكر هل ما يحدث معنا عقاب أم دعوة مظلوم أم نحس؟ متى سينتهي هذا البؤس !! و أعتذر على الإطالة .

تاريخ النشر : 2016-08-02

guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى