ثغرة في السقف يا أبي
المالك حذره أن لا يلمس ثغرة في يمين السقف |
– أبي .. يا أبي…استيقظ السيد احمد يطرق الباب بقوة ، يستيقظ الأب تعباً ، قدماه خانتاه لا يقدران على حمله ، لكنه يقاوم الألم لكي لا يشعر ابنه أياد بأمر تعبه وهو يبحث عن لقمه عيشه لسد إيجار السيد احمد قوي البنية و متعجرف جداً لا يملك إي رحمه في قلبه ، تأوه ثم قام وفتح الباب .
– الأب : أهلاً سيد احمد صباح الخير .
– احمد : صباح الخير ، لا يوجد صباح فيه خير وأنت هنا ، كم من المدة قد أنقضت ولم تدفع لي المال .
– الأب : ما بالك يا رجل انه الصباح الباكر و الساعة7:30 ، قلت لك في الغد الباكر سأسد الإيجار بأذن الله .
-احمد : حقا , ما رأيك الآن أو اخرج من هنا .
– الأب : حرام عليك ، ابني معي لا استطيع رميه في الشارع هكذا ، أنت تعرف ظروفي .
– احمد : إلى الخارج أو سنحلها بالقانون الذي لن تتحمل نفقاته , يضحك ساخراً .
خرج الأب في الطرقات و نظرات الناس لا ترحمه ، الهواء يداعب خصلات شعره البيضاء و قد عبث بها الزمن بقدر ما يستطيع ونقشت التجاعيد على وجهه كأنها لوحة لفنان هزل وتعب من الزمن ، يفكر بحل لمشكلته ، لكن يقطع حبل تفكيره صوت أياد ابنه ذو السبع سنوات بعمر الزهر .
– أياد: أبي أريد الحلوى , ولقد تعبت من المشي هيا بنا إلى المنزل .
– الأب وقد اغرورقت عيناه بالدموع : حسنا يا بني اصبر فأن الصبر مفتاح الفرج على ما أظن ، بقي مع الوالد قليلا من النقود لا يعلم هل تكفي أم لا ، ذهب للبحث عن منزل اقل إيجاراً من منزل السيد احمد .
– صرخ الأب : يا لفرحتي !
– أياد : ما بالك يا أبي ؟
– الأب: منزل بإيجار منخفض لا اصدق ذلك ، الحمد لله .
– أياد : ومنزلنا يا أبي ماذا تقصد بكلامك ؟ لا افهم .
– الأب :هذا منزلنا الجديد يا بني انه جميل ، ربما خشبه مهترىء بعض الشيء لكن سأقوم بحجزه ، و بعد حديث بين الأب والمالك و قام بستأجار المنزل ، لكن المالك حذره أن لا يلمس ثغرة في يمين السقف ، و قال له : أنها لن تدخل ماء الأمطار أو أي شيء أخر صحيح أنها مفتوحة لكن مغلقة ، فكر الأب لوهلة ما هذا الكلام المعقد ؟ لكنه تناسى الأمر .
– سأل أياد أباه : ما هذه الثغرة يا أبي؟
– الأب : أنها عامل أخر يا بني ، ثم يضحك و يقول :لا تشغل بالك يا بني .
وأصبح أياد يخرج لبيع الحلوى على المارة ويعود ليلاً ، وفي ذات يوم تقدم احد المارة وسأل أياد :ما اسمك أيها الفتى ؟ وما اسم والدك ؟
– أياد : اسمي أياد واسم والدي هو أبي .
– الرجل بضحكه عالية : اسم والدك هو أبيك .
– فيرد عليه أياد : نعم يا سيدي ، اسمه أبي وسيبقى أبي .
– الرجل قائلا : كما تشاء ، وهو يحدث نفسه يا له من طفل غريب لا يعرف اسم أباه ، لم يخطر ببال الرجل أن الأب كان يعلم ابنه بأن يناديه فقط يا أبي .
عاد أياد تعباً لكن تملأه الفرحة بسبب كم النقود الذي جمعه ، لكنه سمع صوت صراخ في المنزل ، رمى ما بيده من نقود وركض إلى المنزل فلم يجد أحداً ، لكنه لاحظ أن أباه غير موجود ، أين ذهب وهو مسن وكبير في العمر ؟ .سال المالك فأخبره انه لم يغادر، فتعجب أياد و اخبر الشرطة وبقى يبكي إلى أن نعس وغط في نوم عميق ، و حلم حلماً غريباً لقد حلم بأبيه و وهو يقول له : الثغرة يا بني أنها الثغرة ، استيقظ مفزوعاً ، وعلم أن الثغرة هي السبب ، لكن لم يكن منطقياً بالنسبة له ولا لغيره ولم يعلم كيف ولماذا ؟و سأل المالك ما بال الثغرة ؟ و لكنه لم يجبه وباتت حياته أسوأ مع فقدان الأمل بالعثور على أباه ، نعم انه لحظ سيء وهو لا يفهم شيئا ومرت الأيام والأشهر والسنين ، وها هو ينظر إلى الثغرة بعيونه الدامعة الحمراء وشعره الأشعث وثيابه المتهرئة ، و أنا انتظرك هنا يا أبي ….أمام الثغرة .
تاريخ النشر : 2016-07-31