أدب الرعب والعام

بائع الويسكي ( ملك الفودو ) ج2

بقلم : Shadwoo Shadwoo – مصر

بائع الويسكي ( ملك الفودو ) ج2
عرفت ليلى كيف تستغل سحر خالد لصالحها ..

بعدما أعلنت الظلال عودة الملكة ، نظر خالد إليها و هو يتأمل ملامحها و عيناه تلمعان من الدموع مصاحبة ابتسامةً على وجهه قائلاً :
– لقد عدتي إلي يا حبيبتي ، تبدين مختلفةً قليلاً ( ثم ابتسم قائلاً ) لكن .. مازلتي حبيبتي .
اقتربت منه قائلةً بهمس :
– أنا أيضاً سعيدة لعودتي ( صاحبتها ابتسامة غريبة ) .
ابتسم خالد مستغرباً من نطقها للكلمة ، ثم بدّل الموضوع قائلاً :
– حسنا حبيبتي ، فلنذهب من هنا.

أمر الظلال بالرحيل لحين احتياجه لها ، ثم غادر خالد و حبيبته المقابر و معه الكتاب ، تسارعت الظلال لدخول المقابر معلنةً للملك مغادرتها .

رحل خالد و لم ينسيه حبه ما مضى فقط ، بل أنساه قانوناً مهماً ( قبل أن تأخذ شيئاً عليك دفع ثمنه ) ، لقد أخذ شيئاً من الموت و لم يدفع الثمن ، إنه خطأ كبير ، الآن سيلاحقه الموت ليأخذ ما هو حق له .

وصل مع حبيبته إلى منزلها ، ثم أمسك يدها و جثى على ركبته قائلاً :
– لقد بدأ كلٌّ منا حياةً جديدة ، فهل تشاركيني هذه الحياة ؟ ( سكت قليلاً ثم قال ) أتقبلين الزواج بي ؟
– يبدو أني سأكون الملكة فعلاً … حسناً أنا أقبل .
و قف خالد و هو لا يصدق ما سمعه ، لقد طار قلبه من السعادة كانه عصفور فر من قفصه ، لم يكن يعلم إنه دخل القفص لتوه …
اعتدل بوقفته ثم قال :
– حسناً ، سأبدأ بتحضيرات الزفاف و كل شيء ، لا تقلقي .
اقتربت منه و يداها تلامسان خده قائلةً :
– إجعله شيئاً يليق بملكتك .
ثم ابتعدت خطواتها إلى داخل منزلها مغلقة ورائها الباب ، لو لم يكن حب خالد أعمى لقال ( يالوقاحتها ) ، حسناً الحب دائماً أعمى .

غادر خالد إلى غرفته ، ثم أمر الظلال أن تعد كل ما يلزم لزفاف يليق بملكته ، و بالفعل تم كل شيءٍ ، في الحقيقة لقد خشي على مشاعر ليلى .. فمن سيحضر حفل الزفاف سيظن – بعد تغير ملامحها – بأنها ساحرة فيتسابقوا على قتلها لأن كثيراً منهم يؤمن لذلك ، لذا أمر الظلال أن تعد الزفاف بالساحة الفارغة جانب المقابر ، و سيشهد على زفافهم القمر المكتمل .

و جاء موعد الزفاف ، لتتقدم العروس نحو خالد و هو لا يشيح بنظره عنها ، بل كانت عيناه تتساءل: أهذه ملاك أم أنها أجمل البشر ؟
وقفت أمامه بفستانها الأبيض و هي تدور بنظرها على المكان قائلةً :
– أممم .. لا بأس بالمكان ، رغم أنه لا يليق بملكة .
وقعت هذه الكلمات على قلب خالد كالسيف ، جعلته يشعر حقاً أنه لا يبذل جهداً من أجلها ، و هو الذي حرص على أن يكون كل شيءٍ مثالياً .
بدأت ترتيلات الزواج و معها الظلال تردد ، لكن أي لغة هذه و أي كلمات ؟!! من يسمعها لن يتعجب عندما يرى الزفاف ، فالأولى أن يكون مكانه بالجحيم و ليس هنا ، و للأسف لقد جلبت ضجة الزفاف شخصاً فضولياً ، ففد أثارت تلك الضجة انتباه رجل عجوز ، اقترب بخطوات ثابتة ، و حرص على ألا يراه أحد ، و ما إن استرق النظر لما يحدث حتى أسرع بالابتعاد عن المكان و هو يلتفت حوله مردداً :
– فألٌ سيئ … فألٌ سيئ

انتهت الترتيلات و عم الصمت المكان معلناً أنهما الآن زوج و زوجة … اقترب من خالد أحد الظلال ممسكاً بعلبة صغيرة بداخلها خاتم يتسابق بريقه للخارج ، أخذ خالد منه الخاتم و وضعه بإصبع ليلى ، و أخذت الظلال تهلل لزواج ملكها .

أقام الزوجان بالكنيسة ، بعدما جعلتها الظلال أشبه بالقصر كي يليق بجلالتها ، مرت الأيام و تابعتها الشهور و تذمر الزوجة يزداد يوماً بعد يوم ، فهي لا تكتفي أبداً من المجوهرات و الملابس و غيرها ، فقد علمت كيف تستغل سحر خالد لصالحها و لم تبخل هلى نفسها بذلك أبداً .

و جاء اليوم الذي طالب الموت فيه بحقه ، فهو يريد ثمن ما أُخِذَ منه …

استيقظ خالد على صراخ زوجته ، ظن لوهلة أن شيئاً أصابها ، لكنها بدأت تقول : لقد ضاع جمالي ، لا تنظر إلي
اطمئن خالد عندما سمع ذلك ، فهو يسمعه منها يومياً أكثر من عدد ساعات اليوم ، فلقد كانت مهووسة بالجمال ، كانت لا تفارق المرآة .
اقترب خالد منها ليطمئنها كعادته قائلاً :
– حبيبتي لم ترددين دائماً هذا الكلام ، فلا توجد من هي أجمل منكِ .
التفتت إليه بعدما كانت متجهة ناحية الحائط ، و بجانبها قطع من المرآة المكسورة قائلة :
– أهذا جمال ؟ انظر إلي .. أنا مسخ .
ارتعب خالد عندما رآها فلقد كانت محقة ، فقد ضاع جمالها ، بل إن وجهها أشبه بالجثة المتحللة .
صرخت بوجهه قائلة :
– إفعل شيئاً .
أخذ يدور بالغرفة مفكراً بحل ما ، ثم خطر على باله الكتاب ، أسرع يبحث عنه هنا و هناك حتى وجده ، و أخذ يبحث بصفحاته عن التعويذة التي أعادها بها للحياة ، ربما بها شيئاً لم يلحظه .
و أخيراً وجد الصفحة المطلوبة ، و لقد كان محقاً ، فهو لم يلحظ الكتابات بأسفل الصفحة ، و يبدو أنها مهمة ، مرر خالد يديه على الكتابات لتتغير لغتها .
كانت عبارة عن تحذيرات تقول :
( على الروح أن تكون طاهرةً و إلا لاحقتها لعنة لا تغادرها حتى تعود إلى ما أخرجت منه ، و من أجل بقاء جسدها فدماء العذارى كل ليلةٍ مقمرةٍ هو دوائها ) .
و بالطبع فروح ليلى لم تكن قبل عودتها روحاً طاهرة ، لذلك تجسدت روحها على هيئتها الشيطانية بعدما عادت .

الآن علم خالد ما هو دواءها ، و أيضاً عقاباً لقلبه على ما اختاره ..
ظلت الحيرة تمزق عقل خالد ، لقد فعل كل شيءٍ من أجلها ، و بالرغم من أنه يعلم أنها تستغل حبه ليس إلا ، لكن يبدو أن قلبه مازال المسيطر ، هل سيقبل أن يقتل من أجلها فتيات لا ذنب لهن سوى أنهن ثمنٌ لجريمةٍ ارتكبها ألا و هي .. الحب !!
لكن صراخ زوجته قطع حبل أفكاره ، فقرر أن يبذل ما بوسعه لأجلها ، لذا أمر الظلال أن تأتيه بفتاةٍ عذراء بحلول الليل ، و لحسن حظ زوجته كان القمر مكتملاً ..

حان الوقت ، و أحضرت الظلال الفتاة ، لقد وافق خالد أن يضحي من أجل بقاء حبيبته كما ضحى بصديقه من قبل ، لكنه لم يستطع تحمل صراخ الفتاة فألقى عليها تعويذة جعلتها غير مدركة لما حولها ، حتى ترحل بسلام و لاتتألم .
يبدو أن قوة السحر الأسود لم تؤثر على خالد لتجعله الساحر الذي لايهاب شيئاً ، كما فعلت به لعنة الحب التي جعلته للأسف خادماً مطيعاً لشيطانةٍ استيقظت من الموت .

بعدما أدت التعويذة دورها ، أمسك خالد السكين مقترباً من الفتاة و هو متردد ، و بجانبه زوجته التي على وجهها رسمت اللعنة ملامحها ، قالت لخالد :
– هيا .. إفعلها ، إفعلها ( مع ضحكات هستيرية خفيفة و هي تدور بعينها مرة هلى لخالد و مرة على للفتاة ) .
ارتفعت يد خالد لتسقط على الفتاة بالسكين ، لتغمض الفتاة عينها بهدوء ، حتي صراخها حرمت منه ، رحلت روحها مخلفةً ورائها جسداً يسبح ببركة دماء .

أسرعت ليلى إلى دماء الفتاة تشرب منها و كأنها كانت بصحراء و وجدت بئر ماء ، ظلت تروي عطشها لجمالها و خالد خلفها يشاهد ما يحدث ، و بداخله تتسابق مشاعر الحب لإخماد الضمير قبل أن يستيقظ من سباته ، كما فعلت مع الصداقة من قبل .
ارتوت ليلى من الدماء لترفع رأسها و القمر يطل بظله على ملامحها التي تسابقت بالرجوع لسابق عهدها ، أغمضت عينيها و هي تستشعر رجوع جمالها و علي وجهها ابتسامة تتلذذ بطعم الدماء عليها ، و لاشك أن تلك الابتسامة سترغب بالمزيد .

الآن حان الوقت ليدفع خالد ثمن ما ارتكبه قلبه من جريمة ، ليس فقط مرة بل عند اكتمال كل قمر ستطالب اللعنة بما هو ملك لها.
تولى خالد الأمر بنفسه للتأكد من عدم وجود أخطاء ، كان يستمر بمراقبة الفتيات حتى اكتمال القمر ثم يرسل ظلاله لإتمام الأمر .

حان الوقت لمراقبة جديدة و أيضا التعرف على القربان الجديد ، بخطوات ثابتة اقترب خالد من محل زهور كانت تعمل به فتاة ، كانت الفتاة غريبة عن البلدة لا يعرفها أحد ، إنها فريسةٌ سهلة لأي أحد .
خطوات خالد أعلنت بدورها دخوله ، حتى رآها ، كانت الفتاة تحمل وردةً بإناء تحاول أن تجد مكاناً لها يلفت النظر إليها ، و هي مندمجة بسماع الموسيقى ، و ما إن التفتت إليه حتى وقع منها الإناء و انكسر ….
– آه .. لقد افزعتني .
– لم أقصد إخافتك ، كنت فقط أتأمل الزهور .
– أعتذر ، فقد كان عقلي مشغولاً بعض الشيء
انحنت الفتاة على الأرض لتلتقط بقايا الإناء المكسور ، و معه الوردة ، لكن خالد سبقها و أمسك الوردة متأملاً فيها قائلاً :
– وردة جميلة كهذه لا تحتاري باختيار مكان لها ( ثم نظر إلى الفتاة متابعاً ) .. فالشيء الجميل يعلم كيف يلفت الأنظار إليه .
ثم أعطى الوردة للفتاة ، ابتسمت ثم مدت يدها لتأخذها منه ..
– نسيت أن أعرفكِ بنفسي ، أنا خالد و أسكن بالجوار .
– أهلا خالد ، أنا سيم .
– أممم اسم غريب ههه ، يبدو أنكي لستِ من البلدة .
– ههه أعلم ، الجميع يقول لي ذلك ، لقد جئت هنا لأكمل دراستي بالجامعة .
دخل أحد الزبائن ، و أخذ يتأمل بالأزهار هنا و هناك ، فقطع ذلك حبل أفكار خالد أو ذكره بالأحري بما جاء لأجله …..
– حسناً ، سأذهب الآن يبدو أني تأخرت ، سأعود لاحقاً لاختيار باقة زهور .
– حسناً ، وداعاً .

انتظر خالد حتى حل الليل ، و عاد مرة أخرى ، استند على الجدار مترقباً خروج الفتاة من عملها ، و ما إن لمحها حتى تابعها بخطواته .
و يبدو أنها سمعت خطواته خلفها التفتت خلفها لكن لم تجد أحداً بالطريق سواها ، فقد كان الوقت متأخراً ، يبدو أن صوت الخطوات قد توقف ، تابعت سيرها مرةً أخرى و أيضاً الخطوات تابعت معها ، أخذت خطواتها تتسارع حتى بدأت تركض دون أن تنظر خلفها ، لكن أوقفتها صوت صرخات جعلت قلبها ينتفض من مكانه ، و ما إن التفتت حتى رأت خالد واقفاً أمامها ما زاد الرعب بقلبها ..

– هذا أنت ؟ ( قالتها بقلق شديد ) .
– نعم ، لم أنتِ خائفةٌ هكذا .
– لا لا لست خائفةً أبداً ، مصادفةٌ جميلة .
– من قال لكِ أنها مصادفة ؟
– ماذا ؟ لا أفهم ( بنبرات خوف ) .
ضحك بسخرية ثم قال :
– أهدئي ، كأنك رأيتِ شبحاً ، لقد انتهيت من العمل و تذكرت باقة الورود ، فذهبت إلي المحل لكن وجدتك تغادرين ، و لا يصح أن تسيري وحدكِ بهذا الوقت فالمكان ليس آمنا .

سكت قليلاً و هو يراقبها تلفظ أنفاسها من الرعب ثم تابع قائلاً :
– مارأيك ؟ سأوصلك للمنزل ، أخاف أن يؤذيكِ أحد .
– لا شكراً ، سأذهب فهو ليس بعيداً .
– أنا أصر على ذلك حتى أطمئن عليكِ .
ظلت تنظر الفتاة بطرف عينها يميناً و يسارا خوفاً من أن يكون من معها سفاحاً أو مغتصباً ، أو أو …. لكن مهما جال خيالها بأفكار فلن يأتِ بالحقيقة .

تابع خالد معها الطريق تاركاً خلفه مصدر الصراخ ، بزقاق ضيق به شيءٌ يلمع ، من يراه من بعيد يظنه شيئاً له قيمة ، و ما إن يقترب حتى تتضح له الرؤية ، سكيناً بجانبه رجل على ملامحه رعب ، كأنه رأى شبحاً ، و عيناه البيضاء و فمه الذي ما زال كما هو كأنه يصرخ الآن ، ربما من ملامح شيطان أخذ ظله للتو ؟ ربما ، لا أحد يحب أن يُعْبَث بما يخصه .

عادت الفتاة لمنزلها ، و ودعها خالد مغادراً ، و بداخله شيءٌ لا يعلم ما هو ، إنه شيء كأنه يشعر به للمرة الأولى ، إنه شيءٌ يردد ( أريد أن أقابلها مرةً أخرى ) ، ترى ماذا يخبئ له القدر ؟

أخذ خالد يتردد على مكان عملها ، و يخرج معها مقنعاً عقله أنها مجرد مراقبة لا أكثر ، لكن قلبه كان يردد لن تستطيع خداعي…

عاد ذات يومٍ إلى غرفته ثم استغرق بالنوم ، و هو يتمنى ألا يعكر مزاجه شيء كتذمر ليلى و غيره ، لكنه استيقظ بوقتٍ متأخرٍ على صرخاتٍ ظن للوهلة الأولى أنها لليلى ، لكن هذه ليست كصرخاتها ، اقترب خالد من نافذة غرفته التي كانت تطل على المقابر و علي الساحة الفارغة ، ليرى ما كان يتمنى ألا يراه أبداً .

وجد ليلى تمزق جسد فتاة و تقتات منه ، الحدث كان أشبه بحيوان مفترس يأكل فريسته ، و الفتاة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة ، هنا شعر خالد كأنه أمام قطار يتحرك تجاهه معلناً بصفارته أنه هالك لا محالة ، وضع يده على فمه من الصدمة و هو يردد :
– ما الذي فعلته ؟

كأن ليلى انتبهت لصوت أحد ، أخذت تدور برأسها باحثةً عن أحدٍ بالجوار ، هنا ابتعد خالد عن النافذة و لا يدري كيف سمعته و بينهما مسافة ، اطمئنت ليلى أن لا أحد بالجوار ثم تابعت تمزيق جسد الفتاة .
مر يوم وراء يوم ، و خالد يفكر بتلك الكارثة التي حلت عليه ، و لا يحتمل رؤية سيم مكان تلك الفتاة أو بالأحري أي فتاة أخرى ، لم يعد يحتمل كل هذا .

في اليوم التالي ذهب خالد إلي سيم كي يخبرها أنه سيسافر بعيداً ، و لن يستطيع رؤيتها مجدداً ، لكنها سبقته بالقول :
– أهلا خالد ، لمَ الغيبة ، هل أنت بخير ؟
– أنا بخير ، لقد كنت مشغولاً بعض الشيء
سكت قليلاً ثم تنهد و أكمل قائلاً :
– سيم ، لدي شيء لأخبركِ به .
قاطعته سيم قائلةً :
– أنا أيضاً لدي شيئاً أخبرك به .
– حسناً ، أخبريني
– خالد ، أنا أحبك
– ماذا ؟
– أنا أشعر أنك تشعر تجاهي هكذا ، و انتظرتك حتى تخبرني بذلك ، لكنك لم تفعل .. لذا قررت أن أبادر أنا و أخبرك ، هل أخطأت بشيءٍ ما ؟
– لا لا لم تخطئي بشيء ..
نظر خالد إلى الساعة أمامه ثم تابع قائلاً :
– لقد تأخرت كثيراً ، سأذهب الآن .
ثم نظر إليها ، وجد نظرة الندم بعينيها و أيضا كأن قلبها انسكر ، ثم اقترب منها قائلاً :
– لا يليق بهذا الجمال أن يحزن ، أنا فعلا لدي شيءٌهام ، لكن سأقابلك مجدداً و أخبرك بمشاعري .

ودع خالد الفتاة ثم غادر مسرعاً للمنزل ، و هو يستمر بلعن نفسه على ما فعل ، و ما إن دخل غرفته حتى أخذ بتكسير كل ما يقابله و هو يصرخ ، إنه يرفض أن يصدق قلبه .. إنه أحبها فعلاً ، لكنها مجرد قربان لفتاة أخرى يحبها ، أو هكذا ظن ..

دخلت ليلى الغرفة و هي تنظر إليه و إلى ما حدث بالغرفة للحظة ، ثم اقتربت منه قائلة :
– لم كل هذه الجلبة ، إنها مجرد غذاء لجمالي لا أكثر .
اشتعل خالد غضباً ، لا يدري .. أهو من كلامها على سيم الفتاة الذي اكتشف أن قلبه نبض لها ، أم بسبب أنانيتها و غرورها أم لسبب آخر ؟؟
– ماذا ؟ هل تراقبيني ؟
– ألا يفترض أن أطمئن على طعامي ؟!
هنا استشاط خالد غضباً ، و قرر أنه لن يحتمل غرورها بعد الآن ، فهي لم تشعره بيوم أنها تحبه رغم ما فعله لها ، بل كانت تستغل سحره حتى جعلته خادماً لها ، و اكتشف أنه دمر كل من يحب لأجل فتاةٍ مغرورةٍ لا تحب سوى نفسها .

بعد الكثير من المجادلات بينهما و هي لا تفعل شيئاً سوى النظر إليه ببرود ، هدأ قليلاً ثم تابع قائلاً :
– أريد فقط جواباً على سؤالي ، و عليه سأنسى كل شيء و لن أتذكر سوى جوابكِ فقط .
نظر إليها ثم قال :
– أنا أعلم أنكِ لا تبادليني المشاعر ، و أعلم أنكِ فقط معي لأجل ما تطلبه نفسك ..
عم الهدوء قليلاً ثم تابع : لكن أرجوكِ قولي لي أن كل ما قلته خطأ .
اقتربت منه بهدوء ثم وضعت يدها على خده و هي تراقب عيناه قائلة :
– لا ليس خطأ ، إنها الحقيقة .
لمعت عيناه من الدموع ثم دفعها بعيداً عنه و قال :
– حسناً ، الآن كل ما بيننا انتهى .
تابع خطواته نحو الباب و هي تصرخ فيه :
– ماذا عن قرباني ؟ فالقمر سيكتمل غداً .
وقف و هو ممسك بالباب ثم نظر إليها بطرف عينه قائلاً :
– جدي لكِ خادماً آخر .
ثم أغلق الباب بقوةٍ و انصرف ، و تستمرت بالصراخ خلفه كعادتها .

انصرف خالد إلى المقابر و هو نادم على كل ما فعله من أجلها و ظل يردد .. كم كنت غبياً ، أتمنى لو تختفي من حياتي..
حتى قاطعه صوتاً جاء من بعيد قائلاً :
– إنه قدرك يا بني و أنت اخترته بنفسك .
– ماذا ؟ من هناك ، أظهر نفسك .
اقترب شخص من الظلام ليكشف عنه نور مصباح جاء من بعيد ، فانكشفت ملامحه ،إنه ذلك العجوز الذي شاهد الزفاف و فر مسرعاً ..
– أنا مجرد رجل عجوز يا بني ، لا تخف .. فأنا يمكنني تحريك ساقي بصعوبة ، كيف سأؤذيك !!
– و ماذا تريد ؟
– أنا هنا لأساعدك على التخلص منها ( و هو يشير إلى منزل خالد ) .
– من تقصد ؟ ليلى ؟
ثم أمسكه من رقبته و قد تغير وجهه إلى ملامحه الشيطانية ..
– هل أنت مجنون يا رجل ؟ ألا تعلم مع من تتحدث ؟
هدأ خالد قليلاً و ترك الرجل العجوز الذي قال :
– أنا أعلم من أنت ، أو بالأحرى ماذا تكون ..
ثم ابتعدت خطواته قليلاً ، و استند على قبر ثم تابع كلامه :

– لقد كنت بشبابي خادماً لساحر مثلك ، كان يتحكم بقوى الظلام ، لكنه بيوم من الأيام أحب فتاة كانت سيئة السمعة ، كان يقال أنها تمارس السحر على الفتيات من أجل جمالهن ، لكنه وجدها مقتولة بيوم ما ، رفض عقله أن يصدق موتها ، فألقى على جسدها تعويذةً أعادتها للحياة مثلما فعلت أنت.
تنهد قليلا ثم قال :
بسبب روحها المشؤومة أصبحت شيطانة تتغذى على دماء العذارى ، حتى صارت مذبحة بالبلدة بذلك الوقت ، أهدرت فيها العديد من أرواح فتيات لا ذنب لهن ، حتى جاء اليوم المشؤوم .

سكت قليلاً و هو يتلفت حوله ثم تابع حديثه قائلاً :
لقد كان الساحر لديه ابنة من زوجته الأولى ، كانت في ريعان شبابها ، كانت بالنسبة له أغلى ما يملك بعدما ماتت أمها قبل أن يصبح ساحراً ، لقد وجدها جسداً ببركة دماء و بجانبها الشيطانة تتلذذ بدمائها ، حاول قتلها لكن كيف تقتل شيئاً هو بالأصل ميت ؟!!
قاطعه خالد..
– و ماذا فعل ؟
نظر إليه الرجل ثم أكمل قائلاً :
لقد وجد تعويذة لتصحيح ما فعله ، تعويذة تعيد روحها الشيطانية إلي باطن الأرض من جديد .
سكت قليلاً ثم نظر إلى خالد قائلاً :
– يابني ، إنها ليست الفتاة التي تحبها ، لقد أصبحت شيطانة بعد عودتها ، و لن تتوقف حتى تعود تلك المذبحة من جديد .

قاطع حديث العجوز صوت عقل خالد و هو يردد …
– كيف أخبر ذلك العجوز أن المذبحة بدأت بالفعل ، آااه كم أنا غبي .
نظر الرجل إلي خالد و الحيرة تفتك بعقله ثم تابع قائلاً :
– أعلم أنه ليس شيئاً سهلاً ، سأترك لك ورقة التعويذة ، لكن تذكر يابني .. ستضيع أرواح لا ذنب لها أكثر من التي ضاعت .
ثم ابتعد الرجل بخطواته خارج المقبرة معلناً رحيله ، تاركاً خالد غارقاً بالحيرة … إنه يعلم كل شيء ، و رغم هذا لا يستطيع ، كما أنه خائف على ” سيم ” ، إنه متأكد أن ليلى لن تتركها .

أخذ يفكر ، و قرر أن يذهب غداً لمقابلة ” سيم “، لكن لا يدري بماذا يخبرها ، هل يخبرها أنه يحبها ، و أنه شعر معها بما لم يشعره به مع غيرها ؟ فقد قدمت له الحب على عكس ليلى التي لم تقدم سوى تكبرها و غرورها ، أم يخبرها أنه سيرحل حتى لا تصاب هي بأذى ؟
لا يعلم .. لكن الشيء الذي تأكد عقله منه أنه يريد رؤيتها ..

و بالفعل.. في اليوم التالي ذهب إلى مكان عملها ، لكنه وجد المحل مغلقاً ، تابع سيره إلي منزلها ، لكنه لم يجد أحداً أيضاً ، ظن أنها غادرت بسبب ما حدث آخر مرة ، ربما ظنت أنه لا يبادلها المشاعر ، و قررت الابتعاد عنه .

عقله اقتنع بذلك ، لكن قلبه كان يخبره أن هناك شيئاً خطأ ، شيئاً مريباً بغيابها ، استدعى فوراً أحد الظلال و أمرها أن تبحث عنها ، و بالفعل اختفى الظل معلناً مغادرته للبحث و خالد ينتظر أمام منزلها ربما تعود .

في تلك الأثناء استيقظت سيم ، و أخذت تدور بنظرها حولها و تردد ( اين انا ) ، لا تعلم سوى أنها اسيقظت لتجد نفسها مقيدةً بغرفةٍ يطل من زجاج نافذتها المكسور القليل من الضوء ، لكنه أتاح لها رؤية الغرفة بوضوح .
لاحظت مجموعة من الكتب مرتبة على الأرفرف و عليها رموزاً غريبةً مثل النجمة و غيرها ، و طاولة بمنتصف الغرفة عليها سكين و بجانبها مجموعة من القناني الصغيرة و يتوسطها كتابٌ مفتوح .

أثارها الفضول للنظر للكتاب ، لكن قاطعها صوت الباب و هو يعلن دخول شخصٍ ما ، و ما إن رأته حتى أصابها الفزع و أخذت تتراجع حتى انزلقت قدماها و وقعت .

إنها هي تلك الشيطانة بوجهها الذي تحلل نصفه بالفعل من أثر اللعنة ، اقتربت من الفتاة و هي تتلمس شعرها قائلة :
– لا ترتعبي هكذا ، فلقد كنت أجمل منكِ بكثير ، ثم ابتسمت بسخرية متابعة .. وولا زلت يا عزيزتي الأجمل .

لم تتكلم سيم ، فلقد انعقد لسانها من الصدمة ، لكن عقلها لم يتوقف هو الآخر، تركت سيم الشيطانة تتفوه بحماقاتها عن الجمال و عن لعنتها ، و هي تحاول الوصول إلي تلك القطعة المكسورة من الزجاج بجانبها لتحل قيدها ، و بالفعل أخذت تقطع بالقيد و هي تنظر لليلى كأنها مصغية لكلامها .

اقتربت منها ليلى و هي تتحدث عن خالد ، و كيف أنه استغلها ليجعلها قرباناً ، و كم أنها مثيرة للشفقة لأنها صدقته . اشتاطت سيم غضباً مما سمعته ، و قطعت آخر جزء من القيد ثم أمسكت الزجاجة بكل قوتها و ضربتها بعنق ليلى و صرخاتها تقول :
– عليكِ اللعنة أيتها المسخ .
حتي أن يدها قد جرحت من شدة قبضتها عليها ، أسرعت سيم و فتحت الباب ثم لاذت بالفرار ، و قفت ليلى و عينها تنبض بالشر ثم أخرجت الزجاجة و ألقتها على الأرض قائلة :
– فات الأوان ، لقد حلت علي اللعنة فعلاً .

في تلك الأوقات عاد الظل ليخبر خالد أن ليلى اختطفت سيم و تحتجزها بالقصر ، وما إن سمع خالد ذلك حتى ترك قدماه تسبقاه إلي مكانها و عقله يردد :
– كنت أعلم أن هذا سيحدث .
و ما إن وصل خالد للمنزل و هو يلتقط أنفاسه ، حتى سمع صراخها يأتي من ناحية المقابر ، أسرع باتجاه الصوت فوجد سيم جاثيةً على ركبتيها و خلفها ليلى و هي ممسكةٌ بالسكين ، و ما إن رأته ليلى حتي قالت :
– آاه لقد جاء العاشق الولهان ( ثم اقتربت من سيم متابعة ) سيكون وجهه آخر ما ترينه ، كم أنتِ محظوظة.
نظرت سيم إلي خالد بعينيها الغارقة بالدموع ..

حاول خالد مماطلتها حتى يجد مخرجاً لتلك الكارثة قبل أن تصبح سيم رقماً بخانة الضحايا ، و أيضاً لا يريد أن يؤذي ليلى فقلبه الذي نبض لها سابقاً يشفع لها حتى و إن توقف الآن !
اقتربت خطواته من ليلى و قال :
– اهدئي قليلاً حبيبتي ، لا أدري لم تشغلين بالك ، بها فهناك المئات غيرها ثم إنه مازال هناك وقت على طلوع القمر .
قاطعته بصراخها :
– ابتعد الآن و إلا قتلتها .
– حسناً حسناً ..
ابتعد خالد قليلاً و هو يراقب ليلى مرة ، و السكين على رقبة سيم مرة .
وما إن توقف بمكانه حتى تابع قائلاً :
– أتركيها ، سأحضر لك من هي أجمل حتى تليق بجمالك .
ضحكت ليلى حتى ملأت ضحكاتها المكان ثم تابعت قائلةً :
– كم أنت مثير للشفقة ، أتعتقد أني غبية لا أعلم ما يدور بعقلك ؟
ابتسمت بشماتة لسيم ثم تابعت قولها :
– يمكنك الآن التوقف عن التمثيل ، فلقد أخبرتها بكل شيء ( قالتها وهي توجه نظرها لسيم ) .

تسمر خالد مكانه كأن صاعقة ضربته و هو يتوجه بنظره لسيم يتنظر ردة فعلها ، و ملايين الأصوات بعقله تتكلم بوقت واحد ( كيف أخبرها الحقيقة ، ليس وقتاً و لا مكاناً مناسباً ، ماذا ستظن بي ، ليتني ما فعلت كل هذا ) .
لكن صراخ سيم الغارق بالدموع قاطع الأصوات بعقل خالد ..
– هل هذا صحيح ؟ هل كنت بالنسبة لك مجرد قربان للعنتها ؟ راقبت هدوء خالد قليلاً ثم تابعت ، هيا تكلم ، هل ما قالته صحيح ؟
لكن خالد ظل صامتاً .. هذا الصمت أعلن لسيم أنها الحقيقة ، لقد كان مخادعاً .
قالت سيم و هي تحاول أن توقف دموعها و علي وجهها ارتسمت ملامح الغضب :
– أتمنى أن تحترقا بالجحيم .

لم يستطع خالد إمساك أعصابه أكثر من هذا ، فقلبه قد تدمر الآن للمرة الثانية .
نظر إلى ليلى و قلبه ينبض بالكره و الغضب تجاهها ثم تابع قائلاً :
– لم تتركي لي خياراً آخر ، لقد كان إحضارك هنا خطأ ، و الآن سأصحح ذاك الخطأ .
و ما إن انتهى من كلامه حتى أشار برأسه لسيم أن تبتعد عنها في الحال ، و بالفعل أمسكت سيم التراب و ألقته بوجه ليلى و ابتعدت على الفور .
ابتعد خالد أيضاً بضع خطوات ، و أخرج الورقة من جيبه ، و ما إن بدأ بقراءة التعويذة حتى رسمت دائرة تحيط بليلي لمنعها من الخروج ، و بدأت الظلال تعلن بصرخاتها المرعبة فتح أبواب الجحيم لروح شيطانةو.

راقبت ليلى الدائرة ترسم حولها و الظلال مقتربة منها ، فعلمت أنها لا محالة هالكة ، ثم نظرت إلي خالد قائلة :
– أتريدني أن أغادر ؟ ( ابتسمت بخبث ثم تابعت ) حسناً سأغادر لكني لن أغادر وحدي .

ثم التفتت إلى سيم التي تبعد خطوات بسيطة عنها ، و قبل أن تكتمل الدائرة سحبتها إليها ، لكن خالد أسرع إليها و دفعها بعيداً عن الدائرة ، و اكتملت الدائرة معلنةً إغلاقها على الروح ..
روح ليلى و خالد ..

و ما إن اكتملت حتى أسرعت الظلال إلى الدائرة تمزق كل قطعة بجسديهما ، و لم يتبقى منهما سوى ظلالهيما التي أعلنت بصرخاتها رجوعها للعالم السفلي .

اختفت أرواحهم و معها الظلال مرافقةً ملكها ، تاركين و رائهم صمتٌ يخيم على المكان ، و سيم جالسة تراقب مكان اختفاء خالد ، لا تصدق أنه رحل و لا تصدق أن من رأته أمامها تمزق أجساده الظلال هو نفسه من عشقته
و كان قلبها ينبض بإسمه .
أخذت تنادي باسمه بصوتها الذي سيطرت عليه نبرة البكاء ، ربما من يراها لأول مرة يعتقد أنها مجنونة أو أنها شخصاً أحب بصدق ، منتظراً رجوع حبيبه من الموت ليبادله الرد .

بعد وقت طويل من أثر الصدمة و الذي سيطر عليه بدوره بكاء سيم ، شعرت أن الليل سيخيم على المكان فبادرت بالرحيل …

بعد وقت طويل من أثر الصدمة و الذي سيطر عليه بدوره بكاء سيم ، شعرت أن الليل سيخيم على المكان فبادرت بالرحيل …

كانت تتردد دائماً على المقابر ، خاصة بذلك المكان الذي شهد موت قلبها مع خالد ، لتضع تلك الوردة محيطة بها باقات الورد التي اختلف تاريخ حضورها .

أمسكت سيم الوردة قائلةً :
– أتذكر هذه الوردة ؟؟ إنها من شهدت على أول لقاء بيننا ، ثم مسحت دموعها و تابعت :
سأتخرج بعد أيام ليتك كنت بجانبي ، حسناً .. أنت دائماً معي ، أنا أشعر بذلك .
أغمضت عينيها قليلاً و الدموع تزين خدها ، و شعرت بنسمة باردة على وجهها و كأن شخصاً ما قبلها على خدها ..
فتحت عينيها ببطئ ملامسة خدها بيديها ، و هي تنظر حولها و أصوات الرياح تعلن بدورها عدم وجود أحد .
– أنا أيضا أحبك ( قالتها بابتسامة ) .

***
اليوم التالي..
صرخت صديقة سيم بها :
– هيا لم يتبقَ وقت على التخرج ، يجب أن أحضر الفستان ، و أخذت تطيل بالكلام و لا تمل أبداً حتى قاطعتها سيم :
– حسناً .. حسناً ، سأتي معك.
ذهبت سيم مع صديقتها و هما تتبادلان الحديث ….
– الجميع مشغول بالتحضيرات و أنتِ مشغولة بقراءة الكتب ، أنتِ على هذا الحال منذ أيام .. ثم منذ متى تحبين القراءة ؟

الفتت سيم بهدوء للكتاب و عينيها تلمع بضوء خافت ..
ابتعدت خطواتهما و ابتعد معها الصوت ، تاركة ورائها كتاب قديم على الطاولة ..
كتب عليه ” أصول سحر العالم السفلي “
و قلم شخص ما خطت على الكتاب :
” طريق الحب يكمله العشاق “

هل سيم هي من كتبت ذلك ؟ هل ستعود القصة من جديد كي يعود شخص ما من الموت و تتكرر الأحداث من جديد ؟؟أم ماذا؟

من قال أن الفراق يدمر صاحبه ؟
لا ندري ..
ربما تكون أول خطوة كي تصبح سيم ” ملكة للفودو ” .

ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﻜﻞ ﻗﺼﺔ ..
ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﻭ الآﺧﺮ ﻻﻳﺴﺘﺤﻖ .

تاريخ النشر : 2016-08-16

guest
45 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى