سؤال الأسبوع

موسيقار في الشارع

بقلم : باسم الصعيدي – مصر

هل لديك القدرة على استشعار الجمال و هو بين يديك ؟

لصفحات الحياة أوجه كثيرة ، منها الوجع .. منها الغرائبي وراء الطبيعة .. و منها الفرح ، لكن سطورة قليلة .
كل صفحة تحتوي علي شيء من حياتك ، و كم هي مؤلمة الحياة عندما تتحطم بيد غيرك و تحرق صفحات من حياتك كتبتها بحبر دمك و آهات قلبك ..

و اليوم سوف نقرأ صفحة جديدة خاصة بالبصيرة الحسية للإنسان ، و هي الإحساس الغائب بجمال الأشياء ..
ربما قد نكون قد امتلكنا شيئاً نفيس يوماً ، و لكن لغياب الإحساس بقيمته لم نشعر به و قد حسبناه نفاية ، و هذا ما حدث في صباح فجر يومٍ باردٍ تتساقط فيه ندف الثلوج تسوقها رياح باردة و تنثرها بلطف على محطات قطارات العاصمة “واشنطن” ، حيث افترش رجلٌ الأرض جالساً يحمل في يده كمانه ، و بدأ في عزف مقطوعات موسيقية لبيتهوفن ..

عزف الرجل عدة دقائق .. مر من أمامه خلالها عشرات الأشخاص .. أكثرهم كان ذاهب إلى عمله ، و هنا توقف كهل منتبهاً إلى عازف الموسيقى الجالس في إحدي ممرات المحطة و هو يعزف على آلته ، تهادى في خطواته لبضع ثوان ثم تابع طريقه ، و بعد دقيقة حصل العازف على أول دولار قذفته له امرأةٌ في صندوق الكمان بدون أن تتوقف حتى ولو لحظة واحدة ..

و بعد قليل مر من أمامه متسكع استند على الحائط عدة لحظات ، ثم نظر إلى ساعته و مضى .. الغريب أن من أظهر اهتماماً بهذا العازف هو طفلٌ عمره ثلاث سنوات ، تمسكه أمه بيدها و تجذبه إلى الأمام ، و هو يطرق برأسه للخلف ينظر إلي العازف بشغف .. و قد حصل هذا الأمر مع كل الأطفال الآخرين ، و جميع الأهالي دون استثناء كانوا يجبرون أطفالهم على المضي قدماً رغم نظرات الأطفال إلى العازف و انتباههم لطريقة عزفه .

و بعد مضي 45 دقيقة من العزف على الكمان .. ستة أشخاص كان حصيلة الذين توقفوا لسماع العزف لفترة ثم ذهبوا ، و عشرون شخص ألقوا المال في عجلة دون أن يستمعوا لشيء ، و في نهاية الأمر كان قد جمع 32 دولار حتى الآن ، و توقف العزف و خيم الصمت في محطة المترو .. و لم ينتبه أحد للموسيقار أو يصفق له أو حتى يشكره ..

لم يعرف المارة أن عازف الكمان هو ” جوشوا بيل ” أحد أشهر و أفضل الموسيقيين في العالم .. و كان يعزف أعقد المقطوعات الموسيقية المكتوبة على الكمان و التي تقدر قيمتها ب” 3.5 مليون” دولار و كان قد عزفها قبل يومين في أكبر مسارح بوسطن ، و كانت القاعة مكتظة و تذكرة الدخول 100 دولار ..
لقد عزف جوشوا بيل متخفياً في محطة المترو كجزء من تجربةٍ اجتماعيةٍ لدراسة الإدراك عند البشر !!!!

عزيزي القارئ .. اليوم أنت في دعوة مفتوحة للاسترسال بدون قيود الأسئلة .. كلِّمنا عن الشعور الغائب بجمال الأشياء ، هل لديك القدرة على استشعار الجمال و هو بين يديك !
هل توقفت لحظة في حياتك لتعرف بقيمة الشيء الذي بين يديك ؟ أم ستعرف قيمته و جماله بعد فوات الأوان ..!

تاريخ النشر : 2016-08-27

guest
19 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى