عالم مصاص الدماء

عالم توايلايت السري .. مصاصو دماء يعيشون بيننا

بقلم : اياد العطار

ربما مروا بك في الشارع من حيث لا تشعر، ربما كانوا زملاءك في المدرسة أو حتى فردا من أفراد أسرتك .. ملابسهم عادية، أشكالهم طبيعية، لا يجذبون الانتباه ولا يثيرون الشبهات. لكنهم جزء من عالم خفي قائم على السرية والكتمان .. عالم متسربل بالظلام يقبعون في ظله بهدوء، فهم لا يبحثون عن الأضواء، ولا يبوحون بأسرارهم لأحد. وقد تمضي عمرا كاملا عزيزي القارئ من دون أن ترى أحدهم أو تدرك وجودهم من حولك، لكن ثق بأنهم موجودون، ربما يكونون أقرب أليك مما تتصور، وقد يأتيك أحدهم في يوم، يقترب منك، في هيئة صديق أو قريب أو حبيب، يهمس في أذنك بشغف سائلا ومتوسلا بضعة قطرات من دمك! .. حينها ستعلم بأن ما شاهدته على الشاشة لم يكن محض هراء، وأن بيلا سوان وادوارد كولن ليسا مجرد وهم .. وأن الحقيقة لا تقل غرابة عن الخيال.

عالم
هل هناك مصاصين دماء حقيقيين يعيشون بيننا ؟

“أنا مصاص دماء” .. يقول بلفزار، وهو رجل في الرابعة والأربعين من نيواورلينز يرتدي ملابس سوداء، ثم يضيف مؤكدا : “الدم هو سبيلي الوحيد للحصول على الطاقة” .. يقول ذلك بثقة كبيرة وهو يضع يده على ظهر رجل آخر يقف إلى جواره خالعا قميصه، ويقوم بمسح بقعة محددة من ظهر الرجل مستخدما محلولا معقما، ويأخذ هو نفسه رشفة صغيرة من ذات المحلول، يمضمض بها فمه قليلا قبل أن يبصقها ويمسح شفتيه بعناية، ثم يمد يده إلى جيب بنطاله مستخرجا سكينا صغيرة، يعقمها أولا بالمحلول، ثم يفتح بها جرح صغير في تلك البقعة التي سبق أن عقمها من ظهر الرجل، وما أن يتدفق الدم حتى يضع فمه على الجرح ويبدأ بامتصاص الدم بشراهة كبيرة. أما الرجل الآخر فيقف منتظرا بهدوء، واصفا شعوره كالآتي : “الأمر غير مريح لكنه لا يؤلم كثيرا .. أعني أنه ليس أسوأ من ثقب الأذن أو الوشم على الجلد”.

عالم
ممرضة تعشق الدم !! ..

نترك بلفزار وصاحبه لندخل إحدى المستشفيات الحكومية في أتلانتا ونلتقي بممرضة تدعى كيرا، إنها شابة جميلة تبعث الاطمئنان في النفس بابتسامتها الودودة وملابسها البيضاء النظيفة .. أنها ملاك رحمة .. لكنها مصاصة دماء أيضا! .. ولا أدري كيف يجتمع الأمران ؟! .. لكن كيرا لا ترى أي تناقض ما بين عملها وسلوكها كمصاصة دماء، فهي لا تشرب الدم مثلما يفعل بلفزار، بل تكتفي بامتصاص الطاقة الروحية. لقد جربت مص الدماء في السابق، لكنها لا تفعل ذلك الآن .. وعن ذلك تقول : “لقد مارست العض وتذوقت الدم، لكني لم أعد أبحث عن أشخاص متطوعين لأحصل على الدم من أجسادهم وأشربه .. فأنا أحاول أن أكون أخلاقية فيما أفعله، أحاول غالبا أن أتغذى على الطاقة الروحية الموجودة في أجساد الناس من حولي من دون أن أسبب الأذى لأحد”.

كيرا تعيش بشخصيتين منفصلتين، ممرضة في النهار، ومصاصة دماء في الليل. وهي تحاول قدر الإمكان أن تبقي على الأمر سرا، فلا أحد في المستشفى الذي تعمل فيه يعلم بحقيقة ما تفعله في الليل، ولا بأنها من الأعضاء المؤسسين لتحالف مصاصي دماء أتلانتا.

وبعيدا عن كيرا وبلفزار .. داخل منزل هادئ ومنعزل في وسط انجلترا .. في حجرة معتمة إلا من نور أحمر خافت، يقبع تابوت أسود أنيق ذو بطانة حمراء. داخل التابوت تتمدد امرأة تطلق على نفسها أسم السيدة “V “. ملابسها السوداء، وعيونها الحمراء، والنابان الطويلان اللذان يلوحان في ثغرها .. كل ذلك يوحي بأنها قد تكون جزءا من فلم سينمائي عن مصاصي الدماء .. لكن الأمر ليس كذلك .. فحين تدق الساعة الثانية عشر إيذانا بحلول منتصف الليل، تنهض السيدة “V ” من تابوتها، تتثاءب قليلا، ثم تمد يدها نحو قدح زجاجي موضوع فوق منضدة خشبية بجوار التابوت، في قعر القدح هناك سائل أحمر قاني، تقربه السيدة “V ” من فمها وتأخذ منه بضعة رشفات بشغف كبير، كأنها ترتشف قهوة الصباح! .. وتعقب قائلة : “الدم هو الشيء الوحيد الذي يطفئ ظمأى، ويجعلني أشعر باني حية فعلا”.

عالم
مصاصة الدماء سوزي بارك ..

وفي صباح اليوم التالي تترك السيدة “V ” منزلها متوجهة إلى عملها، لكنها تبدو الآن سيدة عادية في منتصف العمر ترتدي ملابس بسيطة، قميص ابيض وبنطال جينز ازرق. اختفى النابان وتبخرت العيون الحمراء .. كل شيء في مظهرها أختلف .. حتى الاسم أختلف، فأسمها الآن هو السيدة سوزي بارك، وهي تعمل كمتطوعة في مركز للأطفال المعاقين لتعليمهم القراءة والطهي والغناء.
ما الذي حدث ؟ .. وما هذا التحول الكبير ؟ .. شتان ما بين السيدة “V ” المخيفة والسيدة بارك اللطيفة!.

تلاحظ سوزي دهشتنا فتضحك قائلة : “نعم أنها أنا السيدة “V ” .. لكن بزي الصباح!” .. ثم تشرح لنا قصتها فتقول : “طوال عمري كنت أشعر بأن هناك شيئا ما مفقود في حياتي، الأمر أشبه بحكة في جلدك لا تستطيع الخلاص منها أبدا مهما حككتها. ثم حدث قبل ستة أعوام أن قابلت رجلا يدعى اللورد سباستيان، وهو مصاص دماء ساعدني وأرشدني كي أجد طريقي إلى عالم الدم .. ومنذ اللحظة الأولى التي تذوقت فيها طعم الدم البشري عرفت بأني وقعت على الشيء المفقود في حياتي. علمت بأني عثرت على نفسي أخيرا .. وهكذا ولدت السيدة V “.

تقول سوزي بأنها تعرفت إلى مصاصي الدماء الواقع (1) أول مرة عام 2003 حين قابلت اللورد سباستيان في أحد النوادي الليلية، وتصف اللورد قائلة : “كان طويلا ونحيفا، يرتدي عباءة سوداء تكاد تلامس الأرض، شعره أسود طويل يصل حتى خصره، أخذني معه إلى بيت قديم في ضواحي المدينة يطلقون عليه أسم بيت الموتى السابقين، وهو مقر عشيرة من مصاصي الدماء الذين علموني كيف أحيا كمصاصة دماء”.

بمرور الوقت وجدت سوزي لنفسها مكانا داخل العشيرة، كان عليها الالتزام بقوانينهم، وأهمها السرية والكتان، إضافة إلى عدم أكل الثوم أو الاقتراب منه. كانت تخرج معهم أحيانا في جولات ليلية تحت ضوء القمر في شوارع المدينة، ثم تعود للنوم في  التابوت المخصص لها. ولكي تصبح عضوا كاملا في العشيرة كان عليها أن تجتاز الاختبار الأهم في حياة كل مصاص دماء .. ألا وهو شرب الدم .. وعن ذلك تقول سوزي : “أخذوني إلى غرفة سرية يسمونها الغرفة الجهنمية، لم أكن خائفة ولا قلقة، بالعكس كنت أشعر بالإثارة، فهذه كانت بالنسبة لي خطوة أخرى على الطريق كي أصبح مصاصة دماء حقيقية .. داخل الغرفة شاهدت اللورد سباستيان، كان يمسك بسكين، قطع بها أحد عروقه وجعل الدم يتدفق إلى قدح برونزي قديم، ثم قدم القدح لي، فأخذته وشربته من دون أي تردد، كان الدم ما يزال دافئا وله طعم المعدن، وما أن أستقر في جوفي حتى شعرت بنشوة كبيرة .. كأنما أعطاني حياة جديدة .. أنه أشبه بشعور عودتك إلى المنزل بعد غياب طويل”.

فرحة سوزي باجتيازها للاختبار لم تدم طويلا، فبعد مدة قتل اللورد سباستيان في حادث سيارة، وبموته أنفرط عقد العشيرة، تفككوا ولم يعودوا يلتقون كسابق عهدهم، لكن ذلك لم يفت في عضد سوزي، فاستمرت في حياتها الجديدة كمصاصة دماء، أشترت تابوتا وأصبحت تمارس طقوس الدم لوحدها في المنزل. ولم تمض فترة طويلة حتى تعرفت عن طريق الانترنت على شاب يدعى بول، والذي أصبح زوجها لاحقا.

عالم
الثقافة القوطية .. لها نمطها الخاص ..

بول لم يكن مصاص دماء، لكنه كان مغرما بالثقافة القوطية (2) ، لهذا لم يرى بأسا في سلوك زوجته حين صارحته بحقيقة كونها مصاصة دماء، بالعكس، وجد الأمر مسليا .. فملابسها السوداء .. وأنيابها الطويلة .. وعدساتها اللاصقة الحمراء .. كانت تثيره جدا .. خصوصا حينما تأتيه ليلا وهي تزحف وتزأر كأنها وحش مسعور .. تقترب منه ببطء ثم تطبق أنيابها على عنقه، لم تكن تعضه طبعا، بل تمتص الطاقة من جسده من دون أن تجرحه، فسوزي كانت مصاصة دماء هجينة، وهذا النوع من مصاصي الدماء يعتاش على نوعين من الغذاء .. الدم والطاقة الروحية.

سوزي تشرب الدم أيضا، مرتين أسبوعيا، لكنها لا تحصل عليه من أجساد متطوعين كما يفعل بلفزار، بل تكتفي بما يجود به جسدها، فهي تجرح نفسها وتصب دمها في قدح ثم تشربه. وهي سعيدة جدا بحياتها كمصاصة دماء. أما عن الفرق بينها وبين مصاصي الدماء الذين نراهم على شاشات السينما والتلفاز فتقول سوزي بأنها لا تهاجم الناس أبدا للحصول على الدم، وبأنها ليست ميتة بل إنسانة حية ولا تخاف أشعة الشمس وضوء النهار.

وعلى العكس من سوزي، فأن مصاصة الدماء الأسترالية كريس بويزن لا تتورع عن امتصاص الدم من جسد زوجها بليك، ولا تبخل عليه بدمها. فشرب الدم هو تعبير عن الحب بين الزوجين! .. هذا ما تقوله كريس : “الأمر برمته يدور حول الحب، عندما تحب شخص ما يمكنك أن تأخذ منه، ويمكنه أن يأخذ منك”.

عالم
كريس وزوجها ..

كريس تزعم بأنها مصاصة دماء منذ الصغر، وتقول بأنها تعرفت على الكثير من الرجال قبل أن تلتقي زوجها، لكنها لم تكن تمص الدم إلا من أجساد الرجال الذين تقع بحبهم. وعن ذلك تقول : ” يجب أن أحب الشخص حبا عميقا لكي أستطيع أن شرب دمه. فأنا لا أستطيع أن أتجول في الشارع وأقول أنا مصاصة دماء وأنا ذاهبة لأمزق عنق أحدهم. صحيح أنا أشرب الدم، لكن الأمر يرتبط بالحب. عندما قابلت زوجي بليك لأول مرة كان يعلم بميولي. أنه جزء من حياتنا .. الدم يجعلنا أقوياء”.

الزوجان تقابلا أول مرة خلال حفلة ميتال صاخبة، وقعا في الحب من النظرة الأولى كما تقول كريس : “مصاصي الدماء يتمتعون بحس فائق وطاقة مميزة. وما أن نظرت إلى بليك حتى وقعنا في حب بعضنا على الفور”. ويعيش الزوجان حاليا في ملبورن، يمضيان وقتهما كمصاصي دماء، ويتحاشى كلاهما الخروج تحت أشعة الشمس قدر الإمكان لأنها تؤذيهم بحسب ما يدعون.

مصاصو دماء الواقع قد يقدمون على ما هو أكثر من مجرد تسول الدم من الأقارب والمعارف والمتطوعين. ففي تركيا أعلن الأطباء مؤخرا عثورهم على مصاص دماء حقيقي، شاب في الثالثة والعشرين من العمر يهاجم الناس في الشارع فيجرح بعضهم ويعض آخرين بغية شرب دمائهم. الشرطة ألقت القبض على هذا الشاب متلبسا بالجرم المشهود فحولته فورا إلى مصحة للأمراض النفسية، وقد شخص الأطباء حالته على أنها مزيج من عدة أمراض، فهو يعاني حالة نادرة من متلازمة رينفيلد (Renfield’s syndrome )، التي تدفع المصاب إلى شرب الدم، وهو يعاني أيضا من مرض تعدد الشخصيات الفصامي (DID )، حيث تكون للمصاب عدة شخصيات منفصلة تماما عن بعضها ويعاني من فقدان ذاكرة مؤقت.

عالم
مصاص دماء حقيقي في تركيا ..

هذا الشاب – الذي تحفظت الشرطة على أسمه – متزوج، وقد عانى من طفولة مريرة، فزعم بأن أمه كانت مصاصة دماء، وبأنها كانت تشرب الدم من جسده، كما كان شاهدا على عدة حوادث عنيفة ألقت بظلالها على شخصيته .. شاهد مقتل عمه أمام ناظريه، وشاهد صديقه وهو يقوم بذبح أحد الأشخاص ويقطع عضوه الذكري، وماتت أبنته الوحيدة بعمر أربعة أشهر. وبعد موت أبنته بدأ يشعر برغبة كبيرة في شرب الدم، فكان يجرح جسده في عدة مواضع ثم يجمع الدم في كوب ويشربه، وحصل عن الدم أيضا عن طريق والده الذي سرق له عدة عبوات من بنك الدم .. لكن كل ذلك لم يشبع نهم الشاب المتزايد للدم فراح يهاجم الناس في الشارع. فهو لا يستطيع أن يحيا من دون دم كما أخبر الأطباء، الدم بالنسبة إليه حاجة ملحة كالأوكسجين. وقد وصف الأطباء حالته على أنها نادرة جدا وهم يخضعونه حاليا لعلاج إدمان الدم.

حالة الشاب التركي نادرة فعلا لكنها ليست بفريدة في نوعها، ففي إحدى الليالي من عام 2011، وقعت حادثة في غاية الغرابة بالقرب من احد المطاعم في سان بطرسبرج بفلوريدا، فالعجوز المقعد ايليس ميلتون (69 عاما) لم يكن لديه مأوى يلجأ إليه في تلك الليلة فتوقف بكرسيه المدولب عند محطة البنزين، هناك التقى فتاة شابة تدعى جوزفين سميث (22 عاما) كانت تقف لوحدها. وبسبب غزارة المطر اقترح العجوز على جوزفين الاحتماء بمظلة احد المطاعم على الطرف الآخر من الشارع، فتبعته إلى هناك، وراح العجوز يتبادل أطراف الحديث معها حتى غلبه النعاس فنام فوق كرسيه المدولب. لكن نوم العجوز المسكين لم يدم طويلا، فقد استيقظ مرعوبا بعد برهة ليشاهد جوزفين واقفة فوق رأسه مباشرة وهي تصرخ كالمجنونة زاعمة بأنها مصاصة دماء وبأنها سوف تأكله! ثم هاجمته بشراسة وراحت تعضه في وجهه وذراعه. العجوز أصيب بعدة جروح غائرة واخذ ينزف بغزارة لكنه تمكن بطريقة ما من الإفلات من براثن الشابة المسعورة ليعود إلى المحطة ويتصل بالشرطة طالبا النجدة. الشرطة عثرت لاحقا على جوزفين بالقرب من المطعم وهي نصف عارية ومغطاة بدماء العجوز، وقد أخبرت الشرطة بأنها لا تتذكر شيئا عن الحادث ولا تعلم بما جرى.

وفي عام 1932 عثرت الشرطة في السويد على جثة تعود لعاهرة في حجرة أحد فنادق العاصمة ستوكهولم، الجثة كانت مهشمة الرأس تماما، وبالقرب منها على الطاولة كانت توجد عدة أقداح زجاجية فيها بقايا دم، وهو الأمر الذي دفع الشرطة للاستنتاج بأن الأشخاص الذين قتلوا الفتاة قاموا بشرب دمها قبل أن يلوذوا بالفرار .. وقد بقيت هذه القضية لغزا غامضا حتى يومنا هذا، ولم يلقى القبض على القتلة أبدا.

عالم
بيتر كارتين .. مصاص دماء دوسلدورف

بعض أشهر القتلة المتسلسلين في القرن العشرين كانوا مصاصي دماء، فالألماني بيتر كارتين، الذي يعرف بأسم سفاح “دوسلدورف”. كان يغتصب ضحاياه ويقتلهم ويجد لذة كبيرة في شرب دمائهم والتهام أجزاء من أجسادهم. وقد أعدم هذا السفاح الرهيب عام 1931 ورأسه معروض اليوم في أحد المتاحف الألمانية. هناك أيضا السفاح الألماني فريتز هارمن الذي يلقب بسفاح هانوفر، كان يستدرج الأولاد الصغار والمراهقين إلى شقته حيث يقوم باغتصابهم، ثم يطبق بفكيه على حناجرهم ويمزقها ليشرب الدم منها مباشرة. وقد ناهز عدد ضحاياه السبعين، وأعدم عام 1925. الطريف أنه طالب القاضي خلال محاكمته بأن يتم إعدامه خلال احتفالات رأس السنة كي تذهب روحه إلى الجنة فيحتفل بالعيد هناك مع أمه!.

أما الأمريكي ريتشارد جيس فقد كان مصاص دماء بكل معنى الكلمة، ولهذا أطلقوا عليه لقب “مصاص دماء سكرمنتو”. عاش طفولة بائسة، وأمضى ردحا من حياته في مصحة عقلية، هناك أطلقوا عليه لقب دراكولا، لأنه كان يصطاد الطيور من حديقة المستشفى ويقوم بامتصاص دمها. جيس قام بقتل ستة أشخاص خلال حقبة السبعينات من القرن المنصرم، أمتص دماء بعضهم واكل أجزاء من أجسادهم. وقد مات منتحرا في زنزانته عن عمر ثلاثين عاما في عام 1980.

عالم
ريشارد جيس .. مصاص دماء حقيقي! ..

هناك عدد كبير من القتلة والسفاحين الذين عرفوا بولعهم الشديد بالدم، ومن دون شك يأتي دراكولا الحقيقي، أي الأمير فلاد الرابع، على رأس القائمة. لكن من الظلم القول أن جميع مصاصي الدماء هم قتلة ومجرمين، إذ من المهم أن نفرق بين مصاصي دماء أمثال بلفزار وسوزي كارتر، وبين مصاصي دماء مجرمين أمثال بيتر كارتين وريشارد جيس. فالصنف الأول غالبا ما يكون مسالم، يحصل على الدم من جسده، أو من خلال المانحين الذين يرغبون بتقديم دمائهم طواعية، وأحيانا قد يقنع بشرب الدم الحيواني. ونسبة كبيرة منهم يصنفون أنفسهم على أنهم مصاصي دماء روحيين، لا يشربون الدم رغم تشبههم بمصاصي الدماء من حيث الملبس والمسلك، فهم يستعيضون عنه بما يسمونه “طاقة الحياة”، وللحصول على هذه الطاقة يكتفون بوضع أنيابهم على رقبة المانح من دون أن يعضوه أو يجرحوه، كما تفعل سوزي مع زوجها.

وفي الجزء الثاني من هذه السلسلة سنتطرق بالتفصيل إلى أنواع وأصناف مصاصي الدماء الواقعيين، طرز حياتهم وتصرفاتهم، نجومهم ومشاهيرهم، تجمعاتهم وعشائرهم، والمخاطر الصحية التي قد يسببها شرب الدم، وسنأتي أيضا على ذكر جرائم وقعت في السنوات الأخيرة ونسبت بعضها لجماعات مصاصي الدماء، وذلك لكي نحذر شبابنا وشاباتنا من الوقوع في براثن بعض الجماعات الإجرامية التي تنشط على النت وتجد في شرب دماء الأبرياء متنفسا لعقدها وأمراضها النفسية.

هوامش :

1 – مصاص دماء واقعي (Real-Life Vampires ) : وهو شخص يتشبه بمصاصي الدماء في ملبسه وتصرفاته وسلوكه.

2 – قوطية (Gothic ) : ظهرت في انجلترا بداية الثمانينات من القرن المنصرم كنوع من أنواع موسيقى الروك، وتطورت لتصبح نوع من الموضة أو التقليعة لدى الشباب حول العالم متأثرة بأدب الرعب القوطي الذي انتشر خلال القرن التاسع عشر وبعض أفلام الرعب الحديثة، وهذا التأثر يتجلى بوضوح في مظهر المنتمين لهذه الثقافة، حيث تكون ملابسهم سوداء داكنة، ويضعون ماكياجا يتلاءم مع أجواء الرعب والسوداوية، ولهم موسيقاهم الخاصة.

المصادر:
………………

1- Love ‘Twilight?’ Meet ‘Real-Life Vampires’
2- Coming Out of the Coffin: Vampires Among Us
3- Vampire lifestyle
4- Goth subculture
5- Real-life ‘vampire’ addicted to blood, doctors claim
6- Peter Kürten
7- Richard Chase
8- القاء القبض على مصاصة دماء في فلوريدا!
9- سفاح هانوفر .. مصاص دماء تلذذ بشرب دماء ضحاياه

تاريخ النشر 28 / 03 /2013

guest
363 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى