أدب الرعب والعام

تحكم

بقلم : البراء – مصر
للتواصل : [email protected]

تحكم
إنسان.. إسمي هو إنسان

يقولون إذا امتلكت المال فإنك تمتلك العالم ، و لكنهم يقولون أيضاً المال ليس كل شيء ، المال ليس كل شيء بالطبع.. لم يكن و لن يكون يوماً ، و قد كنت أؤمن بهذه المقولة من أعماقي حتى أنها كانت قناعة تامة في رأسي ، و ما عرفته بعد ذلك أيضاً أنه يمكنك أن تمتلك كل شيء بدون المال ، يمكنك أن تحقق كل أحلامك بدون المال ، بدون أيضاً بيع روحك للشيطان أو الرقص حول النيران عارياً بعد منتصف الليل كما يفعل الهنود ، لكن المشكلة في ما تريدونه نفسه .

قبل ان ندخل في التفاصيل دعوني أولاً أعرفكم بنفسي..

إنسان.. إسمي هو إنسان ، فقط لكي تعرفوني.. أنا الآن في عامي الثالث و العشرون ، في الجامعة .. مجرد طالب ، و ككل طالب في نفس سني كنت أحب ، ليس ذلك الحب التقليدي الأعمى بل ذلك الحب الناتج عن المراقبة و التحليل ، لم أكن من ذلك النوع الذي حينما يرى فتاة جميلة يسيل لعابه لها ثم يبدأ في كتابة أشعار لها و يتغنى بجمالها من دون حتى أن يعرف من هي ، لذلك كنت أراقبها في صمت ، أراقب تصرفاتها و كلماتها و كل شيء ، بعدها بدأت أدرك أن هذه هي المناسبة لي..

لن أحكي لكم عن جمالها بل سأحكي عن قلبها و طيبتها ، بعدها بدأت أدرك أيضاً أنني أحمق ، ليس الأمر بتلك السهولة المطلقة ، تجد من تحبها تغمض عينيك تجدها تحبك تتزوجا و تنجبا طفلين أو ثلاث ثم تعيشون في تبات و نبات.. كان الأمر ليكون مختلفاً لولا أنني اكتشفت عنه ، هو الإنسان الآخر.. الإنسان الذي تحبه و هو يحبها أيضاً ! كل ما أمكنني فعله آنذاك هو المراقبة في صمت مرة أخرى ، و بدأت أسلم لأمري شاعراً بالرضى و بالسلام الداخلي كما يقولون .

أكلم نفسي فأقول.. حسناً إذا انتهى الأمر هي لا تحبك ، هي ليست لك ، هذه هي الحياة إما تفوز و إما أن تخسر ، يجب أن تكون لديك روح رياضية لتقبل الخسارة ، كما أن هذه ما زالت الجولة الأولى.. سلام داخلي مزيف إذا أردتم رأيي ، لأني كنت أعرف بأنها ستكون الأولى و الأخيرة ، ببساطة لأني لن أجد مثلها أبداً ، هي ليست مسماراً أو قطعة من خشب كي أبدلها ، هكذا ابتعدت عنها شاعراً بالرضى النفسي المزيف كما قلت ، ابتعدت و أنا أعرف أن قلبي سيدق في كل مرة أقابلها فيها ، المسألة مسألة أعصاب حينما أقابلها ، يجب علي ألا أنهار أمامها باكياً أو شيء من هذا القبيل ، تقبلت واقعي بصمت و حزن..

في تلك الأيام حدثت لي بعض الأشياء الغريبة ، لكن خلاصة هذه الأشياء الغريبة هي أنني أصبحت حينما أنام أستطيع أن أتحكم بأحلامي ، أن أجعل نفسي في المكان الذي أريده و في الوقت الذي أريده و مع من أريده !! لابد من أنكم قد خمنتم مع من أريد أن أكون حتى في أحلامي.. كنت أحضرها لنجلس سوياً و نتحدث بينما أتأمل في جمالها ، لم أقل أبداً أنها قبيحة بل هي على قدر لا بأس به من الجمال ، بعدها بفترة أدركت أن أحلامي تؤثر على الآخرين أيضاً ، بمعنى أنه حينما أقابلها في الحلم فهي أيضاً تقابلني في الحلم .. حلمها هي ، بمرور الوقت اكتشفت أن ما أفعله بها هو ليس إلا تنفيذ غير مباشر لما يسمى بالتنويم المغناطيسي ، بدأت تحبني أكثر.. تنجذب لي و تتجاذب معي أطراف الحديث ، تبتعد عنه و تقترب مني ، كان هذا مثالي بالفعل ، قليل من الوقت ثم ستعترف لي أنها تحبني..

لم يطل الأمر كثيراً حتى أصبحنا نقابل بعضنا البعض في أماكن أخرى غير الكلية ، أما الإنسان الآخر التي كانت تحبه فكانت حالته تتدهور بكل معنى الكلمة، أصبح نحيفاً و بائسا ، أمكنني أن أرى أنه كان يتحول ببطء إلى هيكل عظمي عليه بعض الجلد ، يتكلم فتسمع صوتاً مبحوحاً ، يراقبني دوما بصمت بصفتي الرجل الذي سرق منه حبه ، و الحق أنا كنت أستمتع بهذا ، ليس لعداوة بيني و بينه… بل لأنه أخيراً أحس بنفس إحساسي ، كنت أستمتع بهذا حقاً.. أنت لا ترى هذا كل يوم بالطبع ، لا أدرى متى بدأ شعور الشفقة يأخذني ، متى بدأت أشعر أني أرتكب خطأ كبير للغاية ، متى حصل هذا !! ربما بعد أن عرفت أنه قد مات غرقاً.. لا أحد يمكنه أن يجزم هل انتحر أم لا لكني كنت أعرف أنه قد انتحر ، في النهاية هذا هو قراره و لا دخل لي به.. لكن القصة لا يمكن أن تنتهي هنا ، لا يمكنني أن أعيش معها في تبات و نبات ببساطة ، لابد من شيء آخر يلوث هذا كله.. شاء القدر أن يكون هذا الشيء هو أنا .

عندما مات الإنسان الآخر انتابني شعور غريب ، شعور لا يمكن وصفه لكن هذا الشعور جعلني أقرر الجديد الذي سأفعله هذه المرة ، الخطوة التالية التي سآخذها ، قررت أني لن أنام ليومين كاملين مما يعني لا زيارة و لا تنويم مغناطيسي ، وقت قاسي بالطبع لكن مع القهوة و المنشطات خفت شدة وطأته قليلاً و لو ليست بالدرجة الكبيرة ، و هنا لاحظت المفاجأة.. لقد أصبحت لا أشعر بأي شيء تجاهها ، ربما لأنني لم أعد أحلم بها ، لكن أحسست إنها إنسانة عادية حقاً ، تلك الحقيقة هي آخر ما فكرت به قبل أن أنام ، لكن بعد أن استيقظت تغير كل شيء مجدداً و عاد قلبي ينبض لها من جديد ، و من جديد لم يعد لدي وقت للتساؤل عن هذه الحادثة ، و مرت عدة أسابيع على هذا الحال ، كل يوم نفس الشيء.. إلى أن أتى اليوم الذي نمت فيه ثم استيقظت و أنا لا أشعر بأي شيء نحوها ، لا شيء فقط لا شيء ! ربما القليل من الانجذاب نحوها بما أنها جميلة نسبياً و عدا هذا لم أفرق بينها و بين أي فتاة أخرى ، هي تقبلت الأمر بصدر رحب و لم تعد حتى تنظر إلي ، حينها لم أكن أعرف أي شيء عن اللعبة ، كان هذا تلاعب تام و كامل بالحقائق ، تلاعب تام و كامل بكل شيء … تسألونني عن أي حقائق أتحدث؟

سأخبركم …

 لكن أولاً يجب أن أخبركم بالجريمة التي ارتكبتها ، لقد قتلت شخصاً .. نعم أنا أعترف بإرادتي و الأمر سهل بالمناسبة ، كل ما أذكره هو أنه حينها كانت تجتاحني رغبة ملحة في القتل ، لا أعرف إن كان يمكنني مقارنتها برغبة المدمنين للمخدرات ، و لكنها كانت قوية حقاً ، ترى شخص يصرخ في الشارع بغيظ فتتمنى أن ترى منظره و هو مغطى بالدماء ، تشاهد فيلما فتتخيل السكين و هي مغروزة في عنق ذاك الممثل أو هذه الممثلة ، لا تعرف متى تأتيك هذه الحالة.. بطبيعة الحال لم أتمكن من فعل أي شيء حيال هذه الرغبة حتى استيقظت في ليلة غارقاً في عرقي ، في هذه الليلة حلمت بأنني أقتل شخصاً بمتعة كبيرة ، ربما كان هذا حلماً و لكنه كسر آخر سلسلة كانت تبقيني على الأرض.. قطع الحبل الذي كنت أحاول أن أتمسك به بشدة كي لا أسقط في الهوة.. وجدت نفسي أذهب للمطبخ و أستل أكبر سكين وقعت عليه عيني من الدرج ثم أخرج للشارع بملابس النوم كالتائه ، كنت أنوي قتل أول شخص تقع عليه عيني ، كنت أفكر فقط بمدى متعة رؤية الدماء الساخنة و هي تخرج من جسد حي يتحرك ! و هناك وجدته يجلس على المقعد الخاص بالحديقة ، أخفيت السكين جيدا وراء ظهري ثم تقدمت بهدوء و جلست بجانبه ، كان بائساً هو الآخر و يبدو كمن ينتظر الموت.. أو ينتظرني كلانا نصلح للمهمة .

– مرحباً كيف حالك؟
– أنا هنا أنتظر شخصاً ما و أنت ماذا تفعل هنا؟
– سأرسل له تحياتك إذا..

و الباقي يسهل معرفته.. جثة ممزقة و شخص تائه لا يعرف ما الذي قد فعله للتو ، و الكثير الكثير من الدماء ، لكن هذا الرجل و الحق يقال لم يقاوم قط ، لم يحاول حتى منع الدماء من التدفق من رقبته ، لربما كان ينتظر الموت بالفعل..

هكذا قتلته و هكذا عدت للمنزل و أخفيت السلاح و بصماتي من عليه و غسلت ملابسي ، ثم بعد كل هذا أكملت نومي و لا تسألوني كيف فعلتها ، استيقظت بعدها و قد زالت الرغبة تماماً و مجدداً لم أشعر بأي شيء ، لا بالذنب ولا بالغرابة ولا بأي شيء ، و كأن قتلي لهذا الشخص كان شيئاً طبيعياً كشرب الماء !!

في ذلك الصباح صدع الطلاب رأسنا بالطالب الذي مات في الحديقة منتصف الليل ، لم أحتج لذكاء خارق كي أدرك أنهم يتحدثون عن الشخص الذي قتلته أنا ، أصبح طالباً و ليس شخصاً الآن ، عرفنا شيء عنه على الأقل.. نظرت لها وسط هذا الهرج و المرج  و قد كانت كئيبة و حزينة ، لم أكن أعرف السبب و لم أعر لهذا اهتمام ، هي الآن أصبحت من الماضي ، اعتقدت هذا بالفعل.. لكن مجدداً كل شيء بدأ بعدها بشهرين..

لدي عادة غريبة بعض الشيء و هي قراءة الصحف القديمة ، أعتقد أني كنت أحب أن أعرف ما الذي كانوا يظنون أنه سيحدث قبل أن يحدث بينما أنا أعرف ما حدث بالفعل ، و وقعت في يدي جريدة قديمة بدأت أقرأها بتشف ، في صفحة الحوادث وجدت صورة لشخص ذو ملامح لم تكن غريبة علي ، كتبوا أنه طالب و قد تم قتله في حديقة ما في المدينة ، نعم هي نفسها التي تفكرون فيها ، لكن ما الجديد هنا.. الجديد هو أن هذه الصورة لم تكن إلا للشخص الذي ظننت في فترة من الفترات أنه قد مات غرقاً ، إنه الإنسان الآخر الذي كان يحبها ، أخبرني صديقي بوضوح أنه قد مات غرقاً ، و فعلاً من يومها لم أره.. لكن ها هو اليوم يظهر مجدداً ، التاريخ نفسه كان يمكنني بالتقريب أن أجزم أنه نفس اليوم الذي قتلت فيه هذا الشخص ، دعك من أنها نفس الحديقة ، وقتها بدا كل شيء ضبابي و مشوش بالنسبة لي ، و بدا لي أيضاً أن الحل يكمن عند شخص واحد فقط.. إنها هي

عندما رأتني على باب منزلها بدت مندهشة كثيراً ، كان واضحاً أنها لم تتوقع قدومي لها و خصوصاً في مثل هذا الوقت ، كانت الساعة الثامنة مساءً ، أخبرتها بأنني أريد سؤالها في بعض الأشياء فتركتني واقفاً على الباب لدقيقة ثم عادت مرتدية بعض الملابس المناسبة للخروج ثم تأبطت ذراعي و سحبتني معها و هي تسألني عما أريده ، كنت قد عقدت العزم على أن أخبرها بكل شيء من البداية حتى النهاية ، منذ كنت أحبها و أراها مع الإنسان الآخر ، و عن القدرة و الأحلام و التحكم من خلالها ، حتى عن جريمتي و ما حدث بعدها و ما وجدته في الجريدة ، و بعد أن أفرغت ما في جعبتي من تساؤلات تنهدت ثم بدأت تخبرني بكل ما حدث معها هي الأخرى.. قالت:

– إذن أنت تظن أنك أنت من كانت لديه القدرة على التحكم بالأحلام ؟
– أظن ؟!
– سأخبرك بالحقيقة .. لقد كنت أخدعك طوال هذا الوقت ، أنا من كان لديه هذه القدرة
– هذا ليس وقت المزاح
– أنا لا أمزح ، أنا من كنت يتحكم بك
– ما هذا الهراء ؟!
– إنها الحقيقة.. كنت أجعلك تظن أن تتحكم في حلمك و لكن أنا من كنت أتحكم فيك و أوهمك بأن هذا ما تريده..
– فلنقل أنك محقة.. ما علاقته هو بهذا ؟
قالت بابتسامة :
– من ؟ الإنسان الآخر !!

أنا كنت أدعوه بهذا في عقلي فقط و لم أخبر أي شخص عن هذا الاسم.. لذا قلت بدهشة :
– و كيف عر…
قاطعتني قائلة:
– قلت لك.. أنا أتحكم بك عن طريق أحلامك ، هذا الاسم أنا من أوحيت لك به ، الإنسان الآخر أو -رايلي- لم يكن الشخص الذي أحبه في الواقع ، المشكلة أن هذه قصة طويلة

أن تعرف أن اختياراتك لم تكن حقاً اختياراتك لهو حقاً لشيء مثير للغيظ.. قلت بغضب:

– أريد سماعها
نظرت لي بشفقة ثم بدأت تتكلم :

– عندما عرفت بأمر امتلاكي لهذه القدرة لم أكن أخطط لفعل أي شيء خاطئ بها ، بمعنى آخر لم أرد أبدأ أذية الناس ، لكن رايلي.. رايلي كان مختلفاً عني ، عندما كنت نائمة في ليلة من الليالي اكتشفت أن رايلي لديه نفس قدرتي هذه ، رايلي كان مخادعاً حقاً ، كان يستخدم القدرة علي و أنا نائمة ، لم يكن يعرف أني أعرف تماماً ما الذي يفعله بي ، لذا جاريته و مثلت أنني أحبه.. كانت تلك هي الفترة التي كنت تراقبني فيها.. كان غرضي أن أعرف ما هو غرضه مني.. حتى تمكنت في ليلة من معرفة ما أراده حقاً مني ، كان يريد أموال أبي.. لديه خطة سخيفة تتعلق بأن يتزوجني و يحصل على أموال والدي لك…

قاطعتها قائلاً بتحذلق:
– لكن إذا كان يمكنه التحكم في الأشخاص لم لم يتحكم في والدك نفسه و يجعله يعطيه المال بنفسه؟

ردت و هي تضحك:
– إن الأمر ليس بهذه السهولة.. لو كانت هذه هي القوانين لكان يتحكم في العالم كله في قيلولة قصيرة ، لكي تتمكن من الدخول إلى عقل شخص و التحكم فيه عليك أولا أن تتحدث معه لمدة عشر دقائق على الأقل ، كما أنه عليك لمسه ، الأمر له علاقة بالترددات التي يطلقها عقلك و أنت نائم و التي تخبرني أنا المتحكمة بمكانك و تمكنني من الدخول إلى عقلك ، أشياء لن تفهمها ما لم تكن مكاني أو مكان رايلي ، هذا ليس موضوعنا على أي حال ، رايلي لم يتمكن من التحدث مع والدي أبداً لأن والدي رجل أعمال مشغول و ليس لديه الوقت الكافي كي يتحدث مع شخص مثله ، لذا كنت أنا طريقه للعبور إلى والدي.. سوف يجعلني أقع في حبه ، بعدها يصارحني بحبه هو الآخر ، و حينها سيتقرب إلي و حتماً سيقابل والدي في يوم ما… و بالطبع بعدها يمكنه أن يتحكم به ، و ربما بعدها يتزوجني كي يصبح وريثه الوحيد بما أنني أنا الأخرى وحيدة .

في تلك الليلة التي عرفت فيها خطته أدرك هو الآخر أنني مثله أستطيع التحكم بالناس ، اعتقدت أنه سيتوقف عن المحاولة تماماً حينها ، لكنه لم يتوقف بل صدق أو لا تصدق أراد قتلي ، ربما حتى لا أفشي سره.. و ربما حتى يكون هو الوحيد الذي يمتلك هذه القدرة ، و ربما لأنه كان خائفا ، المهم هو أنه كان يخطط لقتلي ، حينها لم أكن أعرف بنيته هذه و تركته و شأنه…

في هذه الفترة تقربنا أنا و أنت ، و في نفس هذه الفترة أيضاً أوهم رايلي الجميع بأنه يعاني من مشاكل نفسية بسبب تركي له ، رايلي حينما أدرك أنك حللت مكانه بدأ يخطط لجعلك تقتلني بما أنك تكون معي دائماً ، في البداية قتل نفسه غرقاً ، بالطبع في عقول أصدقائه فقط كي يختفي نهائياً من الصورة  ، ثم بدأ يزرع في عقلك تلك الأشياء عن القتل و ما شابه و لكن لأنه كان من المفترض أنه ميت لم يحضر للكلية و لم يعرف أننا افترقنا و لم نعد ننظر لبعضنا البعض حتى .

و في الليلة التي حلمت أنت فيها بذلك الحلم الأخير الذي جعلك تفقد السيطرة كلياً ، كان يحاول أيضاً أن يجعلني أذهب للحديقة أيضاً.. يبدو أنه كان يعرف أنك على الحافة و أن هذا الحلم سيجعلك تسقط و سيجبرك على الخروج بحثاً عن شخص تقتله ، و بالطبع سيصادف أن هذا الشخص هو أنا .

في نفس الليلة حاول أن يجعلني أنتظرك في الحديقة على أساس أننا سنتقابل هناك ، لكنه لم يكن يعرف أننا افترقنا و هكذا عرفت خدعته ، و ربما حتى لو كنا ما زلنا لم نفترق فكنت سوف أعرف أنها خدعة و أنه يتحكم بي ، لأنني كما تأكدت يومها مقدرتي أكبر من مقدرته بكثير ، كان الفارق شاسعا بيننا.. لذا اقنعته أنا بالعكس و أقنعته أن يذهب إلى الحديقة حتى أسخر منه ، لم أكن أعرف بخطته هذه طوال هذا الوقت ، و بالفعل ذهب هناك كي يقابلك… و أنت تعرف الباقي .

كنت أستمع لكلامها بحرص شديد و أهمهم مؤكداً على كلامها بين الفينة و الأخرى ، و حين انتهت بدأت في طرح الأسئلة :

– إذا مبدئياً هو من زرع في عقلي هذه الأشياء عن القتل ، ثم حاول أن يتحكم بك كي يجعلك في طريقي مما يجعلني أقتلك
– نعم هذا هو ما فعله
– هناك سؤال واحد فقط.. ما دخلي أنا بكل هذا ؟ لماذا كنت أحلم بكي من البداية قبل كل شيء و لماذا كنت أحبك في البداية و لم أعد أحبك ؟!

أمسكت يدي و شدت عليها و هي تقول:
– هذا لأنني كنت أتحكم بك منذ البداية.. كنت أحبك
شددت على يدها بدوري و قلت:
– لماذا لم تخبريني إذا.. ما هو ذنبي في كل هذا ؟

قلتها ثم تركت يدها و استدرت كي أعود لكنها أوقفتني قائلة:
– لأنني أعرف بأنك لن تحس بنفس إحساسي ، في بادئ الأمر الأحلام التي كنت تحلمها كنت أنا المتحكمة بها ، لكن حين عرفت بأمر رايلي حدث ما حدث ، لكني حين وجدت أنك تقاومني تركتك ، و حينها زرع رايلي الأفكار عن القتل في رأسك

– إذا لماذا حين كنت تمثلين أنك تحبين رايلي.. لماذا تركتيني معلق بك ؟ لماذا لم تتركيني ؟ كان يمكنك تركي مؤقتاً ثم بعدها تتحكمين بي
– كنت خائفة من أن تحب شخصاً آخر غيري.. أنا آسفة
– لكنك جميلة بالفعل.. أمكنني أن أحبك من دون كل هذا
– حقا ؟!
– نعم و لم لا ؟!

……….

 لم لا إذا كان والدها رجل أعمال… إن خطة رايلي جيدة بالفعل ، لكن خطتي أنا ممتازة.. رايلي سيجعلها تحبه من غير إرادة أما أنا فهي تحبني بإرادتها ، ربما بعد ثلاث سنوات أو أربع سنتزوج و حينها لا أعتقد أنها ستبخل علي بأي شيء من مال والدها ، ما لم أتوقعه أن رايلي كان بهذا الغباء

لا لا !! … لا تعتقدوا أنني الشرير هنا.. بل هي الشريرة ، إنها تكذب.. لقد كانت تعرف بخطته ، كانت تعرف بأنه يرسلها كي أقتلها ، و رغم معرفتها بهذا أرسلته هو كي يلقى حتفه على يدي ، و قد كانت واضحة معه حتى أنه أخبرني أنه ينتظر شخصاً ما و هذا الشخص هو أنا بالطبع ، نعم عرفت أنني سأقتله و أرسلته بالرغم من هذا .

برأيكم لماذا عرفت خطته حينما حاول أن يتحكم بها في المرة الأولى و لم تعرف خطته حينما حاول أن يتحكم بها في المرة الثانية ؟ في أول مرة عرفت كل شيء عن خطته .. عن استحواذه على أموال والدها، و في المرة الثانية قالت بأنها لم تكن تعرف بأنني سأقتل من أراه ، أصلاً إذا كانت لا تعرف خطته كيف عرفت أنني أنا من قتلته في الحديقة ؟!

ربما أنا وغد لكنني لا أقل عنها بشيء.. بل ربما هي أكثر شراً مني.

………..

تمت

تاريخ النشر : 2016-10-12

البراء

مصر - للتواصل: [email protected]
guest
21 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى