أدب الرعب والعام

ذكريات عاشق

بقلم : هنادي – المغرب

ذكريات عاشق
ظهرت أمامي امرأة تفوق نساء العالم جمالاً .. فستانها تتقاطر منه شعلات من النار
صعبٌ أن تصبح بدون أحلام ، تقف أمام خراب صنعته بيديك ، تقلب الحطام ، لعلك تجد نفسك ، لا تجد سوى رؤى الماضي بين الركام ، تركض إلى اللامكان ، ليست لك وجهة ، تريد فقط الهروب ، و لا يسعك أبداً الهروب من نفسك ، خطاك تنفد ، عيونك ترقد ، تفتحها لا ترى سوى الظلام ، ليس هناك نور ينير دربك ، ترغب في القيام ، كلك مقيد بسلاسل أصواتها تهز نعشك ، تغمض عينيك و تتمنى أن يكون كابوس ، و يوقظك صوت و قع خطوات تقترب ، ليس حلماً سيئاً ، فتعلم بأن نهايتك حلت ، لا بل انتهيت ….
ترى صور حياتك كلها ، آه قد أحببت تعذيب نفسك ، لماذا كذبت ، لماذا غششت لماذا خدعت ، و فجأة تحيط بك النيران ، و تهتف أين المفر ؟
ألا تعلم بأنه ليس هنالك مفر ؟ هذا ما جنيته ، هذا ما جلبته لروحك فادفع الثمن …

من العدم .. من الفراغ تنبعث سحابة هوجاء ، تفسح عن امرأة حسناء ، تفك القيد ، و تمسك يدي و نركض بعيداً بعيداً ….
إلى أين نذهب ؟ لا أريد أن أسأل ، فقط أرغب باحتضان يديها الناعمتين إلى الأبد .
من هي ، من تكون؟ لست أعلم ، ربما منقذتي من الهلاك ، ربما ملاك ، لن أسأل ، لن أقاطع صوت خلخالها الرنان بسؤال تافه ، لا يهم من تكون ، المهم أن تظل معي إلى ما لانهاية ..
عطرها الفواح ، و شعرها الأسود المتموج يلامس خدي ، و أنا ذبلت ، كأني أعشقها منذ الأزل ، ملمس يدها يعيد إلي ذكريات مدفونة ، إنها هي حبيبتي …

كيف لفؤاد أن يغير وجهته و يترك من يحب ؟! غبيٌّ القلب الذي يستشير العقل في أمور الهيام ، آه ضيعت حبيبتي و أنا وحدي الملام ، لا يسعني أن أعيد الأيام ، لكن يسعني أن أحكي ما حدث حتى أشيب و أنا لازلت غلام .

عشقت فتاة قروية بريئة ، لطالما تتبعتها بنظراتي ، كانت تنفرد بنفسها بين الأشجار ، تلاعب خصلات شعرها ، و تغني غناء البدو ، صوتها ناعم يعتريه فيض الحنان ، سهرت ليال طويلة وأنا أحيك خيوط أفكاري ، كيف أتقرب منها ، و كيف أجعل منها حبيبتي ، لم أتوصل لشيء ، فكانت في قمة الحياء ، عفيفة لا تكلم جنس الرجال سوى ذويها ، عشقها لم يزدني إلا جنوناً ، لم أعد أستطع أن أصبر بعد الآن ، سأصارحها ، و إن لزم الأمر سأختطفها ، لا يهمني قد وصل السيل الزبى ، قروية حقاً ، لكنها ذكية و ماكرة ، ما إن أحست بأني أترقبها ولهاً ، وعلمت بسري ، حتى صارت تعذبني بغيابها أو بكلامها مع أبناء الجيران ، مللت من تصرفاتها الصبيانية ، سأفتح إرثي الذي تجاهلته و لم أعره اهتماماً …

كتاب الظلام المتوارث من جد إلى جد ، وقع في يدي منذ زمن ، لطالما أرعبتني الرؤية إليه ، رغم تشجيع الشيطان لي بقراءته ، كنت أرفض و أقول أنا أعقل من هذه الخزعبلات ، لن أخضع للضغوط ، و لن ألجأ للدجل ، لكن أتت عاصفة الحب السوداء ، فأصبح الشرف و العقل و المنطق سراب ، لم أعد أبالي رغم التحذيرات التي كتبت في الملحقات بالكتاب ، العواقب لا تحتل من تفكيري سوى صدى ضمير يحتضر خنقته بيدي ، و فتحت الكتاب ، أجل سمحت للظلام أن يستعمر كياني ، و أنا أقرأ فصوله المليئة بالتعاويذ و الطلاسم ، بعد خمس ليال من الاعتكاف وصلت أخيراً لفصل المحبة (الربط) ، تسخير هوائي ، أشعلت الشموع و كتبت التمائم ، و لففت حولها عشر مرات ، و جرحت كف يدي اليسرى ، و أطفأت بدمي الشموع ..

مكتوب في الفصل أنه بعد هذه الجلسة ستحضر جنية اسمها “جروتياد ” تسخَّر لتلعب بعقل المحبوب ، تجعله يهيم عشقاً و يأتي بين يديك ذليلاً ، انتظرت خمس ساعات ، لم أبارح مكاني ، ظننت بأن التعويذة غير فعالة فهممت بالخروج من الغرفة ، فظهرت أمامي امرأة تفوق نساء العالم جمالاً ، كلامها كالهمس ، تمشي في الهواء ، و فستانها القرمزي تتقاطر منه شعلات من النار ، قالت بصوت كأنها تتكلم في قاع بئر عميق ، سأجلبها لك خاضعة ، و عيناها من الشوق دامعة ، لكن قاطع الكلام ثلاثة أيام ، غب عن ناظريها حتى أحرمها من المنام ، كنت على وشك سؤالها ، اقتربت مني و وضعت إصبعها على شفتي ، و قالت اصمت قد ابتدأ العد …

مرت الأيام الثلاتة كأنها عمري بأسره ، شوقي و حنيني إلى حبيبتي القروية سلمى يزداد ، أتى الليل و انتهى العد ، و بزغت جروتياد من السقف ، و نيران فستانها تتقاطر فوق وجهي ، و العجيب أنها لا تحرقني ، ابتسمت و قالت افتح الباب فقد تحقق المراد ، سلمى آتية ، ستسلمك نفسها برغبة طاغية .

ماذا تقولين جروتياد ؟لا أريد جسدها ، أريدها أن تهيم بي عشقاً ، ماذا فعلتِ بالفتاة ، سخرتك كي تحبني و ليس لتحويلها إلى باغية !

جروتياد : يا سمير ، تزوجها إذاً و اطلب يدها ، لم يكن بوسعي أن أجعلها تغرم بك ، لأنها تحبك كما تحبها ، كانت تخبئ ولهها بين طيات فؤادها و لم تستطع البوح ، فاختارت الكتمان ، لعبت بفكرها قليلاً فاستشاطت رغبة ، ظننت بأن هذا مرادك .
سمير : حسناً ، مشكورة جروتياد ، سأتزوجها بالفعل فهذا هدفي منذ أول مرة رأيتها فيها
جروتياد : بما أني أتممت المهمة سأرحل إلى حين تنفيذ شروط التسخير
سمير مستغرباً : أي شروط؟

اختفت جروتياد إثر سماع طرقٍ بالباب ، سمير هم بفتحه و لم يبال بكلام جروتياد ، فحبيبته على الباب ..

فتح الباب ، وفتح معه سراديب أحلامه ، ارتمت سلمى في أحضانه و أبعدها عنه بصعوبة ، قاومها و قاوم نفسه الملحة.
سلمى : سمير أين أختفيت هذه الأيام ، قد قلقت عليك كثيراً ، أأصابك مكروه ؟
سمير ابتسم ابتسامة الانتصار و قال : و لم أنت مهتمة بغيابي ؟
سلمى باحت بصعوبة و دمعت عيناها من وطأة صراعها الداخلي ، هي تريد البوح ، و تستحيي من الاستجابة لعاطفتها المستعمرة : أحبك سمير ، أحبك كثيراً ، فالمسكينة كانت تحت تأثير جروتياد .

رغم قباحة فعل سمير و شناعته كانت تتعلق بأطراف ضميره المحتضر بعض من الشهامة و النبل ، لم يرد أن يستغل الفتاة التي خارت قواها بفعل فاعل مستحوذ للعقل ، أجلس سلمى بمقعد قبالة المدفأة ، و وقف بجانبها و خاطبها : أحبك يا سلمى منذ زمن بعيد ، منذ أن كنا أطفال ، منذ أن كنا نمتطي الأغصان و نجري بين حقول الذرة ، كنت الأمير ، و أنت الأميرة ، كانت خيولنا الخيالية تسقطنا مراراً و تكراراً و لم نمتنع عن امتطائها ، هكذا حبك ، تذيقينني مراراً ، ولم أمتنع عن التفكير بك و عشقك ، سلمى سأتقدم غداً لطلب يدك ، أريدك زوجة لي ، أرغب أن أستيقظ صباحاً و أول ما أراه محياك الجميل ، و أن أنام مساءً و أنا أشتم نسيم شعرك الطويل .

رسم على وجهها البريء فرحة الأطفال ليلة العيد ، و قالت له سأخبر جدي بقدومك غداً ، إلى اللقاء ، أحبك …

لا أستطيع أن أصف فرحتي ليلتها ، نمت و أنا أحلم بحبيبتي التي ستصبح زوجتي ، أغمضت عيناي و صورتها تداعب خيالي ، لا أستطيع أن أصبر إلى الغد ، لماذا الليل طويل هكذا ، متى سيحل الصباح و يزيح عتمة أيام سالفة مرت دون سلمى .

اليوم يومٌ جديدٌ ، يوم تذوب فيه أحزاني ، و تنبثق منه زغاريد الفرح و أهازيج مخملية تحملني أنا و حبيتي
بعيداً فوق السحاب ، يوم تغتاظ فيه النساء حقداً و حسرة ، و يفرح لنا الأهل و الأقارب ، لا أبال إن فرحوا من الصميم ، أو كانو ينافقون ، لا يهمني شيء ما دام بصحبتي جوهرة لامعة ستضيء ثنايا حياتي …

تقدمت لخطبتها ، و بعد أسبوع تم الزفاف ، ما أحلاها ، أجمل عروس رأتها عيناي ، أجمل من عارضات المجلات ، لم تضع إلا قليلاً من الزينة ، لكنها بدت كسماء صاخبة تغزوها النجمات ، لا يوجد الليلة ما ينغِّص علينا فرحتنا حتى نميمة بنات القرية الساذجات اللواتي يعتقدن بأنهن يتكلمن بصوت خافت ، و وصلتنا أصداء كلامهن الجارح على بعد عشرة كيلومترات ، لم تزدنا ثرثرتهن إلا ضحكاً و سروراً ، لقد أضفن طابعاً كوميدياً للحفل ، انتهى العرس المكلل بالوئام و توجهت مع حبيبتي إلى قصرنا المتواضع ، و مرت الليلة بسلام …
لا للأسف لم تمر بسلام ، فقد استيقظت على صوت هامس ،صوت جروتياد :

مبروك .. مبروك ، فرحت لكما كثيراً ، أحس كأنني كيوبيد
سمير : جروتياد ما الذي أتى بك إلى هنا ؟ فأنا لم أستدعيك !
جروتياد تكلمت بنبرة يتخللها المكر : أهكذا تستقبل من أتى يهنئك ، على العموم أنت شجاع جداً لإقدامك بالزواج من الفتاة التي سخرتني لسحرها …
سمير : و ما الأمر الجلل في هذا ؟ أنت تعلمين بأني أحبها ، و بديهي أن أتزوج بها
جروتياد : حسنا سآتي لتنفيذ الشروط ، نم الآن يا عريس…

كيف سأنام ؟ ما هذه الشروط ؟ يجب علي البحث في كتاب الظلام ، لعلي لم انتبه لفقرة من فصل المحبة ، أوشكت على النهوض من السرير ، لكن أحاطتني زوجتي الحبيبة بذراعيها فنسيت ما كنت أنوي القيام به و نمت مناسياً كلام الجنية الخبيثة .

حل الصباح ، جهزت الفطور بما لذ و طاب و أيقظت حبيبتي النائمة ، فتحت عينيها و باعدت خصلات شعرها عن وجهها ، فكشفت عن خديها الورديتين ، و نطقت صباح الخير حبيبي ، كان وقع كلماتها كسكب قطرات العسل على قلبي .
صباح الخير حلوتي ، هيا لنتناول الفطور ..
تناولنا الفطور ، ثم جهزنا حقائبنا ، و سافرنا لتمضية شهر العسل …

مر الشهر كانه ساعة ، و عدنا إلى القرية ، لا أخفيكم بأني قضيت أجمل أيام حياتي رفقة سلمى ، كانت مميزة ، ليست كباقي الفتيات اللواتي بسنها ، و بالرغم من أنها قروية ليست ساذجة و سطحية ، بل بالعكس كانت مثقفة و ذكية ، زاد إعجابي و حبي لها لما علمت بهوسها و شغفها للقراءة ، تقضي الساعات في مطالعة الكتب دون أن تمل أو تكل ، حتى لو أهملت تجهيز الأكل ، أو الاعتناء بالحديقة ، لا أنزعج منها ، أقوم بمعظم الأعمال المنزلية ، حتى لا أقاطع متعتها ، يكفيني التحديق بها و هي غير مبالية بوجودي …

يبدو أن الأيام الآتية لا زالت تنسج لنا السعادة ، سلمى حبلى ، سأصبح أباً ، لا أستطيع أبداً أن أصف فرحتي حينما علمت بحمل حبيبتي ، أرغمتها على عدم القيام من السرير ، و كل ما تشتهيه أحضره لها ، كنت في المطبخ حينها ، فبدأت أشتم رائحة ليست بغريبة ، رائحة كبريت و دخان ، أجل قد وقع ما لم يكن في الحسبان ، جروتياد حضرت دون دعوة ، و ربتت على كتفي ، و قالت :
حان الوقت عزيزي ، سآخذ أجري المتفق عليه .
سمير : ماذا تريدين ، ما هو أجرك ؟ و ضحي كلامك ، فأنا لست ضليعاً في حل الألغاز ..

جروتياد: ستعلم ما هو أجري ، كنت أعتقد بأنك تعرفه !!

اختفت جروتياد ، و بسرعة توجهت لسحب الجزء من البلاط الخشبي الذي أخفي فيه كتاب الظلام ، لكن صرخة سلمى أوقفتني صعدت لغرفتها ، وجدتها غارقة في الدماء ، ماذا حدث ؟ فقدت الجنين !!
كيف ؟ قالت بأنها رأت في منامها امرأة تضرب رحمها ، فاستيقظت مفزوعة و الدماء تغطيها .

بالطبع إنها اللعينة جروتياد ، ذهبت بزوجتي لبيت أهلها حتى تتعافى ، و كي أبحث في الكتاب ، لعلي أجد الجواب ، لماذا الجنية المسخرة قتلت ابني ، توجهت هذه المرة لفصل المحبة بسهولة ، لأني رقمت الصفحات ، قرأت الفصل من جديد ، حرفاً حرفاً ، و كانت الصدمة متخفية في سطر كتب بحروف هزيلة أكاد أجزم أنها غير مرئية ، كيلا ينتبه لها أي مغفل مثلي عماه الهوى ، كتب أنه إن تم النكاح بفضل جروتياد و وقع الحمل ، سيقتل الجنين في الرحم قربانا لزعيم الجن …

يا إلهي ماذا فعلت ؟ كيف لم أرَ قبلاً هذا الشرط ؟ يعني كل فرحة ستحملها سلمى في أحشائها ستسلب منا ، لأن زواجنا تم بفعل تلك الخبيثة ، الآن يجب عليَّ التعمق أكثر في هذا الكتاب كي أجد حلاً لهذه المصيبة ، قرأت فصلاً وراء فصل ، حتى وصلت ﻷسماء الجن المسخرين بالسحر ، هناك من يسخر للقتل ، و هناك من يسخر للتسبب بالمرض أو الجنون ، وهناك من يسخر للتفريق ، وصلت أخيراً للصفحة التي تتحدث عن الملعونةكتب فيها :

جروتياد من الجن الهوائي عمرها خمسمائة عام أو يزيد ، تحول هيئتها لامرأةٍ جميلة ، كفوءة إن سخرت للمحبة ، أجرها باهظ و ثمين ، فهي تقتل كل جنين نبت في الرحم ، و إن تم الزواج بفضلها لن يعرف الزوجان الأبوة ، و لتفادي إعطاءها الأجر ، ينبغي صرفها بعد اكتمال التسخير ، ففي ليلة القمر الدموي ، تتلبس بجسد المرأة التي سخرت لفتنتها و تذيقها العذاب ، حتى تسلم الروح لبارئها ، وتحتفظ جروتياد بالجسد ، تغوي الزوج حتى تحبل منه ، وتلد جنياً له صفات الإنس يتكفل به الزوج ، فلهذا السبب تقتل الأجنة ، إن لم تكن لك القدرة على صرفها ، فلا تسخرها ….*
و كتب في أسفل الصفحة : إن لم يتم صرف جروتياد ، و أردت أن تنقذ زوجتك من الهلاك ، عليك بتطليقها قبل ليلة القمر الدموي ، و امتنع عن الزواج ، فكل امرأة تنكحها تموت على يد جروتياد …

ماذا فعلت ؟ لا يهم الآن ما فعلت ، ما سأفعل هو المهم ، سأنقذ سلمى من الخبيثة لن أعرضها للخطر ، أجل سأطلقها و أبقى و حيداً طوال حياتي ، هذا هو جزائي …

طلقت سلمى و الدمع في عيني ، و هي مصدومة لا تعلم ما الذي اقترفته حتى أتخلى عنها ، أخذت تترجاني و تقول لا تتركني أرجوك ، أعلم بأني أتعبك ، لن أدعك تقوم بالأعمال المنزلية ، سأفعل كل شيء بنفسي ، لا تتخل عني أرجوك !!!
نزعت يدي من يديها المرتجفتين، و أدرت ظهري و تركتها دون جواب ، سمعت بكاءها ، و فؤادي يتلوى يريد أن يمزق صدري و يركض إلى سلمى ، هذا هو الحل ليس بيدي شيء الآن ، حياتها أهم من ألمي أو ألمها يكفيني فقط أن أراها من بعيد ، سأنطوي في غياهب النوى حتى يتسنى لها نسياني ، لكن قراري هذا صاحبته شعلة الانتقام ، لن أقف مكتوف اليدين أمام تلك الخبيثة ، سأحرقها كما حرقت قلبينا .

أعلم بأنه خطأي ، لكن باسم الحب سألقن تلك السافلة درساً لن تنساه ، ابتعدت عن العالم و انشغلت بالبحث عن الطريقة المثلى للقضاء على جروتياد ، مر حول كامل حتى توصلت لخطة كتبت في المخطوطات التي احتفظت بها رفقة الكتاب ، الحل هو أن أعيد تسخيرها ، لكن هذه المرة سأسخرها لجثة امرأة ، جلسة التسخير هذه المرة تمائمها ستكون باسم امرأة ماتت عذراء ، لم تعرف الزواج يوما ، بحث في مقبرة القرية عن أسماء البنات اللاتي نحتت فوق قبورهن ، وجدت فتاة ماتت حديثاً و هي في السادسة عشر من عمرها ، سألت عنها فكانت هي المناسبة لخطتي ، جهزت الجلسة ، أوقدت الشموع ، و كتبت التمائم و لففت عشرة مرات ، انتظرت ظهور السافلة ، فظهرت و قالت جملتها المعتادة ، سأجلبها لك خاضعة … إلخ

لا تعلم الخبيثة بأنها سخرت لميتة و هذا ما سيضعفها ، سترجع إلي جروتياد خائرة القوى ، و سأحرقها بتعويذة سهلة ، هذه هي الخطة ، احتمال كبير أن تنجح ، و إن فشلت ستقتلني اللعينة ، سأجازف هذه المرة ، لكن قبل هذه الخطوة بعثت برسالة إلى سلمى اعترفت فيها بذنبي القبيح ، و طلبت منها أن تسامحني ، و بأن حبها هو من جعلني أرتكب هذه الحماقة ، و بأني سأنتقم من الحقيرة التي دمرت حياتنا .

انتظرت عودة جروتياد بفارغ الصبر ، و كنت قد رسمت دائرة الحماية حولي حتى لا تقترب مني و تحاول الفتك بي ، ظهرت اللعينة بهيئتها الأصلية ، كانت أقبح من القبح بذاته ، كلما كانت تحاول الهجوم علي تصعق ، بدأت بقراءة التعويذة ، فاندلعت فيها النيران ، للأسف اندلعت في المنزل أيضا ..

الدائرة كانت حصناً لي ، لكن لم أنجو من الدخان ، أغمي علي فلم أعد إلى الظلام ، كنت على وشك الموت ، لكن أتت حبيبتي سلمى و أخرجتني من الحطام .

تاريخ النشر : 2016-12-12

هنادي

المغرب
guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى