تجارب ومواقف غريبة

لعنة الجمال

بقلم : الراقي أبو رحاب – المغرب
للتواصل : [email protected]

لعنة الجمال
أخذها إلى بلدة أخرى بعيدة و قطع بها الفيافي و الوديان

في إحدى القرى الصغيرة بضواحي مدينة ورزازات المغربية كانت تعيش فتاة فاتنة الجمال مع عائلتها البسيطة المتكونة من أب أهلكته هموم الزمان و المرض ، و أم ، أما الإخوة فكلهم خرجوا إلى المدينة للبحث عن آفاق أخرى .. 

باختصار تلك الجميلة ردت الكثير من الخطاب الذين يتقدمون لها ، حتى كثر القيل والقال عنها ، و ذات يوم و بينما كانت تساعد أمها برعي الغنم بحكم أن أباها ذهب للسوق الأسبوعي بالقرية المجاورة ، انشغلت فاتنة الفاتنات بتسخين الشاي ، بينما أمها كانت ذاهبة لرد بعض الأغنام التي ابتعدت عن القطيع .

وقف رجل يركب فرساً شكله لا يوحي أنه ينتمي إلى هذا العالم أو الزمان اللذان نعيش فيهما ، نظرت الجميلة إلى الرجل الذي بقي متسمراً فوق فرسه ينظر إليها ، ثم قال اركبي معي أيتها الفاتنة ، و دون أي تفكير أخذت الشابة الجميلة كأس الشاي و سكبته على وجه الرجل الغريب ، ظنت أنه أحد المتحرشين بجمالها و حسنها ..

و إذا بها تفقد الإحساس بالمكان و الزمان ، و تجري خلف الفرس ككلب صيد ، فقطع بها الفيافي و الوديان دون أن تحس بأقدامها الدامية ، و لا ملابسها المتمزقة ، استمرت هكذا دونما إحساس بشيء ، حتى وصلت بلدة أخرى تبعد عن قريتها بأربعين كيلومتراً ، و الليل قد انتصف تقريباً و كأنها أفاقت من كابوس متعجبة كيف وصلت إلى هناك .

بعد هذا بلحظات خرجت امرأة من كهف من الكهوف بالمكان لتوبخ الفارس و تقول له لماذا خطفت ابنة فلان ؟ ألا تعلم عاقبة فعلتك ؟ فقال لها إني معجب بجمالها ، فغضبت المرأة التي خرجت من الكهف حتى أن الشرر كان يخرج من عينيها ثم اختفت هي و الفارس و الفرس عن الأنظار ليغمى على الجميلة في ذلك المكان قبل أن يجدها أحد المارة مع أذان الفجر ، ظناً منه أنها ميتة .

و مع شروق صباح جديد أفاقت الجميلة من كابوسها المرعب و قد أخذها أحد المحسنين بسيارته و هو معلم متقاعد يعرف أهلها خصوصاً أنه اشتغل بقريتها كمعلم لسنوات …

تعود الجميلة إلى بيتها و تطمئن عائلتها و أهل قريتها الذين ظلوا يبحثون عنها في كل مكان لتبدأ قصة أخرى لا تقل رعباً عن الأولى حيث سارعت عائلتها لتزويجها إلى إحدى القرى المجاورة حتى يقطع الطريق عن ألسن النميمة و الغيبة ، لكن المصيبة أن الفارس عاد ، و هذه المرة في أحلام الجميلة متوعداً لها تارة و خانقا لها تارة أخرى ، ناقماً عليها بسبب زواجها ، متوعدا لها حتى حول حياتها إلى جحيم ، لتبدأ مسيرة طويلة من العلاج بالمستشفى أحيانا ، و مع السحرة و المشعوذين تارة ، و مع الرقاة تارةً أخرى .

انتهت حكاية جميلتنا بالطلاق بعد أن تعب زوجها من صراخها المتكرر في النوم ، و من تمنعها أحياناً بمعاشرته .

عادت المسكينة إلى بيت أبيها و قد ذبل الجمال و تساقط الشعر و اضمحل جسدها لتعيش مسلسلاً آخر من لوم أفراد العائلة ، و تستمر الحياة بعذابتها .
شفا الله جميلتنا و شفا جميع المرضى .. و السلام

أخوكم الراقي أبو رحاب

ملاحظة : عايشت القصة و سمعتها من بطلة القصة

 

تاريخ النشر : 2017-04-24

guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى