أدب الرعب والعام

ماذا فعلت بي النجمتان ؟!

بقلم : توتو الشهري – السعودية
للتواصل : [email protected]

ماذا فعلت بي النجمتان ؟!
وإذا بي أرى فتى يقف خلف ما يشبه النافذة

بعد يوم شاق توجهت إلى غرفتي لأنام .. لكن في طريقي سمعت وقع قطرات المطر على النافذة ..” إنها تمطر في الليل  ” . فنظرت من النافذة .. كان مطر هتان .. ” يالجماله ! ” ، فيما كنت أنظر استغرقت في التفكير في أحداث يومي وتذكرت مشاجرة والداي التي لا تنتهي وكيف كان كل منهما يصرخ على الآخر حتى كاد أبي أن يمد يده على أمي .

ثم نظرت الى السماء ، كان هنالك نجمتان ساطعتان بالرغم من تلبد الغيوم ، كانتا واضحتين وكانتا قريبتين من بعضهما بشكل غريب .. قلت في نفسي وأنا أنظر إليهما ” آه كم أتمنى لو أني كنت مع أسرة أخرى لا توجد بينهما صراعات مثلنا ! ” ،
ثم أغلقت النافذة و توجهت مباشرةً إلى سريري ، و فجأة تملكني شعور غريب أخذ يسري في كامل جسدي ، لكنه سرعان ما تلاشى ولم أكترث له .

استلقيت على سريري ثم غطيت في نوم عميق .

كانت أحلامي غريبة في تلك الليلة ، فقد حلمت وكأني في دوامة لا نهاية لها ، وأحداث أخرى مشوشة ..
وحين رِن المنبه فتحت عينَي وأدركت أن نغمته كانت مختلفة !
ثم نظرت إلى الغرفة لكن .. ” تباً ما الذي يحدث ! إنها ليست غرفتي ولم أرَ مثلها من قبل !! .. أين أنا بحق الله ؟!

نهضت واقفة بسرعة وشعرت بأني أطول قامة ! ، وأخذت أتجول في الغرفة بخطى غير متوازنة وأتفحص ما حولي ، وإذا بي أرى فتى يقف خلف ما يشبه النافذة ، كان ذا شعر أشقر وعينان زرقاوان وكان يحدق بي وكنت أنا كذلك أيضاً ، لكن بعد لحظات استوعب عقلي أنني ذلك الفتى .. إذ كانت حركاتي مطابقة له ، ولم تكن هذه نافذة بل مرآة !

بدأت تزداد ضربات قلبي وفتحت الباب وخرجت مذعورة وأنا أقول هذه المرة بصوت عالٍ :
– ما الذي يحدث هنا ؟ هل من أحد هنا ؟ 
بدا صوتي خشناً ، ثم سمعت امرأة تقول باللغة الانجليزية : 
– ما بك يا عزيزي جوليان ؟
والتفتُّ لأراها ، وإذا بها امرأة أجنبية تبدو في الخامسة و الأربعين من عمرها .

تلعثمت ولم أدرِ ما علي قوله ، اقتربت مني و قالت : 
– هل أنت بخير ؟ هيا يا عزيزي لقدت أعددت الفطور .
ثم ذهبت ..

عدت أنا إلى غرفتي مصدومة .. أقصد غرفة جوليان ، أخذت أفتش في الخزانة وارتديت ملابس ذكورية لم تكن متناسقة كثيراً ، استعدت بشكل فوضوي ثم نزلت ، تناولت الفطور وكأن على مائدة الطعام المرأة التي تبدو أنها والدة من يسمى بجوليان الذي من الواضح أنني أصبحت في جسده ! ،، و والده و طفلة تبلغ من العمر حوالي ستة أعوام ..

لم أتحدث طوال الوقت ولم أدرِ ماذا علي أن أفعل ، نظرت إليهم و قلت :
– هل عليَّ أن أذهب إلى المدرسة ؟ 
في الواقع كان من حسن حظي أنني أتحدث الانجليزية بطلاقة ، نظر إليَّ الوالد بتعجب و قال :
– بالطبع عليك الذهاب ! لماذا تسأل ؟ 
– لا شيء 
– هيا إذن لأخذك إلى المدرسة .

في الطريق كنت أنظر حولي ، لم أصدق أن حلمي بالذهاب إلى أمريكا بعد أن رأيت العلم الأمريكي يرفرف أعلى مبنى المدرسة على بعد كيلو تحقق أخيراً !
وقفت السيارة لكني لم أنزل ، قال الأب :
– هيا يا بني ماذا تنتظر ؟!
– هاه … حسناً

كنت أمشي بين الطلاب كالبلهاء لا أعلم إلى أين أذهب ! وفجأة تذكرت أنني أخذت هاتف جوليان معي ، كتبت رقمي واتصلت عليه ، لحظات وإذا بي أسمع صوتي ” إن هذا أمر مضحك “
قلت :
– مرحباً أنت جوليان أليس كذلك ؟
– نعم ، أنه أنا ، ما الذي يجري ؟ من أنت ؟
– تباً لا أعرف كيف أشرح لكن يبدو أننا تبادلنا الأجساد ! و اسمي هو لارا 
– ماذا عليَّ أن أفعل ؟ أعتقد أنني في غرفتك لكني لم أخرج بعد ، فأنا لا أتحدث لغتكم !
– حسناً إذن ، ابقَ مكانك ، وأرجو منك أن تبحث في الانترنت عن الذي يحصل لنا ، لابد أن هناك تفسير .

كدت أغلق الهاتف لكني قلت :
– لحظة ! هل حصل لك شيء غريب البارحة ؟ هل كان الجو ممطراً وغريباً ، شيئاً من هذا القبيل ؟ 
– نعم في الواقع ، وكذلك كان هناك نجمتان غريبتان 
– فهمت ، حسناً فلتبحث عن هاتين النجمتين
و قبل أن أغلق الهاتف أخبرني أين صفي لأني لم أكن أعرف أين أذهب ، وما هي أسماء عائلته ومعلومات أخرى قد تساعدني على أن أتدبر أمري ، وكذلك أنا فعلت ، ولقد اتضح أن كلانا في نفس العمر أي في السابعة عشرة .

” هأنذا في الفصل ، تباً ، أشعر بأني في أحد الأفلام المتعلقة بالمراهقين هههه “
بعد أن انتهت الحصة ، أتت فتاة إلى جانبي و قبّلتني ..
– تباً ما الذي تفعلينه ؟! 
– ما بك يا حبيبي جوليان ؟
” آه يبدو أن جوليان لديه صديقة ،، تباً “
ابتعدت عنها وخرجت وإذا بفتى قادم إلي
– أهلاً جوليان 
– من أنت ؟ 
– ما بك يا صديقي هل فقدت الذاكرة ؟!
ثم أتت مجموعة من الفتيان .. (أهلاً جوليان ، أهلاً كريس )
” آه حسناً إذن اسمك هو كريس “

أخذت أثرثر مع كريس هذا في طريقنا لتناول وجبة الغداء التي كانت عبارة عن برجر و بطاطا مقلية و مشروب غازي ، أخذت أول قضمة ( اممم هذا لذيذ ) وابتلعتها لكني تساءلت : 
– لحم بقر أليس كذلك ؟ 
قال كريس :
– نعم و بالإضافة الى شرائح لحم الخنزير 
– مهلاً خنزير !! ماذا ؟ .. يا  لهي !

ركضت مباشرةً بحثاً عن دورة المياه ، و ما إن وجدتها حتى دخلت دورة المياه الخاصة بالفتيات كما تعودت ، ونسيت أني في جسد فتى .. أخرجت كل ما بمعدتي ، بعد ذلك وأنا خارجة سمعت الفتيات يصرخن و يقلن :
– منحرف ..
قلت في نفسي “ما بهن ؟ ” لكن ما إن نظرت في المرآة حتى تذكرت سبب صراخهن فضحكت في نفسي .

بعد أن اكتفيت بتناول البطاطا و المشروب الغازي
قال لي كريس : 
– إنك تتصرف بغرابة هذا اليوم!
قلت :
– نعم ، وأعتقد أنني سأتصرف على هذا النحو بقية الوقت .

بعد أن انتهت فترة الدوام المليئة بالأشياء الغير متوقعة خرجت أنا وكريس لانتظار والد جوليان ، قال لي كريس :
–  ما رأيك بالذهاب عصر اليوم للتزلج اللوحي ؟
– هذا رائع لطالما تمنيت تجربته 
– لكنك تلعب دائماً ! 
– آه حقاً ! … انسى الأمر.. وداعاً ها هو أبي 

وصلت إلى المنزل ورحبت بي الوالدة معتقدة أنني ابنها واحتضنتني ، وفي تلك اللحظة تذكرت أمي ، لقد افتقدتها بالرغم من أنه لم يمر وقت طويل ” هل سأبقى هكذا بقية عمري ، عليَّ أن أجد حلاً لهذا ” .

حين أصبحت الساعة الخامسة عصراً خرجت مع كريس للتزلج ، وقد كنت أقع في كل مره أحاول فيها أن أتزلج ، فقال لي كريس :
– يا رجل ، ما الذي حدث لك ؟ إنك ماهر في التزلج اللوحي ، إنك أفضل منا جميعا !  .
قال أحد الفتية الموجودين :
– لا عليكم يا رفاق ، أتعلمون أن هناك حفلة في منزل ماكس سميث ؟ 
فرد فتى آخر مبتسماً :
– نعم فأنا الليلة سأقابل حبيبتي ، وأنتم تعلمون ما الذي سيحدث  .
نظرت إليه بازدراء ” ياللقرف! ” ، ثم قال كريس :
– سيكون ذلك ممتعاً .. ثم نظر إلي :
– أأنت ذاهب يا جوليان ؟
– لا ، لا أظن ذلك 

لكن بعد أن أصرّوا عليَّ قلت لمَ لا أستمتع وأجرب ، فأنا لست في جسدي لذا لا يوجد ما أخسره .

في المساء ، حين كان عقرب الساعة يشير إلى السابعة ، كنت في غرفتي أحاول أن أجد حلاً لمشكلتي هذه ، وإذا بأخت جوليان الصغيرة تدخل علي ، فضحكت على وجهها الملطخ باللون الأحمر والأسود ، فقلت :
– ما هذا .. ماذا فعلت بوجهك ؟ 
قالت وعيناها للأسفل :
– كنت أحاول أن أبدو جميلة كأمي ، أرجوك لا تخبرها بأني سرقت أحمر الشفاه و الكحل خاصتها 

فأخذت أحمر الشفاه من يدها الصغيرة ، وبدأت بوضعه على شفتيها الرقيقتين ، من ثم رسمت لها الكحل .. 
– والآن تبدين أجمل من أمك ، ألقي نظرة على المرآة 
بعد أن تمعنت في شكلها بسعادة هرعت إلى والدتها وهي تصرخ :
– انظري كم أنا جميلة !
وكنت أنا أتبعها حتى التقت عيني بأمها التي نظرت إلى بتعجب و قالت :
– آه رائع ، هل أصبحت شاذاً ؟ 
– هاه ماذا ! بالطبع لا .

عدت إلى غرفتي لأستعد للحفلة هذه الليلة ، و كانت الحماسة الممزوجة بالقلق تملؤني ، حاولت أن يكون مظهري أنيقاً جداً حتى أنني كدت أن أضع مساحيق التجميل لو لم أتذكر أنني في جسد فتى ، بعد ذلك خرجت مع كريس في الساعة الثامنة و النصف ..
حين اقتربنا من منزل سميث ، كان صوت الموسيقى يُسمع على بعد ميل ، وحين هممت بالدخول كان هناك كثير من المراهقين ، البعض منهم بالخارج والبعض الآخر بالداخل يتراقصون على أنغام الموسيقى الصاخبة ، و آخرين يتبادلون أطراف الحديث ، فانضممت إلى مجموعة أنا و كريس وأخذنا نثرثر ، واذا بتلك الفتاة اللتي قبّلتني صباح اليوم آتية نحوي ” تباً عليَّ أن أفر بجلدي ” ، لكني فشلت بالهروب . على أي حال بعد دقائق وإذا بموسيقى هادئة كلاسيكية تُعزف ، وإذا بحبيبة جوليان – كرستينا كما سمعتهم يدعونها – تأخذ بيدي قائلة :
– لنرقص الرقصة البطيئة (السلو دانس) يا عزيزي

لم أستطع الفرار مجدداً ، و رقصت معها بخطى غير متزنة لأَنِّي لم أكن أعرف كيف أرقص ، و فكرت في نفسي ” لطالما تمنيت أن أرقص هذه الرقصة ، لكن ها أنا أرقصها مع فتاة مثلي حمقاء معتقدة أنني حقاً جوليان .. هذا مقزز ” .

وفجأة تركتها وأدّعيت بأني متعب ، وخرجت إلى فناء المنزل الخلفي ، ثم رأيت مجموعة مراهقين متجمعين حول طاولة وأصواتهم عالية كأنهم في شِجار ، لكنهم في الواقع يتحدّون بعضهم في لعبة قد دعاني عليها فتى سبق و قابلته أثناء تزلجي كان اسمه دانيال ، كانت اللعبة عبارة عن تحدي من يشرب 10 أكوابٍ من الخمر دون توقف ، لكني قلت متحججاً :
– أنا لا أشرب  

فنظر هو والآخرين غير مصدقين ، وقال هو :
– لا تشرب ! ، انت عادةً ما تفوز  .

للأسف بعد أن أصروا عليَّ جميعهم لم أعد أفكر بعقلانية ، وبررت لنفسي بحماقة ” الجسد ليس جسدي لذا سأجرب ” .
بعد ذلك لم أتذكر ما حصل بوضوح ، و عدت إلى وعيي وأنا في سيارة (كريس) ، و قد أخبرني أني من شدة ثمالتي ارتكبت بعض الحماقات ، فقد دفعت فتاة في بركة السباحة و لكمت أحد الفتية ، من ثم برحني هو وأصدقائه ضرباً ، إلى أن قرر (كريس) أخيراً أن يعود بي إلى المنزل قبل أن أرتكب مزيداً من الحماقة .

حرك كريس سيارته قائلاً : 
– لقد كنت مجنوناً الليلة ، لكنها كانت ليلة رائعة 
– رائعة ؟! .. تقصد مريعة 
و فكرت في نفسي ” يا الهي ، ما الذي فعلته ؟ .. إنها ليلة لا تنسى “.

وصلت إلى البيت الساعة الواحدة و النصف ليلاً ، و قد وبختني الوالدة قائلة :
– لقد تأخرت ، ليس كعادتك 
قلت :
– أنا آسف ، إني متعب وأريد أن أنام .

صعدت إلى غرفة النوم و استلقيت على السرير ، فكرت في نفسي ” يا إلهى كان يوم حقاً من أغرب أيام حياتي ، ربما كان هذا كله حلم ! ” .
فجأة و إذا بي أسمع شجار ، وقفت عند الباب كي أسمع بوضوح
كانت الأم تقول :
– ألا تريده أن يستمتع كبقية الفتية ؟! 
رد الأب معترضاً :
– بلى لكن ليس أن يعود متأخراً وهو لازال صغير ، إنك دائماً ما تحاولين تدليله ! 
– فلتصمت أرجوك ، إنه ابنك أنت أيضاً ، لكنك دائماً ما تلقي باللوم علي ! 
– أوه حقاً إنك امرأة….

لم أُرِد أن أستمع أكثر ، فقد شعرت بأني متطفلة ، وكذلك أنني السبب في ذلك ، و كنت أعتقد أن فقط أسرتي من يتشاجرون ، لكن من الواضح أن جميع العائلات تعاني من مشاكل مشابهة ، يبدو أن هذه سنَّة الحياة وعلي أن أرضى بها ، و أتقبل عائلتي كما هم .

رن هاتفي و بسرعة التقطته :
– أهلًا .. جوليان 
– أهلًا لارا كيف كان يومك ؟
حكيت له عن يومي الفريد من نوعه ، وقد أضحكه ذلك ، ثم كررت عليه السؤال نفسه فقال لي :
– أوه لقد أدعيت أني مريض وإني أصبت بالتهاب الحلق حتى لا أضطر إلى أن أتحدث 
ضحك قليلاً ثم اكمل :
– و بقيت في الغرفة طوال اليوم ، و يبدو أن والدتك قلقة علي .. أقصد عليك .. لا بل علي .. أوه أياً يكن 
– تباً لقد افتقدت أمي ، أخبرني هل توصلت لتفسير لما حصل معنا ؟

سكت قليلاً ثم قال :
– نعم ، فلقد اتصلت لأحدثك بهذا الشأن ، بعد بحث طويل توصلت إلى أن ما حدث معنا كان أشبه بمعجزة ، فلقد قرأت أن هناك أسطورة قديمة تقول إذا تمنى أحداً أن يكون مكان أحدٍ آخر وفي نفس الوقت تمنى الآخر هذا أن يكون مكان الشخص الأول في حين ظهور تلك النجمتين والتي تظهر في وقت معين من كل سنة و يكون الجو ممطراً ، .. و آه يكونان في نفس العمر أيضاً ، فإن الأمنية ستحقق ، لكن سيكون هناك مشكلة ألا و هي أن الأمنية لا تتحقق بشكل كامل أي أنه لا يأخذ كل واحد مكان الآخر ، بل يأخذ الجسد فقط أي أنك تبقين كما أنتِ لكن يتغير جسدك فقط … هل فهمتِ يا لارا ؟ 

صمتُّ قليلاً ، فقد ذهلت و دهشت من هذا الأمر ثم قلت :
– يا إلهي ، هل يمكنك أن توضح لي أكثر ؟ 
– ممم يعني مثلاً أن يكون هناك غني وفقير ثم يتمنى الغني أن يكون فقيراً ، في حين يتمنى الفقير أن يكون غنياً فإنه سوف تتبدل أجسادهم كما حصل معنا .
– أوه نعم ، لقد فهمت ، لكن السؤال هنا هل يمكننا الرجوع لأجسادنا ؟
– لا سنبقى للأبد هكذا
تملكني الرعب وقلت مذعورة :
– ماذا !! لا لا يمكن هذا ، لابد أن هنالك حل 
قال جوليان ضاحكاً :
– هدئي من روعك يا فتاة ، إنني أمزح .. بالطبع يمكننا العودة .
قاطعته قائلةً :
– آه يا جوليان .. لكن كيف ؟ 

– حسناً ، يبدو أن كلانا ندم على هذه الأمنية الحمقاء ، أتعلمين ؟.. أحياناً يجب ان نتقبل الأشياء كما هي ، لأنها لو تغيرت سيُصبِح الأمر أسوأ .. حسناً والآن إليك الحل .. الحل هو أن نتمنى في نفس الوقت أن نعود كما كنّا ، لكن بشرط ألا يمضي عن وقت تحقق الأمنية أكثر من أسبوع ، لأنه لو مضى أسبوع فإن الأمنية لن تتغير أبداً ، وستكون واقعاً نعيشه 

قلت متسائلة :
– لكن لحظة الوقت بين السعودية و أمريكا مختلف .. فالساعة الآن قاربت الثالثة و كما أعتقد أن الساعة لديكم الثامنة أو التاسعة مساءً
– عزيزتي لا يهم ، المهم هو أن تكون نفس اللحظة .. الأمر معقد بعض الشيء 
– حسناً إذن .. فلننتهي من هذه القصة 
– بالمناسبة .. أنتِ جميلة سأشتاق إلى جسدك و ملامح وجهك 

شعرت بالإحراج الشديد واحمرت وجنتاي وقلت:
– شكراً لك .. وقلت بنفسي ” حتى أنت تبدو وسيماً “
قال لي 
– أتمنى أن نلتقي يوماً ما 
قلت بخجل :
– وأنا أيضاً .. 
ثم تداركت الوضع قائلة:
– أوه لا مزيد من الأمنيات .. و ضحكنا سوياً .

أخيراً اتفقنا بعد مضي خمس دقائق فإننا سنفتح النافذة و ننظر إلى تلك النجمتين ، و نتمنى أن نعود إلى حياتنا الطبيعية ، بعد ذلك نظرت نظرة أخيرة على وجه جوليان في المرآة و كأني أودعه ، ثم استلقيت على السرير و شعرت بذات الشعور الذي سبق أن شعرت به في الليلة السابقة ، بعد ذلك لم أعد أشعر بنفسي .

رن المنبه ، لكن هذه المرة كان صوته مألوفاً ” حمداً لله لقدت عدت ” .
ركضت نحو المرآة و رأيت شكلي ” آه لم أتوقع أنني سأشتاق لنفسي هكذا هههه” ، ثم فُتح الباب و إذا بها أمي قالت لي :
– عزيزتي هل أنتِ بخير الآن ؟ هل إنتِ ذاهبة إلى المدرسة ؟ الساعة الآن السابعة صباحاً .
لم أجبها ، و بدلاً من ذلك ركضت نحوها وعانقتها و كأني لم أرها منذ سنين
قال بتعجب مبتسمة :
– إنك منذ البارحة تتصرفين بغرابة ! 

و خرجتْ ثم تبعتها ، و رأيت أخي يسرّح شعره أمام المرآة فذهبت إليه وعانقته و أنا أقول :
– أوه أخي العزيز ..
نظر إلي باحتقار كعادته لكني لم أكترث ، ثم ذهبت إلى غرفة أختي الصغيرة وكانت نائمة ، لكني احتضنتها بقوة حتى استيقظت ، نظرت إلي مبتسمة و لفَّت ذراعاها حولي ،” آه أنتِ الوحيدة التي بادلتني العناق ” ، بعد ذلك فعلت الأمر ذاته مع أبي حيث كان في غرفته يستعد للذهاب للعمل ، فيما أمي تهم بالدخول ، نظرت إلي وقالت :
– تبدين سعيدة ، ما السبب يا ترى ؟
قلت لها :
– ألا تريدني أن أكون سعيدة وأنا أملك عائلة مثلكم .. إنني أحبكم يا أروع والِدان في العالم ، فأنا مهما عصيتكم و غضبت منكم فإنكم تعنون لي الكثير 

تركت والداي في حالة تعجب .. و استعديت للذهاب و قد كان كل تفكيري منصبٌّ على ما حدث يوم أمس ، و لكني ابتسمت و قلت في نفسي ” آه كانت تجربة فريدة من نوعها ، سأخبر صديقتي بها مع أني لا أظن أنها ستصدقني “
و خرجت من المنزل وانا سعيدة كثيراً بعودتي .

تمت .

ملاحظة :
القصة نشرت سابقاً في موقع آخر لنفس الكاتبة
 

تاريخ النشر : 2017-08-10

توتو الشهري

السعودية
guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى