أدب الرعب والعام

سيمفونية ليلة الانتحار

بقلم : نورما.جين 

سيمفونية ليلة الانتحار
اقتربت من تلك الغرفة السوداوية التي يسمونها غرفة المعيشة

منتصف ليلة أخرى ، قمر مكتمل و زخم هواء يضفي على الاجواء بعض الاكتئاب ، لقد تعبت ، سئمت كل شيء في حياتي الجيد والسيء ، مع أن كل الأمور باتت سيئة ، أنني منهكة للغاية نفسياً و جسدياً ، كل هذه الجروح لا تلتئم بأساً لهذا المشرط وتلك السكين المشؤومة ، لقد شوهت جسدي وقلبي الأسود الميت

أعيش مع حفنة من البشر المغفلين ، أخبرتهم مائة مرة أن هناك من يعيش معنا ، “مياركوليس” أنه شيطان بائس ! في كل مرة يقترب مني ليهمس لي : موتك هو حلك ، ترى ماذا افعل له ؟! أنني أحاول الموت بل لعلي أسلك درب الموت البطيء ، مياركوليس لم يكن بذاك السوء أنه فقط يتحدث في ذهني وأراه في أركان الغرف وأسفل السرير وفي أحلك ليالي حياتي بكائي هو معزوفته المفضلة : امبروسيا أقتربي من منصة موتك أنه الحل الاخير دعينا نرقد الأن ، امبروسيا أن دمائك تمحو خطاياك ، امبروسيا خذي سكينك الممل ودعينا ننهي الأمر ، أنه لا يؤلم كثيراً ، كلماته التي يرويها في كل ليلة لي

 أخذت أطوف في كل أرجاء زنزانتي التي يسمونها غرفتي ، أنها سجني مع الوحش ، أخيراً لمعت الفكرة في خلدي الذي تراكمت فيه طبقات الغبار منذ سنواتٍ مهجورة كَمِدَة بائِدة ، الأمر لن يكون لاذعاً للغاية مجرد تمرير مشرط والختتام نقوم به أنا وهذا الوحش الدموي ، اتجهت نحو البوابة التي تئن وتزأر اقتربت من تلك الغرفة السوداوية التي يسمونها غرفة المعيشة وأنا أسميها بقعر الجحيم ، ما أن أقترب من تلك الحجرة حتى يبدا مياركوليس بإصدار حشرجةٍ وصرخات وكلمات أعتدت على سماعها في راسي ..

عشر كوابيس تنهك فتاة جميلة تجعلها تلتحم مع الطبيعة ، تسع كوابيس ترن في راس امبروسيا تملي عليها فكرة الموت ، ثمان كوابيس ترهق امبروسيا تترك لها اثاراً في يداها ، سبع كوابيس تخنق امبروسيا تجعلها تصدغ للتخلص من حياتها ، ست كوابيس تؤلم امبروسيا تصيبها بالفصام وتقربهاً من موعد موتها ، خمس كوابيس تُبكي امبروسيا تُملي صرخاتها قفصها الموحش ، أربع كوابيس تُذعر امبروسيا و تدخلها في حالات هستيريا ، ثلاث كوابيس تهمس لامبروسيا القي حتفك وأنه معاناتك كابوسين يلاحقان امبروسيا يدافعانها للهروب من حياتها ، كابوس واحد يقترب من امبروسيا يتصادقان فتلقى حتفها

 أسير باتجاه والداي ياه ! أنني لم أرهما منذ أن جاءني مياركوليس وسيطر على كياني ، النظر لعينيهما يٌعَقِد حياتي ، لا استطيع قراءة العقول ! ترى أيشعران بكراهيتي للحياة ؟! انحنيت لأُقبل راسيهما ليستنكرا ذلك ، امبر حبيبتي أتشعرين بشيء ؟ اما يزال مياركو يظهر لك ؟ لقد قال الدكتور أنك ستكونِ بخير لو استمررتِ على أخذ عقارك المضاد للهلاوس ، قالتها أمي بينما يحدق والدي بعيوني القاتمة و بدا بتحريك شفتاه : امبر عزيزتي لم أنتِ مستيقظة ؟ أنها الثانية فجراً خذي الدواء ونامي و أن احسست بشيء أخبرينا نحن هنا من اجلك ، قبلت راسيهما ثم قلت باكية : حسناً ، لن تتعبا بعد الأن أنها مجرد مرحلة وستنتهي ، كنت احبكما ، تنهدت وعدت أدراجي

 انتهت الزيارة و حان وقت العودة للزنزانة بجانب القمر و مياركو و الوحش قالها : أخيراً امبروسيا تلك هي الأداة التي ستموتين بها ، خذي ذلك وأنهي حياتك به الليلة ، ارتسمت على وجهي ابتسامه منذ فترة لم أبتسم : هكذا مياركوليس أنك لست شيطاناً ، لكن طبيبي يقول لي دوماً أنه ينبغي لي مقاومتك ، لكنك تتحكم بي حسناً سأنهي كل شيء وأن حاول أحدهم أنقاذي لن يتمكن هذه المرة

 امسكت بالورقة التي مرت عليها أعوام وهي ملقيه ، هكذا أول ورقة تشخيص لحالتي ( مصابة بالشيزوفرانيا ) أخذتها وخطيت عليها بقلم: اليوم تنتهي المعاناة ، أنا امبروسيا ذات الخمسة عشر عاماً ، أسفة لكم جميعاً أحب الجميع لكني أحببت نفسي أخيراً وأرغب بأنهاء معاناتي ، أشكركم من أعماق قلبي ، الثانية بعد منتصف الليل ، المكان غرفتي الشاهدة على كل ذكرياتي والأمي ، أمسكت بالمشرط قربته من عروقي ، ثم أخر ما رايته أن كل شيء بدا مظلماً كروحي تماماً ، قبل أن أسمع تهافت والداي على غرفتي جراء دوي الارتطام القاسي.

تمت.

تاريخ النشر : 2018-01-09

guest
77 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى