تجارب ومواقف غريبة

حكاية من الماضي

بقلم : محمد العلاوي – الجزائر

حكاية من الماضي
وصرخت قائلة : " هاي انت .. اضرب الطفلة " ..

سأروي لكم قصة غريبة وقعت لي لما كنت مراهقا . كان ذلك في عام 1991 , كنت نشطا مشاغبا دائم الضحك على الأساتذة و التشويش في القسم , المهم الله يسامحنا , وفجأة وبدون سابق اندار انقلبت حياتى راسا على عقب , فاصبحت كثير الشرود والعزلة , وما ان ياتي المساء حتى انفعل واختلق المشاكل في البيت مع اخي لاسباب تافهة تتحول الى شجار يستدعي تدخل الوالدة .

بقيت على هذه الحالة لمدة اسبوع وانا دائم التفكير في حالتي الى ان جاء ابن خالتي في زيارة فقلت له ما يحدث لي بكل صراحة , لكنه اعطاني تفسير بعيد كل البعد عن الواقع , ولن انسى يوم الخميس , لولا ستر الله لم اكن لاكتب هده القصة , كنت جالسا في الغرفة فسمعت صوت صديقي يناديني فخرجت وطلب مني ان ارافقه لبعض شؤونه , وبينما نحن في الطريق ارتفع صوت اذان المغرب من احدى الزوايا العريقة , فاحسست بيد قوية تمسك بدماغي وتشده الى اعلى , فتوقفت في مكاني وكان صديقي يحدث شخصا اخر قد التقى به في التو . وكان على جانب الطريق مجموعة من الشباب يلعبون الطاولة , واذا بامرأة سوداء ضخمة طويلة بشكل غير عادي تظهر فجأة برفقة طفلة صغيرة , كانا يتجهان نحوي مباشرة , وحين مرت المرأة بجانبي حدجتني بنضرة غريبة فيها بعض السخرية , اما الطفلة الصغيرة فقد وقفت تنظر الي بدهشة , وكانت المرأة السوداء قد سارت قليلا دون ان تشعر بتخلف الطفلة عنها , فدارت إلي وصرخت قائلة : " هاي انت .. اضرب الطفلة " . فقلت لها وانا بين الخوف والذهول بأني لن افعل , فأمطرتني بوابل من السباب , ولم تستثني حتى والدي . واذا برجل يظهر من اقصى الطريق يحمل قفة فيها خضروات , فوقف امامها وسألها لماذا تسبين الشاب ؟ .. فقالت انه أبى ان يضرب الطفلة , فابتسم لها وقال لها وقد هم بالمشي لا تسبيه , وفي هده اللحظة هزني صديقي وقال لي مالك شارد الدهن , فنظرت اليه باستغراب ونظرت الى الشباب الذين كانوا يلعبون الطاولة , فكأنهم لم يلاحظوا شيئا مما حصل , وهنا ادركت ان نافدة من العالم الاخر فتحت لي لاصبح مجنونا , وخفت على نفسي كثيرا , وقلت لصديقي لنذهب وما ان اقتربنا من منزلنا لم اتمالك نفسي فجلست و اجهشت بالبكاء , فاستغرب صديقي وراح يربت على كتفي ويسألني ماذا بي ؟ .. ثم وقفت وتركته ولم انبس ببنة شفة ودخلت غرفتي واقفلت الباب وسمعت صديقي يتكلم من بعيد مع امي , واذا بها تدق الباب وتطلب مني بان افتحه , لكني لم افعل , وسألت الله تعالى ان يرفع عني هدا الهم والغم وان يعيدني كما كنت فقد اشتقت الى حالتي الطبيعية .

وفي الصباح وكان يوم الجمعة سألتني امي عن احوالي الاخيرة فقلت لها كل شيء , وبينما انا البس حذائي عاودني الشرود فخرجت من المنزل , ثم رجعت اليه قبل صلاة الجمعة , فالتقيت بامي وقالت لي بأن سبب مشاكلي هو أني مشيت فوق عمل سحر في الطريق ولم أنتبه لذلك . فقلت لها ومن قال لك هذا ؟ .. قالت شيخ عنده خبرة بهذه الاشياء , ولم اكن اسمع عنها من قبل . ثم اردفت قائلة بانه طلب منها ان تحضر له قميص داخلي من قمصاني , فاعطيتها ذلك , واقسم بالله العلي العظيم ما ان جاء المساء حتى شعرت بأني رجعت الى حالتي الطبيعية , فخرجت مع اترابي لنلعب الكرة , وبالرغم من مرور عدة سنين على هذه الحالة فأنا لن انسى ابدا تلك المراة المخيفة وكيف كانت تسبني .. حفظنا الله وأياكم من شياطين الانس والجن .

تاريخ النشر 15 / 06 /2014

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى