أدب الرعب والعام

24 ساعة

بقلم : عبد الرحمن خليل – مصر

24 ساعة

ين انا . ما هذا المكان , ما هذا الثقل الغريب الذي اشعر به ..

لا تسأل نفسك آلاف الأسئلة عن العقل و كيفيه عمله فسبحان الله قد خلق العقل ليكون محرك الإنسان في كل شي و للعقل طرق غريبة و غير معدودة لا نستطيع فهمها أو التحكم فيها ..

احذر يا احمد .. احذر يا احمد . احذر السيارة …. احذر

احمد احمد احمد هل تسمعني .. احمد .. النجدة .. سااااعدونا .. احمد لا تغيب عن الوعي ركز معي .. انظر إلي انظر … لا يا احمد أرجوك لا … انظر إلي . حاول ألا تغيب .. ساعدونناااا …..

الساعة 7 صباحا …

احمد : أين انا . ما هذا المكان , ما هذا الثقل الغريب الذي اشعر به و ذلك الألم المبرح في راسي , أين أنا , يا هووووووووو , يا ناااااس , هل من احد هنااااااااااا.. يا ناس . أين أنا . هل أنا في صحراء أم هذا حلم و ما هذا الذي يلتف حول خصري ..

يمد احمد يده ليزيح ذلك القميص المهترئ ليكشف عن ذلك الثقل الذي حول خصره و يشعر بألم شديد بسببه , يكشف احمد عن ذلك الشيء بحذر ليجد ما لا يصدقه عقل …..

يكشف احمد قميصه ليجد حزام ناسف حول خصره مجهز للانفجار بعد 24 ساعة كما يشير المؤقت التنازلي علي واجهه الحزام .

تنتاب احمد موجه من الفزع , ما هذا الحزام , من وضعه , يصرخ احمد بأعلى صوته يا ناااااس هل من احد هنااا ؟ .

لا يري إلا ذلك الشارع الممتد أمامه الخالي من أي بشر , ماذا افعل هل أحاول حل الحزام يسأل احمد نفسه ذلك , و لكن سرعان ما يجيب نفسه (كيف) فهو لم يري قنبلة في حياته حتى يستطيع أن يحل ذلك الحزام و ماذا إذا حاول و انفجر الحزام , ماذا افعل, لم يجد احمد حل سوى أن يسير أو بمعني اصح أن يهرول إلى اقرب إنسان يراه يطلب منه المساعدة , و لكن سرعان ما يجيب نفسه أيضا ماذا سيفعل له ذلك الإنسان غالبا سيهرب منه لكي ينجو بحياته .

شعر احمد و كان الكون من حوله يضيق عليه فلقد نسي تماما فكرة من أتى به إلى ذلك المكان المجهول و من لف حوله ذلك الناسف و صب كل تركيزه علي كيف ينجو بحياته , اخذ يهرول احمد بكل ما أوتي من قوه في ذلك الشارع الممتد أمامه و هو لا يرى إلا الفراغ , لا احد و لا صوت و لكن ما هذا يسأل احمد نفسه أهذه سيارة , نعم إنها سيارة , نعم إنها سيارة قادمة نحوي ,, هياااااي ينادي احمد و يصرخ بعلو صوت : انتظر انتظر أرجوك …..

تقف السيارة تدريجيا علي بعد سنتيمترات من احمد , يقف احمد ثابتا مكانه مرتبك يرتب ثيابه يحاول أن يتمالك نفسه حتى لا يشك به صاحب السيارة فانه أمله الوحيد الآن ,, يقترب احمد من شباك السيارة لينظر إلى السائق و يشعر لوهلة انه رآه مسبقا لا يعرف أين أو متى ولكنه يتذكر ذلك الوجه , يسأله احمد بهدوء مفتعل أيمكن أن تقلني معك إلى اقرب قسم أو مركز شرطه لا يجيب السائق , يسأله احمد مرة أخرى و قبل أن يكمل سؤاله هذه المرة , يقوم السائق بفتح باب السيارة لأحمد كدعوة للدخول , لم يتردد احمد و دخل إلى سيارة بسرعة فهو لا يهتم لماذا يتعامل معه السائق بهذا الصمت فانه في هم اكبر بكثير يشغل عقله و تفكيره بالكامل فإنها حياته علي المحك .

انطلقت السيارة واخذ السائق يسير في تلك الطرق التي يشعر احمد انه قد مشى فيها مسبقا و لكن لا يدري أين , وفجأة و بدون مقدمات يتوقف السائق أمام ذلك المنزل الذي يشعر احمد بقشعريرة في جسده عندما رآه , يشير السائق إلى احمد بالنزول , احمد : ما هذا ليس هذا قسم شرطه أين أنا , يشير السائق إلى احمد بالنزول مره أخرى , يفكر احمد أن يأخذ السيارة غصبا من ذلك المختل , فليس أمامه حل آخر يمد احمد يده على حزام اللامان ليحرر نفسه حتى يستطيع الانقضاض علي السائق و طرده من السيارة و يأخذها هو و يذهب إلى القسم ملاذه الأخير , يفتح احمد قفل حزام الأمان و يستعد ثم يسمع هذا الصوت , ذلك الصوت الذي يعلمه احمد غيبا و لكن لا يصدق انه أخوه علي , نعم انه هو يلتفت احمد بلهفه ليري انه علي يشير إليه و علي وجهه علامات الأسى و الحزن لا يفكر احمد كثيرا و كأنه منوم مغناطيسيا و يترجل من السيارة و يتجه نحوه ..

علي هل أنت علي ؟ , و فجاه علي يقول :. ماذا فعلت هل وجدته , احمد :. وجدت من , علي :. ماذا تعني بمن , هل فقدت عقلك الآن هل وجدت ياسر , احمد :. ياسر هل تقصد ياسر ابني , ماذا بك يا احمد هل حادثة اختطافه قد خربت عقلك نحن نحتاج للتماسك الآن .

ياسر ياسر ابني اختطفوه و كيف لا اعلم و من اختطفه يسأل احمد نفسه و عقله أصبح كالملاهي لا يعلم ماذا فوق و ماذا تحت فقد أعاد ترتيب أولوياته بحيث تلاشت كل الأشياء الأخرى و أصبح فقط محصور عقله في ذلك الخبر المشئوم .

ينظر احمد إلى علي و يقول و ماذا نفعل الآن , يقول علي قد اتصل بي الرائد سمير و قال لي أنهم علي وشك التوصل ألى الخاطفين و أعلمني بمكانهم بالتفصيل و لكن ليست هي المشكلة , المشكلة في أن من الواضح أنهم لن يستسلموا بسهوله و الشرطة خائفة علي أرواح المخطوفين فكما علمت أن ياسر ليس الرهينة الوحيدة لديهم فأنهم خاطفو أكثر من 15 طفل .

يرد احمد بلهفه خاطفه :. إذن لا يهجموا قل لهم لا يقتحموا المكان , قل لهم أن ياسر بالداخل , لا يتصور احمد أن يفقد ابنه الذي هو سر فرحته و سبب بسمته الوحيدة الذي يحبه أكثر من نفسه و من روحه و الذي قد عاهده بكل الوعود انه سيحميه وسيكون سنده في الحياة , لقد نسي احمد تماما موضوع الحزام الناسف و سيطرت عليه فكره فقدان ياسر ابنه الوحيد الذي طالما أحس انه رفيقه في الحياة .

و فجاه سمع صوت التليفون في يد علي ..

علي يرد ثم يسكت طويلا ثم يحاول التماسك و يقول ألا تستطيعون التفاوض معهم مره أخرى , يسكت ثانيه و يقول . فهمت فهمت ثم ينهي المكالمة .

ينظر إلى احمد و يقول بصوت خائف ((سيقتحمون المكان )) يرد احمد ماذا تقول هل جننتوا ابني بالداخل هل ستقتلوه هل حقا ستقتلوه لن اسمح لكم لا لن اسمح ,, و يسرع احمد إلى تلك السيارة المتوقفة أمام المنزل و يسحب علي معه ويجره و هو يقول أنت تعلم المكان صح أنت تعلم فلقد أخبرك ذلك الرائد به , هيا أعطني مفاتيح السيارة .

يرد علي . و ماذا سنفعل هل سنخرجه من وسط النيران ؟ .

احمد . أن تطلب الأمر سأدخل بين النار و الرصاص و الذئاب لأنقذه فهو ابني هل تعلم معنى انه ابني و يندفع احمد إلى السيارة و ينظر إلى علي نظره يائس و كأنه يشعر بان الأسوأ قادم .

ينطلق احمد و علي و يقود احمد كالمجنون و يتبع إرشادات علي في وصفه للمكان و لكن هناك شي غريب يشعر احمد انه على علم بتلك الطرق وكأنه ذهب إليها قبل ذلك فذلك الشارع الباهت الخالي تقريبا من الباعة و الناس يكاد احمد يجزم انه سار فيه مسبقا و كأنه كالحلم و ذلك الشخص الذي يجلس على الرصيف يتسول يشعر احمد بأنه رآه مسبقا و لكن كالعادة لا يعرف أين , أصبح كل شي يراه احمد كأنه شريط مسجل يشعر و كأنه عاش تلك الأحداث الغريبة قبلا , هل تعلم ذلك الشعور بأنك قد عشت موقف ما مسبقا هو هذا الشعور و لكن بقوة و باستمرارية لم يعهدها احمد قبلا .

علي لأحمد : انعطف يمينا من هنا ثم يسارا من هناك و يكمل وصفه للطريق و تتسارع ضربات قلب احمد بقوة في سباقه مع الوقت و شعوره بان الأسوأ قادم و لكنه لا يريد تصديق إحساسه , و لن يصدقه مهما زادت قوه ذلك الإحساس حتى و أن تحول يقينا لن يصدقه .

علي لاحمد :. توقف هنا

احمد :. و هو يشعر بان ياسر قريب و المكان أيضا قريب يسأل علي أين المكان قال له لن نستطيع الوصول بالسيارة يجب علينا إكمال الطريق سيرا على الأقدام فهو على بعد حارتين من هنا .

يقوم احمد بالنزول من السيارة و ينظر إلى هذا المكان المألوف و يشعر انه يستطيع الوصول إلى ياسر من هنا بدون إرشادات من احد فهو يشعر بان هذا المكان محفور في ذاكرته و هو لم يذهب إليه من قبل !! .

احمد لعلي هيا بنا أنا اعلم انه هنا, أنا اعلم , علي :. ما هذا أهذا صوت طلق ناري , نعم انه صوت بدء الهجوم , لم نسبق الوقت , يندفع احمد كالمجنون متجاهلا صرخات علي بالتوقف متجاهلا ذلك الصوت المدوي لإطلاق النيران الذي يوحي بوجود معركة حربية يندفع لا يفكر إلا في ياسر يندفع و مع كل خطوه يقترب فيها من الصوت يشعر بأنه يبعد عن ياسر يقترب حتى يري تلك الصفوف من الأمن و تلك المدافع الهوجاء التي لا تميز بين ضحية أو جاني .

يخترق الصفوف كالمغيب متجاهلا كل ما حوله يصعد السلم يتعثر و يقوم و يتعثر و يقوم و أصبح الوقت يمشي ببطء و ما يراه من أحداث متوقفة و يفتح كل باب يقابله و لكن لا يجد أحدا و يفتح كل باب لا يري إلا أطفال و لكن ياسر ليس بينهم و كل باب يفتحه تتهدم معه أماله ,,, و لكن يسمع احمد ذلك الصوت بالصراخ يأتي من جانبه ذلك الصوت الذي ارتعد عقله و جسده لسماعه نعم انه صوت ياسر صوت صراخه, يندفع احمد لذلك الباب و لكنه سقط أرضا فجاه فقد انطلقت رصاصه طائشة و اخترقت كتف احمد الأيمن لتسقطه أرضا في الحال أصبح احمد يشعر بالدنيا تزول من حوله و تتلاشي وعينيه تغمض رغما و الأصوات تختفي تدريجيا من حوله فأصبح يري أحداث بدون أصوات و فجأة , يشعر احمد بنور ساطع موجه لعينيه وذلك الصوت المألوف يناديه احمد احمد هل تراني احمد احمد .

يفتح احمد عينيه بصعوبة بالغة فيري شخصين مبهمين لا يستطيع تمييز معالمهما و لكنه يحاول التركيز و تبدأ الرؤية في الوضوح نعم انه علي و شخص ما لا يعرفه له هيئة الطبيب و ذلك المكان يشبه المشفى يتجاهل احمد كل هذا و يسأل علي أين ياسر هل نجي هل نجي اخبرني ؟ .

ينظر علي للطبيب بجانبه نظره اندهاش و يقول ألا تعلم ماذا حدث لقد مات ياسر و أنت في غيبوبة من وقتها , يرد احمد لا أنت كاذب لم يمت لقد أنقذته لقد أنقذته لقد أنقذته و يصرخ بعلو الصوت ثم يغيب عن الوعي .

ينظر علي إلى هذا المنظر و الدموع تملا عينيه ثم ينظر للطبيب و يقول أهذا ما كنت تحذرني منه ؟ .

يرد الطبيب :. نعم فمن وقت الحادث و تحديدا عندما رأى احمد ذلك المنظر الشنيع في ذلك اليوم عندما اقتحم احمد وكر الخاطفين من ذلك الوقت و هو في غيبوبة لا استطيع أن اجزم ماذا يري فيها و لكنه يفيق كل يوم في نفس الوقت بالساعة و الدقيقة و يسأل أين ياسر ثم يمر بنوبة هياج ثم يغيب عن الوعي مره أخرى ؟ .

و لاحظت أيضا انه أثناء الغيبوبة بنطق بعبارات متشابهه في نفس الوقت من كل يوم ؟ .

علي :. عبارات مثل ماذا ؟ .

الطبيب :لا اعلم . عبارات غريبة مثل ((أيمكن أن تقلني معك إلى اقرب قسم أو مركز شرطة )) أو (( لا يهجموا قل لهم لا يقتحموا المكان , قل لهم أن ياسر بالداخل )) أو ((سأدخل بين النار و الرصاص و الذئاب لأنقذه فهو ابني ))
و عبارات كهذه لها علاقة بالحادث دونت بعضها في سجله .

علي :. و ما معنى هذا ؟ .

الطبيب:. انظر يا احمد أنا قد شخصت تشخيصا لا استطيع التأكد منه و لكني واثق منه بدرجه كبيرة لأنه التشخيص الوحيد المفسر لما نراه .

علي :. ما هو ؟ .

الطبيب :. بعدما رأى احمد ذلك المنظر في ذلك اليوم (يوم الحادثة) ثم انهار تماما و سقط مغشي عليه , بعد هذا رفض عقل احمد ما تم , رفض انه لم يستطيع إنقاذه , و قام عقله بنكران موت ياسر تماما .

علي :. كيف ؟

الطبيب : بأنه كل يوم يقوم بإعادة نفس اليوم من ذاكرته و كأنه يعيشه من جديد حتى يستطيع إنقاذ ياسر .

علي :. و كيف يستطيع أن يعيد اليوم مرارا و تكرارا

الطبيب :. أنا اعتقد أن عقله يقوم بإنهاء حياته كل يوم بطريقه ما ثم يبدأ من جديد في اليوم الذي بعده في محاوله إنقاذ ياسر ثم يفشل فيقوم عقله بإنهاء حياته بطريقه ما ثم يبدأ من جديد و هكذا كأنها حلقه مفرغة يدور فيها احمد داخل عقله .

علي :. و هل يستطيع العقل فعل ذلك و كيف يفعله و كيف ينهي حياته كل يوم و هل هذا معقول أصلا ؟

الطبيب :. لا تسأل نفسك آلاف الأسئلة عن العقل و كيفيه عمله فسبحان الله فقد خلق العقل ليكون محرك الإنسان في كل شي و المتحكم في المثيرات و المسيطر علي ما نراه و نسمعه فللعقل طرق غريبة و غير معدودة لتحقيق هدفه لا نستطيع فهمها أو التحكم فيها ….

………………………………………

احمد يفتح عينيه ببطء ليري انه في وسط تلك المعركة من النيران و أصبح دمه علي الأرض أمامه من تلك الرصاصة في كتفه , يقاوم احمد و يقوم و يحاول الوقوف و يسير بما تبقي له من قوة إلى ذلك الباب الذي سمع منه الصراخ يقوم احمد بفتح الباب و أصبحت دقات قلبه أعلى من اي صوت آخر حوله أعلى من أصوات الطلقات و من أصوات التحذيرات الموجهة إليه و أعلى من صراخ علي بالابتعاد فالآن قد أصبح علي حافة الحقيقة بكل ما تحمله الحقيقة من قسوة .

يقوم بفتح الباب و ينظر أمامه ليري ما كان يخشاه و يري اكبر مخاوفه أمام عينيه ,, ينهار احمد أرضا و هو ينظر إلى تلك الحقيقة التي لم يرد تصديق شعوره بها و الآن قد أصبحت حقيقة بحتة , ثم يسمع ذلك الصوت ذلك الصوت القادم من خصره يعلم احمد ما هذا الصوت , يرفع قميصه ببطء و يري الحزام الناسف قد أعلن 5 ثوان على الانفجار ينظر احمد أمامه مره أخرى أخيره و يغلق عينيه و يسمع تلك التكات الخمس معلنه نهايته .

5
4
3
2
1
0

الساعة 7 صباحا …

احمد : أين أنا . ما هذا المكان ؟ ..

تاريخ النشر 25 / 06 /2014

guest
48 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى