تجارب من واقع الحياة

لست سعيدة

بقلم : جنان .

لست سعيدة
نعم النتيجة إيجابية و أنا مصابة بسرطان خبيث !

 مرحباً ، لا أعلم من أين أبدأ قصتي أو مشكلتي لأنها طويلة ، لا أعلم ماذا أقول ، فقط أتمنى لا تملوا من حديثي .

منذ زمن و أمي لم تنجب مع أنها كانت شابة،  ولكنها بعد فترة رُزقت ٤ توائم وأنا وحده بين ٣ فتيان بعد علاج دام ٨ سنوات ، نحن التوائم المختلف كما يقولون كل واحد منا لديه شخصية لكنني أيضاً لدي واحد من أخواتي يشبهني كثيراً في تفكيري وأسلوبي رحمه الله ، هنا تبدأ القصة :

قبل خمس سنوات أُصيب أخي بسرطان الدم وكان عمره ١٣ سنة و في مرحلة متقدمة كانت تصيبه أعراض ، أنا صدمت لتغيره ، كان شاحب كثيراً وفقد وزنه حيث لم يكتشف الطبيب المرض بسرعة مما تفاقم الأمر ، كنت أفتقده في كل مكان و أتساءل عنه ولم يأخذونا معهم أبداً إلى المشفى لرؤيته ولكن والداي كانا يعدانني بأنه سيأتي عما قريب ، كنت متعلقة به لدرجة عدم تخيلي أنه لن يكون في حياتي مجدداً

 و بعد نصف عام كنت عائدة كالعادة من المدرسة مع أخواتي و استمعت إلى صوت القرآن يخرج من منزلنا وركضت لأعرف ما الأمر وهناك نساء يبكين ، تسألت ماذا هناك ؟ وعلمت تلك اللحظة أن أخي فارق الحياة ، بكيت و أنهرت وسودت الحياة في عيني ، تخيل أن أخيك توفي وأنت لم تره لعدة أشهر كيف أصبح وكيف كان يعاني ؟ تخيل أن أخيك الذي كنت تلعب معه لا وجود له الآن ..

مرت الأيام وكانت ثقيلة علي ، لم أستطيع نسيان الماضي أبداً وحبست نفسي في غرفتي ولم أخرج منها إلا لشرب الماء ، و بدأت تراودني الأحلام حيث كنت أبكي كثيراً في الحلم و يأتي أخي ويخبرني : لماذا تركتيني ولم تأتي لزيارتي ؟ بعد ذلك تكرر الحلم مرتين فقط ، مرت الأشهر ثقيلة علينا جميعاً مهما حولنا الابتسام والتغير عن أنفسنا نرجع لحزننا .

بعد ذلك اكتشفت وجود كتلة في صدري ، ولكنني كتمت الأمر ولم أخبر أحد بذلك ، بعد ذلك بفترة أحسست بألم في صدري وتغير لونها إلى اللون الأحمر ، ذهبت وأخبرت أمي بذلك وفي نفس اليوم أخذتني إلى المستوصف وبعد فحص الطبيبة أرسلتني إلى الأشعة ونتيجة ظهرت بعد يومين ، نعم النتيجة إيجابية و أنا مصابة بسرطان خبيث ! أمي في تلك الفترة بكت واتصلت لتعلم أبي بالأمر ، بصراحة أنا نفسي لا أعلم ما هو الخبيث لصغر سني ولكنني في نفس الوقت اعلم أنه تسبب بموت أخي

 بدأت حياتي بالسقوط تدريجياً وتمنيت الموت لشدة الألم النفسي والجسدي وخضعت لجلسات الكيماوي ، سقط شعر رأسي وحاجبي وتنقص وزني ، لا أريد النظر الى المرآة لرؤية وجهي القبيح وشكلي ، كنت أغضب وأبكي سريعاً ، مرت ثلاث سنوات وأنا على تلك الحالة ولكنني بفضل الله شفيت ولكن أمكانية رجوعه كبيرة جداً ، كم من المؤلم أن ترى الجميع من حولك يحاول اسعادك رغم أحزانهم

 الآن أخضع للعلاج النفسي ، ما الفائدة لقد تدمرت حياتي ؟ حتى أنني لم أعد أرى نفسي كسابق مهما حاولت أن أبدو سعيدة أفشل مع أن جميع ما أحتاجه موجود ، أنا لست سعيدة بنجاتي لأنني أسبب الحزن للجميع ، دائماً ما أرى أمي تبكي على حالي أشعر أن الكآبة ترفقني أينما ذهبت ، في نفس الوقت حفظت القرآن كاملاً وحفظت الأذكار ، عند سماعي للقرآن أخشع وأبكي كثيراً ، أشعر أن قلبي إلى الآن يعتصر على رحيل أخي لا أستطيع نسيانه أبداً ، قمت بتعليق جميع الصور التي تجمعنا في غرفتي حتى لا يأتي يوم أستيقظ فيه وإلا أذكره وأدعو له بالرحمة والمغفرة فهو طير من طيور الجنة كم أشتاق له ، أتسأءل كيف تحمل أخي الألم وأنا لم أتحمله ؟ كيف توفي وأنا لا زلت حياة ؟

هل الذي أشعر به طبيعي ، أنني أشعر بالألم في داخلي؟!

هل تذكر الماضي شيء طبيعي ؟!

أريد المضي قدماً في حياتي من دون جرح أحد ولا أريد رؤية الحزن في أعينهم ، منذ زمن لم أرى ابتسامة والداي التي تعبر عن الفرح كلها ، ابتسامات زائفة من أجلي ، حتى أخواتي أرى الانزعاج في ملامح وجوههم عندما يهتمون بي أكثر، أنني أعاني وهم يعانون معي كذلك ، كم أتمنى وأدعو من الله أن يأخذني إليه لأريحهم من عذابي الذي كل يومين أكون في المشفى لأجراء الفحوصات.

 دعواتكم لأخي رحمه الله و لي لتغادر روحي بسلام .

تاريخ النشر : 2018-02-17

guest
26 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى