أدب الرعب والعام

رعب على السنة أحبائي

بقلم : هند – الجزائر

رعب على السنة أحبائي

والبطل قط ! .. قط مسكين يتأوه جوعا ..

تأتي خالتي كل صيف لمنزلنا بحكم عيشها في مدينة بعيدة عنا , فهي تزورنا مرة في السنة , وهذا العام قررت اصطحاب الرعب معها , فبينما نحن ساهرون نتحدث و نضحك إذ انقطع التيار الكهربائي وقطع معه المرح الذي كنا فيه وساد الصمت الموقف للحظات حتى عزلته الشموع التي أشعلتها أمي ..

نام إخوتي الصغار و كان نومهم إشارة على بداية الرعب ..

إنها أمي التي لا تخرج حكايات السحر و الجن من فمها تتحدث !!! .. قالت : الموقع : عرس .. والأشخاص : طاه و مساعده ..والبطل قط ! .. قط مسكين يتأوه جوعا , يقترب من الطاهي الذي همست الإنسانية في عقله أن يطعمه ! .. وهذا بالذات ما فعله , نعم لقد رمى قطعة لحم للقط الذي اتجه نحوها لكن لم يأكلها .. رمى الثانية والثالثة .. يا له من قط متطلب !!! ..

القط عاد يتأوه .. لماذا لا يمؤ مثل القطط ؟؟ ..

حمله الطاهي وتفحصه , و هنا صعق لهذا المشهد , كيف لا وفم القط مخاط بخيط احمر ..

كيف لم ننتبه ؟! .. صاح الطاهي بمساعده أن يحضر مقص و قاما بفك الخيط ..

وهنا صعقا للمرة الثانية , كانت هناك صورة مخاطة على لسان القط , فقاما بفكها ثم وضعا أمام القط فضلات الطعام وراح يلتهمها بنهم ولو كان ينطق لقال الحمد الله ..

والآن بالعودة إلى الصورة , كانت فيها وجه شاب أعطاه الحسن كل ما يملك , كالقمر أو اشد حسنا , وكانت كل المعلومات عن هذا الشاب مكتوبة على ظهر الصورة .. اسمه فلان .. يعمل كذا… لكن لعاب القط كان قد محا الكتابة , إلى جانب أنها مكتوبة بخط صغير , أما الشيء الذي كان واضحا فهو رقم هاتف ..

ماذا نفعل به ؟ .. فلنتصل .. رن الهاتف عدة مرات و حين شاركهما اليأس محاولاتهما قررا التوقف , لكن قبل إغلاق الاتصال أجابت امرأة تبدو كبيرة في السن من صوتها الرث الذي تنقله أنفاس حزينة سرعان ما تحولت إلى غاضبة بعد أن سألها الطاهي عن الشاب في الصورة .. فأجابت : انه ابني .. وهو بين الحياة والموت في العناية المركزة وهذا رقم هاتفه لا تتصلا مجددا!! ..

تحسر الطاهي و مساعده على الشاب , و كان السحر هو التفسير الوحيد لهذه المعضلة , لكن رنين الهاتف قطع حسرتهما , انه نفس الرقم , لم يتردد الطاه لحظة في الإجابة , انه الفضول وحب إيجاد الأجوبة , وكانت نفس المرأة العجوز على الخط , لكن نبرة صوتها كانت تنم عن الفرحة هذه المرة , قالت بفضول ليس اقل من فضولهما: من أنتما ؟ .. وكيف تعرفان ابني ؟ .. ومن أين حصلتما على رقمه ؟؟ ..

أسئلة الإجابة عنها كانت في إعادة سرد ما حدث معهما ..

لكن ماذا حدث معك أنتِ سيدتي ؟ .. تسأل الطاه ومساعده .. فأجابت المرأة قائلة : انه ابني .. لقد استقرت حالته .. انه بخير الآن .. منذ أيام وهو يعاني ولم يفهم الأطباء ما به .. كان سيموت ! .. أدعو الله أن ينتقم ممن فعل به كل هذا و أشكركما من أعماق قلبي …

وأشكركِ أنا أيضا يا أمي على إخافتي .. قلت بعد أن أنهت أمي سرد القصة .. قد لا اخذ صورا مجددا ..

لكن حديث الرعب لم ينتهي ..

انتظروا حتى تسمعوا مني .. قالت خالتي بحماس وهي تلذذ بإرعابنا .. ثم مضت تقول : لدينا قريب من جهة زوجي يعمل في محل ألبسة نسائية . جاءت لمحله مرة امرأة , وليتها لم تفعل . طلبت تجربة ثوب ثم بدأت تناديه وتصرخ , ارتعب الرجل و ذهب إليها بسرعة  : هل من شيء ؟ ..

لا أردت أن أسألك كيف أبدو؟  .. ردت المرأة ثم خرجت من حجرة تبديل الملابس و هي ترتدي ثوب احمر قصير مثير و بدأت بإغوائه , فطردها و حذرها من المجيء مجددا ..

ارتدت المرأة ثيابها و مضت إلى صاحب المحل الأصلي و اشتكت طردها من المحل , وعندما سأله ربه في العمل عن الأمر استحى و اختلق أعذارا فمنعه صاحب المحل من فعل هذا مجددا . و توالت الأيام ولازالت المرأة على فعلتها القذرة , فأخذ إجازة , كان انسب حل له , و سرد قصته على صديق , فقال صديقه انه يعرف المرأة ! .. إنها جارة أخته المتزوجة , و هي متزوجة من شرطي , فقرر بطلنا الذهاب إلى الزوج و مصارحته , و عندما فعل انهمرت الدموع من عيني الرجل وقال : اعرف .. إنها تفعل هذا أمامي .. تجلب الرجال لمنزلي و تدخلهم غرفتنا .. وقد تتساءل لماذا لا اضربها أو أطلقها أو اقتلها .. لا استطيع .. أنا مسلوب الإرادة .. قامت بسحري بسحر لا يفك .. تصرفاتي ليست ملكي .. أصبحت بلا كرامة .. كنت اعرف أنها لا تحبني و تزوجتني غصبا عنها .. لكن هذا قاس علي .. إنه أكثر مما أتحمل ..

الشاب نظر للزوج المسكين بأسى وقال له : اذهب إلى الشيوخ و الرقاة ..

فرد الزوج وهو يكفكف دموعه : لا استطيع .. قلت لك انه لا إرادة لدي ..

انطلق الشاب و قدم استقالته قائلا لنفسه : أن افقد عملي أفضل من فقدان إرادتي ..

يا لطيف أيمكن حدوث أمر كهذا ؟؟ ..

نعم .. السحرة و المشعوذون كثر .. قالت ابنة خالتي مؤكدة على قصة أمها ثم استطردت قائلة : كانت هناك امرأة تنظف بيتها بحرص و عناية , وكانت ابنتها الصغيرة جالسة فوق الأريكة تلعب بدماها , وقامت على غفلة من أمها بتفتيت قطع الكعك الذي حضرته الأم لضيوفها ..

صرخت الأم بغضب وضربت ابنتها ثم أدخلتها المرحاض أكرمكم الله وقالت أنها ستفتحه بعد أن تنظف الفوضى التي أثارتها الطفلة ..

راحت البنت تبكي و تصرخ وتتوسل أمها أن تخرجها .. لكن الأم كانت مشغولة بالتفكير في بديل للكعك الذي أفسدته ابنتها .. وعندما أنهت جميع أشغالها انطلقت لابنتها التي لا تزال تبكي ..

وكانت هناك مفاجأة لا تصدق بانتظار الأم ..

فتحت الباب .. لكنها لم تجد ابنتها العزيزة .. كان صوت بكائها مسموعا .. لكن أين هي ؟! ..

بحثت المرأة في أرجاء البيت .. لكن لا أثر للفتاة .. كل ما تبقى منها هو صوتها وصراخها الذي يسمع الأصم ..

غرقت ألام بالحزن على فقدان أبنتها .. كل ما كان بإمكانها فعله هو بيع البيت .. لعلها تنسى .. رغم إحساسها الفظيع بالذنب ..

تبا .. أين النعاس حين نحتاجه ؟؟ ..

قررت ألا أكمل الاستماع لهذه القصص المرعبة التي أسهبت أمي وخالتي وبناتها في سردها .. فكلامهن كالقهوة .. يبقيك مستيقظا .. كفى .. شكرا .. سأخلد للنوم .. وسأكون محظوظة لو استطعت أن أغفو قليلا مع كل هذا الرعب الذي يعصف بأفكاري وكياني .

تاريخ النشر 05 / 07 /2014

guest
39 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى