تجارب ومواقف غريبة

حارس المدرسة

بقلم : محمد العلاوي – الجزائر

حارس المدرسة

حتى وصلنا إلى بيت متواضع وقد عم الظلام ..

كان لي صديق يكبرني بعدة سنوات كنت أجد سعادة خفية في صحبته لا لأنه خاض تجارب كثيرة في الحياة ولكني كنت احب ثرثرته الزائدة . كان قصيرا وبدينا بعض الشيء ووجه مستدير صاحب عينين خضراوين ضيقتين ، وكان يضع نظرات سميكة ، وكان يشغل منصب اطار سام في الدولة .

كنا نستقل سيارته ونسافر الى الريف بعد صلاة الجمعة ونتحدث في كل شيء . فقص علي هذه القصة الغريبة ، قال :

كان ذلك في التسعينيات وكانت عندي سيارة من نوع رونو 25 والتقيت برجل يعمل حارسا في احدى المدارس فطلب مني ان اوصله الى بلدة بمحاذاة المغرب الشقيق فوافقت بعد ان اتفقنا على الاجرة ، لكني تعجبت كيف لحارس بسيط ان يسافر في سيارة ذات رفهية بالرغم من اجره الزهيد الذي بالكاد يكفي متطلبات الاسرة ، غير اني لم اهتم بالموضوع .

وفي الصباح الباكر استقلنا السيارة واخذنا الطريق الى الغرب وبينما نحن نتكلم قاطعني قائلا هل لك رغبة في زيارة احدى الزوايا نستريح قليلا فانها مضيافة ؟ فوافقت .

وأخذت في السرعة فطلب مني ان انحرف بالسيارة ناحية اليسار فرايت الطريق غير معبد فكتمت غيضي . وصلنا الى الزاويه واسترحنا وقدم لنا طلبة القرآن الأكل . ثم ركبنا السيارة وواصلنا السفر . ولحد الساعة كنت لا اشك في شيء وقد بدء الظلام يجثو شيئا فشيئا فانتبهت على صوت الحارس وهو يقول لي عند منقطع الطرق انحرف لجهة اليسار ، فقلت آمل أن يكون الطريق معبدا. فقال بعض الشيء. ففعلت كما طلب مني حتى وصلنا إلى بيت متواضع وقد عم الظلام.

اوقفت محرك السيارة اما الحارس فقد ركز نظره وقال بلهجة دبلوماسية : صديقي كما يحلو لك ، اما ان تنتظرني وقد اطيل عليك كثيرا ، وأما أن تأتي معي ، لكن بشرط .

فقلت وقد خامرني الوساوس : وما هو ذاك الشرط ؟

قال ألا تنطق ببنت شفة وان يبقى الامر سرا بيننا.

فقلت سأتي معك.

ترجلنا من السيارة وصاح الحارس عند الباب ففتح لنا رجل غريب ، فدخلنا وسلمنا على من في الغرفة ، كانوا اربعة رجال يرتدون جلابيب وتبدوا عليهم سمات الجدية .

جلست في زاوية الغرفة وأنا اشد شوقا لرؤية ما سيحصل. رقد الحارس في وسط الغرفة ودار الرجال حوله كهيئة الدائرة و اخذوا يقرؤون القران . وبعد فترة غيروا القراءة الى قراءة غريبة لم استطع فهمها ، كأنها تعاويذ او اقسام . بعدها شعرت بشيء غريب يحوم في الغرفة ، وإذا بالحارس يخرج من حنجرته حشرجة قوية وتملل بجسده ورفع كفيه ثم القاهما في الارض وقال بصوت كأنه الرعد : السلام عليكم .

وهتف الجميع : وعليكم السلام .مرحبا مرحبا .سيدي .

ولست اذكر إن كنت أنا قد رددت عليه السلام معهم ، فقد كنت تقريبا مشلولا لهول المنظر .

وقال احدهم سوف نذبح لك كذا من البعير وكذا من الماعز .وكذا من البقر. فرد ذالك الصوت حسن. فقال آخر ولكن اين الدفائن ؟ فقال ذالك الصوت اصغ الي جيدا. عند ملتقى الطرق المؤدي الى بلدية كذا تنحرفون يمينا لمسافة كذا ستجدون اشجار التين ضع ظهرك خلف الشجرة الرابعة وسر بخطى متوازية مائة وخمسون خطوة وعندما تنتهي سر ناحية اليسار عشر خطوات واحفر فستجد اكياسا كبيرة من سيولة النقود واكياسا اخرى فيها نقودا بالعملة الصعبة وبعض الاكياس فيها المجوهرات.

فهلل الجميع : شكرا سيدي .

فقلت في نفسي ان الحارس ضليع بعلم الكنوز والذفائن . ثم عدنا ادراجنا .

عندما انتهى صديقي من سرد قصته الغريبة قال أتريد ان تعرف كيف اصبح حارس المدرسة ؟ .

فأجبت بفضول : نعم .

قال اصبح فاحش الثراء لديه مصانع كذا واطيان كذا وأملاك كذا .

اريخ النشر 12 / 11 /2014

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى