ألغاز علمية

شلل النوم بين العلم والخيال

بقلم : محمود احمد – مصر
للتواصل : [email protected]

شلل النوم بين العلم والخيال
شلل النوم لا علاقه له بالجن أو الشياطين ..

الجاثوم علميا يعرف باسم ظاهرة شلل النوم او الحالة التي يشعر في الأنسان بالاختناق وعدم القدرة على التحرك او التحدث اثناء نومه . هذه الظاهرة تم شرحها في الكثير من المحافل العلمية لكن للأسف لم أجد فيها ما يصل الي عقل القراء بطريقة مبسطه ، خاصة أنى كنت اتناقش مع أحد اصدقائي حول هذا الأمر وقلت له ان يبحث عنه في الانترنت لكي يفهم هذه الظاهرة ولكن للأسف لم يصل الى فهم حقيقي لها ، فقررت ان ابحث عنها وافصلها واشرحها له ، وها انا اليوم اشارككم بهذا الشرح عسى ان يستفيد منه جميع المشاركين في الموقع وزواره .

شلل النوم بين العلم والخيال
الجن لا يحتاج إلى نوم الانسان ليخنقه ..

بعيدا عن كل التفسيرات غير المفهومة والتي في بعض الأحيان تكون علمية بحتة وأحيان أخرى تربط بتفسيرات خياليه غير منطقية كمن يلصقها بالشياطين والجن ، فقبل أن نبدأ في شرح هذه الظاهرة لابد من توضيح أن الجن لا يحتاج لنوم الإنسان أو غفلته لكي يقتله أو يخنقه خاصة ما ذكر في الكتب السماوية عن قدراتهم التي تتعدي قدرات البشر مائة ضعف ، فهم أقوي و أسرع من الإنسان ولهم من عجائب الصنع ما يعجز عن تخيله البشر ، لذلك فأن الله سبحانه وتعالي وضع فاصل وعازل كامل بين عالم الإنسان و عالم الجن و أتباعهم من الشياطين حماية للإنسان المصطفى من دون الخلق بإعمار الأرض وبنائها . فعلي الرغم من كون الجن موجودون على الأرض ويعيشون بيننا ومنهم المؤمنون بالله و منهم الكافرون إلا أننا لا نراهم ولا نحتك بهم ولا نشعر بأي أثر مادي لهم ، فلو كان الله يريد أن يتواصل الإنسان و الجن أو يختلط عالمهما معا بأي طريقة لكان على الأقل جعل للجن رائحة يعرفها الإنسان فيميز وجودهم من عدمه ، لكن هذا لم يحدث ولا يوجد بشر تواصل مع الجن وكلمهم وأمرهم بل و سخرهم غير نبي الله سليمان بن داود عليه السلام وكانت هذه احدى معجزاته التي اصطفاه الله بها دون البشر جميعا ، وذُكر هذا في القرآن الكريم :

(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) سورة “ص” آية “35”.
حتى الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الشيطان ، وهو هنا رآه فقط ولكنه لم يتواصل معه حيث قال:
(ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان، لأصبح موثقاً يلعب به ولدان المدينة) صحيح مسلم عن أبي الدرداء.
حتى عندما يؤذي الساحر الإنسان يؤذيه بمراد الله وليس بقوة الجن حيث يقول الله تعالى :
(وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ) سورة “البقرة” الآية “102”
و لا يوجد بشر ادعي انه رأي جن او تواصل معه استطاع ان يثبت ذلك علميا أو ماديا.

حتى اقوال البشر القدامى أي ما قبل عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن غير موثوقة ، فأفقهم العلمي كان لا يتسع لأدراك حقائق الأمور ، فكل امر كانوا لا يستطيعون تفسيره يلقونه على كاهل الجن والعفاريت ، بل احيانا الكائنات الفضائية وهناك مثال واقعي على ذلك ، ففي 28 ديسمبر 1895 م في فرنسا عرض اول فيلم مصور سينمائي صامت في العالم فيلم “دخول القطار إلى محطة لاسيوتا” اعتقد الجالسون أمام شاشة السينما أن القطار بداخل الفيلم سيخرج من الشاشة و يسحقهم ففرو هاربين من قاعة السينما وهذا منذ ما يقارب 118 عام فماذا لو رأوا اليوم الهواتف الذكية وشاشات الـ 3D لابد أنهم سيعتقدون أن الأنسان أصبح يصادق الجن والكائنات الفضائية . إذن فكل شيء مادي إن لم يمكن تصوره في الحاضر فليس معناه أنه من صنع الجن والعفاريت فدعونا نبتعد عن الخرافات و التفسيرات والتسميات الغير منطقيه و نشرح ظاهرة شلل النوم بالطريقة المبسطة دون تعقيد علمي أو خرافات القدامى.

بداية النوم بالمعني المبسط هو عمليه فيزيائية طبيعية يتوقف فيها عقل الإنسان عن العمل نسبيا ومؤقتا وتتعطل فيها عضلات جسم الإنسان عن العمل نسبيا ومؤقتا.

ومعني الشق الأول من التعريف أنه أثناء النوم يتعطل عقل الإنسان طوال فترة نومه فالإنسان النائم لا يمكنه أن يقوم بعمليه حسابية باستخدام عقله بل حتى في أحلامه أحيانا يحلم الإنسان بأنه يسأل عن مجموع الواحد و الواحد ورغم سهولة العملية الحسابية فأنه قد لا يستطيع جمعهم و قد يفكر فيها وهذا التوقف يكون بصفة مؤقتة وهي فترة نوم الإنسان و التي قد تكون لساعات أو ربما دقائق وهذا التعطل نسبي لا يشمل مخ الإنسان بالكامل ، فتوقف المخ الكامل عن العمل يعني الموت الإكلينيكي ، لكن ما يتوقف من مخ الإنسان هو عنصري الإدراك و التفاعل أي اللاوعي فالإنسان أثناء نومه يكون في حالة غياب عقلي لا يدرك ما يدور حوله و لا يستطيع التفاعل مع الأشخاص فقد تسأل شخص عن أسمه أثناء نومه العميق فيرد عليك بصعوبة و يجيبك باسم صديقه نتيجة توقف عنصر الإدراك أو قد لا يرد عليك نتيجة توقف عنصر التفاعل و توقف المخ يكون نسبي أي لا يتوقف تماما فالمخ يرسل إشارات لأعضاء الجسم الحيوية طوال اليوم في حالات اليقظة و النوم حتى تستمر في القيام بعملها بانتظام ولا تتوقف.

ومعني الشق الثاني من التعريف أنه في عملية النوم تتوقف عضلات الإنسان عن العمل بصفه مؤقتة طوال فترة نومه قد تكون لساعات أو لدقائق و لكنها أيضا تتوقف بصفه نسبية فأعصاب الجسم التي يمر بها الدم طوال اليوم تستمر في العمل حتى أثناء النوم فنجد بعض الناس يتقلبون أثناء نومهم وبعضهم يرفسون من ينام بجوارهم وهذه الحركات هي نتيجة للإشارات التي يرسله المخ ولكن هذا لا يعني أن عضلات الإنسان تعمل بشكل كامل فالإنسان الممسك بكوب في حالة نومه يفقد السيطرة على عضلات يده و يسقط منه الكوب مهما إن كان حجمه أو نوعه ، فالإنسان لا يمكن أن يحمل أثقال أثناء نومه وذلك لتوقف العضلات التي تحتاج لإشارات من المخ لتنفيذ عملية الانقباض الذي هو في الأصل يكون في حالة لا وعي.

هذا هو مفهوم النوم بطريقة مبسطة فالنوم عمليه معقده يحتاجها الإنسان لكي يستعيد نشاطه ليتابع حياته اليومية.

ولكي ينعم الله على الإنسان بنعمة النوم لا بد أن تبدأ عملية النوم بمرحلتين وتنتهي بمرحلتين وبترتيب معين إذا تداخلت هذه المراحل مع بعضها حصل ما لا يحمد عقباه.

وسنجعل الشرح في صورة مثال كالآتي : ـ

دعنا نفترض مثلا أن شخصا ذاهب للنوم وقد أستعد للنوم و فرد جسمه على الفراش و أستلقي علي ظهره وكانت زوجته تضع بعض الملابس داخل خزنة الملابس و هو ينظر أليها و بدأ يفكر في المواقف التي مرت به أثناء يومه ثم تبدأ عينيه في الغفول تدريجيا حتى تقفل عينه تماما هنا يدخل الإنسان في المرحلة الأولى ، الحالة التي يبدأ فيها عقل الإنسان في الغفول ، لكن لازالت عضلات الإنسان تعمل بشكل سليم فإذا صرخت في أذن هذا الشخص وقلت له “حريق” فسوف يهب من نومه ويجري بأقصى سرعه لأن عضلاته لا تزال نشطه ، لذلك نري النائم في القطار مثلا يكون مغمض العينين ولكنه يحرك رأسه لأعلى كلما تتدلى لأسفل في محاوله للتغلب على نومه ، ودائما ما نجد الطفل عندما يغفو أثناء الدرس يصرخ فيه المعلم فيهب واقف وعيونه مفتوحة عن أخرها, و بمجرد مرور الجسم في هذه المرحلة واكتمالها يدخل على المرحلة التالية مرحلة ارتخاء العضلات وهي المرحلة التي من خلالها ترتخي كل عضلات الإنسان النشطة بلا استثناء فيترك الشخص ما يمسك به دون وعي ويذهب في النوم ، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن ترتيب المرحلتين بهذا الشكل فلو تم عكسهم لكان الإنسان أشبه بالمصاب بالشلل الجسدي عقله يعمل وعضلاته لا تعمل .

باجتماع المرحلتين يدخل الإنسان إلى مرحلة النوم الحالم و وهو النوم الكامل الذي ننفصل فيه عن الواقع ونرى الأحلام ، ولنعود للمثال مرة اخرى الشخص وهو الآن نائم ويحلم أحلاما سعيدة ولكن أثناء نومه بدأ المخ بارسال إشارات للمعدة مثلا لكي تهضم طعام العشاء ولكن المعدة لا تستجيب جيدا نظرا لصعوبة المواد المراد هضمها مثل (اللحوم , معجنات ,…. إلخ) هنا يحدث انتباه ونشاط زائد للمخ و يبدأ في إرسال المزيد من الإشارات و يحدث أمر من أثنين :

الأمر الأول أن تستجيب المعدة للإشارات آخيرا فتعمل بشكل طبيعي فيصحو الإنسان بشكل طبيعي ويكون ذلك من خلال عكس مرحلتي ما قبل النوم الحالم فتبدأ مرحلة تنشط العضلات فتنشط عضلات الجسم بصفة كاملة بشكل متتابع ومتتالي ثم تبدأ عملية تنشيط العقل وتحدث حالة الإفاقة التامة باجتماع المرحلتين .

وهذه هي مراحل النوم الطبيعي :

شلل النوم بين العلم والخيال

أما الأمر الثاني فهو أن يرسل المخ المزيد من الإشارات للمعدة فلا تستجيب هنا يمر الجسم بمرحلتي ما بعد النوم الحالم بطريقة معكوسة فتأتي مرحلة تنشط العقل اولا ثم مرحلة تنشط العضلات ثانيا وهنا يحدث ما يسمي بشلل النوم فالعقل بدأ في العمل و الإدراك لكن العضلات غير نشطة ساكنة لا تتحرك ، ويبدأ المخ في العمل فيصور للشخص الوضع الذي كان فيه و المشاهد التي رآها قبل نومه ، وفي هذه المثال يرى الشخص نفسه مفرودا على الفراش و زوجته تضع الملابس داخل خزنة الملابس فينادي عليها ويطلب منها مساعدته في النهوض و هو في الواقع لا يري شيء فجفون عيناه ما تزال مغلقه ، بل حتى من ينظر له أثناء نومه سيجده نائم بشكل عادي و أحيانا يرى البعض نتيجة خوفهم الشديد أشخاص متشحين بالسواد بداخل غرفه شبه مظلمه وكل هذه مجرد هلاوس يخلقها المخ لفترة بسيطة ، و الكثير يسأل من حوله بعد إفاقته من شلل النوم هل سمعتموني أنادي هل رأيتموني أتحرك و هل كان شكلي غير طبيعي أثناء نومي ؟ .. فيجيبه من حوله بأنهم لم يسمعوا شيء وأنه كان نائم بشكل عادي تماما و نتيجة لعمل المخ دون عمل العضلات ويأس الشخص من مساعدة من يتوهم وجوده يتصور الإنسان حالة الموت حين لا ينفع مال و لا بنون فيبدأ قلبه في النبض سريعا وتتوتر أنفاسه ويشعر باختناق وهمي لأن رئتاه تعمل بشكل طبيعي و كل هذه العملية تستغرق دقائق معدودة لكن يتصور الشخص نتيجة قلقه ورعبه أنها ساعات طويله ، و هذه الدقائق المعدودة هي الفترة التي يحتاجها المخ لإرسال إشارات مستعجلة إلى مراكز العضلات بالجسم وبمجرد وصولها يستفيق الإنسان من نومه مفزوع فلا يجد زوجته التي كان يراها أو يتصورها و لا يجد أشباح و لا يجد ظلام بل قد يجد نفسه نائم بجوار زوجته في الصباح على بطنه أو على جنبه عكس ما كان يتخيل أنه مستلقي على ظهره و زوجته تضع الملابس ونتيجة لهذه الإشارات الاستثنائية فإن العضلات نفسها لا تكون قد استعادت نشاطها بشكل كامل فنجد هذا الشخص الذي أصابه شلل النوم يقوم متعب و خائر القوى بل قد يكمل نومه نتيجة لشعوره بالتعب و أحيانا يقوم من نومه خوفا من أن يعاوده شلل النوم .

وهذه هي مراحل النوم التي تسبب شلل النوم :

شلل النوم بين العلم والخيال

إذن شلل النوم لا علاقه له بالجن أو الشياطين ، لكن له أسباب عضوية بحتة قد تغيب على من مر به ، لأن خوف الإنسان من ما حدث له أثناء شلل النوم ينسيه ما قبل شلل النوم فالإنسان يصاب بشلل النوم بعد مروره بمرحلة النوم والأحلام التي قد تكون كوابيس مزعجة تنم عن حاله نفسية سيئة تؤدي لحدوث شلل النوم ، و غالبا ما ينسى الإنسان الحلم الذي مر به قبل شلل النوم وفي أحيان قليلة جدا قد يحدث شلل النوم بمجرد الدخول في عملية النوم وقد ينجم شلل النوم عن اضطرابات عضويه مثل ما ذكرنا في المثال السابق مشكلة المعدة ، لذلك ينصح بأن لا ينام الإنسان بعد أي وجبة مباشرة ولكن يظل مستيقظ لمدة ساعة علي الأقل ثم ينام بعدها ، و قد تحدث الاضطرابات في أعضاء أخرى وقد تكون أسبابه معنوية كالمشاكل العائلية وغيرها و قد تكون لحالات الكهربية الزائدة بالدماغ و أحيانا لطول السهر و أحيانا للخوف من المكان الذي ينام فيه الإنسان كالمنزل الجديد أو المهجور وغيرها.

ولم تسجل حالة معملية للوفاة حدثت بسبب بشلل النوم لأنه على الأغلب من غير المتصور ان يمكن للميت أن يصحو من الموت فيقول لقد مت بسبب شلل النوم ، أيضا استحالة حدوث الموت لأن كل ما يشعر به الإنسان يكون وهمي عارض لا يسبب الوفاة ، بالإضافة الى أن مده حدوث شلل النوم لا تتعدي ثلاث دقائق و يتنفس فيها الإنسان بشكل عادي دون انقطاع ولا تؤدي لوفاة الشخص مخنوقا .
وينصح بشكل عام عند حدوث شلل النوم ألا يتوتر الإنسان وأن يتعامل مع الأمر بهدوء .

وعن تجربة .. فقد حدث لي شلل النوم مرة وتوترت ، لكن تذكرت ما شرحته سابقا وهدأت فزال الشلل في لحظات .

أرجو أن أكون قد أفدتكم بهذا الموضوع .

تاريخ النشر : 2015-01-24

guest
81 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى