عماره رقم 14
يذهب يمينا ثم يسارا حتى توقف فجأة بجانب عمارة رقم 14 .. |
– بهدوء .. بهدوء يا رامز حتى استطيع أن افهم ماذا تقول !!!!! .
– أني أقول لك انه قاتل يا حسام باشا .
– من ؟
– الرجل الذي أرسلتني حتى اتتبعه .. أتذكر ؟؟
– نعم . نعم .. أهدئ حتى نستطيع التفاهم .. يا شاويش ..
– نعم سيادتك .
– قل لي يا رامز ماذا أقدم لك ؟ .
– لا شي .. لا أريد شيء
– يا شاويش ائتيه بكوب ليمون حتى يهدئ
– حاضر حسام باشا
(( يخرج رامز من جيبه علبه السكاكر الخاصة به التي لا تفارقه . كالأطفال هو يحبها و يقول إنها تساعده على الهدوء و لكن من كثره المزاح و الاستهزاء به بسبب تلك السكاكر أصبح يفرغها في علبة دواء ويصطحبها معه أينما كان وكل الناس يظنون انه يأخذ دواء ما و لا يعلم احد انها مجرد سكاكر !! ..
يخرج رامز تلك العلبة و يأخذ حبتين و يمضغ بعنف و توتر حتى انك تستطيع سماع تحطمهم في فمه من بعد )) .
– يا رامز أهدئ قليلا , وقل لي من هذا الذي قتل ؟
– الم ترسلني من ثلاثة أيام حتى أراقب لك شخصا قلت انه يدعي صابر
– صابر. صابر . صابر . لا اذكره .. فانا أرسلك لتتبع الكثيرين يا رامز .. حدد من تقصد ؟
– يا حسام باشا .. الم ائتي إليك من ثلاثة أيام أشكو بأني قد طردت من شقتي الإيجار وأنا لا اعلم لماذا ؟
– نعم حين قلت أن صاحب العمارة قد انذر بطردك بدون سبب و في اليوم الثاني تم تغيير القفل في غيابك .. أليس كذلك
– نعم بالضبط .. و حينها قلت لي انك ستدبر لي شقه ما خلال يومين على الأكثر . و أخذت بطاقتي و أوراقي الرسمية و 5000 جنيه عربون حتى تجهزها لي ..
– نعم اذكر .. و طلبت منك في المقابل أن تراقب ذلك الشخص و أعطيتك المكان الذي ستجده فيه و الزمان أيضا ..
– نعم وقلت لي أن اسمه صابر … وكان الزمان المحدد بيننا أمس الساعة الثانية عشر منتصف ليلا .
– نعم . نعم . اذكر .. و ماذا حدث ؟
– ذهبت في المكان المحدد وانتظرت و لم يظهر احد .. حاولت أن اتصل بك و لكن كان هاتفك مغلق ؟؟ .. وقبل أن ارحل بدقائق و جدت شخصا يرتدي معطف اسود و قبعة سوداء و نظارة سوداء ضخمة تخفي ملامح و جهه , ذاك الشخص مر من أمامي كالشبح و لم استطع مقاومة أن أتتبعه في هدوء .. و فعلا نسيت صابر . فكان كل ما يشغل بالي هو تلك الهيئة في تلك الساعة .. لابد وان يكون ورائها لغز ما …
– و بالطبع تتبعته كعادتك يا رامز , فالفضول من شيمك .
– نعم تتبعته حتى أبصرت بأم عيني جريمة بشعة .
– جريمة ؟؟؟
– نعم جريمة . فبعد أن تتبعته سيرا علي الأقدام لمدة لا تقل عن الساعة … و كنت أعاني معاناة الجاسوس في تلك الساعة .. ففي ذلك التوقيت الدنيا تكون هادئة و ليس من السهل أن تخفي نفسك في هذا الهدوء …
– ثم ماذا حدث ؟
– ثم فجاه توقف … و كأنه شعر بي … توقف الدم في عروقي و وقفت ساكنا مكاني خلف شجره علي بعد أمتار منه ؟ …
ثم , تحرك مره أخري و لم يلتفت خلفه من وقتها و تحركت معه و اخذ يسير في شوارع ضيقة و أنا أسير معه , يذهب يمينا ثم يسارا حتى توقف فجأة بجانب عمارة رقم 14 و تلفت حوله وأنا وقفت على بعد أترقب كيف سيدخل تلك العمارة و من الواضح بان الباب مغلق , لكنه اخرج من معطفه مفتاح و فتح الباب و تركه مفتوحا , فقلت في نفسي لقد أسأت الظن و بعد كل هذا يتضح بان الشبح هو مجرد ساكن في تلك العمارة .. ونويت الرحيل و كنت اضحك على كيف أن مخيلتي خيلت لي قصصا و أفلاما عن هذا الرجل الغامض … ولكني شعرت بأني سمعت صوت ما . كصوت الصراخ .. استدرت و نظرت إلى العمارة ثم سمعت صوت الصراخ مرة أخرى لكن تلك المرة أقوى بكثير , لم اشعر بنفسي إلا و أنا اركض على سلالم تلك العمارة ابحث عن مصدر الصوت .. وفي الدور الثاني وجدت ذلك الباب المفتوح فاقتربت منه لأنظر إلى طرقه خاليه أمامي لا أثاث . لا احد . لا صوت . و فجأة ظهرت تلك المرأة من العدم تجري و هي تنزف لا اعلم من أين و لكنها تنزف بشده و على وجهها علامات الرعب , و ظهر هو ورائها , و هي تجري نحوي و هو يجري نحوها , و أنا واقف مكاني لا أتحرك . و وقعت أمامي و انقض هو عليها بالطعن أمام عيني .. أمامي قضى عليها .. ثم رفع رأسه تجاهي و قام و السكين في يده . فهربت فورا و لم اذكر أن أكون قد جريت بسرعة اكبر من تلك في حياتي .. فكانت قدمي كالمحرك لا تهدأ وقلبي كالمضخة لا يتوقف عن النبض . و لكنه لاحقني و لم يتركني . و ظللت اهرب من شارع إلى زقاق , أتخبط في الطرق في ذلك المكان النائي فأنا لا أجد أحدا يساعدني و لا أجد مخرج من تلك المتاهة التي جاء بي فيها .. حتى قابلني زقاق مسدود و ركعت لاهثا من كثرة الهرولة و قلبي يدق بسرعة كبيره . و من ثم … سمعت خطى تخطو من خلفي .. و نظرت فوجدته هو .. فحاولت الهرب و لكنه امسك بي و دفعني على الحائط دفعة أفقدتني توازني و سقطت فورا علي الأرض و ظل يفتشني يبحث عن شيء لا اعرف ماذا و لكني ظننت انه يبحث عن كاميرا أو شي من هذا القبيل .. و أنا ظللت أقول له .. لم أصورك .. لن أقول لأحد . ثم اخذ علبه الدواء و المحفظة و كل ما معي .. ضربني على رأسي ضربه قوية لم اشعر بالدنيا بعدها …
ثم أفقت بالآم مبرحه في رأسي و لم أحدا حولي و كان المكان على شاكلته ليلا . نائي تقريبا و كله عقارات تحت الإنشاء و من الواضح أن اليوم كان إجازة لعمال البناء أو هكذا استنتجت ! … و من ثم لم أجد في جيبي إلا علبة الدواء و بعض الجنيهات لا اعلم لماذا تركهم … لم أفكر كثيرا و توجهت على هنا فورا …
– لا اعلم ماذا أقول لك . إنها قصه غريبة و لكني أرسلت فريق بحث على العنوان الذي ذكرته ليبحثوا في تلك العمارة ..
– عماره 14
– نعم , نعم
– حسام باشا ..هل أنا مطالب بالبقاء … إذ إني متعب و أود الرحيل
– من الأفضل أن تبقى حتى يأتينا الخبر من فريق البحث الذي أرسلته للتحقق من كلامك .. و الآن اعذرني يا رامز فأنا ورائي مأمورية و سيتولى معك ضابط آخر المسألة .
– مع السلامة يا حسام باشا .
(( ينهض الضابط حسام و يهم بالرحيل و ينظر إلى رامز المتأفف الذي ينظر إلى أعلى و هو متكأ برأسه على طرف الكرسي و يمد يده يخرج علبه الدواء و يتناول منها حبة وراء الأخرى ))
– رامز
– نعم يا باشا
– هل تعلم أن الإكثار من السكاكر يضر بالأسنان يا صديقي
– ماذا قلت يا باشا ؟؟ .. كيف علمت ذلك ؟؟
(( يخرج حسام من الغرفة متجاهلا سؤال رامز ))
– يا حسام باشا , يا حسام باشا …. كيف علم بأنه ليس دواء , فلا احد يعلم ذلك . يا حسام باشا
– أهدئ يا رجل , حسام باشا في مأموريه
– و من أنت ؟
– أنا الرائد محمد هشام …
– تشرفنا معالي الباشا و لكني متعب و القصة التي أنا اعلم انك ستسألني فيها قصة طويلة , و حسام باشا يعلمها , فأرجوك أن تتركني أستريح أو انصرف ..
– أخشى أن الراحة أو الانصراف لن يكونا لك بعد الآن
– ماذا تقصد ؟
– كما ترى يا رامز لقد أرسلنا الفريق الجنائي للعنوان المذكور و فعلا لقد وجدوا جثة امرأة
– لقد قلت لكم , انه هو
– انتظر يا رامز أنا لم انهي كلامي ,, فالشقة المذكورة بالعنوان تم تأجيرها باسمك
– باسمي أنا !! , كيف ؟
– هل تسألني أنا , فأنت أجرتها و تم دفع 5000 جنيه عربون تعاقد
– لا لا لا هذا لم يحدث , فانا لم … لم … انتظر هل تقول 5000 و شقة و إيجار ؟! .. هل من المعقول انه …
– الأمر واضح يا رامز , ولقد أصبحت قديمة تلك الحركة , فالقاتل يظن انه في هذه الأيام عندما يقوم بالتبليغ عن الجريمة سوف تبتعد الشبهات عنه !!!
– شبهات ,, لا لا لا أنا كنت أراقبه و هو من قتلها , صدقني هو من قتلها ,,,,, هو انه هو!!! .. هو الوحيد الذي يعلم انه ليس دواء … هو أنه هو . لا !!!
……………………………………………
……………………………………………
– ابدأ بالكتابة .. وتم التحفظ على المدعي (( رامز محمد أسامه جمال )) بتهمة القتل العمد و جاري التحقيق .
تاريخ النشر : 2015-01-28