أدب الرعب والعام

أصحاب العيون السوداء

بقلم : أ-ن – مصر

أصحاب العيون السوداء
كانا ينظران إلي في صمت و كنت أبادلهما نفس الصمت

كانت ليلة باردة هادئة يتخللها نسيم عليل. كنت جالسا على أريكتي المريحة في شقتي المتواضعة في إحدى ضواحي محافظة القاهرة.

كنت قد أعددت كوبا من القهوة الساخنة لتدفئني في برد هذه الليلة الحالكة السواد.

كنت أشاهد برنامجي المفضل الذي يبدأ الساعة التاسعة مساءا حيث انه الشيء الوحيد الذي يؤنس وحدتي , فقد كنت أعيش وحيدا في شقتي بعمارة مكونة من 5 طوابق و كنت اسكن في الطابق الأرضي فقد أجبرتني ظروف عملي على الانتقال لسكن قريب من مقر العمل فاضطررت لأستأجار هذه الشقة .

انتهى برنامجي في الساعة الثانية عشر منتصف الليل .

هممت بإغلاق التلفاز استعدادا للخلود للنوم و لكن استوقفني صوت طرقات خفيفة مجهولة المصدر لم اعرها اهتماما في البداية لكنها تكررت عدة مرات فركزت كل حواسي لأعرف مصدر الصوت , لكني صعقت عندما أدركت أن مصدر الصوت يأتي من نافذتي …. اجل صوت طرقات على نافذتي .. ليس غريبا فأنا في الطابق الأرضي … لكن الغريب انها في منتصف الليل … من يطرق نافذتي في منتصف الليل خاصة اني لست مختلطا مع اهل هذا الحي فلا يعرفني الا بعض جيراني ؟؟!! .

أحسست ببعض الريبة و الخوف و سألت نفسي : حتى و ان احتاجني أحد ما فهناك الباب ليطرق عليه .. فلما النافذة إذا ؟؟؟؟

كنت اقترب من النافذة ببطء شديد بالبلدي (بقدم رجل و اأخر رجل ) حتى وصلت إلى النافذة و طوال هذا الوقت كان الطرق مستمرا لم يتوقف ثانية واحدة . فتحت النافذة ببطء ولكن هدأت قليلا عندما رأيت طفلين ….. لا تستغرب عزيزي القارئ .. طفلين يقفان خارج نافذتي .

لا شيء يدعوا للريبة غير انهما يطرقان نافذتي في منتصف الليل !!!! .. كانا ينظران إلي في صمت و كنت أبادلهما نفس الصمت منتظرا ان ينطق احدهما بكلمة .. مرة عدت دقائق حتى تكلم احدهما و قال لي : “أزيك يا عمو .. معلش انا و أخويا تايهين ممكن ندخل نتصل ب(بابا و ماما) “

ارتحت لهما لاكني كنت مازلت اشعر بالرعب و الخوف كلما نظرت اليهما لا اعرف لماذا لكن لم اكن مرتاحا لهما تائهين في منتصف الليل ؟؟

لكني لاحظت شيء غريب فيهما لأكون اكثر دقة في أعينهما .. لا أعرف كيف لم الحظ ذالك لكن اعينهما كانت سوداء !! اجل سوداء بالكامل سوداء مثل سواد الليل .. انتابتني نوبة من الرعب و انتفض جسدي بعنف و قمت بأغلاق النافذة بعنف و ايصادها جيدا و ابتعدت عنها و حينها انهالت موجة من الطرقات العنيفه كادت تقتلع النافذة من شدة قوتها يتبعها اصوات غريبه مرعبة و اصوات تأمر بلغة غريبة ان افتح النافذة لكني لم اتحرك من مكاني تصلبت مكاني من الرعب .

استمر الرعب لمدة خمسة دقائق حتى اختفى الصوت تماما و لم يعد هناك صوت طرقات .. لا شيء .. كأن شيئا لم يكن .

بعد كل هذا الرعب ذهبت إلى سريري و لدهشتي غططت في نوم عمييييق رغم شدة خوفي .

استيقظت صباحا للذهاب إلى عملي .

ارتديت ملابسي و تناولت افطارا بسيطا و هممت بالخروج عندما سمعت طرقا على باب شقتي ذهبت لفتح الباب لأجد جاري “عم عبدو” يقف على الباب قلت له بلهجة ترحيب : “صباح الخير يا عم عبدو .. اخبارك ايه تعال اتفضل خش اشرب معايا كوباية شاي ” لكنه قاطعني قائلا : “لالا يا أستاذ ادم شكرا انا كنت جاي عشان اسألك على حاجة !”

قلت له : “اتفضل يا عم عبدو عايز ايه ؟”

قال لي : ” انا امبارح بليل سمعت عندك خبط جامد في الشقة و انا الصراحة خوفت و كن عايز انزلك بس خوفي منعني و قولت يمكن انت برده بتعمل تصليحات فالشقه ولا حاجه فا اتكسفت انزل “

أنا الصراحة أنكرت كلامه و قلت له :” ايه .. ااااا اصوات … لالا يا عم عبدوا انا مكنش عندي اي اصوات ولا حاجه “

قال لي : ” لا يا استاذ ادم انا وداني متكدبنيش انا كنت سامع حاجه عندك تحت والله العظيم “

أنا ارتبكت و ظهر علي الارتباك فوجدته يقول لي : “ألا صحيح يا استاذ ادم ايه التكسير اللي على الشباك اللي عندك من بره دا ؟؟؟”

قلت له : “تتتت تكسير … تكسير ايه يا عم عبدو؟؟!!”

قال لي : “اه في على الشباك بتاعك كده زي ما يكون حد كان ماسك شاكوش و بيكسر فيه … انت كنت بتتخانق مع الشباك ولا ايه !!”

قال هذا لي بلهجة ساخرة رددت سريعا : “طططط طب وريني التكسير يا عم عبدو … ها .. بس بسرعه عشان اتأخرت على الشغل .”

قال لي : “يا سلام بس كده تعال تعال بص “

 

سار بي “عم عبدو” حتى نافذتي خارج العمارة و أراني الاثار على نافذتي … شعرت برعب و ادركت ان ما حصل البارحة كان حقيقيا !!..

ذهبت الى عملي وكان يوما صعبا فقد كان تركيزي منصبا على ما حصل البارحه و على الاثار التي اراها لي “عم عبدو” .. و كيف لطفلين ان يحدثا هذه الاثار ؟؟!! .

عدت الى منزلي بعد انتهاء دوامي تحديدا في الساعة العاشرة مساءا و عندما دخلت من باب العمارة .. وقعت عيناني على باب شقتي الذي كان واضحا علي من الخارج اثار كالتي توجد على النافذة .!! اصباتني الدهشة و الرعب في نفس الوقت .. انا اذكر انه لم يكن هناك طرق على باب شقتي اذا هل أتيا و انا في العمل ؟؟ و ماذا يريدان مني ؟؟؟ .

دخلت الى منزلي ببطء بعد ان فتحت الباب و لدهشتي كانت انوار الشقة مطفئة بالكامل رغم إنني اذكر انني تركت نور غرفة المعيشة مضائا !!.

اتخذت طريقي في الظلام الى مفاتيح الضوء حتى وجدتها و اضأت النور .. و كانت الصدمة .

كانا جالسين على اريكتي .. في منزلي .. كيف دخلا ؟؟ انا لم اترك الباب مفتوحا ؟؟

كانا ينظران الي بأعينهما السوداء المرعبة و ارتسمت على وجهيهما ابتسامة مرعبة .

بعد ثواني نهضا من مكانهما و لكن اثناء نهوضهما كان طولهما يزيد!! .. اجل كانا يزدادان طولا .

ليس طولا فقط بل حجما و اخذا في التضخم حتى كادا ان يخترقا السقف و كست ايديهما و اقدامهما شعر كثيف اسود . و أعينهما السوداء ازدادات سوادا .. و اصبح ليدهما مخالب حادة و انياب مسننة جاهزة لنهش لحمي .

أخذا يقتربان مني . انا حينها كنت في أحد اركان الغرفة انتفض من الرعب و منتظرا ان يصلا الي ليستمتعا بتناولي على العشاء .

تاريخ النشر : 2015-02-21

أ.ن

مصر
guest
34 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى