أدب الرعب والعام

أمونه

بقلم : احمد طارق – السودان
للتواصل : [email protected]

أمونه
كان يعود في العصر فيجدها تدرس وحولها القطط والحمام

كان خضر مزارعا بسيطا يعمل باليومية في مزارع العمدة توفت زوجته قبل أكثر من 5 أعوام وتركت له أمونه التي توفت زوجته وهي تلدها فلازمها كلام الناس عن أنها نذير شؤم ونحس طيلة سنين عمرها . ولأن خضر رجل بسيط ومثله مثل أهل القرية امن أن ابنته نحس . رهن أرضه للعمدة بأبخس الاثمان لأن الصغيرة كانت ترقد في المستشفي وتحتاج للمال وعندما عاد إلى القرية لم يستطع أن يدفع ما عليه من دين فأستولي العمدة على أرضه واشتغل أجيرا بها .

كبرت الصغيرة وكان يمقتها , فقد كانت سببا في الكثير من الخسائر له . دخلت المدرسة وأظهرت امونه نبوغا كبيرا وكانت لديها موهبة تربية الحمام والقطط .

وعندما بلغت الرابعة عشر من عمرها فكر والدها بتزويجها بأول من يطرق بابه , لكن من يا ترى يتزوج من الفتاه النحس ؟ ..

 كان يعود في العصر فيجدها تدرس وحولها القطط والحمام كأنهم حراسها , وكان فيهم قطا اسودا يكرهه ويتمنى لو يقتله فهو يعتقد انه نحس , والقط كان ينظر له نظرات مرعبه .

نجحت أمونه في امتحان الشهادة وأحرزت نسبة كبيرة أهلتها لدخول كلية الطب البيطري التي تتمناها , ذهب والدها ليستشير شيخ القرية في أمرها فأمتعض كثيرا واخبره بأن الفتيات مكانهن الطبيعي في البيت , لكن خضر اخبر الشيخ بأنها مصرة على موقفها , قال له سأزوجها بخيت .

وكان بخيت شابا مجنونا درويشا يعمل عند شيخ الحله فلم يوافق , فذهبوا إلى العمدة الذي أمر خضر بأن يزوجها وتحت ضغوط العمدة وشيخ الحله وافق خضر وذهب إلى ابنته واخبرها بما ينوي عليه فهاجت وبكت .. حاول إقناعها لم تقتنع.

رجع للعمدة واخبره بقرار ابنته فامتعض العمدة وأساء إليه واتهمه بأن الفتاه تمشي كلامها عليه وانه ليس رجلا , فغضب خضر واقسم أن يزوجها حتى لو غصبها , حدد مع العمدة موعدا للعقد ورجع إليها ووجدها تبكي وحولها القطط فضربهم ففرو جميعا عدا القط الأسود فقد زمجر في وجهه , فأتي بفأس كبيرة لكي يقتله وهوي على القط بالفأس لكن أمونه حاولت إنقاذه فضربها الفأس في رأسها فوقعت جثة هامدة وهرب القط ولم يره مرة أخرى.

جلس خضر يبكي ويتحسر على ضياع ابنته وبعد قليل سمع صوتا بالخارج فعرف صوت العمدة ومعه شيخ الحله , أراد أن يقوم لكنهم دخلوا عليه فوجدوا الفتاة مقتولة تفاجئوا وسألوه , فحكي لهم , فقالوا له أن الشرطة لن تصدق ما تقوله .. ادفنها في الأرض وراء منزلك وسوف نقول أن ابنتك قد هربت . ولم يكن له خيار أخر , في جنح الظلام حفر الحفرة وحملها في جوال وادخلها القبر وأهال عليها التراب وهو يبكي.

بعد أسبوعين أتى أستاذها إلى البيت ليخبرها أن موعد التقديم للجامعة قد بدأ , فقابله خضر بفتور واضح وقال له أن ابنته قد هربت , لم يصدق ذلك فقد كان يعرف أن والدها يريد تزويجها بالغصب , ذهب إلى قسم الشرطة بالمركز الذي تتبع له القرية واخبرهم بشكوكه وفتح بلاغا وذهبوا إلى خضر في بيته فأخبرهم أن ابنته هربت وانه بريء منها . دخلوا إلى غرفتها فوجدوا القط الأسود الذي كان ينظر إلى خضر بوحشية , فضربه خضر بعصاه وجري خلفه , وفي تلك اللحظة لاحظ الضابط بقعه داكنة وشعر فأخذ منه قليلا وبعض خصلات الشعر وخرج وعند وصوله إلى القسم أرسلها للمعمل الجنائي فأثبتوا أنها دم بشري وخصلات شعر لفتاه في الرابعة عشر من عمرها .

تم إلقاء القبض على خضر فأصر على أقواله , لكن الضابط لم ييأس وأرسل إلى الأستاذ , وقد كان محبطا , وقال له أنهم بدون جثه لن يتمكنوا من إدانة خضر وستقفل القضية .

عادوا للقرية واستجوبوا بعض أهلها الذين أكدوا أنها هربت , فقد كانوا يكرهونها لمتلازمة النحس القديمة وخروجها عن طوع والدها والعمدة وشيخ القرية .

وعندما كان الضابط يستجوب الناس كان يلمح القط يحوم حوله وينظر إليه ثم يجري باتجاه منزل خضر وكأنه يريد أن يقول له شيئا , ولما كان الضابط يريد أن يستجوب خضر للمرة الأخيرة وفي طريقه كان يمشي القط بمحاذاته وعندما هم بدخول البيت وقف القط ينظر له ومشي قليلا ثم نظر إليه ففهم أن القط يريده أن يتبعه , فمشي القط ومشي الضابط خلفه إلى وراء المنزل فوجد مكانا يحوم حوله الحمام وعندما وصل وجد أنها حفرة حديثة مدفونة ووقف القط في منتصفها وعرف انه قريب من حل اللغز.

استدعى الضابط الجنود وأمر احدهم بإحضار خضر , وعندما أتى خضر وجد الضابط واقفا أمام قبر ابنته والقط الأسود يقف في القبر وكالعادة ينظر له تلك النظرات الغاضبة .  

قال له الضابط : هل تعترف أم نحفر الحفرة ؟ ..

هنا انهار خضر باكيا واعترف بجرمه وسيحاكم وقد يعدم .. لكن المجرمين الحقيقيين لن تتم محاكمتهم.

ما رأيك أنت عزيزي القارئ .. من المذنب في مقتل أمونة ؟

 

** مقتبسه من قصة القط الاسود لادغار الان بو

تاريخ النشر : 2015-04-13

احمد طارق

السودان
guest
43 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى