ما أن تُروى قصص الأشباح حتى تشخص الأبصار و تصطك الأسنان و ترتعد فرائص السامعين ، فقد أعتاد الناس على سماع قصص الأشباح الشريرة التي تعود للانتقام و تنشر الهلع في القلوب ، فكم من مباني و طرق صارت مهجورة بسبب الظهور المتكرر للأشباح فيها !.
و في هذا المقال سوف أحاول تغيير هذه النظرة السيئة عن الأشباح ، فليس كل الأشباح أشرار فهناك أشباح طيبة تحاول مساعدة البشر مثل كاسبر ذلك الشبح اللطيف الذي يساعد الناس كما تم تصويره في الفلم الكرتوني الكوميدي .
في أحد ممرات المستشفى سارت الممرضة دورثي و هي تنظر عن يمينها و يسارها لتتفقد المرضى المرقدين في الغرف الموزعة على جانبي الممر و قد بدا عليها الارتباك فهي لا زالت ممرضة تحت التدريب و هذا أول يوم لها في المستشفى ، و ما زاد الطين بلة أن كثير من أفراد الطاقم الطبي قد أخذوا إجازة للاحتفال بعيد رأس السنة و تركوها وحدها في الطابق العلوي ،
|
رأت أمرأة نحيلة الجسد ترتدي زي التمريض الأبيض |
كان على دورثي أن تنفذ أوامر مشرفة التمريض بحذافيرها ، و لهذا قررت أن تتفقد المرضى في الغرف بالترتيب حتى لا تنسى أحداً منهم ، فدخلت الغرفة رقم واحد و رأت أن حالة المريض مستقرة فغادرت الغرفة ، و قبل أن تفتح باب الغرفة الثانية رأت أمرأة نحيلة الجسد ترتدي زي التمريض الأبيض و لكن بقبعة غريبة الطراز و قد أشارت بيدها إلى نهاية الممر و قالت لها : هناك مريض يعاني في الغرفة رقم 8 ، و بسرعة انطلقت الممرضة إلى تلك الغرفة لتجد المريض كان على وشك السقوط من على السرير ، فعدّلت وضعية السرير و خرجت مسرعة لتفقد بقية الغرف ، و في الغرفة رقم 6 كان مؤشر الأكسجين منخفض جداً و قد بدأت شفتان المريض بالإزرقاق ، و هي علامة على الاختناق ،
أصيبت دورثي بالارتباك فهي لا تعلم كيفية التعامل مع جهاز التنفس ، و حياة المريض على المحك و من الصعب عليها إبلاغ مشرفة التمريض التي يقع مكتبها في الطابق الأرضي ، و فجأة شعرت دورثي بيد باردة تربت على كتفها و ألتفتت بسرعة لتجد تلك الممرضة الغريبة تقف خلفها و هي تبتسم و تشير بيدها إلى أحد الأنابيب التي كانت قد انفصلت عن الجهاز ، و بسرعة قامت دورثي بإعادته إلى مكانه ، فعاد الجهاز للعمل من جديد ، شعرت دورثي بالارتياح و نظرت للخلف لتشكر الممرضة على مساعدتها و لكنها لم تجدها ، شعرت دورثي بالغرابة من تصرفات تلك الممرضة فقد دخلت و خرجت من الغرفة دون أن تشعر بها !.
|
ساعدتها الممرضة في اصلاح جهاز التنفس |
في الصباح جمعت دورثي أغراضها استعداداً لمغادرة المستشفى بعد ليلة طويلة و لمرهقة ، و قبل مغادرتها المستشفى قررت دورثي المرور بمكتب مشرفة التمريض لتشكرها على مساعدتها في العمل الليلة الماضية ، و لكن المشرفة أكدت لها أنها لم ترها منذ الأمس ، شعرت دورثي بالدهشة و جالت ببصرها في الغرفة حتى وقعت عينيها على صورة قديمة معلقة في إحدى الزوايا ، و عندما سألت المشرفة عن هوية المرأة التي بالصورة ؟ وقفت المشرفة و اتجهت إلى الجدار مشيرةً إلى الصورة و قالت : إنها مشرفة التمريض السابقة مارثا – رحمها الله – لقد كانت تعمل هنا قبل ثلاثين عام و عاشت وحيدة و لم تتزوج و قضت معظم أوقاتها في المستشفى لرعاية المرضى ، و لكن لماذا تسألين عنها ؟ و بنبرة يشوبها القلق أجابت دورثي : إنها هي ، إنها نفس المرأة التي ساعدتي أثناء نوبتي بالأمس !.
|
تفاجأت دورثي برؤية صورة نفس الممرضة التي ساعدتها في المكتب |
ابتسمت المشرفة بينما كانت ترتب بعض الملفات على مكتبها و قالت : لست أول من يراها فهناك الكثير من الممرضات اللواتي رأينها و قد قدمت لهن المساعدة ، يا لها من ممرضة مخلصة لعملها ! فحتى بعد وفاتها لا زال شبحها يقدم الخدمات الطبية للمحتاجين .
و رأيي ككاتب للمقال ، في الحقيقة بحثت كثيراً عن أصل أسطورة شبح الممرضة فوجدت أنها تلك الأسطورة منتشرة في عموم الولايات المتحدة الأمريكية و لكن من دون تحديد مستشفى معين أو زمن محدد لتلك القصة ، و هذا في الحقيقة يرجح كفة المشككين بهذه الأسطورة ، و هي أسطورة أخرى تختلف عن أسطورة لا بلانشدا الممرضة الشبح ، لقد بدأت مقالي بهذه القصة كنوع من الأسلوب القصصي البسيط و لكن أعدك عزيزي القارئ أن القصص القادمة قد تم توثيقها في أكثر من مصدر.
شبح منزل القصر في قرية كولد أشتون :
حل الظلام سريعاً على القرية مخفياً معالم الطريق ، متسبباً في وقوع سائق السيارة في حيرة من أمره فهذا أول مرة يزور بها هذا المكان ، شعرت السيدة التي كانت معه بالتوتر بعد أن علمت أن سائق السيارة الذي استأجرته قد أضاع الطريق ، ظل السائق يقود السيارة لعله يصل إلى وجهته و لكن دون جدوى فقد كان يصل إلى نفس المكان في كل مرة حتى شارف وقود السيارة على النفاذ ، و نفذ معه صبر السيدة التي انهالت عليه بالشتائم كونه تسبب بضياعها ،
و خلال المشاجرة لأحظت السيدة أنواراً مشتعلة تنبعث من أحد المنازل الحجرية الممتدة على جانبي الطريق و أمرت السائق بالتوقف لعلها تجد من يدلها على الطريق الصحيح ، و بالفعل قرعت السيدة الباب و فتح لها الباب رجل عجوز يبدو السبعينات من العمر و يرتدي ملابس قديمة الطراز و لكنها أنيق ، فسألته عن الطريق إلى المدينة ؟ فابتسم و أرشدها إلى الجهة الصحيحة ، فشكرته و نزعت خاتم من أصبعها و أعطته له تعبيراً عن امتنانها لمساعدته لها ، و عاد الرجل إلى المنزل و أغلق الباب ، و عند وصولها إلى المدينة تحدثت السيدة لأصدقائها عن مغامرتها مع ذلك السائق الغبي و كيف أنهما ضلا الطريق و ساعدهما الرجل الغريب المقيم في منزل القصر القديم ، و هنا أندهش الجميع مما قالته ، فمنزل القصر مهجور منذ زمن طويل و لا يوجد به أحد ! لم تصدق السيدة ما سمعته و أصرت أن تعود إلى ذلك المكان في اليوم التالي ،
|
ارشدها الرجل المسن الى الطريق الصحيح ثم عاد الى المنزل |
و بالفعل أمام نفس المنزل وقف الجميع ساخراً من تلك السيدة التي وقفت مذهولة من ذلك المنظر ، فالمنزل يبدو مهجور و الباب الذي خرج منه ذلك الرجل بالأمس رأته مغلق بالقيود و الأقفال المهترئة من الصدئ و قبل أن تغادر المكان لفت نظرها بريق شيء ما يلمع على عتبة الباب و عندما اقتربت منه وجدت نفس الخاتم الذي أهدته للرجل ، فمن ذلك الرجل و ما قصته ؟.
دارت أحداث قصتنا في قرية كولد أشتون الواقعة جنوب مدينة جلوسترشير ، و هي مقاطعة إنجليزية تقع في جنوب غرب إنجلترا ، و قد بُني مانور هاوس أو كما يُطلق عليه منزل القصر عام 1570 م بناءً على طلب عمدة بريستول السيد ويليام بيبوال ، و تم بناء المنزل من الأحجار بشكل مترابط مع بقية المباني المجاورة ، يتكون المنزل من عدة طوابق و تحيط به حديقة واسعة مُحاطة بسياج حديدي يتوسطه باب خشبي مُطّعم بالحديد ،
|
مانور هاوس أو كما يُطلق عليه منزل القصر |
و كان في السابق مقراً للبلدية و يعمل به العشرات من الموظفين ، و لكنه صار مهجور منذ نقل مقر البلدية إلى مكان أخر ، و خلال ثلاثينيات القرن العشرين سجلت مشاهدات عديدة لذلك الشبح الذي يخرج من منزل القصر ليدل التائهين على الطريق الصحيح ، و لا أحد يعلم عن قصته بالتفصيل ، و لكن من المؤكد أنه كان يعمل في ذلك المنزل و ظل شبحه يرشد الناس التائهين .
الشبح الرمادي لجزيرة باوليس :
مع تطور العلم و التكنلوجيا تمكن علماء الأرصاد الجوية من التنبؤ بهطول الأمطار و هبوب العواصف و الأعاصير قبل حدوثها بفترة كافية لتحذير سكان المدن و أخذ الاحتياطات اللازمة ، و قبل اختراع هذه الأجهزة كان القدماء يعتمدون على رؤيتهم لحركة السحاب بالسماء أو نباح الكلب و هيجان الحيوانات ، و لكن سكان جزيرة باوليس كانت لهم طريقة غريبة جداً بالتنبؤ بالأعاصير ، و ذلك بالاعتماد على ظهور الشبح الرمادي .
|
شبح جزيرة باوليس الرمادي يظهر قبل هبوب الرياح و الأعاصير المدمرة |
تقع جزيرة باوليس ضمن ولاية كارولاينا الجنوبية ، و خلال العقود الماضية أعتمد سكان الجزيرة على ظهور الشبح الرمادي كونه نذير شؤم يُنبئ بقدوم عاصفة أو إعصار عنيف ، حيث تحدث عدد كبير من سكان الجزيرة عن رؤيتهم لشبح رمادي اللون مبهم المعالم ، يرتدي معطف طويل يشبه رداء القراصنة يظهر من خلال الكثبان الرملية في الشاطئ و يصرخ بالناس ” الرياح قادمة ، أصوات الرعد ، أنجو بحياتكم ” و بالفعل تحدث الكارثة بعد ظهوره ، و لهذا أصبحت الناس تهرب بمجرد رؤيته ، و كان أول ظهور له عام 1822 م و بعدها ضرب الإعصار الجزيرة و توالت مشاهداته في الأعوام 1893 – 1916 – 1922 – 1940 – 1954 – و قبل إعصار هوجو عام 1989 م ، و كان أخر ظهور لذلك الشبح عام 2018 م عندما شاهده زوجان مسنان كانا يسيران على الشاطئ و عندما رأه الرجل أمسك بيد زوجته و عاد بها مسرعاً إلى منزله ، و قد نجا المسنان من إعصار فلورنسا ، فما هو أصل أسطورة الشبح الرمادي ؟.
|
صورة تم التقاطها لما يعتقد أنه الشبح الرمادي اثناء هبوب العاصفة |
تعددت الأقاويل حول أصل ذلك الشبح ، فمنهم من يعتقد أنه يعود إلى الأب بيرسيفال باولي الذي كان أول من سكان الجزيرة و سُميت بعد ذلك باسمه ، و قد كان شخصاً لطيفاً و محبوب بين الناس و يُرجّح أن شبحه يظهر للناس محذراً من قدوم الأعاصير .
و هناك من يرجح قصة حبيب تشارلستون لما تحمله من رومنسية ممزوجة بالحزن ، تقول القصة ، أنه في منتصف القرن الثامن عشر نشأت علاقة حب بين فتاة تُدعى بيلا و أبن عمها الذي يسكن في جزيرة تشارلستون ، و لكن أهلها رفضوا فكرة الزواج بسبب فقره المدقع ، مما دفع الشاب إلى السفر إلى فرنسا لعله يجمع ثروة تمكنه من الزواج من حبيبته ، و خلال فترة غيابه يصل خبر مقتله خلال مبارزة بالسيوف إلى حبيبته بيلا التي تنهار و يصيبها الحزن العميق على فقدان حبيبها ،
و بعدها حاول أحد شباب الأثرياء التقرب منها و استطاع أن ينسيها حزنها و تزوجها بعد ذلك ، و في عام 1778 م قرر زوج بيلا الالتحاق بالثورة الأمريكية و غادر الجزيرة للمشاركة بالقتال تاركاً زوجته بيلا وحيدة ، و في إحدى الليالي العاصفة و المظلمة رأى أحد الخدم شيء ما تتقاذفه الأمواج ، و بخطوات مترددة تقدم الخادم و هو يلوح بمصباح الزيت الذي يحمله ليتبين له من خلال ضوء المصباح أن ذلك الشيء ما هو إلا جثة ، و على الفور قام بجرها إلى الشاطئ ليكتشف أن الرجل الغريق لا زال يتنفس ، و عندما استفاق الرجل ساعده الخادم على النهوض و عرض عليه نقله للعلاج في منزل سيدته التي تركها زوجها و ذهب للقتال ، و عندما فتحت لهما الباب تعرفت بيلا على حبيبها و أُغمي عليها ، أما هو فقد غادر المنزل منكسر القلب ، و قيل أنه توفي بالحمى بعد ذلك ، و في أحد الأيام و بينما كانت بيلا تتجول على شاطئ الجزيرة رأت شبح حبيبها و أخبرها بقدوم عاصفة شديدة ثم أختفى ، و بهذا يكون قد أنقذ حياتها ، و منذ ذلك الوقت و الشبح الرمادي يهيم على شواطئ جزيرة باوليس منذراً السكان من قدوم الأعاصير .
شبح السيدة الزرقاء في مطعم ماوس بيش :
أعتاد زوار مطعم موس بيش على الجلوس بالقرب من نوافذه للاستمتاع بمنظر و رائحة البحر إضافة إلى مذاق الطعام الشهي ، و في إحدى الليالي قرر زوجان قضاء سهرتهما في ذلك المطعم و قد اصطحبا طفلهما الصغير معهما ، و هناك جلس الزوجان على إحدى الطاولات منتظران النادل لطلب ما لذ و طاب من قائمة الطعام ، و بينما انشغلا باختيار أنواع الطعام تسلل طفلهما هارباً و ذهب للعب بالقرب من شرفة المطعم ، و عندما هم الزوجان بتناول الطعام أنتبها إلى فقدان طفلهما ، و فيما كانت الأم تندب حظها قام زوجها ليجول بنظره في أرجاء المطعم ليرى طفله راكضاً نحوه و هو يبكي ، تلقفته الأم بلهفه موبخةً إياه على ذهبه دون أن يستأذن ، و عندما سألته عن سبب بكاءه ؟ أجاب أنه كان يلعب بالقرب من الشرفة و فجأة ظهرت أمامه أمرأة شاحبة اللون ترتدي فستان أزرق و قد أمرته بالعودة من حيث أتى و ألا يعود إلى هنا مجدداً ، قامت الأم بحمل الطفل و وضعه على أحد الكراسي و أنهمك الجميع بتناول الطعام و لم يهتم أحد بحديث الطفل ،
|
مطعم موس بيش يقع جرف صخري يطل على المحيط الهادي |
في الحقيقة شهد مطعم موس بيش العديد من المشاهدات لشبح أمرأة ترتدي فستان أزرق حتى صار يُطلق عليه مطعم شبح الفتاة الزرقاء ، و أغلب من راها كانوا أطفالاً يلعبون بالقرب من الشرفة و كأن ذلك الشبح يحمي الأطفال من السقوط من على ذلك الجرف الشاهق ، أما العُمال في المطعم فقد تحدث الكثير عن بعض الظواهر الغامضة مثل اختفاء بعض الأغراض و ظهورها في أماكن مختلفة و فتح و إغلاق الأبواب من تلقاء نفسها ، فما قصة هذا المطعم و من هي تلك الفتاة الزرقاء ؟.
لم يكن موس بيش مطعماً بالأساس ، فقد تم بناءه عام 1927م على يد فرانك توريس ليكون نادي لشرب الكحول خلال فترة الحظر الأمريكية 1 ، و قد أستغل فرانك الموقع الاستراتيجي للنادي لتهريب المشروبات الكحولية القادمة بحراً من السفن الكندية ثم نقلها إلى سان فرانسيسكو ، فهذا النادي يقع على منحدر يطلع على المحيط الهادي شمال ولاية كاليفورنيا ، و هناك كان يجتمع نخبة من مشاهير الوسط الفني و الإعلامي حيث تُقام السهرات لشرب المشروبات الكحولية ، و في عام 1933 م تم تحويل النادي إلى مطعم بعد إلغاء قانون حظر الكحول .
و يعود أصل شبح الفتاة الزرقاء إلى ما قبل سبعين عام عندما وقعت ماري إلين في غرام شاب يُدعى جون كونتينا و كان عازف بيانو في ذلك المطعم ، و قد كانت تلتقي به كل ليلة أو كلما سنحت لها الفرصة بالهرب من المنزل بعد أن ينام زوجها و طفلها ، نعم ، لقد كانت ماري متزوجة و قد خانت زوجها ، و في إحدى الليالي التي حجبت فيها الغيوم ضوء القمر ألتقى الحبيبان على مقربة من المطعم ، و كان ثالثهم شخص غامض يتربص بهما ،
|
شبح الفتاة الزرقاء تظهر بين الحين و الأخر في مطعم موس بيش |
و على حين غرة تعرضت ماري لطعنة قاتلة فانتفض جون محاولاً الدفاع عن حبيبته و تصارع الرجلان حتى وصلا إلى حافة الجرف ، و بحركة ماكرة استطاع ذلك الغريب رمي جون إلى أسفل الجرف ، و في الصباح صُدم زوار المطعم بهذه الجريمة المروعة لجثة ماري غارقة في الدماء و جثة جون التي لفظتها الأمواج على شاطئ مقاطعة سان ماتيو القريب من المطعم ، حامت الشكوك حول ذلك الزوج الغيور الذي ربما قتل العاشقين بعد أن اكتشف خيانة زوجته له ، لكن لم تتمكن الشرطة من أثبات التهمة عليه .
و منذ لك الوقت و شبح الفتاة الزرقاء يحوم حول المطعم و يُقال أنها تنقذ الأطفال من الوقوع من على الجرف ربما لأنها كانت أم في يوم من الأيام ، و في عام 2009 م قام فريق ghost hunters المختص في مطاردة الأشباح و الظواهر الطبيعية و قد أكتشف الفريق معدات مخفية في المطعم ربما تكون جزء من خدعة بصرية لظهور شبح الفتاة الزرقاء ، لكسب المزيد من الزوار الفضوليين إلى المطعم ، و مع هذا تظل أسطورة شبح الفتاة الزرقاء قديمة قبل أن تُصنع تلك الأجهزة البصرية و ربما تم إضافتها لاحقاً لتضخيم تلك الأسطورة.
شبح الأم الحنونة التي أنقذت طفلتها بعد وفاتها :
دارت أحدث هذه القصة في مدينة سبانيش فورك في ولاية يوتا غرب الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 7 مارس عام 2015م .
في صباح ذا طقس شتوي بارد ، كان ضابط الشرطة تايلر بيدوس منشغلاً بتنظيف زجاج سيارة الشرطة من الثلوج المتراكمة عليها بينما كان منتظراً لرفاقه الثلاثة الذين ذهبوا لجلب الطعام من أحد المطاعم القريبة ، و عندما رآهم مقبلين نحوه هم بالدخول إلى السيارة و قام بتشغيل محركها استعداداً للقيام بجولة تفقدية حول المدينة برفقتهم ، و مع حلول الساعة الثانية عشر ظهراً تلقى الضابط بيدوس إخبارية عبر مذياع الشرطة تخبره عن حادث غرق سيارة في أحد الأنهار المتجمدة منذ المساء ، و على الفور أنطلق بالسيارة إلى مكان الحادث ،
|
صورة لموقع الحادث و السيارة المحطمة تحت الجسر أثناء سحبها بالرافعة |
و هناك شعر الجميع بالصدمة ، فالسيارة كانت قد انحرفت عن مسارها على الجسر و سقطت بالنهر المتجمد و قد انقلبت رأساً على عقب ، في حادث مأساوي شنيع لا يمكن لأحد النجاة منه ، لهذا قرر بيدوس الاتصال لطلب رافعة لسحب السيارة من النهر ، و بينما وقف الضباط الأربعة على الجسر انتظاراً لقدوم المساعدة ، سمع أحدهم نداء استغاثة لصوت إمرأة تطلب المساعدة ، و عندما سأل رفاقه عن الصوت ؟ أجابوه بالنفي ، و لكن الصوت عاد مجدداً بشكل أعلى من السابق ” النجدة ، النجدة ، نحن هنا ” تفاجئ الجميع عند سماعهم للصوت فكيف ينجو أحد من ذلك الحادث و في هذا البرد القارص ! استجمع رجال الشرطة الأربعة عزيمتهم و قرروا النزول إلى النهر المتجمد لتفقد السيارة ، لم تكن عملية الإنقاذ سهلة فدرجة الحرارة كانت ما دون الصفر و قد بلغ مستوى الماء إلى نحورهم ، و مع هذا فقد حاولوا فتح باب السيارة ليجدوا جثة غارقة بالمياه تعود لأمرأة تُدعى جينفر جروزبيك و قد توفيت متأثرة بجراحها بسبب الحادث ،
|
صورة للام المتوفية جينفر جروزبيك و طفلتها ليلي و قد كانت متعلقة بطفلتها جداً |
و بسرعة أتجه الجميع إلى الأبواب الخلفية لإنقاذ الأخرين ، و هناك وجدوا طفلة صغيرة تُدعى ليلي و تبلغ من العمر عام و نصف و هي مثبتة بحزام الأمان على الكرسي ، و بالرغم من فقدانها للوعي إلا أن المياه لم تصل إليها و لا زالت تتنفس بصعوبة ، شعر بيدوس بالدهشة فالأم ماتت على الفور و لا يوجد بحطام السيارة غير هذه الطفلة ، فمن تلك السيدة التي كانت تطلب المساعدة ؟
|
الضابط بيدوس و رفاقه أثناء عملية انقاذ الطفلة ليلي |
ثم حملها بذراعيه و أخرجها إلى الطريق حيث قام فريق الإنقاذ بتقديم الإسعافات الأولية و الإنعاش القلبي الرئوي ، و استطاعت ليلي مغادرة مستشفى سولت ليك في اليوم التالي و هي برفقه عمتها ، و قد تم تكريم بيدوس و رفاقه على عملهم البطولي.
|
تم تكريم الضابط بيدوس و رفاقه على عملهم البطولي |
هذه الحادثة غيّرت حياة تايلر بيدوس الذي كان شخص غير متدين و لا يؤمن بالعالم الأخر ، و قد صرّح تايلر في إحدى المقابلات التلفزيونية ” في الحقيقة أنا لم أنقذ الطفلة بل هي التي أنقذتني و جعلتني شخص مؤمن بعد أن كدت أفقد إيماني ،
|
لقد تغيرت حياه الضابط تايلر بيدوس بعد هذه الحادثة و صار أكثر ايماناً |
يبدو أن شبح والدتها ظل يحوم حول المكان لكي يدلنا على مكان الطفلة لإنقاذها ” و يبدو أن حنان الأم لا ينقطع بعد الوفاة بل إنه يستمر حتى بعد انتقال الأم إلى العالم الأخر .
الهوامش :
1- فترة الحظر الأمريكية : شرع مجلس الشيوخ الأمريكي قانون دستوري يحظر إنتاج و استيراد و بيع المشروبات الكحولية خلال الفترة من عام 1920-1933م.
المصادر :