أشهر أحداث القرن العشرين -4-: كارثة قطار 8017

خلال الحرب العالمية الثانية ، قد يمرُّ معكَ الكثير من الأحداث البعيدة عن المنطق ..كما أحداث تعتبر كارثة ستُسجل ضمن العصور القادمة بأنها أسوء كارثة بين كوارث السكك الحديدية . و في قمة القائمة كان القطار ذو الرقم 8017 متصدراً وبجدارة ، فماذا حدث ؟ و خصوصاً أن الكارثة لا علاقة لها بالحرب أساساً .
ما هو قطار 8017؟
كان يدعى ( قطار السوق السوداء السريع ) و يربط بين مدينتي ( نابولي و بوتينزا ) . و كان ينقل في مساء كل خميس ٥٢٠ مسافراً من تجار السوق السوداء الذين يحملون معهم اللحم و التبغ و الحبوب و الخضار و الزيت . كانت ( نابولي ) في العام ١٩٤٤ محتلة من قبل الحلفاء . و بالرغم من صدور قرار بمنع السوق السوداء .. إلا أن الحكومة العسكرية التابعة للحلفاء كانت تعلم بأنها إن منعت هذا القطار ، فلا حل لإطعام مليون نسمة في نابولي .

كما المعتاد ، وفي ليلة الثاني من شهر مارس ١٩٤٤ .. غادر القطار 8017 مدينة نابولي و علي متنه ٥٢١ مسافراً و ستة عمال للسكك الحديدية . وكان القطار يتكون من : ٤٢ مقطورة ، وقاطرتان على البخار ، ٤ حافلات ، قاطرة شخصية . وفي عادة الرحلات السابقة ، كان يتم استخدام قاطرتين فقط بشكل دائم ، لأن الوزن الإجمالي لم يتجاوز قط ال ٥٠٠ طن .
ليلةٌ صديقة القدر
لكن تلك الليلة كان على موعد مع قدر سيقود هذا القطار إلى الهلاك ، فهناك طُلاب أنهوا دراستهم و قرروا العودة مع أمتعتهم على نفس القطار . وهذا يعني ١١ طن زيادة على الوزن المعتاد . إن قطار 8017 كان بإمكانه جر هذا الوزن فيما لو كانت بعض أجزاء السكة الحديدية بين ( نابولي – بوتينزا ) ذات خط مستقيم وليست صعوداً .. و لم تتشكل عليها طبقة جليدية بسبب الشتاء القارس . لهذه الأسباب كان يجب على القطار المرور بأقصى سرعة ممكنة .
إقرأ أيضا: بوابات الزمن : حادثة الطائرة 513 سانتياغو
في بداية الرحلة تمنى رئيس محطة ( بالفانو ) الواقعة ضمن سلسلة جبال ( آبينيز ) التوفيق للمسافرين .. وألقى ببعض التعليمات لمساعده ( جيوسيب سالونيا ) ، وبعد ساعة من الوقت تذكر جوسيب بأنه لم يتلق الرسالة الممغنطة فيما يتعلق بوصول ال8017 الى محطة ( بيلا مورو ) و التي تبعد ٦ كم . ليعلن فيما بعد بأن الخط الوحيد خالي الانشغالات . وأخذ سالونيا عاماً من أحد موظفي ( بيلا مورو ) بإن ال8017 سيتأخر لمدة ساعتين ، لذلك قرر سالونيا إبقاء أحد القطارات متوقفاً في محطة ( بالفانو ) . وقد قرر في الصباح باستخدام قاطرة منفردة للتحقق من سير الخط الحديدي بنفسه ، لذلك أمر رئيس الميكانيكيين ( جيفالي ) بأن يعبأ كمية كبيرة من الفحم لأنه سيكون بحاجة إليها .

كان طبيعياً
اجتاز قطار 8017 منحدر النفق الأول بكل سهولة ، اجتاز النفق الثاني أيضاً ، و تابع سيره حتى قنطرة صغيرة يبلغ طولها عشرون متراً . و دخل في نفق على شكل حرف ( S ) يبلغ طوله حوالي الثلاثة كيلومترات .. و من هنا لم يعلم أحد ماذا حدث بالضبط ، هل توقف القطار انصياعاً لإشارة ما ؟ هذا ما كان يحدث غالباً ، هل تزحلق على الجليد ؟ سيء الحظ المسؤول عن الفرملة ( ميكائيل بالو ) حاول معرفة السبب و ليته لم يفعل .
إقرأ أيضا: أشهر أحداث القرن العشرين -1-: مأساة باخرة مورو كاستل
خلال دقائق علم ( بالو ) ما حدث ، و بدأ بالركض باتجاه ( بالفانو ) و التي تبعد أقل من ٣ كم ، عسى أن ينقذ ما يمكن إنقاذه . وقدر لنفسه وقت الوصول بحوالي الساعة ، و لكن سباقه الطويل استغرق أكثر من ذلك ، و عند رؤيته لمحطة ( بالفانو ) و في نفس اللحظة التي كان ( سالونيا ) يسعد الي قاطرته . رفع ( بالو ) منديله الأحمر و هو يصرخ : في أعلى الخط في أعلى الخط ) ، ( سالونيا ) استغرب كلام ( بالو ) ، فهو لم يسمع أي صوت ناتج عن اصطدام أو خروج لقطار خارج المسار ، فماذا حدث ؟
لم يكن هناك أثر لاصطدام . كان كل شيء طبيعياً سوى أن الصمت كان ملك المكان ، كل شيء في مكانه ، القطار والركاب وعمال القطار ، الجميع ، كانوا نائمين . وعندما صعد سالونيا للتأكد من صحة الركاب ، كان الجميع موتى ، الجميع في أماكنهم دون حراك وبوضعية جلوس طبيعية ، فقط أموات .
ماذا حدث مع القطار 8017؟
حرر سالونيا الفرامل و سحب قطار 8017 الى محطة بالفانو مع أمواته الهادئين ، و هناك بدأت الشرطة بالتحقيق ، وكانت النتيجة ٥٢١ شخصاً قضوا نحبهم معاً في أغرب حادثة للسكك الحديدية . وأصبح لغز ال8017 يقض مضجع الشرطة الإيطالية ، و لمعرفة الأحداث كان على الشرطة العودة بالزمن للوراء لمعرفة السبب.


هدوء الموت
قطار 8017 لم يذهب بعيدا داخل النفق ، و بدأت عجلاته بالتزحلق على السكة الحديدية بقوة .. ولمحاولة صعود المنحدر ، انتزع ( جيغلياني ) موقدي القاطرتين ، و لكن العجلات التي فقدت كل التصاق بالخط الحديدي بدأت بالدوران بمكانها دون التقدم . وبينما كانت المواقد تلتهم الكميات الضخمة من الفحم ، لم يدرك أحد بأنهم ينتجون غاز الكربون القاتل الذي انتشر بكل سهولة في أرجاء القطار قاتلا جميع من كان على متنه . و بسبب الحظر المفروض على الصحف ، بسبب الحرب ، لم ينشر هذا الحادث رسمياً إلا من خلال فقرة صغيرة في صحيفة محلية ، واعتبر هذا الحادث (( حادث حرب )) .