ألغاز جرائم حيرت المحققين – 1 – : جرائم قتل فأس فيليسكا

تعد جرائم قتل فأس فيليسكا إحدى أكثر القضايا ضبابية وغموضا في القرن العشرين . ورغم المحاولات الحثيثة بل والمهووسة أحيانا لإيجاد حل لها . إلا أنها ستبقى تحديا يواجه كبار وأعتى المحققين ، ويُحفظ في سجلات الولايات المتحدة الأمريكية كأعظم لغز واجهته في تاريخها .
صباح الجريمة
صباح العاشر من يونيو لعام 1912 ، وبينما الشمس تأخذ مكانها في الأفق ، كانت السيدة ماري بيكهام تستّهل يومها بالأعمال المنزلية المعتادة عندما لاحظت وعلى غير العادة الهدوء الذي يلف منزل جيرانها عائلة مور . شيء من الفضول تسلل إليها فقررت الذهاب لتفقدهم .

طرقت الباب مرارا وتكرارا لكن ما من مجيب . ولاحظت أيضا أن الحيوانات في الحظيرة لازالت في أقفاصها فسارعت لإطلاقها . انتابها القلق أيضا للوضع غير المعهود في المنزل فأسرعت لاستدعاء السيد روس مور شقيق رب العائلة يوشيا .
أتى الرجل ودق الباب والنوافذ وصرخ ونادى بأسماء جميع أفراد العائلة ، لكن دون جدوى . ومن حسن حظه أو – ربما لسوءه – كان يملك مفتاحا احتياطيا .. فتح به الباب ودلف إلى المنزل فيما انتظرته السيدة بيكهام على الشرفة . وياليته لم يفعل إذ بمجرد نزوله لغرفة الضيوف بالطابق السفلي لاحظ أن تحت غطاء السرير شخصين راقدين . وكانت الدماء منتشرة في كل مكان .
إقرأ أيضا : جرائم غامضة مجهولة الجاني
متمالكا نفسه ما استطاع وبكل حذر ابتعد عن مسرح الجريمة . ثم صاح بالسيدة بيكهام أن تستدعي المارشال هنري هورتون على الفور لأن أمرا فظيعا قد حصل . وحين وصل المارشال وجاب المنزل رأى مناظر تخرس الألسن . لقد وجد أن عائلة مور بأكملها إضافة لطفلتين ضيفتين لقوا مصرعهم بطريقة بشعة ووحشية .
آل مور
في مدينة آيوا بالغرب الأوسط من أمريكا ، وفي بلدة فيليسكا المسالمة و المزدهرة . حيث انتشرت فيها العديد من المنشآت والشركات والأعمال ، عاش آل مور . وهي عائلة مكونة من ستة أفراد ، الأب رجل الأعمال المحلي يوشيا مور (43 عاما) و زوجته سارة مونتمغري(39 عاما) ، وأولاده الأربعة هيرمان (11 عاما) ، وماري (10 سنوات) وآرثر (7 سنوات) و بول (5 سنوات) . تزوج يوشيا وسارة عام 1899 ، وعاشا معا لمدة 13 سنة حتى تاريخ مقتلهما .

اشترت العائلة منزلها في فيليسكا عام 1903، وكانت عائلة معروفة و ذات صيت محترم ، كما أنها محبوبة بين أفراد البلدة . لهم كلمة مسموعة فيها ويشاركون ويشرفون على العديد من المناسبات والتجمعات .
ليلة الجريمة وبالضبط في التاسع من يونيو أقيمت داخل الكنيسة فعاليات يوم الطفل ، وهي حدث سنوي اعتادت البلدة الاحتفال به . ليشارك به الطلاب ويلقوا خطابات عن هذا اليوم . ليلتها كان الحفل بإشراف السيدة سارة مور .
عند انتهائه حوالي الساعة التاسعة والنصف ، دعت الفتاة ماري كاثرين صديقتيها إينا ولينا ستيلينجر لقضاء الليلة معها في المنزل . فما كان من سارة مور إلا أن اتصلت بعائلة الفتاة لأخذ الإذن . فردت عليها الأخت الكبرى قائلة أن والديها ليسا في البيت ولا مشكلة عندها في أن تبيت الفتاتان لديهم . قرار ندمت عليه الفتاة لاحقا حتى الآخر من عمرها .

لم يعلم أحد ممن عرفوا العائلة أنها تلك الليلة الأخيرة التي سيرونهم فيها مع طفلتي آل ستيلينجر . فبعد عودتهم عم السكون في المنزل . ولم ير أحد آل مور حتى الصباح التالي أين وجدت جثثهم مع زائرتيهم في مقر إقامتهم .
إقرأ أيضا : أحاجي الفراعنة :جرائم غامضة وألغاز مظلمة
التحقيقات في جرائم قتل فأس فيليسكا
لدى معاينة مسرح الجريمة والتحقيق وفحوص الأطباء خلصت معطيات التقرير إلى أن الجميع قتلوا بفأس كان يملكه السيد يوشيا . وطبقا للأدلة فإن آثار القاتل أو القتلة كانت موجودة بالعلية (بقايا سجائر اختلف لاحقا بوجودها) مكان انتظارهم . كان الباب مغلقا من الداخل والنوافذ أيضا . وهو ما أثار حيرة المحققين .
تم العثور على جميع الضحايا في أسرتهم ، ورؤوسهم مغطاة بملاءات السرير . وجميع جماجمهم تعرضت للضرب من 20 إلى 30 مرة بنهاية حادة لفأس . لدرجة أن أمخاخهم تناثرت في كل مكان .

حسب التحقيقات ، فإنه لدى خلود الجميع إلى النوم ، تسلل القاتل من العليّة إلى غرفة النوم الرئيسية حيث كان ينام فيها السيد والسيدة مور . قام بضرب سارة ويوشيا بالفأس عدة ضربات لدرجة أنه قطع وجه يوشيا وفجر عينيه . ودليل ذلك وجود علامات حفر على سقف الغرفة المنخفض نتيجة لرفع القاتل الفأس وإنزال نصله على جسد الضحية .
بعد قتل الوالدين اتجه القاتل إلى غرفة الأطفال وأجهز على الإخوة الأربعة بضربات من طرف الفأس الحاد . قبل أن يعود لغرفة النوم الرئيسية ويعيد كيل الضربات لكلا الوالدين .
بعدها اتجه للطابق السفلي ، وأقدم على قتل الأختين لينا وإينا . اعتقد المحققون أن لينا كانت مستيقظة على عكس الجميع أثناء مقتلها . ومرد ذلك إلى وجودها مستلقية بالعرض على السرير ، إضافة لجرح دفاعي كان على ذراعها . انتبهوا أيضا لفستانها الذي كان مشمرا حدّ الخصر ، فساورتهم الشكوك بأنها تعرضت للتحرش الجنسي لكن الفحوص اللاحقة فندت ذلك .

إقرأ أيضا : بازار جرائم قتل حلت بغرابة
أشياء غريبة أيضا وجدت في مسرح الجريمة ( المنزل بأكمله ) . فقد عثر المحققون على شريحة من لحم الخنزير المقدد تزن حوالي أربعة أرطال تتكأ بجوار الفأس المنظف على الحائط . كما قام القاتل بتفتيش أدراج الخزائن بحثًا عن قطع من الملابس لتغطية المرايا والزجاج والأبواب في المنزل بأكمله . مصباح زيتي من دون مدخنة كان أسفل سرير الزوجين أغلب الظن أن القاتل استخدمه للإنارة ثم تركه . و على طاولة المطبخ كان هناك طبق من الطعام غير المأكول ووعاء من الماء الملطخ بالدماء . أجمع بعدها المحققون على أنه غسل به يديه . كان لا أثر لأي كسر وخلع على النوافذ والأبواب . ويُعتقد أن القاتل دخل من البوابة الخلفية الخشبية وغادر بعد أن أغلق كل الأبواب آخذا سلسلة مفاتيح المنزل معه .
ومع الأسف .. فإن الأدلة والبصمات بمسرح الجريمة طُمست وضاعت جميعها ، فقد فقدت الشرطة السيطرة على المنزل وتركته دون تطويق وحراسة . فكان من هب ودب يدخل إليه ويلمس الأشياء والجثث !! ، بل إن أحدهم أخذ جزءا من جمجمة يوشيا المهشمة كتذكار !! .
أقيمت مراسم جنازة الضحايا في ساحة بلدة فيليسكا في 12 يونيو عام 1912 ، بحضور الآلاف من سكان البلدة وخارجها . و نُقلت توابيتهم التي لم تُعرض خلال الجنازة في وقت لاحق على عدة عربات إلى مقبرة فيليسكا لدفنها . وكان موكب الجنازة مهيبا ويحوي على 50 عربة .

أهالي بلدة فيليسكا
لا أحد في تلك البلدة الهادئة كان يتوقع أن ترتكب مثل تلك الجريمة الشنيعة في فيليسكا . فحاولوا يومها ما استطاعوا أن يبحثوا عن القاتل الذي عكر صفو بلدتهم . جندوا الرجال وبحثوا مشاة وراكبين على الخيول وفي السيارات في كل شبر من البلدة وضواحيها بحثا عنه لكن دونما جدوى .
إقرأ أيضا : بيت الاسرار .. جريمة قتل أم أنتحار جماعي!
بعد الجريمة تغيرت حياة الأهالي جذريا . فقد تحولت البلدة إلى مرتع لكل الصحافيين أو الفضوليين من كل أنحاء البلاد وحتى خارجها . وإضافة لذلك انتشرت الأقاويل والشائعات والشكوك والانقسامات ، وتوترت العلاقات والصداقات بين سكانها ، وأًلقيت الاتهامات لهذا وذاك . ففقد الجيران الثقة بينهم ، وعززوا أقفال النوافذ والأبواب ، وحملوا الأسلحة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم علانية . كما كانوا ينامون في تجمعات خوفا من أن السفاح كان حرا طليقا .
المشتبه بهم الأبرز في جرائم قتل فأس فيليسكا
القس لين جورج جاكلين كيلي
مهاجر انجليزي من عائلة للقساوسة ، له تاريخ حافل من الاضطراب العقلي والانحراف الجنسي . إذ أدين مرة عام 1914 بإرسال مواد فاحشة عبر البريد . هاجر مع زوجته إلى أمريكا عام 1904 ، وتم تعيينه واعظا متنقلا لعدة مجتمعات في شمال فيليسكا .
صبيحة يوم العاشر من يونيو ، فجرا وحوالي الساعة الخامسة ونصف غادر القس جورج كيلي بلدة فيليسكا على متن القطار متجها غربا . وذلك بعد ليلة قضى شطرا منها في الكنيسة المشيخية لحضور فعاليات يوم الطفل .

لاحقا قيل في بعض الشهادات أن القس وأثناء تواجده بالقطار تكلم عن تواجد ثماني أشخاص ميتين في فيليسكا ، قتلوا في أسرتهم أثناء النوم . كان هذا قبل اكتشاف الجثث بساعات ! . وبعد أسبوعين عاد القس جورج للمدينة ، وانضم لحملات التحقيقات في المنزل على أنه محقق من سكوتلانديارد . تصرفاته الغامضة واهتمامه المتزايد بالقضية جعلتاه يصبح محط شكوك المحققين . إضافة لشهادات تقول أنه كان يراقب عائلة مور يوم الأحد السابق للجريمة .
عام 1917 اتهم بقتل عائلة مور ، وقضى الصيف مسجونا على ذمة التحقيقات . في 31 من أغسطس وقع على عريضة اعتراف بالقتل ومضمونها : ” قتلت الأطفال في الطابق العلوي أولاً والأطفال في الطابق السفلي أخيرًا . كنت أعلم أن الله يريدني أن أفعل ذلك بهذه الطريقة ” . ولكنه فندها لاحقا بزعم أنه كان يرزح تحت ضغط المحققين . وصلت التحقيقات في النهاية لطريق مسدود . وبغياب الأدلة القاطعة برأت ساحته في شهر نوفمبر بعد محاكمتين منفصلتين ليختفي بعدها عن الأنظار .
إقرأ أيضا :الجريمة الغامضة : لغز مقتل نيازي مصطفى
يرى بعض مؤرخي الجريمة أن القس جورج كيلي المريض عقليا أقرب مرشح للقيام بالجريمة . وذلك بربط ميوله الجنسية المنحرفة مع فستان لينا الذي ثُني لفوق خصرها . إذ يُتوقع أنه قام بقتل عائلة كاملة فقط ليتلذذ برؤية أعضاء الطفلة .
فرانك فرناندو جونز
كان فرانك فرناندو جونز مقيمًا في فيليسكا وعضوًا في مجلس الشيوخ عن ولاية أيوا . وكان يوشيا مور عاملا لديه في متجر الأدوات الخاص به لعدة سنوات . السيناتور جونز كان محط شبهة استنادا لسببين مقنعين على الأقل ، فالأول أنه حمل في قلبه الأحقاد والكراهية ليوشيا . وذلك بعد أن ترك العمل معه في عام 1907 . وإنشاؤه لعمله الخاص آخذا معه أبرز المتعاملين بالمتجر ووضع نفسه كمنافس قوي أمامه .

أما الثاني فيعد الأسوأ من الأول ، إذ تقول الشائعات أن يوشيا كان على علاقة غرامية بكنة فرانك جونز الجميلة دونا . بل و إنه نام معها أيضا . ولذلك اتسمت علاقة كل من فرانك وجونز بالبرودة لدرجة أنهما كانا يتجنبان المرور بنفس الطريق في البلدة .
اتهم المحقق جيمس ويلكرسون جونز وابنه بارتكاب الجريمة ، أو بالأحرى توظيف ويليام مانسفيلد لفعلها . لكنهما نفيا التهمة بشدة وأصرا على براءتهما ، ولم يحاكما بعدها . لكنه فقد منصبه وخسر حقه في الترشح لمجلس الشيوخ ثانية .
ويليام مانسفيلد
من مواليد بلو آيلند في إيلينوي ، معروف أيضا باسم جورج وورلي . كان مانسفيلد قاتلا متسلسلا ومدمن مخدرات . هو المشتبه به الرئيسي في جرائم فأس فيليسكا لوكالة بيرنز للتحقيقات في مدينة كانسس سيتي . بل إن عميلها جيمس ويلكرسون مصمم على أنه الفاعل كما ذكرنا آنفا .
إقرأ أيضا :قضايا غامضة : جريمة المترو المستحيلة
يعتقد ويلكرسون بأن مانسفيلد هو مرتكب جرائم الفأس في باولا ، كانسس . وذلك قبيل أربعة أيام من جريمة فيليسكا . ويرجح مسؤوليته أيضا عن جرائم قتل زوجته وطفله الرضيع ووالدي زوجته بالفأس في بلو آيلند . وذلك في 5 من يوليو 1914 ، أي بعد جريمة عائلة مور بعامين .

استند ويلكرسون في تحقيقاته على مسألة النمط ، فجميع جرائم القتل ارتكبت بنفس الطريقة . ففي كل هذه الجرائم غطيت المرايا وتم ضرب الضحايا بالفأس حتى الموت . أيضا ترك مصباح مشتعل عند السرير وعثر على وعاء ماء مُدمى في المطبخ .
في عام 1916 ألقي القبض عليه ، وأثناء التحقيق . قدمت أدلة من كشوف الرواتب من عمله تثبت غيابه عن مسرح جريمة فيليسكا وأطلق سراحه . لكن ويلكرسون كان مقتنعا أن فرانك جونز هو من ضغط على المسؤولين لفعل ذلك .
لاحقا رفع مانسفيلد دعوى قضائية على المحقق ويلكرسون ، بتهمة تشويه السمعة وحصل على أكثر من مائتي ألف دولار ! .
هنري لي مور
ضابط فيدرالي آخر مكلف بقضية جرائم قتل فأس فيليسكا يدعى ماكلاوري كانت عنده نظرية أخرى . وهي أن هنري لي مور ( لا قرابة له بيوشيا) كان مسؤولا عن جميع جرائم القتل بالفأس قي تلك الفترة . وذلك لأن هنري أدين بالأدلة القطعية بقتل والدته البالغة آنذاك 62 عاما . وجدته ذات 82 عاما بعد أشهر من جريمة قتل فيليسكا وكان سلاحه فأسا .
إقرأ أيضا : النداء الأخير : جرائم قتل واختفاء محيرة
ولد هنري في ولاية ميسوري في الأول من نوفمبر عام 1874 . كان والده مزارعا وخدم في الحرب الأهلية وأمه كانت ممرضة وله ثلاثة أخوة . غادر المنطقة واستقر عام 1900 في مقاطعة فرانكلين بولاية آيوا بمزرعة عمل فيها مزارعا . حكم عليه لاحقا بالسجن بتهمة التزوير وخرج منه عام في ربيع 1911 .

أحب بعدها فتاة من كولومبيا تبلغ ستة عشر عاما ، لكن والدها رفضه لأنه لا يملك منزلا . فكتب إليه أنه سيحصل على منزل أمه وأموالها ( باعتبار أن والده وإخوته توفوا قبل ذلك) . وفي ليلة 17 ديسمبر 1912 تسلل لمنزلها ليردي العجوزين قتيلتين بتهشيم رأسيهما بفأس صدئة .
المحقق ماكلاوري كان يدعم شكوكه بهنري بسبب فورة الجرائم بالفأس التي انتشرت في سنة 1911 وبدايات 1912 . وذلك بعد خروج هنري لي مور من السجن .
1 – جريمة قتل ستة من أفراد من عائلتي بورنهام وواين في نفس المنزل بكولورادو والفأس كان سلاح الجريمة . وذلك في 17 سبتمبر .
2 – جريمة قتل إم . داوسون مع زوجته وابنته في إلينوي في أكتوبر لنفس السنة بالفأس أيضا .
3 – جريمة قتل ويليام شومان بالفأس مع زوجته وأطفاله الثلاثة في أكتوبر أيضا .
4 – جريمة قتل رونالد هدسون وزوجته في باولا ، كانساس في يونيو 1912 بالفأس . وذلك قبل أيام قليلة من مقتل عائلة مور وفتاتي ستيلينجر في فيليسكا .
وإلى غاية إطلاق سراحه بعد ست وثلاثين عاما إلى موته في بداية الستينيات . لم يدان هنري بجرائم القتل هذه لغياب الأدلة القاطعة رغم أن الكثيرين أجمعوا على أنه الفاعل دون شك .
وإضافة للمشتبه فيهم الأبرز كان العديد من الغرباء الذين وطئوا البلدة محل شك وشبهة في جرائم القتل بفأس فيليسكا . وأشهرهم هو آندي سوير الذي كان مجرد عابر حصل على عمل في سكة حديد بيرلينجتون . وصباح يوم القتل اشترى صحيفة تحمل خبر الجرائم وكان مهتما بها كثيرا على حد قول الشهود . قال بعض العاملين أيضا أنه كان ينام وحيدا وبجواره فأس . كما أسر لهم أنه كان في فيليسكا ليلة الجريمة ولخوفه أن يكون مشتبها فيه غادر المكان .
إقرأ أيضا : مسلسل جرائم القتل الغامضة في أتلانتا
جو ريكس أيضا كان من أوائل المشتبه فيهم ، وذلك بعد أن ألقي القبض عليه نازلا من قطار بحذاء ملطخ بالدماء . و إحدى فتيات عائلة مور وعمرها 16 سنة . أكدت أن غريبا ما استوقفها قبل يوم من الجريمة ليسألها عن منزل عائلة يوشيا مور .
في نهاية عام 1917 استسلمت الشرطة و المحققون والمحلّفون . ولم تتم محاكمة أي شخص آخر على الإطلاق على جرائم قتل فأس فيليسكا . واستمروا في تلقي اعترافات في السنوات التي تلت عمليات القتل . بما في ذلك اعترافات من أحد السجناء في ديترويت عام 1931 . الذي ادعى أن رجل أعمال مجهول قد عرض عليه دفع خمسة آلاف دولار لقتل عائلة مور . وفي النهاية ، أدى كل دليل واعتراف إلى طريق مسدود .
نظريات متعددة حول جريمة فأس فيليسكا
على مدى قرن ونيف من الزمن ، لم تغلق قضية جرائم فأس فيليسكا قط . فالكثير من محققي الوكالات والهواة والكتاب والصحافيين وحتى الأشخاص العاديين ، حاولوا وعلى مر سنوات طويلة من حياتهم فك لغز تلك الجريمة . وإليك عزيزي القارئ ثلاثة من تلك النظريات :
1
تقول السيدة ريتا جونسون صديقة ميني مور شقيقة المغدور يوشيا أن السيد والسيدة مور كانا ينتظران ضيفا في تلك الليلة . ودليل ذلك وجود سرير شاغر و مرتب ومجهز لاستقبال في الغرفة الأمامية لم يشغل مطلقا . تضيف أيضا أنه نتيجة لما رأت من علامات جلوس رجل على الأكياس القطنية في خزانة الدرج المقابلة لغرفة فتاتي آل ستيلينجر . فإن الزوجين مور لو التفتوا وفحصوا الخزانة لربما رأوا القاتل الضيف ومنعوا الجريمة .

وتؤكد على أن معرفة القاتل كانت تعتمد على فحص جزء من سلسلة ساعة كانت على سرير الفتاتين . وأغلب الظن أنها قطعت أثناء مقاومة لينا للقاتل .
2
في عام 1987 نشر في مراجعة عن القضية ، وكانت بقلم صحفي يدعى دون باتون نظرية محيّرة وغريبة عن أسباب مقتل عائلة مور . بطلتها عجوز أسماها بالسيدة Z .
تروي السيدة فصول القصة فتقول أنه في العام 1911 قتل ابن عائلة بارزة من فيليسكا في أعمال شغب في ولاية أوكلاهوما . وعادت الجثة للبلدة برفقة أرملة الزوج ، لكن والدا القتيل ونتاجا لعداء بينهم لم يسمحوا لها بحضور الجنازة .
إقرأ أيضا : أطفال الضفدع : الجريمة التي هزت كوريا
ترك مدير الجنازة مقعدين مفتوحين في مقدمة غرفة الجنائز قبل دقائق من بدايتها . ولأنهم منعوا الزوجة من الوصول إلى هناك . طرق مسامع أحد أكثر رجال الأعمال البارزين في البلدة بما يجري فقاد الأرملة إلى المقاعد وجلس إلى جانبها حتى انتهائها . وللمرة الثانية منعت من الذهاب للمقبرة لكنه أنقذ الوضع أيضا .
وهنا قد تتساءل عزيزي القارئ ، إذن .. وبعد؟ . ما دخل الأرملة وزوجها بعائلة مور؟ .
الجواب ببساطة أن السيدة Z – التي يؤكد الكاتب دون باتون على سلامة عقلها – ، قالت أن الأرملة غادرت البلدة بحقد أعمى تجاه أهل زوجها وتوعدت بالانتقام . فأرسلت رجلا لقتل العائلة لكنه أخطأ المنزل ! .
فمن المفترض أن يكون منزل العائلة المستهدفة على بعد 11 منزلا شمال الكنيسة المشيخية . لكن القاتل دخل المنزل الذي على بعد 11 منزلا شرق نفس الكنيسة ! . فهل يمكن أن يكون خطأ بالاتجاهات قد أودى بحياة أسرة بأكملها ؟ .
3
يقول بيل جيمس في كتابه الذي صدر عام 2017 بعنوان ( الرجل في القطار ) . و الذي تضمن تفسيرات لجرائم القتل بالفأس التي انتشرت في أمريكا في تلك الفترة ، خاصة في منطقة الغرب الأوسط . أن القاتل كان رجلا واحدا . وإذا صح التفسير فعلى حد تعبيره سيعتبر أسوأ قاتل متسلسل مر في تاريخ أمريكا . متفوقا على تيد باندي وجون واين جاسي نفسيهما . إذ أنه سيكون قد أزهق روح أكثر من مائة شخص بطريقة بشعة لاإنسانية .

نظرية بيل تقول أن القاتل كان مسافرا على خط السكة الحديدية التي تربط أغلب المدن التي وقعت فيها الجرائم . كان سفاحا يختار ضحاياه عشوائيا ويستمتع بتهشيم رؤوسهم بالفأس .
إقرأ أيضا :اشهر 10 جرائم مروعة لآباء قتلوا عائلاتهم
ويعزي بيل أيضا عجز المحققين عن إيجاد أدلة توصلهم للفاعل إلى عدم وصل الجرائم ببعضها . و غياب مكتب التحقيقات الفدرالي في ذلك الوقت وكذا قواعد بيانات الجرائم الفيدرالية . كذلك فإن معظم التحقيقات جاءت من قسم البلدة الصغير وبضعة محققين أغلبهم هواة ومحتالون . إضافة لذلك بداءة علم الطب الشرعي حينها ، وحداثة سجلات بصمات الأصابع ، واعتماد الشرطة على الكلاب والأساليب البدائية للتحقيق . والأهم من كل ذلك تشويه معالم مسرح الجريمة .
تاريخ منزل عائلة مور في فيليسكا
تم بناء منزل مور الذي وقعت فيه جرائم القتل عام 1912 في أواسط القرن التاسع عشر ، وتحديدا عام 1868 . واشترته عائلة مور في عام 1903 . وبعد وفاتهم ، تم امتلاك المنزل لثمانية أشخاص ، حتى تم شراؤه من قبل السيد والسيدة داروين لين في عام 1994 .
بحلول ذلك الوقت ، كان المنزل قد تدهور بشدة وكان على وشك التداعي . ومع ذلك ، أعاد السيدان المنزل القديم إلى حالته الأصلية وقت الجرائم .

وفي عام 1998 تمت إضافته إلى السجل الوطني للأماكن التاريخية . و في الوقت الحالي فهو فندق مفتوح للجولات والمبيت وذلك نظرا لشهرته من ناحيةِ الجرائم المرتكبة فيه . ومن ناحيةٍ أخرى جعلته يصنف من أفضل عشرة أماكن مسكونة في أمريكا .
قصص عن أشباح وأرواح هائمة
تاريخ طويل قيل أنه امتد في المنزل من الأحداث الخارقة . ووفقا لشهود عيان وأغلبهم من المستأجرين قالوا أنهم مروا بحالات خوارق ومواقف غريبة نذكر منها تباعا :
_ وجود رجل يحمل فأسا يقف أسفل سريرهم ، ورؤيتهم لصور أحذية ملطخة بالدماء .
_ أصوات أبواب خزانة تفتح وبكاء أطفال ، وملابس مأخوذة من الخزائن ومتناثرة على أرض الغرف .

_ قال رجل أنه أثناء شحذ سكينه استدار الأخير فجأة وطعنه في إبهامه . كما لو أن شخصا ما كانت له القدرة على التحكم بمعصمه .
إقرأ أيضا : مقتل آرون باجيتش : جريمة في منزل “شارع ايلم”
_ عانى آخرون من سقوط المصابيح ، والشعور بالثقل ، وأصوات تقاطر الدم ، وأصوات الأشياء المتحركة والضربات العنيفة .
_ الإبلاغ عن صرخات وحركات غير مبررة وحتى ضباب غريب يلف المنزل .
_ سماع أصوات وحركات غريبة في العلية ، ويذكر أن سيدة حاولت الصعود فمنعتها قوة مجهولة من الصعود .
_ في عام 2014 قام مستكشف الخوارق روبرت ستيفن بطعن نفسه في منطقة الصدر بالبيت المسكون لسبب لا يعلمه أحد . وذلك على الساعة 12 وخمس وأربعون دقيقة . أي في نفس توقيت الضربات التي تلقاها يوشيا قبل أكثر من قرن .

من جهة أخرى، هناك من عاشوا بالفعل في المنزل وجزموا على أنهم لم يشهدوا أي أنشطة خوارق . بل إن شهرته ومكانته هذه اكتسبها بعد عام 1999 عندما وصفه برنامج Nebraska Ghost Hunters بأنه “منزل مسكون”. فأصبح ذائع الصيت بعد ذلك . وأعتبر ملاذا لكل معدي برامج صائدي الأشباح ومكتشفي الخوارق في أمريكا رغم أن مالكيه جردوه من الكهرباء والغاز والمياه .

إقرأ أيضا : قصر الجرائم
توفي داروين لين في يوليو من العام 2011 . فباعت زوجته مارثا محتويات المنزل في مزاد علني في عام 2012 ، لكنها أبقت المنزل مفتوحًا كعنصر جذب للسياح . أما فأس فيليسكا المشهورة والتي أسالت الكثير من الحبر فهي موجودة في مجموعة متحف الدولة في دي موين بأمريكا .
ختاما
على مدار أكثر من مائة عام .. صنفت جرائم قتل فأس فيليسكا على أنها من أبشع جرائم القتل الجماعي التي لم تُحل في التاريخ الأمريكي . وبقيت هي العنوان الأبرز في أي موضوع أو نقاش يطرح حول الجرائم التي عجز المحققون عن حلها . فأُلفت العديد من الكتب حولها ، واقتبست عنها عدة أفلام . وأُنتجت الكثير من البودكاست والأفلام الوثائقية لتوثقها . ولعل أبرزها الفيلم المرشح لجائزة الأوسكار عن فئة الأفلام الوثائقية : villisca : living with a mystrey
شخصيا لقد أثارت قضية جرائم قتل فأس فيليسكا فضولي . ولم أترك مصدرا لم ألجأ إليه محاولة إيجاد دلائل تساعد في فك لغز الجريمة . وأنت عزيزي القارئ هل أثارت القضية فضولك؟ ، وبرأيك من هو الفاعل طِبقا لما قرأت من نظريات وشهادات؟ .
ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .