الحلم الذي غير حياتي
![]() |
أتضن على ابنتك بلحظات ارتوى بها برؤيتك بالمنام ? |
كنت متعلقة بوالدي تعلقا شديدا و كنت أظن كما يفعل كل الناس بأن كل الناس تموت إلا أبى فانه سيعيش ابد الدهر . ولقد كان أبى رحمه الله رجلا جليلا عاقلا مثقفا متدينا حافظا لكتاب الله بالإضافة انه كان متفتحا وكان يعطينا الحرية كما يعطيها لآخى تماما , ولقد كنت أنا مقربة منه بحكم زواج شقيقاتي ووجودي الدائم معه فكان أول من أهداني كتاب و علمني حب القراءة و الاطلاع وكنا نقضى الساعات في المناقشات و عندما كان يحتد صوتي و يعلو فوق صوته كان ينظر لي مازحا و يقول لي بيت الشعر الشهير :
أعلمه الرماية كل يــــــوم فلما اشتد ساعــده رماني
وكم علمته نظم القوافــــي فلما قال قافية هجانــــي
وعندما كان يمرض كان لا يتناول دوائه إلا من يدي و لا يتناول طعاما بدوني , لكنه تعرض لجلطه بالمخ و دخل على إثرها العناية الفائقة , فتركت عملي و حياتي و جلست بجواره أراقب أنفاسه و أدعو الله أن يبقي على حياته فانا لا استطيع الحياة بدونه . و كنت اعلم أن وضعه الطبي دقيق , لكنى كان أملى في الله عظيم . ولن أطيل عليكم بالتفاصيل المهم ذات صباح اتصلت المستشفى وقالت أن أبى قد اختاره الله إلى جواره ولن استطيع أن اصف شعوري و أدعو الله إن يسامحني إذا كان بدر مني أي شيء فيه فلا اعتراض على مشيئته وهي أمانته التي استردها و لكن الفراق له الم شديد على النفس المهم ساءت بعدها حالتي النفسية سوءا شديدا فكنت أعيش على المحاليل و لا أنام إلا بالمهدئات و هزلت و ضعفت صحتي وكأني امني أن أموت فادفن في حضن والدي و قال الطبيب إني على شفا انهيار عصبي .
وما أثار جنوني انه كل يوم اسمع من شقيقتي هذه إنها رأت والدي بالمنام و تلك تراه يوميا و جارتنا حتى صديقاتي فلماذا يزورهم جميعا و يجافيني أنا ابنته و حبيبته و نور عينيه كما كان يدعوني .. كيف يا أبى تكون بهذه القسوة و أنت ابعد ما تكون عن هذه الصفة أفلا يكفيك انك تركتني , أتضن على ابنتك بلحظات ارتوى بها برؤيتك بالمنام .
و ذات ليله كنت أتذكر ذكرياتي مع أبي و نمت و دموعي تسيل على وسادتي و عندها رأيت حلما غير حياتي , فلقد رأيت والدي مكتمل الصحة و موفور العافية . و كان من عادة والدي انه عندما كان يتوضأ لأداء الصلاة يترك الماء على جسده و لا يستخدم المنشفة فوجدت والدي يقف على المصلاة و ماء الوضوء يقطر من جبينه و جسده و عندما ختم صلاته ابتسم إلى ابتسامه رائعة و لكن في عينيه نظره لوم و عتاب وقلت له أنت على قيد الحياة يا أبى أنهم كاذبون يقولون انك ميت هم لا يعلمون أنا الوحيدة التي لم تصدق موتك , لكنه استمر ينظر لي نظره اللوم ثم قال لي كلمتين ما زالا يرنون في إذني : "ينفع كده " .
و بعدها استيقظت من النوم فوجدت ملابسي مبتلة من اثر احتضاني لوالدي واعرف أن بعضكم سيقول انه يمكن أن يكون هذا البلل عرقا أو دموعا أو له تفسير علمي , اعلم ذلك , ولكنى استيقظت وأنا اعلم أن هذا حضن والدي و علمت بأنه يقول لي انه لا يجوز الاعتراض على أمر الله فاستيقظت و أنا في حاله نفسيه جيده و خرجت لعملي و تحسنت حالتي النفسية كثيرا و كل من بالبيت لا يدرى أن والدي رحمه الله هو من أنقذني كعادته .. أرجوكم الدعاء لوالدي وكل موتانا بالرحمة و المغفرة .
تاريخ النشر 20 / 01 /2014