سمع يعقوب صوت كسر زجاج من غرفة والديه ، ركض مسرعاً ليجد والدته سهى تبكي بحرقة و صورتها هي و زوجها في يوم زفافهما على الأرض مكسورة ! ظن يعقوب أنها تبكي على الصورة لأنها تحطمت دون قصد ، لذا قال لها:
– لا بأس يا أمي ، سنحضر إطاراً جديداً للصورة ، انظري لا زالت سليمة فقط كُسر الزجاج.
لكن سهى قاطعته لتخبره شيئاً صادماً عن الصورة:
– بل تخلص منها ، لم أعد أريدها و لا أريد أي شيء يذكرني بأبيك.
– أعرف أنكِ مستاءة بسبب انتحار أبي و تركه لنا ، و لكن هذا ليس سبباً لتكرهيه ، نحن لا نعلم بعد لماذا قتل نفسه ؟.
مدت سهى يدها التي كانت تمسك دفتراً و قالت بلهجة حادة :
– خذ هذا الدفتر و أقرأ ما كتبه المدعو أباك ، ستعلم أنه كان يختبئ خلف قناع الفضيلة والأخلاق طوال هذه السنوات ، خذ لتعرف حقيقة أبيك البشعة !.
أخذ يعقوب الدفتر بيد مرتجفة غير مصدق لكلام والدته الصادم ، و ذهب إلى غرفته ليقرأ اعترافات أبيه و ما دفعه إلى قتل نفسه :
” أسمي مهند ، لقد قررت الاعتراف بذنوبي التي لا تُغتفر ، ذنوبي التي يخجل الشيطان من فعلها ، ذنوبي التي جعلت مني شخص حقير و بلا أخلاق .
البداية كانت عندما كنت مراهقاً ، تعرفت إلى صديقي باسل الذي كان أبن مدير أبي في العمل ، باسل كان و ما زال طوال عمره شخصاً متواضعاً ، خلوقاً ، صاحب مبادئ ، يمد يد العون لمن يحتاج إليه ، جميع الخصال الحميدة موجودة فيه ، اعتبرني أخ له أكثر من صديق ، فضلني على جميع أصدقائه الذين بنفس مستواه ، كان لديه عيب وحيد و هو ثقته العمياء بي ! نعم ، لقد وثق بي أكثر مما يثق بنفسه ، لكني خنته و خنت ثقته ، كنت أبغضه على كل شيء ، على تفوقه الدراسي و وضعه المادي الممتاز ، كان والده يملك أكبر معصرة لزيت الزيتون و كان يجني أرباحاً خيالية ،
أما أبي فكان عاملاً بسيطاً يقضي ساعات في المعصرة ، كان والد باسل كريماً جداً و يعطي العمال حقوقهم بعدل ، و كانت المكافآت تنهال على أبي مثل المطر خصوصاً في موسم الزيتون ، و رغم كل هذا بقيت أبغضه ! كيف لا وهو لديه كل ما كنت أتمناه لنفسي و لم أحصل عليه ، و لكنه كان يحصل على كل شيء على طبق من فضة ، حتى فرع الهندسة المدنية الذي كان حلمي لم أتمكن من دراسته بسبب تأثري بوفاة أبي ، و هو حصل عليه بجهده رغم أنه يمكنه دراسة أي فرع يريده في أي جامعة يرغب بها ، حقاً أن الدنيا حظوظ ،
رغم حسدي له لم أفكر في حياتي أن ألحق الأذى به ، حاولت السيطرة على شعور الحسد المقيت ونجحت في ذلك لسنوات ، ولكن ليس إلى الأبد ، بدأ الكابوس المقيت يوم زواجنا ، لقد تزوجنا في يوم واحد و في نفس صالة الأفراح ، أنا تزوجت بابنه عمي سهى التي أوصاني أبي بالزواج منها قبل موته ، وهو تزوج بزميلته نادين ، اعترف أنه في يوم زفافي لم انظر إلى سهى كما نظرت إلى نادين ، كيف لا وهي صاحبة شعر بلون نحاسي يخطف الأبصار ، وعينان بندقيتان واسعتان وشفتان كرزيتان و قوام ممشوق ، سهى بالطبع ليست أقل جمال منها بل هي مثالية ، لكني اعتدت على ذلك ، اعتدت أن أضع عيني على رزق غيري دون أن أدرك ما عندي ، و لولا ذلك لما ارتكبت خطيئتي .
بداية الخطيئة كانت في أول زيارة لنا إلى منزل باسل ، تناولنا العشاء و ذهبت لأغسل يدي ، بعد أن انتهيت مررت بجانب المطبخ حيث وجدت نادين تحضر الفاكهة ، دخلت إليها بحجة أني أريد كوب ماء، و ما إن أعطتني الكوب حتى نظرت إليها نظرة غريبة تعبر عن الإعجاب و أمسكت بيدها دون أن أعلم ماذا أفعل ، شعرت المسكينة بتوتر شديد سبب سقوط الكوب من يدها على الأرض و كسره ، و بسبب صوت الكسر أتت سهى و باسل مسرعين ، وعندما وجدانا قلت لهما أني من أوقعت الكوب بسبب أني لم أجفف يدي جيداً ، بالطبع لقد صدق المسكينان هذه الكذبة واستمرت السهرة دون مشاكل ، إلا أن نادين كانت تنظر إلي بارتباك و خوف طوال الوقت.
أخذت رقم هاتف نادين من هاتف سهى دون علمها وأصبحت أتواصل معها ، ما إن تجيب حتى أغرقها بكلام الحب و الغزل التي لم أقولها لزوجتي الشرعية ، كانت تقفل الخط سريعاً و حظرتني ، لكني لم أتوقف عن المحاولة ، و يا ليتني توقفت ، بقيت أحاول التحدث إليها و أقناعها بحبي أو بالأحرى بخيانة زوجها معي حتى استسلمت لي و يا ليتها لم تستسلم .
في أحد الأيام فتحت لي قلبها و أخبرتني أن عملها و عمل باسل الدائمين جعلهما دائماً منشغلين عن بعضهما ، و أنها رغم حب باسل الكبير لها إلا أنها تشعر بالفتور العاطفي اتجاهه دون أن تحاول معرفة سبب ذلك ، سألتها بكل جرأة و وقاحة : لم لا تصبحين عشيقتي ؟ أجابتني دون تردد : نعم ، أود ذلك.
فرحت وقتها كثيراً ، أجل ، لقد فرحت لأني أصبحت رجلاً خائناً و عشيقاً لزوجة صديقي ، يا إلهي ، كم أنا شخص فاسق ! لم يثنيني حب زوجتي و اهتمامها الدائم لي عن خيانتي لها ، و لم تثنيني أيضاً ثقة صديقي بي عن المساس بشرفه ، أنا و نادين كان لكل واحد منا حياة زوجية مستقرة و سعيدة ، و مع ذلك اخترنا طريق الخطيئة ، اخترنا التجرد من أخلاقنا في سبيل نفوسنا المريضة .
في ذلك اليوم المشؤوم ، يوم سافر فيه كمال إلى إنكلترا لحضور مؤتمر صحفي عن مشروع مبنى تجاري ، كانت تلك فرصتي لارتكاب أعظم ذنوبي ، أخبرت سهى أني سأقابل صديق قديم و سأبيت عنده ، تركتها وحيدة تعاني من تعب شديد لم نعرف بعد ما سببه ، ذهبت إلى بيت صديقي و فعلتها ، للأسف فعلتها ، قمت بعلاقة محرمة مع نادين ، لن انسى شعور الخزي والعار الذي راودنا بعد فوات الأوان ، أنا لا ألوم الشيطان فهو لم يجبرنا على ذلك ، لكني متأكد من أنه ضحك علينا ، ضحك لأننا فعلنا ما لم يجرؤ هو على إغواء أحد بفعله.
لن انسى كيف نظرت إلي نادين بنظرات غاضبة ، كانت عيناها البندقيتان تشعان بشرارة الغضب و الألم ، لن أنسى كيف صرخت بوجهي قائلة :
لما فعلت بي هذا ، لما دخلت إلى حياتي ، لماذا أنا من بين جميع النساء ، أتعلم ما الذي فعلته بي ؟ لقد جعلت مني امرأة خائنة .
رددت عليها بذات النبرة الغاضبة: اصمتي ، تقولين ذلك كأنني أرغمتك على هذا ، لا تنسي أنك من بدأت بذلك ، أجل ، أنت السبب ، لقد أغواني شكلك منذ يوم الزفاف ، حاولت السيطرة على نفسي ، حاولت محاربة الشعور الحقير الذي راودني لكني لم استطع ، جمالك الأخاذ لا يُقاوم ، ابتسامتك جعلتني أضعف ، أنتِ ساحرة يا نادين ، أنتِ ساحرة .
قبل أن اخرج من المنزل أخبرتها : أن تنسى كل ما حدث و كأن شيئاً لم يكن ، خرجت أتجول في الطرقات مثل طفل تائه ، أمشي كشخص ثمل ، أفكر بفعلتي الشنيعة ، بقيت ساعة على هذه الحال حتى سمعت آذان الفجر ، في تلك اللحظة بكيت منهاراً و كأن ناراً تأكلني من الداخل ، قلت بصوت مخنوق : لقد ارتكبت معصية يا إلهي ، لقد زنيت بزوجة صديقي ، أنا رجل زان ، أنا شخص آثم .
بقيت أردد هذه العبارات حتى انتهى الآذان ، بقيت جالساً بجوار الجامع حتى طلعت الشمس ، عدت إلى المنزل حيث فتحت لي سهى الباب ، كانت متفاجئة من عودتي المبكرة ، فأخبرتها أن صديقي المزعوم ذهب إلى العمل ، آه يا سهى ، تمنيت لو أخبرتك الحقيقة في تلك اللحظة ، تمنيت لو صفعتني أو بصقتي في وجهي ، لربما كفرت ولو قليلاً عن خطيئتي ، لكن ابتسامتك لي ونظرتك البريئة أحرقت قلبي و جعلته رماد .
عندما قامت سهى بفحوصات لتعلم سبب تعبها كانت المفاجأة التي من المفترض أن تكون سارّة ، لقد كانت حاملاً ! كان من المفترض أن يكون يوم عيد ، و يا ليته كان كذلك .
بعد شهر بالضبط حدث ما كنت أخشاه ، حيث كانت نادين حاملاً أيضاً ، و لكنها طمأنتني ، أو هذا ما ظننته ، بأنها أجرت فحص الحمض النووي بعد أن أخذت قليلاً من شعر باسل الذي حلقه و كانت النتيجة أن الجنين من صلبه ، كانت فترة حمل سهى صعبة جداً عليها ، بقيت مهتماً بها طوال تلك الفترة ، كانت تعتقد أن اهتمامي سببه حملها ، و هي محقة في ذلك ، لقد قررت حقاً بدأ حياة جديدة ، واعتقدت أني سأنجح في ذلك ، لكن ذلك لم يحدث.
ولدت سهى و أنجبت ابننا الوحيد يعقوب ، يعقوب اسم أطلقه باسل عليه و أراد أن يطلقه على أبنه ، لكن الجنين كان أنثى ، بعدها بشهر كانت ولادة نادين ، أنجبا فتاة أسمياها رهف ، لكن رهف لم تعش سوى يومين ، لقد ماتت بسبب نقص الأوكسجين ، أو هذا ما قيل لنا .
أُصيبت نادين باكتئاب حاد رافقها لسنوات ، وكان باسل خير عون لها ، تحمل تقلباتها المزاجية و نوبات البكاء التي كانت تنتابها ، أما أنا و سهى كنا سعيدان جداً بيعقوب الذي أنساني و لو مؤقتاً ما فعلته بحق أمه.
مرت خمسة عشر عاماً ، ظننت أن سري سيبقى دفيناً ، لكن السر كُشف .
منذ عدة أيام فقط سمعنا صوت سيارات الشرطة تجوب الشوارع ، اخبرونا الجيران أن اعتقلت الشرطة رجلاً قتل زوجته في الحي الأخر ، وكانت الصدمة الكبرى عندما عرفنا أن هذا الرجل هو باسل ، و أن القتيلة هي نادين !.
ذهبت إلى المخفر ، طلبت رؤيته و ظننت أنه سيرفض ، لكنه قبل مواجهتي بعد أن عرف بالحقيقة ، لن أنسى كيف وقف أمامي و نظر إلي بنظرات الكره والانكسار وهو يحكي لي كيف عرف بالحقيقة :
كنت أقرأ الجريدة عندما أتت نادين و جثت على ركبتيها أمامي و وضعت سكيناً على الطاولة ، تفاجأت منها و سألتها عن السكين ؟ قالت لي :
– لم أعد احتمل ، أشعر بالخجل منك و من نفسي ، أريد أن أزيح الصخرة التي أثقلت صدري طوال هذه السنوات.
– عن أية صخرة تتكلمين ، أرجوكِ يا عزيزتي أخبريني ما بكِ ؟.
– فعلت شيئاً بشعاً للغاية ، أنا أمرأة سيئة يا باسل ، سيئة جداً .
عانقتها محاولاً أن أخفف عنها و قلت لها :
– لماذا تقولين عن نفسك هذا الكلام ؟ أنتِ لست سيئة.
أبعدت نفسها عني و بدأت تخبرني بأفعالكما القذرة:
– بل سيئة جداً ، هل تريد أن تعرف ماذا فعلت ؟ لقد خنتك ، نعم ، لقد خنتك مع صديقك مهند كان عشيقي ، لقد عشقته و ارتكبت الخطيئة معه .
لم أعرف ما كان علي فعله ، عقد لساني وأصبحت كالمشلول لا أعلم ماذا أقول ، ماذا كان علي أن أقول عن اعتراف كهذا ؟ تابعت كلامها :
أتذكر عندما دعونا مهند وسهى للعشاء و كسر كوب الماء في المطبخ ؟ في الحقيقة عندما أردت إعطاء الكوب لمهند لمس يدي و أوقعته بسبب التوتر الذي أصابني ، بعدها أصبح يكلمني هاتفياً و أقنعني أن أصبح عشيقته ، و هل تذكر عندما سافرت إلى إنكلترا ؟ لقد أتى إلى المنزل و…..
– قمتما بفعلتكما !.
بعد أن قلت لها ذلك انهارت و أكملت و هي تبكي بحرقة:
– لم أعرف حتى الآن كيف فعلت ذلك ، أشعر بالقرف من نفسي كلما أتذكر هذا اليوم ، أردت أن أنسى ما حدث و اعتبره لم يحدث ، و لكن الأمر لم يمر بسلام ، الحمل .. الحمل كان النتيجة….
– أتقصدين أن….
– أجل…. رهف لم تكن أبنتك.
إذاً ما قالته لي نادين عن نتيجة فحص الحمض النووي كان كاذباً ، رهف كانت أبنتي الغير شرعية ، يا الهي ! كم كانت خطيئتي كبيرة لاستحق هذا العقاب !.
تابع باسل بلهجة أكثر انكساراً :
تصور أن رهف التي بقيت انتظرها ليلاً و نهاراً لأحملها بين يدي لم تكن من صلبي ؟ و ما صدمني أكثر عندما أخبرتني بأن موتها لم يكن بسبب نقص الأكسجين ، بل خُنقت بوسادة حتى الموت ، نادين قتلت رهف ، لقد قتلت أبنتها !.
نظرت إليها و صرخت في وجهها :
– لما تقولين لي كل هذا ؟ ما الذي دفعكِ للاعتراف بأفعالك ؟ كنت مخدوعاً فيك طوال هذه السنوات ! كنت اعتبرك حبيبتي و كل حياتي ، و اكتشف بعدها أنكِ خائنة و قاتلة ، ما الذي فعلته لكِ لاستحق كل هذا ، لما فعلت بي هذا ؟.
لم تجبني ، فقط جعلتني أمسك السكين و وجهته نحوها:
– اقتلني … هيا اقتلني ، اقتلني و أغسل عارك .
نظرت إلى عينيها دون أن أنبس بكلمة واحدة حتى صرخت في وجهي :
– قلت لك أقتلني.
لم أشعر بنفسي عندما غرست السكين في أحشائها ، وقعت على الأرض و نزفت الكثير من الدماء ، أتعلم ما أخر شيء قالته لي ؟.
– الآن يمكنني أن أعيش !.
ناديتها كثيراً ، هززت جسدها و صرخت أناديها :
نادين ….نادين !.
لكنها ماتت ، و أنا من قتلتها ، لقد قتلتها لأجل شرفي ، شرفي الذي لطّخَته و داست عليه ، نعم ، أنا أنقذت شرفي و لكني أصبحت قاتلاً !.
بقي صامتاً لبرهة و قال لي بهدوء :
أنت من أوصلتني إلى هنا ، منذ أن عرفتك خلتك صديقي و أخي ، ولكنك لم تحترم العشرة ، وضعت عينك على شرفي و لوثته ، جعلتني قاتلاً و جعلت زوجتي خائنة و تسببت بموتها و موت رضيعة كانت ضحية فعلتكما الحقيرة .
عاد باسل إلى زنزانته ، وأنا عدت إلى البيت ، ها أنا اكتب كل شيء عن فعلتي التي لم أواجه أحد و أخبره عنها ، واتخذت قرار الخلاص ! الخلاص من هذه الحياة ، لعل موتي سيكون كفارة ذنوبي ، آه كم أرغب أن يعود بي الزمن إلى ما قبل خمسة عشر عام ، لما أذعنت لرغباتي المريضة و لجعلت من نفسي شخصاً سوياً.
سامحني يا باسل ، سامحني يا صديقي على خيانتي لثقتك ، سامحني على المساس بشرفك ، سامحني لأني لم أحترم عشرتك ، سامحني لأني دمرت حياتك و جعلتك مجرماً.
سامحيني يا نادين ، سامحيني لأني جعلتك زوجة خائنة ، سامحني لأني جعلتك قاتلة ، سامحني على سنوات الشقاء والعذاب التي عشتها بسببي ، سامحيني لأني السبب في موتك.
سامحني يا سهى ، سامحيني يا زوجتي الغالية ، لم أوفي و لو جزءاً بسيطاً من حقك علي ، سامحيني لأني خنتك ، سامحيني لأني جعلتك مخدوعة بي و خنت ثقتك بي.
سامحني يعقوب ، يا ابني الحبيب ، سامحني لأني أخطأت في حقك و حق أمك و أختك ، سامحني لأن صورة الأب المثالي التي تكونت في عقلك عني كانت كاذبة ، سامحني على خداعي لك .
سامحيني يا رهف ، سامحيني لأنك ضحية خطيئتي ، سامحيني لأنني السبب في موتك.
ربما لا استحق السماح ، ربما لا أستحق سوى الجحيم ، قررت أن أنهي حياتي لينتهي عذابي ، لعلي أجد السلام الذي فقدته .
ما إن انتهى يعقوب من القراءة حتى عاد إلى أمه التي كانت لا تزال في غرفتها ، نظر إليها و بيده الدفتر و قال :
– أعلم أن ما فعله أبي إثم كبير ، لن استطيع مسامحته ، و لكني لن أكرهه، لا أريد لصورته أن تتحطم في عقلي ، لا أريد أن أتذكر عنه سوى أنه كان أباً رائعاً ، لا أريد تذكر حقيقته.
أرجوك يا أمي لا تجبريني على كرهه ، إنه أبي مهما كان.
– آه يا ولدي ، أنا فخورة بتفكيرك هذا ، هو يبقى أباك رغم ما فعله بنا ، أريدك أن تبقى هكذا.
تعانقت سهى و أبنها طويلاً ، و بقيت صورة الزفاف محطمة على الأرض.