تعبت والله تعبت
![]() |
اتعبت كثير و لم تعد الحياة تهمني كالسابق ، أريد أن أعيش ما بقي لي من عمر بسلام و هدوء داخلي |
كان مستواي الدراسي فوق الممتاز والأن راسب بالثانوية لثلاث مرات ، كل ذلك كان بسبب تلك المدرسة المشؤمة التي فيها تعرضت للعنصرية والسخرية والضرب والإهانات المتتالية ، و كنت أشكو لأهلي ما يحدث لكن دون فائدة فهم لم يستجيبوا أيضاً ، ناهيكم عن تهرب بعض الأساتذة من التدريس في بعض الحصص وخاصةً أستاذ الرياضيات ، و كذلك كمية الانحراف التي شاهدتها من قبل الطلاب من تهديد ومخدرات و دخان و هروب من المدرسة و سكاكين ، حتى بدأ الطفل الذي بداخلي يموت يوم بعد يوم ، إلى أن كبرت و أصبحت مراهق مغترب منعزل بنفسي عن العالم ، لم أفلح في الثانوية فتركت المدرسة وتحولت للعمل مع أبي ، كان دائماً ما يوبخني و يحطم نفسيتي بكلامه الجارح بقوله : أعترف أنك فشلت ، أنت لست نافع لا للدراسة و لا للعمل أيضاً ،
كنت أدوس على قلبي و أمشي مكمل هذا المشوار ، مضت بعض السنين و قد نزح أبناء قريتي و دُمرت القرية بأكملها و بيت طفولتي و سُرق كل شيء بتلك القرية و أصبح كل من أعرفهم في ديار الغربة والهجرة قاطنين حالمين بالعودة من جديد ، و أمضي مكملاً حياتي ليشاء الله سبحان العود لنا بعد مضي 8 سنوات خارج البلاد كانت كافية لتدمير الشخص الذي بداخلي ، و الأن و بفضل الله نقوم بإعادة إعمار قريتي وأحيائها من جديد من هذا الخراب المرتبط بخراب قلبي ، وعاودت لإعادة الثانوية لكني فشلت و هي المرة الثالثة غير الاثنتان السابقات ، أُحبطت بشدة و أصبحت نفسيتي مدمرة تدمير كامل فقد عشت طفولتي نصفها تحت الصواريخ والرصاص و نصفها الأخر معرضاً للعنصرية والتمييز ، و مراهقتي بين خيبات الأمل وضياع الأحلام وطغيان الحياة علي ،
فأنا أتسأل ماذا فعلت لاستحق كل هذه ؟ لا أعرف ، أصبحت شخصاً عاطفياً لأبعد الحدود ، أنساق وراء قلبي بغباء ، و عصبي و متردد جداً و متسرع ولا أبالي بشيء ، و مسوف كثيراً ، أحاول إسعاد نفسي بأي شيء عوضاً عن تلك الفترة ، حتى بالأشياء الضارة مثل العادة والسهر و مشاهدة المسلسلات العاطفية والحزينة والاستماع للموسيقى الحزينة ، لا أدري لماذا أصبحت أحب الحزن والوحدة والتعب والسهر و ضياع الوقت وهجر الناس و أكره ذاتي وحياتي وخاصةً بعد أن تعرضت لمشاكل جعلت وجهي مخدش و به جروح كثيرة ، أنظر في المرآة و كأني أرى جسدي بلا روح فقط منظر ، و زادت المعانة بسبب مقارنة أهلي لأولاد عمتي بي ، و أختي الكبيرة أيضاً دائماً ما تجلس و يتسخر مني و من كل شيء أقوم به ، و كذلك أصدقائي لا يذكروني إلا من أجل مصلحة أو لغاية في أنفسهم ،
ما زاد معاناتي حتى كرهت كل شيء و لم تعد لي طاقة بأن أقوم بأي نشاط ، فقط تمتيع نفسي لنسيان الماضي و معالجة دمار و ركام الحرب التي بداخلي ، إلى درجة أني أُصبت بأمراض لا أحد يعالم بها إلا الله، و تركت العمل و أهالي ماضون في تدمير روحي أكثر فأكثر ، إلى درجة أظن فيها أنهم يريدون أن أقتل نفسي ليتخالصوا مني ، و دائماً ما يضعون مصائبهم و مشاكلهم وكلام الناس الذي يُقال عنهم على عاتقي لأني لم أنجح في الدراسة ، و هم لا يعلمون أنهم كانوا سبب في تدميري و قتل روحي و أبداعي داخلي ، تعلمت البرمجة لدرجة تفوقت بها على طلاب الجامعات لكن هذا لم يشفع لي عندهم و قد حولها إلى سخرية أيضاً بقولهم : من سوف يوظف شخص راسب و لا يحمل شهادة و كسول و بارد مثلك ؟ أغرب عن وجهنا ، وتارة يأتي صاحبي ذلك الذي يدرس علم حاسوب فقط ليستفسر عما يريده ثم يغيب من أجل المصالحة فقط.
تاريخ النشر : 2021-06-08