ثلاثة أيام – ثلاثة زوار
![]() |
غطيتها جيداً و سحبت أنفاسها من ذاك الجسد الضئيل |
ثلاثة تدخل بيت المرء دون استئذان :
” الديون ، المرض ، الموت ” و أنا أحد هؤلاء فهل حزرتم من أكون ؟.
اتكأت على مقعدي الهزاز و أخذت مذكرتي لأتفحص جدول أعمالي فلم أقم بعمل ممتع منذ مدة ، قلبت تلك الصفحات البائسة بؤس سماء هذا الربيع لعلي أعثر على ما يقتل الملل ، آه لقد أخطأت اعذروني فمن غيري يقتل دون أن يُحاسب ؟ توقف بي المطاف عند ثلاثة تواريخ لشخص واحد.
23 / 04/2020 م ، 24/04/2020 م ، 25/04/2020 م لفتاة في العاشرة ! حسناً إذن لدي الحق في أن أقرر متى سأقطف هذه الزهرة البريئة ، اتجهت إلى العنوان و دخلت البيت بكل بساطة ، يا لوقاحتي فأنا لا أترك حرمة إلا و انتهكتها ! أنا أفطر القلوب ، أزرع الأحزان بين طيات الأفئدة ، أنا من أستعير أرواح الغير و لا أرد ديني ، أنا مرض بل و وباء يزحف إلى النفوس فينتزعها من جذورها ، أذبل زهور الطفولة و أحرق غابات الدنيا ، أنا أسعد على حساب تعاستهم ، فيا لني من شؤم يستقبله الجميع بالسواد و تجهم الوجوه و سيل العبرات على الخدود ! لأني بكل تواضع أدفنهم في أرض التعاسة ،
دخلت الغرفة فغرقت في ظلام دامس ، بدأت أتفحص تفاصيلها ، ملتهماً بنظراتي المتطفلة أثاثها ، هناك الكثير من الرسوم الطفولية الشنيعة التي ابتلت هذه الجدران المسكينة ، عادةً ما أنهب العالم أعظم الفنانين لكن هذه المرة أرى أني سأخلص البشرية من محرف للفن ، و فجأة أضاء نور باهت ودوى صوت من خلفي :
– من أنت ؟.
– مجرد ضيف يا صغيرتي.
– وهل ترى الوقت ملائماً لدخول الضيوف يا هذا ؟.
تأملت الطفلة القصيرة حاملة المصباح بيد و مخطوطة بأخرى.
– الحقيقة أيتها المزعجة أني أتيت لأخذك إلى مكان آخر.
– لكني لا أريد.
– المشكلة أنك لا تملكين خياراً.
– أنا الشخص المعني بالذهاب لذا طبعاً لدي الخيار، ثم لماذا أنت هنا ؟ من دعاك ؟.
ضحكت باستخفاف من هذه الطفلة المضحكة و قلت لها : ثلاثة تدخل بيت المرء دون استئذان و أنا أحدها.
– إذن أنت لص ، فلما لا أصرخ و أريح نفسي منك ؟.
– و لما لا أقتلك و أريح نفسي منك ؟.
– إذن ستدخل السجن أو تُعدم .
ضحكت مجدداً كما لو أني لم أضحك من قبل.
– للأسف لا أحد قادر على معاقبتي ، ما هذه المخطوطة ؟.
– اسمح لي يا سيدي أن أعلمك أن أنفك أكبر من أن تحشره فيما لا يعنيك.
– يا لك من سليطة لسان !.
جلست بقربها على حافة السرير أتفحص المخطوطة ، يبدو أنها بالإسكندنافية.
– تقول هذه الكتابات أن كل من يحمل هذا الشيء سيموت خلال ثلاثة أيام إن لم يمت في أحدها قبل ذلك.
– أنت مترجم ؟ يا لها من خرافة ! لقد اشتريتها من متجر الهدايا لأبرهن على أن اللعنة المزعومة مجرد كذبة لا أساس لها من الوجود.
– لكن من أحضرها إلى متجر الهدايا قد مات و لا أحد بعده لمسها.
– و ما أدراك بذاك الرجل ؟.
– لقد كان أحد “معارفي” ، حسناً أنصتي إلي ، أنتِ طفلة مسلية لذا سأمنحك حق تقرير متى تموتين : الآن قبل منتصف الليل أم غداً ، أم ما بعد غد ؟.
– لا هذا و لا ذاك ، و من أنت حتى تقرر متى أموت ؟ لا زلت صغيرة و أريد أن أعيش.
– آه ، لربما أنتِ أغبى مما اعتقدت ، هيا إلى النوم لقد مللت منك.
نامت نوماً عميقاً فشعرت بالأسى تجاهها ، عشرات الملايين أمثالك أرادوا العيش طويلاً لكن ما الحل ؟ فكرت في أن أنهي الأمر سريعاً حتى لا تتألم فغطيتها جيداً و سحبت أنفاسها من ذاك الجسد الضئيل ، ثم انطلقت مجدداً فلدي عشرة أشخاص آخرين أنتهي منهم الليلة و لربما ” أنت” أحدهم!.
النهاية ……
تاريخ النشر : 2020-04-10