شعب الباجاو

لعل غرائب هذا الكوكب لا تنتهي و عجائبه لا تنقضي ومن الغرائب التي قد يتعجب عند سماعها الإنسان قصة شعب الباجاو الذي اختار العيش في وسط البحر وبالتحديد في منطقة جنوب شرق آسيا قبالة السواحل الماليزية و الفلبينية والاندونيسية حيث تتميز مناطق شاسعة من تلك البحار باعماقها الضحلة التي تمتد بين المتر والمترين و كذلك بقربها من الشعاب المرجانية
في الحقيقة لم يكن البشر يعرفون الكثير عن شعب الباجاو و لم تصل اخبارهم للمؤرخين باستثناء معارف بسيطة توفرت لسكان الجزر المجاورة حيث اعتاد اهل الباجاو على جمع محاصيلهم من الأسماك و الاصداف و خيار البحر و التوجه بها لبعض الشواطئ القريبة منهم و بيعها أو مقايضتها بالارز أو النقود و لعل اول إشارة يمكن تقصيها في كتب التاريخ عن هذا الشعب المنسي ترجع إلى أواسط القرن السادس عشر ميلادي و بالتحديد في العام 1521 حين ذكر المؤرخ الايطالي انطونيو بيجافيتا في كتاباته اقواما يعيشون في البحر و يعتمدون على القرصنة و تجارة الرقيق

أما اليوم فيمكن معرفة الكثير عن عادات هذا الشعب الذى برع في تشييد الأكواخ المقامة فوق سيقان خشبية عالية في وسط البحر حيث تنتشر تلك الأكواخ في مناطق متفرقة يمكن تشبيهها بالقرى المشتتة وتضم القرية الواحدة بضع عشرات أو مئات من الأكواخ
كما برع اهل الباجاو أو كما يسميهم البعض بغجر البحر في تحصيل قوتهم من الصيد و الغطس في أعماق البحر حيث تأخذهم رحلات الصيد التي قد تستمر لأسابيع على متن قواربهم البدائية الى مناطق بعيدة قد تصل حتى شمالي استراليا أما ضعاف الحال منهم اي الذين لا يمتلكون قوارب فيكتفون بجمع الاصداف و خيار البحر و الشعاب المرجانية من الأماكن القريبة من أكواخهم لذلك فهم يصارعون من أجل البقاء و يكابدون من اجل توفير لقمة العيش لأطفالهم بالإضافة لمعاناتهم المستمرة من الظروف الطبيعية القاسية و العواصف و مواسم الأمطار

عرف اهل الباجاو ايضا بطيبتهم و بترحيبهم بالغرباء وبتنقلهم المستمر على متن قواربهم الصغيرة بحثا عن الأسماك رغم أنهم لا ينتمون إداريا لأية دولة ولا يمتلكون أوراقا ثبوتية بل لا يعرفون حتى أعمارهم فهذه الأشياء لا تعنيهم في شيء إنما ينقلون معارفهم بشكل شفوي من جيل إلى جيل
ورغم أن معظمهم يدين ظاهريا بالاسلام إلا أنهم دأبوا على تقديم الصلوات للارواح التي تسكن البحر و المعروفة بالجن و يتداول اهل الباجاو اسطوره ملخصها أن ملكا جبارا كان يحكمهم في بعض الازمنة حين كانوا يعيشون فوق اليابسة وكان له ابنة ابتلعها البحر في عاصفة شديدة فأمر الملك شعبه بالبحث عن ابنته فرحلوا الى البحر و لما فشلوا في العثور عليها قرروا البقاء في البحر و عدم العودة إلى اليابسة خوفا من بطش الملك

يذهب بعض أهل الباجاو أحيانا إلى اليابسة فى مناسبات قليلة لجمع الحطب و مياه الشرب و مقايضة اغراضهم و اسماكهم بالارز و النقود ولكنهم يصابون بالدوار عند قضاء فترة اكثر من المعتاد فوق اليابسة