القسم : أدب الرعب والعام
عبد الله و محكمة الجن

***
التفت الرجل وراءه و هو يلهث و صوته المنقطع ينبثق من فمه بصعوبة واضحة مردداً : من أنـ .. ـتِ ، من أنتِ ، ماذا تريدين ؟؟
هذه آخر كلماته قبل أن يفقد الوعي ، أو بالأحرى أن يدخل غيبوبة استمرت عامين ، هذه المدة بأكملها قضاها في عالمٍ آخر ، هذا ما أخبر به زوجته خديجة عندما استيقظ من سباته الطويل .
عاد للحياة يوم 9 أبريل ، و يا للصدفة نفس التاريخ الذي دخل فيه بالغيبوبة اللعينة هكذا كان يسميها ، وجدته الممرضة متكوراً فوق سريره و قد نزع الأجهزة المتصلة بجسده ، و بسرعة اتصلت بالطبيب المكلف بحالته و الذي جاء متفاخراً كأنه المنقذ المخلص .
قام بفحصه و طلب من الممرضة أن تتصل بزوجته و تبشرها بالخبر ..
دخلت خديجة عند زوجها و أخيراً بكت دموع فرح هذه المرة ، ما إن دخلت غرفته حتى قام من سريره بخفة كأنه لم يكن مريضاً طوال هذه المدة و عانقها و قبل يديها و سألها عن ابنه عثمان .. لماذا لم يرافقها ؟! بدت على وجهها الدهشة و قالت بصوت مبحوح ألا تتذكر ماذا حدث ؟
سكت و أخذ يفكر .. لعله يتذكر
أخذت ذاكرته تعود إلى التاسع من أبريل .. في الغابة كان يركض خائفاً و ممسكاً يد ابنه ، و المرأة الملثمة و راءهما تركض ، لا .. بل تطير و تصرخ بشدة !!
و فجأة سحبت ابنه من يديه و ارتمت عليه كالوحش الكاسر ، قضمت أذنه و الابن متسمر لا يصرخ و عينيه اختفى منهما السواد ، أخذ منجلاً كان بحوزته بغرض إحضار الحطب و ضربها به ، لكنها دفعته بعيداً و ارتطم رأسه بشجرة و فقد الوعي ...
خديجة : لقد عثر جارنا محمد على عثمان مقتولاً و الطبيب أخبرنا بأن الذئاب هاجمته ، و لحسن الحظ أنك نجوت ، أنت أملي الوحيد في الحياة ، الحمد لله على نجاتك .
نسيت أن أخبركم بأن الرجل اسمه عبد الله .
عبد الله بدأ يبكي بشدة على كتف زوجته ، و همس في أذنها مات ثمرة حبنا .. البقاء لله و الحمد لله ، آه يا خديجة لو تعلمين ما الذي مررت به ، لقد اعتقدت بأني لن أراك مرةً ثانية ، فقدت الأمل لكن رحمة الله واسعة ، سأخبرك أين كنت يا حبيبتي في المنزل .
خديجة : سأسأل الطببب إن كان بإمكانك الخروج اليوم .
عادت خديجة إلى الغرفة و بيدها إذن الخروج و ذهبا إلى المنزل الذي لم يخلُ من الأحباب و الأصحاب قد أتوا ليهنئوا عبدالله و يفرحوا بعودته ، و لم تتسنى له فرصة إخبار زوجته أين كان كل هذه المدة و ماذا حدث لابنه ، إلا بعد أسبوع و تحديداً بعد صلاة الفجر حيث عاد إلى بيته و وجد خديجة تقرأ القرآن ، انتظرها حتى انتهت و قبَّل رأسها و قال لها :
أريد أن أقص عليكِ ماذا وقع ليلة الحادث الشنيع ، أرجوك لا ترتعبي فالحمد لله لقد انتهت المعاناة إلى الأبد و أعدك بأني سأعوضك عما وقع ، استمعي الآن إلي و لا تقاطعيني كعادتك ، أمسك بيديها و نظر نظرة عميقة و تنهد و استرسل في الكلام :
ليلتها كنت أنا و عثمان رحمه الله نلعب رمي الحجارة على سطح النهر بعدما جمعنا كومة من الحطب ، استمرينا في اللعب و كنت أرمي حجارتي قريبة عمداً ، كي يفرح فلذة كبدي برميها بعيداً ، آه .. كان فخوراً بنفسه حينها و أخذ يغيظني و أنا أضحك ، يا له من طفل مشاكس ، و بعد برهة سمعنا خطوات مسرعة تتجه نحونا ، التفت عثمان و صرخ وحش .. وحش ، التفت ورائي و شاهدت منظراً لا يستطيع عقل بشر أن يستوعبه ، امرأة ملثمة طويلة القامة لا بل عملاقة ، عيناها حمراوتان كالنار ، ماسكة بيدها جسد طفلٍ ضخم و رأسه مهشم .
وقفت و أمسكتُ بيد عثمان فصرخت صرخة مدوية ، أقسم أن الأشجار تحركت و ماء النهر صعد إلى الأفق ، و قالت :
لماذا قتلتموه ؟ "صنديع" ابني قتلتموه ، ستحل عليكم لعنتي إلى الأبد .
أخذت أركض أنا و عثمان و هي وراءنا ، كانت سريعة جداً ، تارة تطير و تارة تركض كالسباع ، فجأة سحبت ابني من يدي و انقضت عليه و أنا أترجاها .. خذيني بدلاً عنه ، لكنها لم تعرني اهتماماً ، أخذتُ المنجل و ضربتها فدفعتني بعيداً و بعدها لم أعد أرى إلا الظلام ...
استيقظت و أنا مكبل الأيدي و الأرجل في قفص صغير جداً و جماعة من الأشكال الغريبة عمالقة ، أقزام و إنسان برأس حمار .... يقتادونني نحو مجلس كالمحكمة ، القاضي غريب الهيئة و وجهه أصغر من جسمه بكثير ، و لحيته طويلة و تغزوها كائنات صغيرة ، أخذ يوجه لي كلاماً بلغة غير مفهومة ، و بعد برهة تكلم بلغتننا :
محكوم عليك بشهر في السجن .. قد تتساءل لماذا حكمي مخفف ، لأن القصاص قد تم ، أما سجنك فعقاب لك حتى لا تعيد الكرة و تقترب من النهر ...
لا زلت مصدوماً بما أراه ، و حكم ذلك الكائن زعزع كياني ، قتلوا فلذة كبدي و سجنت في عالم غير عالمي ، اختفى مجلس المحكمة و ساد صمت رهيب ، و لازلت أحاول التفكير بما وقع محاولاً استيعاب الأحداث ، و فجأة سمعت :
بس..بس..بس ، التفت لمصدر الصوت و إذا بي أرى شاباً في مقتبل العمر جالساً في قفص و قال لي بصوت منكسر :
أنا نبيل و قد حكم علي هؤلاء الجن بأن أظل في عالمهم إلى أن تتوفى أمي ، اقتادوني الى هنا و أنا في الخامسة من عمري ، لم أقترف أي خطأ بحقهم ، لكنهم اختطفوني لأن أمي كانت ساحرة و تابت ، و عقاباً لها أنا هنا ، لا أستطيع أن أتمنى خروجي ، فإطلاق سراحي رهين بموت و الدتي ، مسكينة أمي حرمت مني ، أخذوني منها و هي تقول (قد تبت إلى الله رب العالمين إن أخذتم ابني فربي المستعان ، سامحني يا نبيل لم أستطع حمايتك) ، مازال صدى كلامها يخالج أعماقي .. المعذرة لم أسألك من أنت و لماذا أنت هنا فلم أتكلم مع إنسي منذ أن توفي عبد الرحمن ، قد حكم عليه بالإعدام شنقاً رحمه الله ، دعنا من قصته و أخبرني ما قصتك مع هؤلاء القوم ؟؟
أجبته : أنا عبد الله ، سأخبرك بقصتي فيما بعد لا أريد الكلام الآن فأنا متعب ، سنتكلم غداً إن شاء الله ، و أنا آسف على ما مررت به .
نبيل : حسنا كما تريد ، سأنتظر حتى تكون مستعداً للكلام ، لكن إنتبه .. لا ينبغي أن نتكلم عندما يحضر الحراس ، لقد قطعوا لسان سجين لمجرد أنه تكلم مع سجين آخر .
صمت نبيل و أنا مازالت صورة عثمان بين عيني و الألم يعتري كل جزء من روحي و جسدي كلما فكرت بك يا خديجة ، من سيعتني بك في غيابي ، ليس لنا أحد ، إلى من ستلجئين ، ليس بيدي سوى الدعاء ، الله لن يتخلى عني في محنتي ، في خلوتي لم أجد إلا لذة الصلاة ، تيممت و صليت رغم أني لا أعرف جهة القبلة ، بكيت كثيراً و أخيراً أحسست براحة ، و توقف تفكيري و خلدت للنوم .
لست أعلم كم مر من الوقت و أنا نائم ، فالمكان الذي كنت فيه لا ينبثق منه نور الشمس ، استيقظت على أصوات غريبة ، فتحت عيني فرأيت تلك المرأة التي قتلت ابني أمام قفصي تكلم رجلاً أو هذا ما ظننته ، فما إن أدار وجهه حتى صرخت لهول ما رأيت ، كانت عيناه في جبهته و له أذني حمار و أسنانه فوق شفتيه ، أخذ يضحك و قال كل الآدميين بشعين و يظنون بأنهم أجمل منا ، سألني : كم المدة الذي قضيتها هنا يا عبد الله ابن زينب ؟؟
لست أدري كيف عرف اسم أمي ، و أنا أتحدث مع نفسي صرخ : أجبني أيها البشري ..
قلت : ليلة واحدة ، فقد سجنت البارحة .
فأخذ يضحك و قال : قلت ليلة واحدة ، أيامنا ليست كأيامكم ، و أخذ يعيدها بصوته القبيح مراراً و تكراراً حتى اختفى .
لم أفهم أي شيء في بادئ الأمر ، لكني صدمت حينما أخبرني نبيل بأن اليوم الواحد في عالمهم يعادل شهراً في عالمنا ، فأدركت حجم مصيبتي ، و بعد مدة من استيعابي للوضع المحتم علي ، أصبحت قادراً على الكلام فأخبرت نبيل بقصتي و تأسف لما حدث لعثمان ، و أثناء حديثنا قال لي بأنه كان يراقبني عندما صليت البارحة و طلب مني تعليمه الصلاة ، علمته كل ما أعلم و قد حفظ بعض السور ، كان نعم الأنيس في الوحدة ، مرت المدة التي حكموا علي بقضائها ، فرحت كثيراً لأني أخيراً سأتخلص من العذاب ، لكني حزنت عندما رأيت نبيل يبكي لأني سأفارقه ، طلب مني أن أبحث عن أمه و أخبرها بأنه بخير و لم ينسها و أن أقول لها أن تعتني بنفسها و بأنه نعم الخيار الذي قامت به .
ودعت نبيل قبل مجيء الحراس اللذين أخرجوني من القفص و اقتادوني إلى النهر ، و عندما فتحت عيني وجدت نفسي في المشفى ، خديجة أرجو أن ترافقيني لكي أوصل الأمانة لأم نبيل .
خديجة : سأرافقك إلى أي مكان ، لن أدعك تفارق عيناي مرة أخرى بعد الآن ..
هذه آخر كلماته قبل أن يفقد الوعي ، أو بالأحرى أن يدخل غيبوبة استمرت عامين ، هذه المدة بأكملها قضاها في عالمٍ آخر ، هذا ما أخبر به زوجته خديجة عندما استيقظ من سباته الطويل .
عاد للحياة يوم 9 أبريل ، و يا للصدفة نفس التاريخ الذي دخل فيه بالغيبوبة اللعينة هكذا كان يسميها ، وجدته الممرضة متكوراً فوق سريره و قد نزع الأجهزة المتصلة بجسده ، و بسرعة اتصلت بالطبيب المكلف بحالته و الذي جاء متفاخراً كأنه المنقذ المخلص .
قام بفحصه و طلب من الممرضة أن تتصل بزوجته و تبشرها بالخبر ..
دخلت خديجة عند زوجها و أخيراً بكت دموع فرح هذه المرة ، ما إن دخلت غرفته حتى قام من سريره بخفة كأنه لم يكن مريضاً طوال هذه المدة و عانقها و قبل يديها و سألها عن ابنه عثمان .. لماذا لم يرافقها ؟! بدت على وجهها الدهشة و قالت بصوت مبحوح ألا تتذكر ماذا حدث ؟
سكت و أخذ يفكر .. لعله يتذكر
أخذت ذاكرته تعود إلى التاسع من أبريل .. في الغابة كان يركض خائفاً و ممسكاً يد ابنه ، و المرأة الملثمة و راءهما تركض ، لا .. بل تطير و تصرخ بشدة !!
و فجأة سحبت ابنه من يديه و ارتمت عليه كالوحش الكاسر ، قضمت أذنه و الابن متسمر لا يصرخ و عينيه اختفى منهما السواد ، أخذ منجلاً كان بحوزته بغرض إحضار الحطب و ضربها به ، لكنها دفعته بعيداً و ارتطم رأسه بشجرة و فقد الوعي ...
خديجة : لقد عثر جارنا محمد على عثمان مقتولاً و الطبيب أخبرنا بأن الذئاب هاجمته ، و لحسن الحظ أنك نجوت ، أنت أملي الوحيد في الحياة ، الحمد لله على نجاتك .
نسيت أن أخبركم بأن الرجل اسمه عبد الله .
عبد الله بدأ يبكي بشدة على كتف زوجته ، و همس في أذنها مات ثمرة حبنا .. البقاء لله و الحمد لله ، آه يا خديجة لو تعلمين ما الذي مررت به ، لقد اعتقدت بأني لن أراك مرةً ثانية ، فقدت الأمل لكن رحمة الله واسعة ، سأخبرك أين كنت يا حبيبتي في المنزل .
خديجة : سأسأل الطببب إن كان بإمكانك الخروج اليوم .
عادت خديجة إلى الغرفة و بيدها إذن الخروج و ذهبا إلى المنزل الذي لم يخلُ من الأحباب و الأصحاب قد أتوا ليهنئوا عبدالله و يفرحوا بعودته ، و لم تتسنى له فرصة إخبار زوجته أين كان كل هذه المدة و ماذا حدث لابنه ، إلا بعد أسبوع و تحديداً بعد صلاة الفجر حيث عاد إلى بيته و وجد خديجة تقرأ القرآن ، انتظرها حتى انتهت و قبَّل رأسها و قال لها :
أريد أن أقص عليكِ ماذا وقع ليلة الحادث الشنيع ، أرجوك لا ترتعبي فالحمد لله لقد انتهت المعاناة إلى الأبد و أعدك بأني سأعوضك عما وقع ، استمعي الآن إلي و لا تقاطعيني كعادتك ، أمسك بيديها و نظر نظرة عميقة و تنهد و استرسل في الكلام :
ليلتها كنت أنا و عثمان رحمه الله نلعب رمي الحجارة على سطح النهر بعدما جمعنا كومة من الحطب ، استمرينا في اللعب و كنت أرمي حجارتي قريبة عمداً ، كي يفرح فلذة كبدي برميها بعيداً ، آه .. كان فخوراً بنفسه حينها و أخذ يغيظني و أنا أضحك ، يا له من طفل مشاكس ، و بعد برهة سمعنا خطوات مسرعة تتجه نحونا ، التفت عثمان و صرخ وحش .. وحش ، التفت ورائي و شاهدت منظراً لا يستطيع عقل بشر أن يستوعبه ، امرأة ملثمة طويلة القامة لا بل عملاقة ، عيناها حمراوتان كالنار ، ماسكة بيدها جسد طفلٍ ضخم و رأسه مهشم .
وقفت و أمسكتُ بيد عثمان فصرخت صرخة مدوية ، أقسم أن الأشجار تحركت و ماء النهر صعد إلى الأفق ، و قالت :
لماذا قتلتموه ؟ "صنديع" ابني قتلتموه ، ستحل عليكم لعنتي إلى الأبد .
أخذت أركض أنا و عثمان و هي وراءنا ، كانت سريعة جداً ، تارة تطير و تارة تركض كالسباع ، فجأة سحبت ابني من يدي و انقضت عليه و أنا أترجاها .. خذيني بدلاً عنه ، لكنها لم تعرني اهتماماً ، أخذتُ المنجل و ضربتها فدفعتني بعيداً و بعدها لم أعد أرى إلا الظلام ...
استيقظت و أنا مكبل الأيدي و الأرجل في قفص صغير جداً و جماعة من الأشكال الغريبة عمالقة ، أقزام و إنسان برأس حمار .... يقتادونني نحو مجلس كالمحكمة ، القاضي غريب الهيئة و وجهه أصغر من جسمه بكثير ، و لحيته طويلة و تغزوها كائنات صغيرة ، أخذ يوجه لي كلاماً بلغة غير مفهومة ، و بعد برهة تكلم بلغتننا :
محكوم عليك بشهر في السجن .. قد تتساءل لماذا حكمي مخفف ، لأن القصاص قد تم ، أما سجنك فعقاب لك حتى لا تعيد الكرة و تقترب من النهر ...
لا زلت مصدوماً بما أراه ، و حكم ذلك الكائن زعزع كياني ، قتلوا فلذة كبدي و سجنت في عالم غير عالمي ، اختفى مجلس المحكمة و ساد صمت رهيب ، و لازلت أحاول التفكير بما وقع محاولاً استيعاب الأحداث ، و فجأة سمعت :
بس..بس..بس ، التفت لمصدر الصوت و إذا بي أرى شاباً في مقتبل العمر جالساً في قفص و قال لي بصوت منكسر :
أنا نبيل و قد حكم علي هؤلاء الجن بأن أظل في عالمهم إلى أن تتوفى أمي ، اقتادوني الى هنا و أنا في الخامسة من عمري ، لم أقترف أي خطأ بحقهم ، لكنهم اختطفوني لأن أمي كانت ساحرة و تابت ، و عقاباً لها أنا هنا ، لا أستطيع أن أتمنى خروجي ، فإطلاق سراحي رهين بموت و الدتي ، مسكينة أمي حرمت مني ، أخذوني منها و هي تقول (قد تبت إلى الله رب العالمين إن أخذتم ابني فربي المستعان ، سامحني يا نبيل لم أستطع حمايتك) ، مازال صدى كلامها يخالج أعماقي .. المعذرة لم أسألك من أنت و لماذا أنت هنا فلم أتكلم مع إنسي منذ أن توفي عبد الرحمن ، قد حكم عليه بالإعدام شنقاً رحمه الله ، دعنا من قصته و أخبرني ما قصتك مع هؤلاء القوم ؟؟
أجبته : أنا عبد الله ، سأخبرك بقصتي فيما بعد لا أريد الكلام الآن فأنا متعب ، سنتكلم غداً إن شاء الله ، و أنا آسف على ما مررت به .
نبيل : حسنا كما تريد ، سأنتظر حتى تكون مستعداً للكلام ، لكن إنتبه .. لا ينبغي أن نتكلم عندما يحضر الحراس ، لقد قطعوا لسان سجين لمجرد أنه تكلم مع سجين آخر .
صمت نبيل و أنا مازالت صورة عثمان بين عيني و الألم يعتري كل جزء من روحي و جسدي كلما فكرت بك يا خديجة ، من سيعتني بك في غيابي ، ليس لنا أحد ، إلى من ستلجئين ، ليس بيدي سوى الدعاء ، الله لن يتخلى عني في محنتي ، في خلوتي لم أجد إلا لذة الصلاة ، تيممت و صليت رغم أني لا أعرف جهة القبلة ، بكيت كثيراً و أخيراً أحسست براحة ، و توقف تفكيري و خلدت للنوم .
لست أعلم كم مر من الوقت و أنا نائم ، فالمكان الذي كنت فيه لا ينبثق منه نور الشمس ، استيقظت على أصوات غريبة ، فتحت عيني فرأيت تلك المرأة التي قتلت ابني أمام قفصي تكلم رجلاً أو هذا ما ظننته ، فما إن أدار وجهه حتى صرخت لهول ما رأيت ، كانت عيناه في جبهته و له أذني حمار و أسنانه فوق شفتيه ، أخذ يضحك و قال كل الآدميين بشعين و يظنون بأنهم أجمل منا ، سألني : كم المدة الذي قضيتها هنا يا عبد الله ابن زينب ؟؟
لست أدري كيف عرف اسم أمي ، و أنا أتحدث مع نفسي صرخ : أجبني أيها البشري ..
قلت : ليلة واحدة ، فقد سجنت البارحة .
فأخذ يضحك و قال : قلت ليلة واحدة ، أيامنا ليست كأيامكم ، و أخذ يعيدها بصوته القبيح مراراً و تكراراً حتى اختفى .
لم أفهم أي شيء في بادئ الأمر ، لكني صدمت حينما أخبرني نبيل بأن اليوم الواحد في عالمهم يعادل شهراً في عالمنا ، فأدركت حجم مصيبتي ، و بعد مدة من استيعابي للوضع المحتم علي ، أصبحت قادراً على الكلام فأخبرت نبيل بقصتي و تأسف لما حدث لعثمان ، و أثناء حديثنا قال لي بأنه كان يراقبني عندما صليت البارحة و طلب مني تعليمه الصلاة ، علمته كل ما أعلم و قد حفظ بعض السور ، كان نعم الأنيس في الوحدة ، مرت المدة التي حكموا علي بقضائها ، فرحت كثيراً لأني أخيراً سأتخلص من العذاب ، لكني حزنت عندما رأيت نبيل يبكي لأني سأفارقه ، طلب مني أن أبحث عن أمه و أخبرها بأنه بخير و لم ينسها و أن أقول لها أن تعتني بنفسها و بأنه نعم الخيار الذي قامت به .
ودعت نبيل قبل مجيء الحراس اللذين أخرجوني من القفص و اقتادوني إلى النهر ، و عندما فتحت عيني وجدت نفسي في المشفى ، خديجة أرجو أن ترافقيني لكي أوصل الأمانة لأم نبيل .
خديجة : سأرافقك إلى أي مكان ، لن أدعك تفارق عيناي مرة أخرى بعد الآن ..
تاريخ النشر: 2016-10-30
للمزيد من مقالات الكاتب : هنادي
التعليقات (25)
ناميسا:
رائعة!!!! الله يبارك من اجمل القصص التي قراءتها وفقك الله :)
مغربي اندلسي:
واخيرا مغربي في قصص ادب الرعب والعام.
روعة القصة.سلمت يمناك.
هنادي:
شكرا يسعدني تعليقك مغربي اندلسي و ناميسا
إنسان ميت:
القصة جميلة تمنيت لو أنها كانت أطول
مريم_ المغرب:
قصة اكثر من رائعة وحبكتها متقنة
احسنت انستي الكاتبة
بسم الله الرحمان الرحيم
ناري حتى الجنون عندهم محكمة ! ههههه
قصة جميلة انتظر ابداعك المقبل
تقبلي مروري...
هنادي:
سلام مريم شكرا
ضروري من القانون و المحكمة حتى عند الجنون
عزف الحنايا:
جميلة جداً عزيزتي هنادي
تمنيت أن تكون أطول أو أن يكون لها تكملة ..
sam.zodiac:
قصة أكثر من رائعه شكرا نوار
Shadwoo Shadwoo:
تجنننن واجمل حاجة ان كلها بتتكلم عن الصلاة والدين
رااااحة بجد
لطيفة المغربية:
قصة جميلة فخورة بك يا بنت بلادي
غاده مايكل:
لم تعجبنى القصه صراحه لاانها ليست حقيقيه القصص الواقعيه افضل وحماسيه اما قصص الخيال لاتروق لى ضيعت وقتى على بالى صدق ههه المعدره بس هده وجهة نظر
Samer Bayat:
سلمت يداك يا هنادي. القصة اكثر من رائعة لكن يا ليتها كانت اطول.
Keep on the good work
هنادي:
شكرا سام لطيفة المغربية و شادو و سامر
اسفة غادة لتضييع وقتك النفيس الاحرى ان تنتبهي للقسم قبل قراءة القصة ليس شرطا ان تكون القصة واقعية في ادب الرعب و العام
جبروت امرأة:
جميلة جدا أحسنتتي
اندلس الجزائر:
يااخت هنادي جميييييييييييييييييييييل برافو ابدعت
بارك الله فيك اتحفينا بجزء ثاني وثالث لاتتاخري علينا
الطيب:
فعلا قصة رائعة وجميلة
لميا البوق .:
قصه اروع من الرائعه ماشاء الله ي هنادي
اكثر لحظه ارعبتني و تخيلتها حتى تقشعر جسدي
عندما ركضت تلك المرأه و بيدها طفل مهشم الرأس والله لو انا مكان عبدالله ل مت من المنظر المرعب ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
استمري ب الكتابه
هنادي:
شكرا لكم تشجيعكم حفزني لكتابة جزء ثان للقصة ،انا الان بصدد كتابتها
مصطفي جمال:
تقليدية و لا قصة فيها و غير منطقية و مبنية على غرافات سيئة لم تعجبني
هنادي:
السلام عليكم
شكرا لك مرشد الظاهري
اما بالنسبة لك مصطفى جمال لن اعقب على تعليقك رأيك يحترم مهما كان ....... :)
هبــــــــــة:
ليست سيئـــة :)
MEMATI BASH (فاطمة اللامي):
جميلة جداً :)
ام ديانا:
احد افراد عائلتي اخذته الجن وحاكمته وهذي والله قصة سردها ابن عم ابي لنا ويحلف انها حقيقه وابن عم ابي هذا وجل صالح عاش في اليمن في احدى القرى انا اعرفه وهو شخص صادق وكان امام مسجد رحمة الله عليه اذكر انه كان لا يصدق من الاحاديث الا التي رواها ابو هريره ههههههه ناتي لقصته قال انه في احدى الايام راى عردن ( حرباء ) فقتلها بحجر وبعد ذلك عاد لمنزله ونام فبدا يرا اناس غرباءطلبو منه المجيء معه قال ذهبت معهم ومشيت كثيرا وظللت اتمتم بالمعوذات الى ان وصلت الى محكمة الجن حيث حاكموني واتهموني بقتل طفل جنية واخذت ام الطفل تصرخ وتقول انت قتلت طفلي فقال ان لم اقتل طفلك الشي الوحيد الذي قتلته هو عردن ( حرباء ) فقالت الام ان ابنها كان متشبه بصورة العردن ( حرباء ) فقال القاضي طالما انه كان متشبه بحيوان فلا ذنب على من قتله وحكمو عليا بالبراءه واستيقظت من نومي .. عاش صاحب هذه القصه امام لمسجد ولما مات مع الاسف افتقده كل سكان قريتنا وحتى المسجد لم يعد كمان كان قبله رحمة الله عليه .
هنادي إلى أم ديانا:
رحمه الله و أوسعه فسيح جناته
Azainall2020:
رائعة ومختصرة
..
..
ملاحظة: تم تغيير الاسم السابق (azainall2020@) إلى الاسم الحالي (Azainall2020)
ودمتم بخير :)