عبر الأثير
استطعت الحركة ونهضت من مكاني بسرعة خارقة و كأن جسدي بوزن ريشة |
ثم في لحظة اختفت تلك الأصوات واستطعت الحركة ونهضت من مكاني بسرعة خارقة و كأن جسدي بوزن ريشة ، استدرت متجهاً نحو مفتاح النور ، عندها صعقت بالمشهد الذي سقطت عيناي عليه ، رأيت نفسي نائماً في السرير ، أي كأنني كنت نسختين ، نسخة واقفة وسط الغرفة و نسختي الثانية كانت نائمة على السرير ، بدأت أنظر و أنا مصدوم و مرعوب من هذا الأمر ، ثم نظرت لنفسي لأجد أن قدمي غير ملامستان للأرض ، حيث أنني كنت أطفو حرفياً ، اتجهت نحو الباب وحاولت الخروج ولكن لم أستطع أن ألمس القبضة ، فقمت بخطوة جريئة وحاولت المرور من خلال الباب ، و ما صدمني أكثر هو أنني نجحت ، وكأنني كنت شبحاً أخترق الجدران والأجسام الصلبة ، خرجت و ظللت أسير – أو بالأحرى أطير – بين أرجاء الغرف والممرات وصولاً إلى الدرج المؤدي للدور العلوي ،
و من ثم عدت باتجاه غرفتي ، فوجدت أختي قد خرجت من غرفتها متجهة إلى المطبخ ، اقتربت منها وخاطبتها لكنها لم تجبني ، لم تكن تراني أو تسمعني وكأنني لست موجوداً أصلاً ، و أثناء تواجدها في المطبخ سقط منها كوب على الأرض و أنكسر ، فقامت بجمعه و رميه ثم نظفت المكان وعادت إلى غرفتها ، ومن ثم عدت كذلك إلى غرفتي و بدأت أنظر إلى نسختي الثانية الموجودة على السرير و كأنها جثة هامدة ، و بمجرد أن مددت يدي لكي ألمسها فاذا بي أُسحب اليها و أندمج معها بسرعة البرق ، لأستيقظ بعدها على سريري مصدوماً و أنا أتصبب عرقاً و أشعر بحرارة في جسمي و قلبي يخفق بقوة ، ظللت أتلفت من حولي كالمجنون و أنا أتحسس نفسي و ألمس أطرافي لأتأكد أنني عدت لطبيعتي ، أشعلت النور و جلست على حافة السرير و أنا أفكر ما الذي حدث للتو !
هل كان مجرد حلم أم أنها حقيقة ، هل يمكن أن يكون ما حدث معي هو ما يُسمى بالأسقاط النجمي ؟ لا أعرف ، ثم خطرت في بالي فكرة لأقطع الشك باليقين ، اتجهت نحو المطبخ وبدأت أبحث عن الكوب المكسور ، الكوب الذي كسرته أختي ، و لم أجده ، فقمت بفتح سلة المهملات – أعزكم الله – لأصدم بوجوده مكسوراً ، اذاً لم يعد هناك أي شك في الأمر فما حدث معي حقيقي وليس توهماً أو حلماً ، وكما أخبرتكم في البداية أنها لم تكن مرة واحدة بل مرتين ، و في المرة الثانية بينما كنت أتجول خطرت في بالي فكرة وهي أن أبحث عن أي شيء أو أي غرض و أعرف مكانه ، وعندما أعود إلى جسدي أخرج من الغرفة و أذهب لأتفقده ، فاذا كان موجوداً فهذا يعني أن ما يحدث ليس حلماً ،
فوجدت عند مطلع الدرج بالصدفة ملمع الأحذية وقد كان ملقي ومنسكب منه القليل ، وبعد أن عدت إلى جسدي خرجت متجهاً نحو مطلع الدرج لأجد الملمع تماماً كما رأيته في المرة الأولى كان ملقي ومنسكباً ، وهذا دليل أخر على أن ما حدث لم يكن حلماً ، ولكن كان الأمر الغريب في المرة الثانية هي أنني حاولت المرور من الجدار لأخرج إلى الخارج لكنني لم أستطع ، فقد كان المجال الذي بإمكاني التجول فيه هو داخل المنزل فقط.
تاريخ النشر : 2020-09-06