عجائب شهرزاد 2
![]() |
انا على استعداد لإكمال ما تبقى من الحكاية |
قائلة في خضوع :
-جئتكم كما اسلفت بوعدي الليله الماضية ..و انا على استعداد لإكمال ما تبقى من الحكاية ..و أنثر ما اُشجيّ به مسامع الرجال و الصبايا ..و اعدكم ان تطّلعوا على كل الخفايا ..
فاستدعى الحاكم وزرائه , و كل رعايا القصر ..قائلاً :
-هلمّوا لنكمل الحكاية !!
و بعد ان اجتمعوا في حضرة السلطان ..
تنهّدت شهرزاد , ثم باشرت من حيث انتهت , قائلة :
-فأعدّ الأمير ياسين ما استطاع من عدّة لتجهيز القوارب , و اعادة تهيئة الجيش..في حين سار رجلٌ من رجال جامان , يحمل بيده احدى الطبول المنقوشة , و اطرق يقول :
-نبشركم بانتصار حاكمكم العظيم !! سنعدّ احتفالاً ضخم في المدينة !!! ..و سنختار اجمل فتياتكم لتنال شرف تقديمها كقربان , لأحد آلهتنا المُبجّلة المتشيّطنة الكبيرة ..و سنُنشيء حلبة مصارعة ..و سيُكافىء المصارع الفائز : بأن يكون زعيم الحرس العشرة الأقوى للحاكم , لينال شرف حمايته ..
ثم طرق بطرقٍ تصمّ لها الآذان , و قال :
-و الحاضر يُعلم الغائب !! و التجمّع في يوم الزينة !!!!
و طرق طرقةً ثانية , تكاد تبعث الموتى من قبورهم مذعورين ..و اعاد قائلاً :
-و الحاضر يُعلم الغائب !! و التجمّع يوم الزينة !!!!
فعمّ الإحساس باليأس لدى الشيوخ و العُجَّزّ من الرجال , و الحزن لدى الأمهات و الخوف لدى الجميلات..و غَشت الكآبة المدينة..و بكى الصغار ..
ثم أوى الجميع الى مساكنهم , بعد ان قُصِمَت قشّة النجاة الوحيدة ..
يالها بالفعل من مدينة تعِسَة !
***
خلَت الشوارع من السكّان ..عدا ذاك العجوز القابع في منزله بطرف المدينة , و هو يتمّتم بنصرٍ يسبق اوانه :
-تالله لم يمت !! و لا هكذا يموت الشجعان ! ..غُلبتَ يا جامان , غُلبت !! و انك لمن المهزومين لا محالة..
***
و في هذه الأثناء ..عثرَ جنود ياسين على قلادةٍ ذهبية منقوشاً عليها اسم ياسين , بجميع لغات الأرض الموجودة آنذاك ! ..و كانت عباره عن كرة ذهبية مُتصلة بسلسلةٍ قصيرة , و محفوراً عليها : اسم ياسين بلغاتٍ عدّة من جميع جوانبها..
و ما ان فتح القلادة , حتى قفز شيء من اللاشيء , و كأنه جاء من العدم ! .. ارتبك ياسين و ظنّها احدى خدع العدو .. فأمر جنده بالتراجع , في حين ظلّ هو ثابتاً في مكانه..و قال بقلق :
-من تكون ؟! و ماذا تريد ؟.. و هل انت لجامان احدِ العبيد ؟!
فردّ عليه قائلاً :
-لا !! و لا شرف لي بذلك .. لكن منذ زمنٍ بعيد .. قرّر رجلٌ شديد ان يستغلّ السحر المحظور , ليحقّق ما طمح له من شرور ..فحوّل الشعب السعيد , الى شعبٍ يعاني من بؤسٍ شديد.. فقتل كل من لهم القدرة على مجابهته من السحرة الخيّرين , الذين كانوا بالجان يستعينون , في شفاء بعض امراض عامة الناس , و البقيّة جعلهم له مجنّدون , فيأمرهم بالشرّ فيطيعون..
لكن كان هناك رجلاً غفل عنه جامان , و هو صاحب الفضل الكبير بوجودي الآن .. و كان قد بُشِّرَ بحلم : بقدومك و بالمكان الذي ستحلّ به ..فقرّر ان يدفنني بهذا المكان , حتى تجدني ..و لأكون عوناً لك ..و انا احد ملوك الجان , و املك من القوة قدراً به لا يُستهان.. و انا هنا لأقضي معك على جامان..و من المؤكّد !! انك ياسين ؟
فابتسم ياسين ابتسامة تفاؤل , و قال :
-هذا ما كنت احتاجه , شكراً للرحمان !! اجل انا ياسين ..و اهلاً بك يا خير مُعين..
فبادر ياسين بتوكيل حليفه راشيّل بمهمته الأولى و هي : ان يسترق السمع , ليرى ما ينوي فعله جامان , و هل صدّق فعلاً نبأ الهزيمة و موت ياسين ؟!
و انطلق الجني راشيّل باتجاه المدينة ..و حين وصل الى مشارفها ..وجد حرّاسها يتهامسون بالأخبار .. فأدرك ما يُخطّط له جامان ..فعاد مُسرعاً لياسين , حاملاً معه الخبر اليقين..
فهبَّ ياسين من جلسته , و هو يقول :
-اما الحلبة , فهي فرصتي !! و امّا القربان , فهي مهمتك يا راشيّل !! لكن اعلم : انه بالحظة التي ستختفي بها الفتاة امام مرأى الجميع , سيُدرك جامان بأمرنا.. لذلك علينا اتمام كل شيء كما يجب ان يكون , فلا مجال للخطأ ..
سننتظر حتى تنتهي الإحتفالات ..و اتوّج الحارس الأمين لجامان , لأكون اقرب له من نفسه .. فهو لا يعرف ملامحي و لم يرني قطّ ..و قد علمت ايضاً .. انهم يقدّمون بالعادة القرابين , بعد انتهاء الإحتفال ..لتكون ختام المراسيم ..و هنا يأتي دورك يا راشيّل ..
فقال الجني راشيّل متحمّساً : و انا لها , سيدي !!
فأوجز ياسين قائلاً لجيشه : امّا موعد الهجوم !! فهو موعد اختفاء القربان ..حين ترسوا قواربكم على الشاطئ في نفس ذلك الوقت..
***
سكتت شهرزاد و قد بدا عليها التعب و الإرهاق .. فانتبه الحاكم لذلك , بسرعة بديهته .. فسمح لها بالرحيل..على أمل اتمام الحكاية لاحقاً ..
فابتسمت شهرزاد و انحنت باسطة فستانها ..
تاركةً الحضور في شوقٍ كبير لسماع باقي الحكاية !
***
-الحاكم : ان جامان لصورة الطاغية المهيّمن المستبدّ , التي صوّرتها لنا الكثير من القصص للعبرة..
-رئيس الوزراء : اللوم يقع على الشعب ايضاً .. فلولا استخدامهم للسحر , و اكتفوا باعتمادهم على انفسهم في حلّ مشاكلهم , ما كان تعلّم جامان السحر و استخدمه ضدّهم..
-وزير العدل : هي الأقدار , و اعمالهم التي سُلّطت عليهم ..لكن هذا لا يشفع لجامان ظلمه لشعبه , يا رئيس الوزراء..
-باقي الحضور: ليتها اكملت الحكاية , لنعرف مصير ذاك الجبّار !
تاريخ النشر : 2016-01-13