عسل اسود
من اروع الاعمال السينمائية و الفنية |
دولة في العالم ، و بدورك تحملها ايضا بدون ان تتناسي اصولك العربية المسلمة فذاك افضل و افضل و ترسم بمخيلتك صورة رائعة عن بلدك (الذي هو رائع في الحقيقة ، لكن ليس كما تخيلت بالضبط) و انت بالغربة و ما ان تعود ادراجك عبر الطائرة تتعرض لعدة صدمات و مفاجات ، منها السارة و غير السارة ..
هذا ما جسده مصري سيد العربي (احمد حلمي) في واحدة من اروع الاعمال السينمائية و الفنية في مصر و العالم العربي ، عبر ما يعرف بالكوميديا السوداء، وقد طبقها بشكل ممتاز و متقن في فيلم “عسل اسود”
القصة
يعود الي بلده الام بعد غياب قرابة العشرون عاما |
الشاب “مصري” مواطن مزدوج الجنسية ، يعود الي بلده الام بجواز سفر مصري ، و اخر اميركي ، بعد غياب قرابة العشرون عاما عن بلاد الفراعنة ، حيث هاجر و والداه الي اميركا و هو في العاشرة من عمره فلا يتذكر اجواء بلاده و لا اجواء المناسبات الدينية بها ولا طريقة تعايش المجتمع المختلفة كليا عن المجتمع الامريكي الذي ترعرع في اكنافه
يعود مصري و ما ان ينزل من الطائرة حتي يبحث عن سيارة أجرة لتقله الي الفندق ، فيلتقي بالسائق السياحي راضي “لطفي لبيب” و بالبداية حينما يراه راضي يرفض توصيله بسبب انه يتحدث بالمصرية (لانه يفضل استغلال السياح الأجانب و النصب عليهم نظرا لجهلهم بالاسعار ، و بالطبع هذا مجرد دور في فيلم و لا يمثل الشعب المصري الشقيق و المشهور بحسن ضيافة الغريب).
و عندما يقول راضي بعض الكلمات باللغة المصرية الدارجة المستحدثة فيسأله مصري عن معناها ، هنا يفهم راضي ان مصري لا يعلم شيئا عن بلده مثله مثل السياح فيقبل بتوصيله
تهديد ضابط كبير بجواز السفر الامريكي |
و في رحلة التوصيل تحدث الكثير من المواقف المضحكة بينهما ، كان راضي يبيع له قارورة ماء باضعاف سعرها ، او يقوم بالكذب علي مصري بشان سعر الدولار مقابل الجنيه المصري كل مرة علي حسب هواه ، و العديد من المواقف الاخري
و يعيش مصري حالة من الحياة المريحة و المترفة نظرا لماله الكثير ، و بينما هو يرقص في غرفته بالفندق يقوم برمي جواز سفره المصري قائلا انه يحتاجه من الان ، نظرا لمجاملة و تملق البعض له بسبب نفوذ جوازه الامريكي
يلتقي مصري بصديق الطفولة سعيد |
و في احدي الايام يحدث موقف ما فيذهب مصري لتهديد ضابط كبير بجواز السفر الامريكي خاصته لاسترداد حق راضي الذي تعرض للظلم من الشرطة في موقف قبلها ، تحدث تلك المحادثة وسط مظاهرة كبيرة حيث يحتشد المتمردون من جهة ، و قوات الشرطة من جهة اخري و معهم مصري و العقيد ، فيقوم مصري بتهديد العقيد بالجواز فيقوم العقيد بالضحك علي مصري و اقناعه بامساك مكبر للصوت قائلا العبارة الشهيرة بالفيلم : ( انا مواطن امريكي و my باسبور امريكي و محدش يقدر يكلمني) ليقولها لاخافة الشرطة علي حد قول العقيد ، و تنسحب الشرطة فجأة من المكان و يترك مصري لوحده بالميدان، ليري ورائه ان تلك المظاهرة بالاساس مظاهرة ضد سياسات أمريكا و الغرب فيقومون بضرب مصري بصفته مفتخرا باميركا و يرمون جوازه الامريكي فيضيع منه ،و هنا تكون نقطة التحول الرئيسية بالفيلم
يضيع جواز مصري الامريكي ، و كما ذكرنا اعلاه بانه قد رمي جوازه المصري سابقا ، ليصبح مصري بدون هوية او إثبات و يترك الفندق و تذهب كل امواله بسبب ارتباطها بالفيزا كارد، و يعيش حالة من البؤس و التشرد لا تخلو من الكوميديا كذلك
يتذكر مصري عائلة جيرانه القديمة لكنه لا يتذكر عمارتهم بالضبط، و انه يملك شقة ابواه القديمة كذلك مجاورة الجيران السابقين فيذهب في بحث طويل مع راضي السائق للبحث عنهم و يجدهم بعد مرات عدة من البحث فيتعرفوا عليه بعد ان اشتبهوه قليلا بتهمة السرقة
يقوم سعيد بمساعدة مصري للتاقلم وسط المجتمع المصري |
و هنا يلتقي مصري بسعيد (إدوارد) و هو شاب ثلاثيني عازب و عاطل و طيب
و هنا يقوم سعيد بمساعدة مصري للتاقلم وسط المجتمع المصري و يعلمه بعض طرق التعامل مع كافة الفئات بالشعب و يذكره بذكرياته السابقة بالمدرسة و بالشارع و علي “القهوة”
و في نفس الوقت يعمل مصري جاهدا لاستخراج جواز سفر اميركي كبدل فاقد من أجل العودة الي بلاد العم سام و يقوم بمحاولات كثيرة وسط تعقيدات البيروقراطية في المعاملات الإدارية، فهل ينجح مصري باستخراج الجواز الامريكي ؟ ساترك لكم الاجابة بعد مشاهدة الفيلم ، لا اود حرقه رغم انه قديم ، تبقي الاصول اصول ..
ختاما
الفيلم رغم بساطته و بساطة فكرته الا انه عميق و كما ذكرت اعلاه انه من نوعية الكوميديا السوداء الساخرة ، و تناول في جعبته الكثير و الكثير من القضايا التي تصيب المجتمع المصري بل العربي بالكامل ، و لكن ذكر انه ايضا يوجد الكثير من التكاتف و الحب و الود ، و بعض النماذج الجيدة التي لن تراها الا في بلدك ( و بلدان العرب و المسلمين كلها بلدك) و صعب ان تراها خارجه، حيث ذكر انه احد الموظفين طلب رشوة ، و موظف اخر في نفس المؤسسة تمنع عنها لانها محرمة ، و ايضا اظهر بعض العادات السيئة و عكسها ، الفيلم يصنف ايضا من باب النقد الهادف غير الهدام ، الذي ان تكرر في جميع الاعمال الفنية العربية بطريقة متقنة و تحترم عقلية المشاهد العربي فإنها قد تحدث تغيير او بوادر طفرة ما في الامة بدلا من الأعمال التافهة الكثيرة المنتشرة في الشاشة العربية التي دفعت الكثيرون – منهم انا – الي الاعمال الغربية و الهوليوودية ، فنحن اولي بايراداتنا و مشاهداتنا ، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تاريخ النشر : 2021-06-30